الحرب في أفغانستان: هل كان الغزو يستحق كل هذه التكلفة الفلكية؟
[ad_1]
أعلن مسؤولون في أفغانستان أن القوات الأفغانية استعادت السيطرة على مبان حكومية في إحدى المدن التي هاجمتها حركة طالبان غربي البلاد.
وكانت حركة طالبان قد دخلت الأربعاء مدينة قلعة ناو، عاصمة إقليم بادغيس. وهذا هو أول هجوم مباشر على عاصمة إقليمية منذ أن بدأت واشنطن سحب آخر قواتها من أفغانستان.
وقالت وكالة رويترز إنه تم استخدام غارات جوية ونشر قوات خاصة لصد هجوم مقاتلي حركة طالبان.
وقد حققت الحركة مكاسب على الأرض مع انسحاب القوات الأمريكية وحلفائها.
ونقلت وكالة رويترز عن سيد نظامي، قائد القوات الخاصة الأفغانية، قوله إن “العدو تكبد خسائر فادحة ونحن الآن نتقدم ونطرد العدو إلى خارج المدينة”.
كما نقلت وكالة “خاما برس ” الأفغانية للأنباء عن متحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية قوله إن مدينة قلعة ناو، الواقعة شمالي البلاد، تم إخلاؤها من مقاتلي طالبان، وإنها الآن تخضع بالكامل لسيطرة قوات الأمن الأفغانية.
ونقل تقرير إخباري لوكالة “تولو” الأفغانية عن حاكم المدينة قوله إن حركة طالبان “تم صدها من أجزاء عديدة من المدينة”.
وغادرت الأغلبية العظمى من القوات الأجنبية المتبقية في أفغانستان قبل الموعد المقرر لها في 11 سبتمبر/ أيلول المقبل، تاركة الجيش الأفغاني مسؤولاً بشكل كامل عن أمن البلاد.
وقد أحكمت حركة طالبان سيطرتها على العشرات من المناطق خلال الأسابيع الأخيرة، ويعتقد الآن بأنها تسيطر على ثلث البلاد تقريباً، مع تحقيق مكاسب جديدة بشكل يومي. لكن عواصم الأقاليم ظلت حتى الآن تحت سيطرة الحكومة الأفغانية.
الآن مع انسحاب القوات الأمريكية والجيوش المتحالفة معها من قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان تنفيذا للوعد الذي قطعه الرئيس الأمريكي جو بايدن بسحب كافة القوات الأمريكية من البلاد بحلول 11 سبتمبر/ أيلول، تثار أسئلة عن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والحرب اللاحقة التي استمرت عشرين عاماً وكانت خسائرها فلكية مادياً وبشريا.
لماذا غزت الولايات المتحدة أفغانستان في المقام الأول؟
وقعت هجمات في الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة أسفرت عن حوالي 3000 قتيل، وذلك بعد أن اصطدمت طائرتان مختطفتان بمركز التجارة العالمي في نيويورك وطائرة ثالثة بمبنى وزارة الدفاع “البنتاغون” في ولاية فرجينيا، بينما تحطمت طائرة رابعة في حقل بولاية بنسلفانيا.
وسرعان ما تحددت مسؤولية أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، عن الهجوم.
رفضت حركة طالبان الإسلامية المتشددة التي كانت تحكم أفغانستان وتحمي بن لادن، تسليم الأخير لواشنطن.
وبعد شهر من وقوع الهجمات، شنت الولايات المتحدة ضربات جوية في أفغانستان في محاولة للقضاء على طالبان والقاعدة.
ما الذي جرى بعد ذلك؟
انهار نظام طالبان واختفى مقاتلوه في باكستان المجاورة خلال شهرين من هجمات الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين والأفغان.
لكن حركة طالبان لم تختف كلياً، فنفوذها عاد إلى الظهور وأخذت تعمل بشكل نشط في البلاد. وكانت تكسب ملايين الدولارات من تجارة المخدرات والتعدين والضرائب.
وتولت السلطة في أفغانستان حكومة جديدة مدعومة من الولايات المتحدة في 2004، لكن الهجمات الدموية التي تشنها طالبان استمرت طوال تلك السنوات. وواجهت القوات الدولية العاملة مع القوات الأفغانية صعوبة في صد التهديد القادم من الجماعة التي أعادت تنظيم صفوفها.
وأدى الصراع إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الأفغان، مدنيين وعسكريين.
هل هذا يعني أن مشاكل أفغانستان بدأت في 2001؟
الإجابة المختصرة هي بالنفي.
فقد كانت أفغانستان في حالة حرب شبه مستمرة منذ عقود، حتى قبل الغزو الأمريكي.
كان الجيش السوفييتي قد غزا أفغانستان في أواخر السبعينيات من القرن الماضي دعماً للحكومة الشيوعية هناك. وخاض حرباً مع حركة مقاومة -عرفت باسم المجاهدين- كانت مدعومة من الولايات المتحدة وباكستان والصين والسعودية، من بين دول عربية وغير عربية أخرى.
وانسحبت القوات السوفييتية في العام 1989، لكن الحرب الأهلية استمرت. وفي خضم حالة الفوضى التي تلت الانسحاب، ظهرت حركة طالبان.
كيف كسبت حركة طالبان هذا النفوذ الهائل؟
برزت حركة طالبان على الساحة في المناطق الحدودية من شمالي باكستان وفي جنوب غربي أفغانستان في أوائل تسعينيات القرن الماضي. ووعدت في حينه بمحاربة الفساد وتحسين الأمن للمواطنين الأفغان، الذين كان الكثيرون منهم يعانون من آثار الحرب الأهلية المدمرة.
وسعَّت الحركة من نفوذها بسرعة وفرضت ما تعتقد أنه أحكام الشريعة الإسلامية وطبقت نظام الحدود في العقوبات كالإعدام للقتلة ومرتكبي الزنا وقطع يد السارق. وطُلب من الرجال إطلاق اللحى ومن النساء ارتداء البرقع الذي يغطي الوجه والجسم كاملاً.
كما حظرت طالبان التلفزيون والموسيقى والسينما ورفضت السماح للفتيات اللواتي يتجاوز عمرهن 10 سنوات بالذهاب إلى المدرسة.
إذن هل ابتعدت طالبان حقاً؟
كانت طالبان في أوقات معينة من العقدين الماضيين في حالة تراجع، لكن ذلك التراجع لم يكن ليستمر أبداً.
في 2014، وفي نهاية عام كان الأكثر دموية في أفغانستان منذ 2001، أنهت القوات الدولية، القلقة من البقاء في أفغانستان إلى ما لا نهاية، مهمتها القتالية، تاركة للجيش الأفغاني مهمة قتال حركة طالبان.
لكن هذا الوضع أعطى طالبان زخماً جديداً، حيث أخذت تسيطر على بعض الأراضي وتفجر القنابل ضد أهداف حكومية ومدنية.
ووجد تقرير لبي بي سي في 2018 أن طالبان تنشط بشكل علني في 70 في المئة من مناطق أفغانستان.
ما هي تكاليف هذا الصراع؟
قتل في الصراع أكثر من 2300 جندي أمريكي وجُرح أكثر من 20 ألفاً آخرين، إلى جانب مقتل أكثر من 450 بريطانياً والمئات من الجنسيات الأخرى.
لكن الشعب الأفغاني تحمل العبء الأكبر من الخسائر، حيث تشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 60 ألفا من أفراد القوات المسلحة الأفغانية قتلوا في الصراع.
وتشير التقارير أيضاً إلى أن قرابة 111 ألف مدني قُتلوا أو جرحوا منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق أرقام الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في 2009.
وبحسب إحدى الدراسات، فإن التكلفة المالية المقدرة للصراع والتي تحملها دافعو الضرائب الأمريكيون تقترب من تريليون دولار.
هل وُقعت اتفاقية مع طالبان؟
وقعت الولايات المتحدة وحركة طالبان في فبراير/ شباط 2020 “اتفاقية لإحلال السلام” في أفغانستان استغرق التوصل إليها سنوات.
ووافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بموجب الاتفاق، على سحب جميع القوات في مقابل التزام حركة طالبان بعدم السماح لتنظيم القاعدة أو أي جماعة متشددة أخرى بالعمل انطلاقاً من المناطق التي تسيطر عليها الحركة.
وشاركت حركة طالبان والحكومة الأفغانية في عملية تبادل للأسرى، في إطار المحادثات التي جرت العام الماضي.
وأطلق سراح حوالي 5000 من عناصر طالبان خلال الأشهر التي تلت الاتفاق.
ووعدت الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على طالبان وبالعمل مع الأمم المتحدة على رفع عقوباتها المنفصلة المفروضة على الحركة.
وجرت المفاوضات بشكل مباشر بين الولايات المتحدة وطالبان، بدون مشاركة الحكومة الأفغانية. وقال الرئيس الأمريكي في حينه، دونالد ترامب: “حان الوقت بعد كل هذه السنوات لإعادة مواطنينا إلى الوطن”.
هل ستغادر كل القوات الأمريكية؟
انسحب آخر القوات الأمريكية وقوات الناتو من قاعدة باغرام الجوية، تاركة مسؤولية الأمن على الحكومة الأفغانية.
وتقول تقارير إنه سيقى من الجنود الأمريكيين في البلاد قرابة 650. ويهدف وجودها إلى توفير الحماية للدبلوماسيين وللمساعدة في حراسة مطار كابول الدولي، وهو مركز النقل الحيوي في البلاد التي تحيط بها اليابسة من كل جانب.
ما هو الوضع الآن؟
بدا أن حركة طالبان غيرت من أساليبها التكتيكية في القتال. فانتقلت من عمليات استهداف المجمعات في المدن ومراكز الجيش إلى موجة من عمليات الاغتيال الموجهة التي أثارت الرعب في صفوف المدنيين الأفغان.
وتسيطر الحركة الآن على مساحات شاسعة من الأراضي، مهددة مرة أخرى بالإطاحة بالحكومة في كابول في أعقاب انسحاب القوى الأجنبية.
ويواصل تنظيم القاعدة العمل في أفغانستان، بينما نفذ تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف هجمات في البلاد.
ويتنامى القلق على مستقبل كابول، لكن الرئيس الأفغاني أشرف غني يصر على أن قوات الأمن الأفغانية قادرة تماماً على صد المتمردين.
عقدان من الصراع في أفغانستان: هل كان الأمر يستحق ذلك؟
يقول مراسل الشؤون الأمنية في بي بي سي، فرانك غاردنر إن “الإجابة تعتمد على المقياس الذي تقيس به الأمور”.
فقد قالت مصادر أمنية رفيعة لبي بي سي إنه منذ أن بدأت الحرب، لم يقع أي هجوم إرهابي دولي ناجح خُطط له من أفغانستان.
ويضيف غاردنر قائلاً: “أخذاً بمقياس مكافحة الإرهاب الدولي، فإن الوجود العسكري والأمني الغربي هناك نجح في تحقيق أهدافه”.
لكن وبعد عشرين عاماً، لا تزال حركة طالبان بعيدة كل البعد عن الهزيمة وما زالت قوة قتالية كبيرة.
وتشير بعض التقارير إلى أن يونيو/حزيران شهد بعضاً من أسوأ أعمال العنف في البلاد منذ وصول التحالف الدولي. فقد أسفرت هذه الأعمال عن مقتل المئات. كما أن التطور الذي تحقق بصعوبة في البلاد هو الآخر مهدد في ظل الدمار الهائل الذي لحق بالعديد من المدارس والمباني الحكومية وأبراج الطاقة.
ويقول غاردنر إن “تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية والجماعات المسلحة الأخرى لم تختف، فقد عادت إلى الظهور متشجعة بلا شك بالمغادرة الوشيكة لآخر القوات الغربية المتبقية في البلاد”.
[ad_2]
Source link