أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

ما الفرق بين الرعاية والتربية … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

الدكتور أحمد لطفي شاهين، مستشار وخبير تدريب تنموي، فلسطين المحتلة

إيسايكو: ما الفرق بين الرعاية والتربية … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين
مستشار وخبير تدريب تنموي
فلسطين المحتلة

هل كنت تعلم أن متابعة الأولاد والاهتمام بإطعامهم وظهورهم بالمظهر الحسن وحل الواجبات تسمى رعاية وليست تربية؟؟!!
نعم هذا صحيح …
فماهي التربية إذا؟
باختصار التربية هي العمل على خمسة أمور :
أولًا : بناء القناعات
وتشمل العقيدة .. المبادئ .. القيم .. الطموحات .. وفهم الحياة ايجابيا وطريقة التعامل النموذجية مع البشر

ثانيًا : توجيه الاهتمامات
وتشمل ما يشغل بال الانسان وكيف يقضي وقت فراغه وكيف يصل الى اهدافه .. دنيا وآخرة.

ثالثًا : تنمية المهارات مثل
اليدوية ،الكتابية ،الرياضية؛ الفنية؛ العقلية؛ الاجتماعية؛ الإدارية؛ العلمية.، التقنية… الخ

رابعًا: فهم قواعد العلاقات
من تصاحب؟ من تتجنب؟ وكيفية بناء العلاقات وإصلاحها أو إنهائها.

خامسًا : اختيار القدوات
وهم المـُثـُل العليا الذين يتطلع إليهم الإنسان ليصبح مثلهم ، وكذلك فِهم القوانين التي تحكم التعامل مع القدوات.

هذه الخمس نقاط فقط تسمى تربية… أما غيرها فيعتبر رعاية وهنا يجب ان نؤكد على حقيقة مهمة وهي ان الرعاية يمكن تفويض جزء منها للغير ، كالعم او الجد او الخال ….
أما التربية فلا تفويض فيها أبداً؛ لأن التربية هي واجب الأم والأب أولًا، ثم يساعدهم المعلمون والمربون المخلصون في ذلك
فالاهتمام بتربية الطفل هو واجب مقدس وليس المطلوب منا ان ننجب اولاد وبنات ونتباهى بالكثرة والكم ولا نهتم بتربية اولادنا ونهمل نوعية التربية الضرورية لبناء المجتمع بشكل سليم

اننا نعيش في مجتمعات تقدّس الإنجاب وهذا امر ايجابي وجميل .لكن هذه المجتمعات ذاتها تدير ظهرها للطفل وأمه ربما بعد اليوم الأول من الولادة !!! .. كيف؟
للاسف كثير منا لا يقوم بدوره في التربية ولا حتى في الرعاية..

مشاهد كثيرة ساذكرها تتعلق بالتقصير في التربية والرعاية

-في المساجد، خاصة في شهر رمضان، ويوم الجمعة يتكرر ذات المشهد في مصلى النساء .. أطفال صغار يبكون اثناء الصلاة .. يشوشون على كل المسجد.. ولا اعلم من طلب اصطحاب طفل دون 7 سنوات للمسجد ولا اعلم لماذا تخرج سيدة مرضعة للصلاة في مسجد؟ ماذا سيستفيد الرضيع؟ ان بقائها في بيتها افضل لها وللرعاية وللتربية وان صلاتها في بيتها افضل لكن اذا ارادت الصلاة في مصلى نساء يجب ان تعرف كيف توفر مكان آمن لاطفالها حتى تصلي بخشوع وهدوء.

– في بطاقات دعوات الافراح توضع دائماً في نهاية البطاقة عبارة (نوماً هنيئاً لأطفالكم) أو (يمنع اصطحاب الأطفال) !
ومع كل القاعات التي تُفتتح بملايين الدولارات لا أحد يفكر بإنشاء مساحة خاصة للأطفال لتحضر الأم ويلعب الطفل ويشارك بالحياة العامة ..
وكأن الطفل عبء وقيد على الام واما ان تضطر لاصطحابه معها وتبقى حارساً شخصيً له
او تضطر للبقاء في البيت والانقطاع مجتمعيا ..لماذا؟
لأنه لا أحد يفكر في كيفية تحقيق التربية مع الرعاية
ويبقى الضحية : الطفل والأم.

– في المؤسسات و المولات والمتاجر الكبيرة وأماكن التنزه، لا نرى مكاناً مخصصاً لتغيير حفاضات الأطفال او لارضاعهم، علما ان الدول المتحضرة تخطط دوما لتخصيص مكان للأم والطفل في كل المؤسسات وفي الحقيقة، تلك الغرفة تستطيع إخبارنا أن تلك المجتمعات ترى فعلاً أن الأطفال يشكلون نصف تركيبتهم السكانية ويدركون ان الطفل كائن بشري يحتاج الى الحمام مثل الكبار بينما نحن لا نرى ذلك ونختار الحل الاسهل وهو أن تبقى الأم بالبيت مع طفلها وان يبقى الطفل محشورا في بيته وقد تمل الامل وتعطيه هاتفها ليسكت وتكمل هي عملها ثم يصاب الطفل بالتوحد ونلوم الهاتف ونلوم الام ولا نلوم انعدام التخطيط بعيد المدى في مجتمعاتنا التي تدعي انها ليست متخلفة.

– في الوزارات، والمدارس، و الجامعات والمراكز الصحية، والرياضية والمتنزهات ..الخ يتم التفكير بكل شيء، إلا فكرة وجود حضانة داخل هذه المؤسسات لأبناء العاملين أو المشاركين، او حتى الضيوف ليبقى الطفل تحت عين أمه في الاستراحات لترضعه وتطمئن عليه وتغير حفاضته وتحرسه.. وبسبب انعدام وجود حضانة قد تتعرض الام لاحراجات شديدة وقد تضطر لترك العمل … لذلك كثير من المؤسات تحرص على توظيف فتاة ليست متزوجة اولم تصبح أماً بعد وكل هذا ظلم للطفل والام معا ويؤثر سلبا على الرعاية والتربية ونسمع كثير من الامهات تردد عبارات مفادها (امنيتي اكمل دراستي .. حابة أشارك، حابة أروح، حابة أعمل كذا .. اتمنى ان افعل كذا… لكن اين اذهب بالأطفال..!)

الحقيقة التي يجب أن نعترف بها ان هذا المجتمع الذي ينجب كل هذا الكم من الأطفال كل يوم ويتباهى بهم.. هو مجتمع متناقض واعمى لأنه لا يراهم والدليل على ذلك انه لايتم عمل حساب لوجودهم في اي خطة تنموية تربوية ابداً وهذا يؤثر سلبيا على الرعاية والتربية حيث تضطر الام لوحدها او الام والاب الى الانعزال عن البشر لمدة لاتقل عن 12 سنة اذا انجبوا 4 اطفال مثلا او ان يهملوا تربية ورعاية اطفالهم للاستمرار في العلاقات الاجتماعية.
فالمطلوب إذاً .. هو توفير اماكن مخصصة للاطفال والامهات ورعايتهم بجوار وداخل كل المؤسسات العامة والخاصة حتى يتمكن الوالدين من تربية ورعاية اطفالهم بشكل سليم وبتعاون وتكامل والا سيضطر كثير من الرجال الى تحميل العبء للمرأة وحدها وتحميلها المسؤولية عن كل شيء وهذا ظلم واضح وموجود يجب العمل على اعلى المستويات لمنع وقوعه … والوقاية دوما خير من العلاج .. وبإمكاننا ان نبدأ بالتصحيح من الان لنتمكن من رعاية وتربية الأطفال الذين هم عماد المستقبل خصوصا اننا نعيش انفتاح الكتروني وتقني خطير جدا يتطلب منا مضاعفة الجهود التربوية حتى لا يضيع منا اولادنا .. فأولادنا هم استثمارنا الحقيقي
ارجو ان اكون ما اطلت عليكم


د.احمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى