أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةالارشاد النفسيمقالات

الشخصية المازوخية … بقلم الدكتور مرزوق العنزي

إيسايكو: الشخصية المازوخية … بقلم الدكتور مرزوق العنزي

لم يكن يعلم الروائي النمساوي ليوبولد مازوخ (1836-1895) عندما كتب روايته الواقعية التي تحكي قصته مع عشيقته بعنوان: (فينوس في معطف الفرو) بأن الطبيب النفسي ريشارد فون كرافت سيستخدم اسمه ليكون رمزا لاضطراب الشخصية المعروف باضطراب الشخصية المازوخية! وأن يتصدر إسمه قاموس الأمراض النفسية! وأن يكون مصطلحا يدل على الدونية عند عامة النّاس!
حيث يقرن أغلب الناس فيما بين اضطراب الشخصية المازوخية والشذوذ الجنسي، وبالتالي فإن النساء من أغلب ضحايا هذا الاضطراب، غير أن الواقع يكشف عن مراحل حياتية يتنقل فيما بينها الإنسان وصولا إلى مرحلة الشذوذ التي تعد نتيجة أخيرة لذلك الاضطراب، والغريب في الأمر أن هناك كثير من الرجال يستمتعون بتمثيلهم لدور الضحية أثناء ممارسة العلاقة الجنسية.
ولكن الأمر لم يقف فقط عند هذا الحد، فقد أصبح هناك من يحب أن يعيش دور الشخصية المازوخية في الحياة الأسرية وكذلك في الدراسة والعمل وكثير من مجالات الحياة المختلفة! حتى وصل الحال بأحدهم أن يتصدّر المشهد من خلال استفزازه للآخرين بطرح رأيه الشخصي بعيدا عن المهنية! أو أن يكشف عن قيامه بدور سلبي في موقف معين ليبدأ الناس بتوبيخه وتحقيره لتبدأ معه حالة من تأنيب الضمير والشعور بالذنب على أقواله وأفعاله، وعلى نقيض ذلك فهو لا يقبل بمساعدة الآخرين له من خلال النصح والإرشاد والتوجيه! كما أنّه لا يحب الارتباط بأناس أسوياء أبدا! وإن اكتشف يوما مصاحبته لأحدهم فسيقطع علاقته به عند أول محطة حياتية قادمة، فهو يميل إلى الأشخاص الذين يعززون لديه حالة الدونية والإحباط ويدفعونه نحو الانتكاسة! فالشخصية المازوخية تحب أن تضع نفسها في مواقف سلبية لا يقبلها عقل سوي! كما أنها لا تفكّر بالدفاع عن نفسها لاستمتاعها بالموقف، فهي تعشق انتقاد الذات والانغماس بالمشاعر المؤلمة.
مع ملاحظة أن جميع سمات الشخصية المازوخية تدفع بصاحبها نحو الإسراف بتناول الطعام، مما يتسبّب ذلك بدور رئيس في اعتلال الجهاز الهضمي! والدخول في مشكلات صحيّة نتيجة لتعاطيه مع الأحداث الحياتية اليومية بشكل سلبي.
ومن سمات الشخصية المازوخية أن صاحبها يقوم بأداء واجباته على أكمل وجه، ويبذل نفسه للآخرين، ويبادر بتقديم خدماته لهم بشكل دائم، ولكنه غالبا ما يكون ضحية لمبادراته! وفي مقابل ذلك فهو يتجاهل حاجاته لاعتقاده بعدم القدرة على تحقيقها، وهو لا يحب أن يكون بالصدارة مما يدفعه ذلك للتخلي عن حقوقه، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه أو المطالبة بحقوقه، فشخصيته متسامحة إلى حد الخنوع لبطش الآخرين مثل المسؤول في العمل وشريك حياته وعلاقاته الاجتماعية! وفي الوقت نفسه فالمازوخية شخصية كثيرا ما تميل لتقديم نفسها بصورة جميلة حتى وإن اضطرّها ذلك لبذل المال! ومجاملة الآخرين بارتكاب المعاصي مثل شرب الخمر والتعاطي!
فالشخصية المازوخية تتجنّب السّعادة، وتنفر من احترام الناس وتقديرهم لها، فهي تجد المتعة في قسوة الآخرين وتسلّطهم عليها، وظلمهم لها، واستبدادهم عليها، لتعيش الإحساس بالمظلوميّة، والاستناد عليها في تقديم شكواها للآخرين.

الدكتور مرزوق العنزي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى