قناة السويس: ماذا فعلت 3 أشهر بطاقم “إيفرغيفن” على متن السفينة المحتجزة؟
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
كل شمس تشرق في هذا المكان لا تحمل بالضرورة لاثنين وعشرين بحارًا شيئًا جديدًا، فقط أبواق السفن المارة في قناة السويس وإشارات زملائهم على متنها لإلقاء التحية.
مكث هؤلاء البحارة لمدة تجاوزت 3 أشهر في سفينتهم إيفرغيفن، دون إبحار حول العالم ذهابًا وجيئة كما اعتادوا، وهم يتمنون الآن أن تنتهي محنتهم بعد تنفيذ اتفاق التسوية المالية بشأن السفينة خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.
هكذا الحال مع طاقم السفينة الذي يحمل الجنسية الهندية منذ أن صدر قرار قضائي بالتحفظ عليها في إحدى بحيرات قناة السويس بعد أن جنحت في القناة وعطلت مجراها الملاحي لستة أيام.
وأُعلن التوصل إلى اتفاق مبدئي بين ملاك السفينة وشركة التأمين عليها وهيئة قناة السويس بشأن التعويضات المحتملة، بينما أكد رئيس الهيئة المصرية الفريق، أسامة ربيع، أن السفينة ربما تبحر منتصف الأسبوع المقبل.
يتابع البحارة العمل على متن سفينتهم بشكل طبيعي، سواء في إعداد الطعام أو عمل الإصلاحات الدورية، أو التدريبات على إجراءات السلامة والتعامل مع الحرائق، وغيرها من تفاصيل كثيرة في مكان أشبه بالمدينة الصغيرة.
وكان عدد البحارين في إيفرغيفن عندما جنحت 25 شخصا لكن ثلاثة منهم طلبوا المغادرة لظروف شخصية وسمحت لهم بذلك هيئة قناة السويس، بعدها أعلنت الشركة المشغلة للسفينة أن الطاقم “آمن وفي صحة جيدة ومعنويات عالية”.
أوضحت الشركة المشغلة حينها أن أفراد الطاقم “يتمتعون باتصال بالإنترنت للتواصل مع عائلاتهم، وتم تزويدهم بالماء العذب والطعام بما فيه من فواكه وخضراوات طازجة”.
لكن الشركة قالت إنها “تحتفظ بالحد الأدنى من معايير تشغيل السفينة في جميع الأوقات”.
رفضت الشركة المؤمنة على السفينة إيفرغيفن التعليق على وضع البحارة على متن السفينة لبي بي سي في الوقت الحالي أو المساعدة في التواصل معهم، وكذلك “الاتحاد الدولي لعمال النقل” الذي كان على اتصال بالطاقم، ومنظمة “بعثة البحارة”، التي زارت مجموعة منها الطاقم وقدمت له “دعما معنويا”، بحسب بيان لها.
إبحار مرتقب من جديد
وتقترب محنة 22 بحارًا ممن بقوا على متن السفينة طيلة الفترة الماضية من نهايتها مع إعلان رئيس هيئة قناة السويس أن “الطرفين اتفقا على توقيع وثيقة سرية المعلومات لمنع تداول أرقام التعويضات أو تدخل أطراف أخرى في القضية، وهو ما أسهم في تسريع وتيرة الحل”.
الاتحاد الوطني للبحارة في الهند، وهو بمثابة نقابة مهنية ينتمي إليها الطاقم، يوضح أن لديه اتفاقا مع الشركة المشغلة للسفينة إيفرغيفن لحماية حقوق البحارة، مضيفًا أنه بذلك يحميهم من مصير كثير من البحارة الذين تُركوا سابقًا دون أي دعم.
يقول عبد الغني سيرانج، الأمين العام للاتحاد الوطني للبحارة في الهند، لبي بي سي إن البحارة على متن إيفرغيفن كانوا متخوفين في وقت سابق بشأن وضعهم، لكنه يعتقد أن تعامل السلطات في مصر حفظ لهم حقوقهم حتى الآن.
في نهاية أبريل /نيسان الماضي، نفت هيئة قناة السويس ما تردد عن “اعتقال طاقم السفينة”، موضحة أنها لا تمانع مغادرة الطاقم أو استبداله بشرط ضمان وجود النسبة الكافية من البحارة اللازمة لتأمين السفينة، وفي ظل استمرار وجود ربان السفينة بصفته الحارس القضائي على السفينة وما تحمله من بضائع”.
أمراض نفسية
يرى الدكتور حازم بركات، المحامي ووكيل ملاك سفينة إيفرغيفن في قضيتها بشأن التعويضات في مصر، أن تعيين حارس قضائي على سفينة من بين أفراد طاقمها، قد يصيبه بأمراض نفسية، لأنه لا يتمكن من المغادرة إلا إذا أوجد من يوافق على أن يحل محله.
يوضح بركات لبي بي سي أن ذلك امتد في حوادث سابقة إلى سنوات طويلة، ولم يجد حينها الحارس القضائي المعين من يقبل أن ينوب عنه.
والحارس القضائي في القانون المصري هو شخص تعينه محكمة حارسًا على مال أو مقتنيات أو غيرهم مما هو محل نزاع، ليكون مسؤولًا عن حفظه وإدارته حتى فض النزاع.
وبرزت في الأشهر الماضية قصة البحار السوري، محمد عائشة، الذي ظل حارسًا قضائيًا لمدة أربع سنوات على سفينة مهجورة قبالة السواحل المصرية بأمر صادر من محكمة، وحين كان يغادر قال إنه “يشعر كأنه يخرج من السجن وإنه متشوق للقاء عائلته”.
يعلق وكيل ملاك إيفرغيفن أن التشريعات المحلية والدولية تنظر بشكل أكبر في الأبعاد الاقتصادية وتنظم العلاقة بين رب العمل والبحارة، لكنها تغفل البعد النفسي للبحارة حين يصدر حكم بالتحفظ على سفينة.
هذه الأضرار النفسية تتشكل في أغلب الأحيان من ابتعاد البحارة عن أسرهم وأصدقائهم، والإقامة الطويلة على ظهر سفينة، والمسؤولية القانونية المستمرة لوقت طويل عن السفن، وعدم القدرة على التنبؤ بمستقبل النزاع وإمكانية حله.
حقوق البحارة “مصانة”
لكن عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق، وائل قدور، يؤكد لبي بي سي أن القانون المحلي والدولي يضمن للبحارة حقوقهم في الرعاية الصحية والطعام والحماية، وكذلك استبدالهم بعد قضاء فترة كافية في على متن السفن، وما يجعلهم مستمرين في العمل هو العقود التي وقعوا عليها مع ملاك السفينة، لأنها قد تُسرق إذا ما تُركت دون الطاقم.
وتهدف اتفاقية العمل البحري المعدلة عام 2014، وهي واحدة من بين 50 اتفاقية اعتمدتها المنظمة البحرية الدولية، التابعة للأمم المتحدة، إلى سلامة الأرواح في البحر ومنع التلوث ورعاية البحارة على مجموعة من حقوق البحارة الأساسية.
تتضمن حقوق البحارة بحسب الاتفاقية: “الغذاء الكافي والكساء عند الضرورة والإقامة وإمدادات المياه الصالحة للشرب وما يلزم من وقود للبقاء على قيد الحياة على متن السفينة والرعاية الطبية الضرورية، وغير ذلك من التكاليف أو النفقات المعقولة الناجمة عن التخلي عن البحار، وذلك حتى وصول البحار إلى مكان إقامته”.
وتقول المنظمة البحرية الدولية لبي بي سي إنه في حال المنازعات القانونية بين السفن ودول تحتجزها فإنها لا تتدخل إلا إذا طلب منها ذلك عبر القنوات الرسمية، مضيفةً أنها مع ذلك “تبذل جهدًا للبقاء على إطلاع بمثل هذه الحالات، ومن بينها سفينة إيفرغيفن وهي على استعداد للتدخل إذا طلب منها ذلك”.
ويتابع عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق، وائل قدور، أنه كان شاهدًا على وقائع مشابهة لاحتجاز سفن في قناة السويس خلال فترة عمله، لكنه يوضح أن الأمر يصبح لازمًا إذا صدر أمر قضائي بتعيين حارس للسفينة، مشددًا على أن المعني بحقوق الطاقم هي الشركات المشغلة للسفن.
ولا يمكن للبحارة ترك السفينة وفقًا للتعاقدات مع شركات الإدارة دون أسباب منصوص عليها في التعاقد كالمرض أو عدم دفع الرواتب، ولا يمكن لمن يعين حارسًا قضائيًا ترك السفينة لأنه مسؤول أمام القانون عن حفظها وإدارتها.
ويتفق مع ذلك خبير النقل البحري، حمدي برغوت، حيث يقول إنه لا يمكن لطاقم سفينة محتجزة مغادرتها وفقًا للائحة العمل طالما أن الرواتب سارية.
ويتذكر برغوت واقعة السفن الستة التي ظلت بأطقمها لمدة تصل إلى 8 سنوات في قناة السويس، في أعقاب حرب 1967 بين مصر وإسرائيل، خوفًا من استهداف السفن إذا واصلت السير، حينها نظم البحارة مسابقات لكرة القدم وأنشطة ترفيهية أخرى.
أما الأمين العام لاتحاد الموانئ العربية، اللواء عصام الدين بدوي، فيرى أن البحارة بعيدون عن المشكلات بين ملاك السفن والدول التي تحتجزها.
يقول بدوي إن أزمة البحار محمد عائشة في إقامته على سفينة مهجورة لأربع سنوات كانت بسبب عدم العلم بقصته الإنسانية، وعندما نشرت تم حلها، مؤكدًا أن هدف الاحتجاز الأساسي هو السفينة وليس البحارة.
وتحتفل المنظمة البحرية الدولية في الخامس والعشرين من يونيو في كل عام بـ”يوم البحارة” منذ عام 2010، للتأكيد على “دعمهم ومساعدتهم” وأهميتهم في قطاع النقل البحري، الذي يشكل نحو 90 بالمئة من حركة نقل البضائع.
[ad_2]
Source link