بطولات رياضية في عز كورونا بمصر .. صفقاتٌ مربحة أم مغامراتٌ غير محسوبة العواقب؟
[ad_1]
- أمل سعيد
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
شهية مفتوحة تملكها مصر هذا العام لتنظيم البطولات الرياضية، بدأت باستضافة كأس العالم لكرة اليد في يناير/كانون الثاني الماضي، لتنطلق بعدها سلسلة من البطولات، كبطولة العالم للرماية وبطولة سلاح الشيش الدولية وكأس العالم للجمباز الفني وغيرها.
وقد وصل عدد البطولات التي نظمتها البلاد خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري إلى 13، بينما كان عدد البطولات التي استضافتها العام الماضي بأكمله 11 فقط.
تقول الحكومة المصرية إن الهدف من تنظيم هذه الأحداث الرياضية بهذه الكثافة، هو تشجيع السياحة وزيادة الاستثمارات، إلا أن إجرائها بدون حضور جماهيري، فضلا عن تكاليف الاستضافة الباهضة، جعل محللين يشككون في جدواها الاقتصادية ويحذرون من مخاطرها الصحية.
فقاعة طبية
في عام 2019 استضافت مصر 61 بطولة دولية وتراجع هذا العدد العام الماضي، لكن سيصل هذا العام إلى 30، بحسب وزير الرياضة المصري، أشرف صبحي.
ويأتي هذا في الوقت الذي تبقي فيه الحكومة على العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا كما لم يتم تطعيم سوى نحو 2% فقط من السكان.
وتعول الحكومة على نظام “الفقاعة الطبية” خلال هذه البطولات، إلا أن الفقاعة لا تعني “منعا تاما” لحدوث الإصابات.
فخلال مونديال كرة اليد، مطلع هذا العام، اكتشفت إصابة اثنين من لاعبي فريق الرأس الأخضر بفيروس كورونا أثناء البطولة، كما قرر الاتحاد الدولي لكرة اليد إيقاف مدير البطولة، هشام نصر، مدة عام بعد اكتشاف “خروقات” قام بها لتغيير لوائح الإجراءات الصحية.
يرد المتحدث باسم وزارة الرياضة المصرية، محمد فوزي، على ذلك في حوار لبي بي سي أن ” الإصابة بكورونا أمر وارد، ولكن قبل تنظيم أي بطولة نشكل لجنة للأزمات، مهمتها التعامل بشكل فوري وصارم مع أي إصابة قد تحدث.”
ويضيف فوزي خلال حديثه لبي بي سي : “نحن في أزمة أثرت على كل دول العالم، ورغم ذلك نجحنا في تنظيم كافة البطولات التي أسندت إلينا، وأصبحنا مقصدا لكافة الاتحادات الدولية”.
استضافت مصر، الشهر الماضي، 3 بطولات كبرى؛ هي البطولة الدولية للاسكواش في الجونة، وكأس العرب لكرة الصالات والبطولة الدولية لتنس الناشئين.
وحضر لاعبون من نحو 20 دولة إلى مصر خلال هذه البطولات، بينما كانت البلاد تعاني في ذروة موجتها الثالثة لوباء كورونا بأكثر من ألف إصابة يوميا.
يقول الناقد الرياضي، حمدي الحسيني، إن هذه البطولات “مخاطرة محسوبة” ما دامت البلاد تشدد الإجراءات الوقائية، “فلن نغلق على أنفسنا حتى ينتهي هذا الوباء لأنه قد يستمر لفترة طويلة”.
لكن الباحث جيمس دورسي، مؤلف مدونة عن كرة القدم في الشرق الأوسط، يرى أن مصر تخاطر بالتبعات الصحية لهذه البطولة “لتحسين سمعتها”، ويضيف جيمس ” لا تزال مصر تريد الحفاظ على مركزها كدولة رائدة في الشرق الأوسط وترى دولا كقطر والسعودية والإمارات تنفق المليارات على الرياضة ولذا تقوم مصر بالشيء ذاته”.
بطولات مكلِفة بدون جمهور
تمثل السياحة 15% من الناتج القومي المصري وتعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد، لكن القطاع تأثر بشدة العام الماضي، إذ اضطرت البلاد لتعليق حركة السياحة لثلاثة أشهر وانخفض عدد السياح إلى 3.5 مليون سائح خلال عام 2020 مقارنة بـ13 مليونا عام 2019.
لكن وزارة السياحة المصرية تقول إن القطاع شهد انتعاشا منذ مطلع العام الجاري، فخلال الشهور الأربعة الأولى منه جاوز عدد السياح 1.5 مليون سائح.
” تنظيم البطولات الرياضية بالتأكيد أدر أرباحا كبيرة لقطاع السياحة هذه العام”، يقول المتحدث باسم وزارة الرياضة المصرية، محمد فوزي في حديث لبي بي سي نيوز عربي، مضيفا “استضفنا لاعبين من 180 دولة خلال النصف الأول من هذا العام، هذا يعني عددا كبيرا من الليالي السياحية، وبالتالي أصبحت العائدات الاقتصادية من هذة البطولات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.”
وكانت مصر قد وافقت على حضور الجماهير خلال مباريات كأس العالم لليد، بنسبة 20% من إجمالي سعة الصالات، لكن الاتحاد الدولي لكرة اليد قرر إقامة المباريات دون حضور جماهيري، وطبقا لوزارة الرياضة المصرية أنفقت البلاد أكثر من 3 مليارات جنيه مصر (حوالي 200 مليون دولار) على تطوير الصالات التي استضافت البطولة.
وطبقا لاشتراطات الاتحادات الدولية، يجب على الدول المستضيفة للبطولات اتخاذ إجراءات غير اعتيادية لضمان سلامة المشاركين، مثل تعقيم المنشئات الرياضية يوميا، وحجز فنادق كاملة للوفود المشاركة وتوفير أطقم طبية مُلازمة للفرق المشاركة ووسائل للتنقل تحمي من العدوى.
اشتراطات يرى الباحث بجامعة سينغافورة للدراسات الدولية، جيمس دورسي، أنها تحمل الدول المنظمة تكاليف إضافية.
ويضيف دورسي خلال حديثه لبي بي سي : “لا أعتقد أن هدف الحكومة المصرية هو الربح اقتصاديا من هذه البطولات لأن استضافة البطولات الكبيرة لا يُدر أرباحا بل بالعكس، مكلف جدا.”
بينما يرى الناقد الرياضي المصري، حمدي الحسيني، أن الأموال التي دفعتها بلاده في استضافة البطولات ستجني ثمارها فيما بعد، ويتابع: “الهدف من هذه البطولات بالنسبة للحكومة المصرية هو استعراض النهضة الشاملة التي حدثت في البلاد أمام العالم في جميع المجالات وليس الرياضة فقط. لدى الحكومة نظرة مستقبلية، تريد جذب السياح، ليس من الضروري الآن في ظل الوباء، ولكن ربما بعد شهور أو سنة أو سنتين”.
وتبني الحكومة المصرية حاليا مدينة رياضية للألعاب الأوليمبية، قرب العاصمة الجديدة “قيد الانشاء”، يصفها المتحدث باسم وزارة الرياضة بالمدينة الرياضية ” الأكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا”.
دور سياسي
لنأخذ لعبة كالتنس على سبيل المثال، سنرى جهودا مصرية لتحقيق أرقام قياسية باستضافة فعاليات اللعبة.
أسند الاتحاد الدولي للتنس 15 بطولة لمصر هذا العام، ويقول نائب رئيس اتحاد التنس في البلاد، وليد سامي هذا “رقم غير مسبوق في تاريخ التنس المصري، لعدد البطولات المستضافة في عام واحد”.
ويضيف سامي لبي بي سي، أن “بطولة كتصفيات كأس العالم الأفريقية للناشئين، التي ستقام هذا الشهر، لم تَعرض أي دولة استضافتها، بسبب ظروف الوباء، وكانت مصر الدولة الوحيدة التي تقدمت للتنظيم.”
يفسر دكتور جيمس دورسي، وهو صاحب عدد من المقالات عن الرياضة الدولية، هذه الرغبة “بسعي مصر لتحسين صورتها أمام العالم من خلال الأحداث الرياضية، باعتبار الرياضة قوة ناعمة.”
ويضيف لبي بي سي “مصر لديها سجل متدنِ فيما يتعلق بحقوق الإنسان وتحتاج لتحسين ذلك، وهنا تأتي الرياضة كحل مثالي”، ويتابع جيمس “أعتقد أن الدبلوماسية تغيرت، ولم تعد مقتصرة على علاقة الحكومات أو وزارات الخارجية ببعضها، بل امتدت للشعوب، فعندما أستضيف لاعبين من دولة أخرى لينبهروا بقدرتي على تنظيم حدث ما سينقلوا ذلك لبلادهم “
بالنسبة للحكومة المصرية، احتضان البطولات هذا العام كان صفقة ناجحة حصدت ثمارها بالفعل، فالعالم تلقى الرسالة” الوضع مستقر هنا ونحن قادرون على تنفيذ المهام الصعبة في ظروف استثنائية”.
نجاح أكده المتحدث باسم وزارة الرياضة المصرية لبي بي سي ” حديث العالم عن نجاح مصر في تنظيم البطولات هو مكسب حقيقي وكبير في حد ذاته”.
[ad_2]
Source link