فتاة المطار: التحرش الجنسي بكاميرا الموبايل يثير جدلا في مصر
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي – القاهرة
صرخت بسمة وهي تبلّغ صديقتها في مطار القاهرة الدولي أن الموظف الجالس هناك يلتقط لها صورًا دون أن تدري، ثم هرولت مع زوجها وزوج صديقتها ليلحقوا به وهو يهرب.
كان الموظف يجلس قبل ذلك بقليل فوق مكتب في منطقة الجمارك ممسكًا بهاتفه، الذي تتجه عدسته صوب المسافرين، يؤرجح قدميه وهو يتابع الجميع يضعون حقائبهم على عربات المطار، هكذا تبدأ بسمة حكايتها في حوارها مع بي بي سي عربي.
أصبحت بسمة بشاي بطلة لمقطع مصور نشرته وهي تبكي خلال وجودها في المطار مستغيثة بأصدقائها، حيث بات هذا المقطع حديث وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن حقق ملايين المشاهدات، ودفع النيابة العامة المصرية وإدارة ميناء القاهرة الجوي إلى التحرك العاجل.
تخبرنا بسمة أن ما جعلها تبدو منفعلة بهذه الطريقة التي ظهرت في المقطع المصور هو أن الموظف “كان يتعامل معها ببرود عندما نهرته وكأنه يثق أنه من المستحيل أن يتضرر من هذا الفعل”.
وتقول بسمة: “كان ثابتًا واثقًا، ولم أشعر أنه اهتز بعد أن كُشف، ولم يكن هناك اهتمام كاف في البداية من المعنيين في المطار بشكواي، فنشرت المقطع المصور لعلي أجد من يساعدني”.
لكن بسمة لم تكن تتخيل أن ينتشر المقطع على هذا النحو محققًا ملايين المشاهدات في ساعات محدودة، وكانت على استعداد قبلها أن تنهي القصة على الفور إن اعتذر لها الموظف وحذف الصور التي التقطها، وهم ما لم يلمح من الأصل إلى فعله.
“لست وحدي من صُورت في المطار”
في اليوم التالي، أوقف ميناء القاهرة الجوي الموظف عن العمل وسحب تصريحه الجمركي، لحين انتهاء الجهات المعنية من التحقيق، إثر الجدل الذي أثاره المقطع المصور.
وبينما كان هذا المقطع يشقّ طريقه إلى المشاهدين الذين أبدى كثيرون منهم تعاطفًا كبيرًا، كانت بسمة لا تزال داخل غرفة في مطار القاهرة وقد ارتدت معطف زوجها، مع مسؤولي الأمن في المطار حتى الثانية بعد منتصف الليل تقريبًا يكتبون تقريرًا عن الواقعة.
وأتت بسمة رفقة زوجها وصديقيهما من رحلة ترفيهية في بيروت لمدة أسبوع، وتقول إن زوجها رأى الصورة على هاتف الموظف وقد صورها من الخلف، موضحةً أنها لم تكن الصورة الوحيدة على الهاتف، بل إن كثيرات من المصريات والأجانب تم تصويرهن بنفس الطريقة.
بعد أقل من يومين على الواقعة أمرت النيابة العامة المصرية بحبس موظف مطار القاهرة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية في اتهامه بتصوير فتاة من دون رضاها وانتهاك حرمتها.
تقول المحامية ومديرة المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبو قمصان، إن التهمة التي يواجهها الموظف تعتمد على توصيف النيابة للواقعة، لكن على أي حال كان على المتهم أن يواجه إما جريمة التقاط صور غير مصرح له بالتقاطها وهي جريمة من جرائم قانون الاتصالات، أو تعرض لأنثى بالكاميرا بغرض الحصول على المنفعة الجنسية.
وكانت النيابة المصرية استجوبت الموظف فيما نُسب إليه من “تعرّضه للمجني عليها في مكان عام بالتقاط صورتين دون رضاها تظهر فيهما مواضع من جسدها بقصد الحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية”.
وتعلق بسمة بشاي قائلة وهي تبتسم: “إن ذلك لم يكن ليحدث بهذه الكيفية والسرعة لولا التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، أنا سعيدة للغاية”.
لكن موظف المطار المتهم أنكر، وقال في تحقيقات النيابة إنه التقط الصور بغرض توثيق الزحام الذي كانت فيه المجني عليها لعرضه على رؤسائه، نافيًا قصده تصويرها بالطريقة التي ظهرت عليها.
وتوضّح نهاد أبو قمصان أن عقوبة التصوير بغرض المنفعة الجنسية، إن ثبت حدوثه، فإن العقوبة قد تصل إلى الغرامة والسجن لمدة عام.
وتشيد مديرة المركز المصري لحقوق المرأة بردود الفعل حول الواقعة، موضحةً أن الفتيات بتن أكثر إقبالا على الإفصاح، بعدما كان كثير منهن يخشى لوم المجتمع.
ظاهرة التحرش
تعود بسمة لتقول: “إن حادثة التحرش هذه لم تكن الوحيدة في حياتي، بل إنها لم تكن الأبشع”.
وتضيف “فتاة المطار” أنه لا يمكنها التحرك بالسيارة في شوارع غير ممتلئة بالناس دون أن تكون متواصلة مع زوجها بالهاتف طيلة الطريق، وكذلك لا تذهب للأماكن العامة مثل المصالح الحكومية سوى برفقة زوجها.
وأفادت دراسة لمجموعة بحثية تابعة للأمم المتحدة عام 2013 بأن 99 في المئة من النساء في مصر تعرضن للتحرش.
لكن تقارير محلية قالت إنها ربما تنطوي على مبالغة.
وتنشط في مصر موجات من البوح عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية حول وقائع تحرش جنسي، أثارت جدلًا واسعًا، وتحركت على أثره السلطات تشريعيًا بتعديل القانون، وقضائيًا بالتحقيق في الوقائع.
وأقرّ البرلمان المصري قانونًا قبل أقل من عام يمنع جهات التحقيق من الإفصاح عن هوية من يبلّغن عن تعرضهن للتحرش الجنسي إلا لذوي الشأن، تشجيعًا لهن على الإفصاح، وللتغلب على العادات الاجتماعية التي تمنع من الشكوى حيال التحرش الجنسي.
وتشيد أبو قمصان بهذه الإجراءات، لكنها تطالب بالمتابعة الجيدة لتنفيذها، ونشر الوعي، وتدريب القائمين على الأماكن العامة على التعامل مع حوادث التحرش الجنسي لحفظ حقوق الضحايا.
“أحتاج إلى الانتصار”
وكانت كل الحوادث التي ظهرت بنفس القوة من قبل على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر تدور حول اعتداء جسدي أو لفظي، لذلك تبرز حادثة بسمة لأنها تُعد لدى كثيرين اعتداءً بالتصوير.
وترى نهاد أبو قمصان أن اعتبار التصوير نوعًا من التحرش الجنسي لدى كل هؤلاء يدل على ازدياد نسبة الوعي، لأن الفتيات بتن يعرفن أن للتحرش أشكالا متعددة ليست بالضرورة قاصرة على اللمس والتلفظ.
ويعرّف القانون المصري التحرش الجنسي بأنه كل فعل يخدش الحياء و يصل إلي جسم المجني عليها ويكون بدرجة من الفحش إلى حد مساسه بعورتها التى لا تدخر وسعا فى صونها وحجبها عن الناس.
وتختتم بسمة حديثها لبي بي سي بالقول إن مشاعرها ممزوجة بين رغبتها في عقاب من صوّرها، وتعاطفها مع زوجته وأطفاله، لكنها تتابع قائلة: “لن أتنازل أبدًا عن حقي، خاصة بعد كل الرسائل التي وصلتني من سيدات عقدن آمالهن عليَّ في انتصار كهذا، أنا مثلهن أحتاج إلى هذا الانتصار”.
[ad_2]
Source link