مشروع مبتكر لساحل العاج تستخدم فيه نبتة الكاكاو لتوليد الكهرباء
[ad_1]
- غيتونغا نجيرو
- بي بي سي
وجدت ساحل العاج، وهي أكبر دولة منتجة لحبوب الكاكاو في العالم، استخداماً مبتكراً للمحصول، يمكن من خلاله توفير الطاقة الكهربائية لملايين المنازل.
إن كنت تلذذت حديثاً ببعض ألواح الشوكولا، فهناك احتمال كبير أن تكون قد أعدت باستخدام حبوب كاكاو، زُرِعَت في ساحل العاج، الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، أكبر منتج للكاكاو في العالم، بمعدل 40 بالمئة من الإنتاج على مستوى المعمورة.
وتتربع حبوب الكاكاو – وبفارق كبير – على رأس صادرات ساحل العاج إلى الخارج، ويعمل في المهن المرتبطة بزراعتها وإعدادها وتصديرها، أكثر من 6 ملايين شخص. وبينما ظلت تلك الحبوب، تبث الطاقة في أجساد ملايين البشر حول العمل، فإن جزءاً آخر من من النبتة سيصبح وسيلة لتوليد الطاقة في ساحل العاج.
فحبوب الكاكاو ليست الا جزءاً صغيراً من النبات الذي يحمل هذا الاسم. وبينما تُصدر الحبوب إلى الخارج، لكي تُعد منها الشوكولا والحلوى والمشروبات، عادة ما يجري التخلص من الأجزاء الأخرى مثل قشورها وقرونها، وكذلك ما يعرف بـ “عرق الكاكاو”، وهو عبارة عن سائل يميل لونه إلى الاصفرار ويُفرز خلال عملية تخمير حبوب الكاكاو. وتشير التقديرات إلى أن حجم مخلفات تصنيع حبوب الكاكاو، يتزايد بشكل مطرد على مستوى العالم.
الآن بات من الممكن الاستفادة من هذه المخلفات، وجعلها جزءاً مهماً من تحول ساحل العاج، للاعتماد على الطاقة المتجددة. فبعد مشاريع تجريبية ناجحة، بدأت سلطات البلد، العمل على تنفيذ مشروع لإنشاء وحدة لتوليد الطاقة، تنتفع مما يُعرف بـ “الكتلة الحيوية”، وهو مصطلح يشير في صناعة الطاقة، إلى المواد الحيوية الحية، أو التي كانت حية حتى وقت قريب، ويمكن استخدامها كوقود، أو في الإنتاج الصناعي.
ومن المقرر أن تعمل هذه الوحدة اعتماداً على مخلفات حبوب الكاكاو، وسيجري إنشاؤها في بلدة ديفو، التي يُزرع فيها جانب كبير من المحصول.
وفي إطار هذا المشروع ستُحرق المخلفات الباقية من نبات الكاكاو لتشغيل التوربينات وتوليد الطاقة الكهربائية، بشكل يشبه محطات توليد الطاقة، العاملة بالوقود الأحفوري.
ويقول يابي أوغو، مدير شركة “سوسيتيه دي إنرجي نوفيل”، وهي إحدى الشركات المحلية المشاركة في عمليات تشييد الوحدة الجديدة، إن المشروع سيستطيع تلبية احتياجات “قرابة 1.7 مليون شخص من الطاقة الكهربائية”.
وتتعاون الشركة في تنفيذ المشروع، مع وكالة التنمية والتجارة الأمريكية، وهي وكالة مستقلة تابعة لحكومة الولايات المتحدة، ومن المنتظر أن يكتمل بحلول مطلع عام 2023.
ستكون وحدة توليد الطاقة في ديفو، الأكبر من نوعها في منطقة غرب أفريقيا. وستبلغ طاقتها، كما يقول أوغو، ما يتراوح ما بين 46 و70 ميغاوات من الكهرباء سنوياً.
وكشفت دراسات الجدوى أن إتمام المشروع، سيؤدي إلى تقليص حجم الغازات المُسببة للاحتباس الحراري، بواقع نحو 4.5 مليون طن، مقارنة بما يحدث نتيجة استخدام مصادر الطاقة الحالية.
وفي الوقت الراهن، تعتمد ساحل العاج على الوقود الأحفوري لتوليد الجانب الأكبر من الطاقة التي تستخدمها، إذ يبلغ إسهام الغاز الطبيعي 70 بالمئة. وتسعى السلطات إلى أن تزيد حصة موارد الطاقة المتجددة، في توليد الطاقة إلى 42 بالمئة، ما يؤدي لتقليص انبعاثات الغازات المُسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، بنسبة 28 بالمئة بحلول عام 2030.
وتبلغ القيمة الإجمالية لتكاليف إنشاء وحدة توليد الطاقة الجديدة في ديفو، نحو 131 مليار فرنك غرب أفريقي (244 مليون دولار أمريكي). ومن المقرر أن تُنشئ في أنحاء مختلفة من ساحل العاج، تسع محطات مماثلة لتوليد الطاقة باستخدام قشور حبوب الكاكاو. وستُقام هذه المحطات، في المناطق التي تشهد زراعة نبات الكاكاو، كي تكون المواد الخام جاهزة لإمداد تلك المنشآت بها.
ولا تقتصر أهمية هذه المشاريع على الاستفادة من مخلفات الكاكاو في توليد الطاقة فحسب، وإنما ستفيد كذلك المزارعين الذين يبلغ عددهم قرابة 600 ألف شخص. ومن بين هؤلاء فراسيا، التي تتولى إدارة شؤون 14 فداناً مزروعة بالكاكاو في ديفو.
لعدة سنوات كانت هذه السيدة، تفكر في التخلي تماما عن زراعة الكاكاو، والاستعاضة عنها بزراعة أشجار المطاط. ولم تكن وحدها، فخلال السنوات القليلة الماضية، انخرط الكثير من مزارعي الكاكاو، في تحويل نشاطهم لزراعة محاصيل تدر أرباحاً أكبر، مثل المطاط والموز، بسبب فائض الكاكاو في السوق، والذي ازداد سوءاً بعد تفشي وباء كورونا.
وتقول فراسيا: “لقد زرعت الكاكاو، وتمكنت بفضل ذلك من تعليم أطفالي، لكن الأرباح كانت ضئيلة. فلم نكن نحقق عائدات كبيرة”. ولذا تبدي ترحيبها، بمحطة توليد الطاقة الجديدة، قائلة إن إنشاءها سيؤدي إلى زيادة الأرباح التي تعود عليها، وسيحفزها على مواصلة زراعة الكاكاو. وتشير إلى أن أي أرباح إضافية، ستساعدها لا سيما وأنها أرملة توفي زوجها منذ 18 عاماً، فذلك سيتيح لها الفرصة لتعليم أحفادها الأربعة، بل والادخار أيضاً.
وقد اقترحت الحكومة في ساحل العاج إنشاء جمعية تعاونية لمزارعي الكاكاو، بالتوازي مع افتتاح محطة توليد الطاقة الجديدة، بهدف تمكين هؤلاء المزارعين من ادخار الأموال والحصول على قروض وحصص من الأرباح، لتلبية احتياجات عائلاتهم، وتدعيم مشاريعهم.
ويعتبر محمد أدو، مؤسس “باور شيفت أفريكا”، وهو مركز للأبحاث يقع في نيروبي ويتولى تقديم المشورة للحكومات المختلفة في شتى أنحاء القارة بشأن قضايا الطاقة، أن المبادرة التي تشهدها ساحل العاج، تأتي في توقيت حساس. ويقول إن “الاستخدام الناجح لقرون حبوب الكاكاو، لن يؤدي فقط إلى ضمان حصول الجميع على الطاقة الكهربائية، بل سيضيف لسلسلة إنتاج الكاكاو قيمة مُضافة، وذلك بجانب الفوائد الاقتصادية الأخرى لذلك. وسوف تُخلق فرص عمل جديدة، على صعيد جمع هذه القرون، ونقلها وتخزينها ومعالجتها. وسيقود ذلك، إلى تمكين الكثيرين اقتصادياً”.
قصة نجاح
وتحظى محطة توليد الطاقة الجديدة في ساحل العاج، بترحيب أطراف خارج البلد أيضاً، مثل إستر روتو، المديرة العامة لهيئة كهربة الريف في كينيا، التي تصفها بـ “الخطوة الجيدة”، خاصة فيما يتعلق بتوفير مزيد من فرص العمل، وتقليل حجم مخلفات عمليات إنتاج الكاكاو، وتحويله إلى حلوى أو مشروبات.
وتقول روتو: “تمثل ساحل العاج واحدة من قصص النجاح في أفريقيا (فيما يتعلق بتوفير الطاقة الكهربائية لمواطنيها) إذ أن 94 بالمئة من السكان هناك، متصلون بالفعل بشبكة الكهرباء الوطنية”.
على أي حال، ليست ساحل العاج البلد الوحيد المنتج للكاكاو، الذي يسعى للاستفادة من مخلفات الصناعات المرتبطة بهذا النوع من النباتات. ففي غانا، يجري الاستفادة من قشور الكاكاو لتوليد الطاقة، لكن على نطاق محدود.
وطوّر الباحثان جو داركو وكارين مور وزملاؤهما في جامعة نوتنغهام البريطانية، مولداً صغيراً للكهرباء بطاقة خمسة كيلووات، يعتمد في عمله على قشور الكاكاو، وذلك لتوفير الكهرباء للمناطق الريفية، التي لا يتوافر التيار الكهربائي عادة سوى لـ 50 بالمئة من سكانها.
وهنا يقول يابي أوغو مدير شركة “سوسيتيه دي إنرجيز نوفيل” في ساحل العاج، إن هناك خططاً في بلاده، لإقامة منشآت يجري من خلالها تحويل قشور الكاكاو، إلى وقود ديزل حيوي.
إيجاد استخدامات أخرى لمخلفات أحد أكثر المحاصيل المحبوبة في العالم، قد يساعد المزارعين على مواصلة تقديم الإمدادات الكافية منه، لصناعة الشوكولاتة لسنوات قادمة، حتى رغم أن ظاهرة التغير المناخي، تجعل زراعة الكاكاو أكثر صعوبة. فتوليد الطاقة، من خلال الطريقة المبتكرة التي ستُستخدم في ساحل العاج، سيجعل هناك “بذرة أمل”، أو لنقل “قشرة أمل” بالنسبة لمحصول يواجه حالياً الكثير من الضغوط.
[ad_2]
Source link