ورحل عبد السلام مقبول
[ad_1]
غيّب الموت الفنان ورسام الكاريكاتير القدير عبد السلام مقبول أحد رواد الفن الكاريكاتيري في الكويت ومؤسسيه وصاحب الإسهامات الكبيرة في رفع هذا الفن الصحافي في الكويت، وقد نعى وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري وأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل الفنان الراحل، مستذكرين إنجازاته الفنية.
من جانبه، نعى الناطق الرسمي للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د.عيسى الأنصاري، عبد السلام مقبول قائلا: «ان الفقيد يعد علما من أعلام فن الكاريكاتير في الكويت والوطن العربي، وساهم بفكره وريشته في الارتقاء بدور هذا الفن ذي الرسالة الاجتماعية السياسية في آن معا، معالجا الكثير من القضايا التي تهم المجتمع وحياة الناس وهمومهم اليومية.
فلقد كان للفنان دور كبير في الارتقاء بالصحافة الكويتية من خلال رحلة عطاءاته الطويلة والقيمة في العديد من الصحف المحلية اليومية، حيث شارك برسوماته وكتاباته فيها بشكل فعال ومميز، وساهم في رفع الذائقة الفنية من خلال تصاميم البوسترات والديكورات المسرحية والتلفزيونية».
وتقدم د.الأنصاري باسم جميع العاملين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بخالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد والأسرة الثقافية والفنية الكويتية لغياب هذا الرائد والفنان الكبير، سائلا المولى عز وجل ان يلهم الجميع الصبر والسلوان، وأن يتغمده بالرحمة والمغفرة وأن يدخله فسيح جناته.
وكان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب قد احتضن أعماله في معرض بعنوان «40 عاما في حب الكويت» شهدته قاعة أحمد العدواني قبل سنوات مضت، واستحق بسبب نشاطه وعمله العديد من الجوائز وشهادات التقدير عن أعماله الابداعية داخل الكويت وخارجها».
مسيرته الحياتية
بدأ بوأحمد، رحمه الله، رحلته المهنية منذ عام 1971 في العديد من المجلات والصحف الكويتية، ثم انضم إلى أسرة جريدة «الأنباء» عام 2000، واستمر في إثراء صفحاتها برسوماته حتى عام 2017.
ولد الكاريكاتير عبد السلام مقبول، رحمه الله، عام 1952 وبرزت موهبته الفنية منذ طفولته، وكان من أوائل دفعة الخريجين بشهادة البكالوريوس في هندسة الديكور بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1979 وشهادة ماجستير في الإعلام وفنونه في الولايات المتحدة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الاولى عام 1983 فضلا عن زاده الفني وانجازاته المطبوعة والمجسمة محليا وعالميا ومنها شعار «السور الرابع» الذي صممه تلبية لرغبة أميرية سامية بعد التحرير مباشرة.
لعب الراحل دورا بارزا برسوماته المنددة بالاحتلال العراقي حيث رابط، رحمه الله، على ارض الكويت ورسم العديد من لوحاته الكاريكاتيرية عن الغزو الآثم، كما صور العديد من أشرطة الفيديو وكتب المنشورات السرية التي يدحض فيها مزاعم النظام البائد، داعيا إلى ضرورة التمسك بالشرعية الكويتية.
هذا، ونعاه العديد من زملاء المهنة والفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي، مستذكرين إبداعاته الفنية والعديد من رسوماته التشكيلية.
بدورها، نعت جمعية الكاريكاتير الكويتية الفنان الراحل ببيان قالت فيه:
ببالغ الحزن والأسى تنعى جمعية الكاريكاتير الكويتية الفنان القدير عبدالسلام مقبول (أبوأحمد) الذي وافته المنية يوم السبت 12 يونيو 2021.
يعتبر فقيد الكاريكاتير من رواد الفن الكاريكاتيري ومؤسسيه، ولد في الكويت عام 1952، عمل فنانا في العديد من الصحف الكويتية وشارك في العديد من المعارض الكويتية والدولية، وقد حصل الراحل خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية وشهادات التقدير لأعماله الإبداعية في الكاريكاتير والفن التشكيلي وتصميم الشعارات والبوسترات والديكورات المسرحية والتلفزيونية والكتابات الصحافية، كما كان الفقيد، رحمه الله، من الفنانين الداعمين جدا لفن الكاريكاتير ومن المشجعين والمحفزين للشباب على هذا الفن الساخر، كما كان معروفا بمواقفه الوطنية في فن الكاريكاتير وناشطاً في المشاركة في الفعاليات الاجتماعية والإنسانية في المجتمع الكويتي.
وأعربت جمعية الكاريكاتير الكويتية عن خالص تعازيها ومواساتها لأسرة الرحل.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
صالح الشايجي: عَشق ورق الصحافة طوال سنوات فأنتج لنا بدائعه!
خطّ الكاتب صالح الشايجي بقلمه الرشيق كلمات رائعات في الزميل الراحل عبدالسلام مقبول وكتابه «قبلة على جبين الأرض» جاء فيها: منذ سبعينيات القرن العشرين وبمسافة تبعد أربعين عاما عن يومنا هذا.. عرفت اسم عبدالسلام مقبول كاسم أقرؤه في صحافتنا وأرى رسوماته.
ومنذ ذلك الوقت علق اسم عبدالسلام مقبول في ذاكرتي.
في ذلك الوقت الكويتي كان الدخول إلى عالم الصحافة أو عالم الإعلام بعمومه بالنسبة لنا مثل تسلق الجبال أو «الراليات» التي تطير معها قلوبنا كلما شاهدنا جزءا من طيشها وجنون أصحابها من سائقي عرباتها المجنونة.
كان الدخول إلى حقل الإعلام أشبه ما يكون بدخول حقل ألغام لا تحمد عواقبه.
كان كموعد مع امرأة مجهولة.. لا تدري من أي صنف من النساء هي..وإلى أي فصيل تنتمي..
هيفاء غيداء هي..
أم عجفاء شمطاء..
بقايا أعجاز نخل خاوية..
كان كالسير في جوف الظلام بين جبال «تورا بورا».. فلا تدري أهاوٍ أنت إلى سحيق واديها.. أم انك ستقضي بصاروخ عابر للجبال مفتت صم حجارتها..
في ذلك الوقت المحفوف بمثل تلك المخاطر كان «عبدالسلام» بطلا من أبطال مسرح الصحافة الكويتية بريشة وقلم..
فيما بعد عرفت «عبدالسلام» شخصيا حتى قبل أن نتزامل في جريدتنا «الأنباء» فعرفت دماثته ورقّته وصوته الخفيض تأدبا وحياء وخلقا..وهدوءه الذي لا يفجّره إلا على الورق.
عادت بي الذاكرة إلى ذلك الزمن وأنا أقرأ كتاب عبدالسلام مقبول (قبلة على جبين الأرض) والذي عرفه بأنه «مسرحية قصيرة باللهجات المحلية الدارجة وأشياء أخرى ليست دارجة تماما.. شخابيط في حب الأطفال»..
وابتدأه بمثل هندي معبر يقول «الابتسامة التي تطلقها.. تعود إليك من جديد».. ويبدو من الكتاب وما احتوى أن عبدالسلام مازال طفلا.. يحس أحاسيس الأطفال ويعبر عنها بدقة وشفافية وكأنما كتب هذا الكتاب في طفولته لا في شيخوخته التي يكاد يدركها..
ففي المشهد الأول يصور لنا الطفلة في يوم العيد بإحساس بالغ الصدق يجعل القارئ وكأنه داخل هذا المشهد لا متفرجا عليه من الخارج..
وينهيه بقيم وطنية عالية السمو حين نكتشف أن زعل الطفلة في يوم العيد مرده إلى أنها تريد علم الكويت.. وعلم الكويت «ما ينباع»..
صورة فاجأت الأب الذي حاول استرضاء ابنته بشتى الصور وأجزل لها في «العيدية» ولكنها لم ترض..
لأنها تريد علم الكويت و«علم الكويت ما ينباع» حسب ما قالت الطفلة لأبيها الذي فاجأته هذه العبارة الصادرة من ابنته.. فكانت سعادته غامرة وهو يسمع تلك العبارة تخرج من فم ابنته.. لا أريد الإطالة عن ذلك الكتاب المسرحي.. لكنني اتخذته وسيلة ومناسبة للتعبير عن محبتي وتقديري لصاحبه زميلنا عبدالسلام مقبول.. الذي عاشر ورق الصحافة طوال هذه المدة فأنجب لنا بدائعه.
صالح الشايجي
«الأنباء» 21 يناير 2011
.. وداعاً صديقي المبدع
صديقي المبدع عبدالسلام مقبول، رحلت بجسدك وتركت لمحبيك وأصدقائك الكثير من عطر ريشتك التي طالما أمتعتنا، وعبق حبر قلمك الذي طالما رسم البسمة على الشفاه، وخطوط رسوماتك المميزة التي كانت كثيراً ما تضمد جراح الوطن.
رحلت يا صديقي بهدوء.. كما زاملتنا هادئاً.. تمرّ بمكتبي كنسمة صيف عبقة، لا أسمع منك إلا خيراً، ولا تتكلم إلا همساً يعكس إحساسك المرهف.
لم تتفاخر يوماً بالعديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية التي شَرُفت بك قبل أن تسعد بها، وكان كل همّك أن تعطي وتمنح أفضل ما عندك، وأجمل أحاسيسك لكل من حولك.
رحلت عنا وتركت لنا إرثاً مهماً سيبقى منارة لكل من سيأتي بعدك ليتعلم من أشعار ريشتك الجزلة.
أما أنا فسأظل أنظر إلى «البورتريه» الشخصي الذي رسمته لي وفاجأتني به.. وما زلت أضعه في أبرز مكان من بيتي لأتذكر دائماً أكثر فناني الكاريكاتير إحساساً.. وعطاءً..
رحمك الله يا صديقي وغفر لك وأسكنك جناته.
حسام فتحي
مستشار رئيس التحرير ـ «الأنباء»
رسام .. بالكلمات
جاء كتاب الراحل عبدالسلام مقبول «قبلة على جبين الأرض» رسماً بالكلمات .. لأن الأرض عنده هي الأصل .. هي الوطن.. هي نبع الأفكار وملهمة الأشعار.. هي نبض القلب ومصدر الإحساس في جميع الظروف والأوقات عند جميع الناس الذين يكتنزون محبتها في أعماقهم، لكن قلة هم من يستطيعون إظهار ما يختلج في نفوسهم من مشاعر كالأدباء والشعراء والفنانين.
لقد اجتمع الفن والأدب عند محب وعاشق لتلك الأرض، فنان يرسم بالكلمات لتنطق لوحاته حكايات وقصصا تجسد ذكريات يمكن تحويلها إلى مادة تاريخية وأرشيفية تشكل مرجعا للراغبين في الاستزادة وبأسلوب ممتع وسهل.
ولأن للطفولة ذكريات لا تنسى عنده، ولأنه يقدس أيامها وأحلامها، فقد فرد الكثير للأطفال، لأن الإنسان إذا احب أن يعود إنسانا فما عليه إلا أن ينظر إلى أعين الأطفال الصغار، ليجد كم هي نظيفة وصافية كصفاء قلوبهم الصغيرة الطرية، الخافقة بحب البقاء وأفكارهم السوية النقية بنقاوة البراءة والتبرؤ من شوائب الدنيا.. فيتعلم أول درس في الحياة وأشياء أخرى كثيرة عند الفنان الأديب عبدالسلام مقبول.
وكان الراحل عبدالسلام مقبول في كل معارضه الخارجية والداخلية يترك بصمته الواضحة من خلال إشادة النقاد وأصحاب القلم خلال كتاباتهم وتغطياتهم في وسائل الإعلام المختلفة، وهو حين يقيم معرضا فإنه يقيمه بأسلوبه وبإصرار حاد وتحدّ لا نظير له، لا ليثبت وجوده فقط، وإنما ليقول كلمته بكل صراحة وصدق، ليثبت للآخرين قدراته الإبداعية وثقته بنفسه.
هكذا كان الزميل عبدالسلام مقبول في جميع معارضه وأعماله الفنية التي كانت دائما وأبدا تتحدث عن نفسها بنفسها.
أما أفكار الراحل عبدالسلام مقبول فقد عبرت لنا ودوما وأبدا عن قدراته التي صقلها بالممارسة اليومية والدراسات الأكاديمية العليا وبأرقى الجامعات العالمية، وهو بالرغم من تواضعه الذي عرفناه به، إلا انه كان جامحا وثائرا وأحيانا مشاغبا يمشي بثبات على الطريق المحظور ليوصل رسالته الإنسانية دون أن يتهم بممارسة العصيان، او اي شيء آخر من هذا القبيل.
وعرفناه أيضا من خلال كتاباته وأسلوبه الرائع بطرح القضايا، يستخدم قلمه بذات القدرة باستخدام الريشة!
في كتابه الأخير «قبلة على جبين الأرض»، وهو الكتاب الثاني له، بعد كتابه الأول عن رسوماته الكاريكاتيرية «الريشة الساخرة» والذي صدر عام 1979، هو صرخة مدوية بوجوه كل الذين يدمرون ملاعب الأطفال!
«قبلة على جبين الأرض!» مسرحية قصيرة من ثلاثة مشاهد متماسكة، تتحدث عن الولاء للأرض التي يرمز إليها الزميل بالانتماء إليها برفع علمها عاليا، وعن أهوال الحروب والغزو وما يترتب عليها من دمار في القلوب والعقول والمشاعر الإنسانية، قبل دمار الأراضي وحرقها.
مسرحية الراحل عبدالسلام مقبول تقرأها وكأنك تعيش في صالة المسرح، وترى مشاهدها الحية مرسومة أمامك بإتقان شديد، تجرك لتكون شاهدا على أحداثها، ومشاركا فيها، لا متفرجا أو قارئا فقط، خاصة حين يرسل إليك إشارات وتساؤلات، ويطلب منك التفاعل معها والإجابة عنها، حين يحصرك في زاوية ضيقة ترى فيها الأطفال الأبرياء حائرين وخائفين من ممارسات «الكبار» الخاطئة التدميرية.
يصرخ في مسرحيته ويقول لنا: كيف نحمي أطفال العالم ونحافظ على براءتهم، وهم أحباب الله على الأرض، وهم أجيال المستقبل المجهول؟
[ad_2]