هل يمكن أن تجعل صوتك أكثر جاذبية للآخرين؟
[ad_1]
- ويليام بارك
- بي بي سي
يدرك الناس من مختلف الجنسيات أن هناك نبرة صوت تأسر القلوب وتخلب الألباب، لكن هل يتمتع بعض المتحدثين بأصوات أكثر جاذبية من غيرهم.
يتمتع بعض الناس بأصوات أكثر جاذبية من غيرهم، فيما يطلق عليه الفرنسيون اسم “صوت غرفة النوم”، وهو صوت عميق وفتّان يمنح صاحبه القدرة على أسر قلوب الآخرين. وقد تكشف هذه القاعدة العالمية عن جزء مهم من تاريخنا التطوري.
ربما ينزع الناس إلى الحكم على الآخرين من نبرة الصوت. فقد أشارت دراسة إلى أن الناس يميلون للاعتقاد أن أصحاب الأصوات الجذابة أكفاء وعطوفون وجديرون بالثقة، وقد يطلق على هذه الظاهرة اسم “تأثير الهالة”، إذ نعتقد أن الأشخاص الطيبين أكثر جاذبية من غيرهم. لكن كيف تصبح نبرة الصوت أكثر جاذبية؟
ويبدو أن ثمة سمة صوتية تأسر قلوب الناس من جميع الثقافات والجنسيات. وتقول ميليسا بركات ديفراداس، الباحثة اللغوية بجامعة مونبلييه: “إن المرأة سواء كانت تنحدر من اليابان أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو أي مكان في العالم، تفضل في الغالب الرجال الذين يتمتعون بأصوات عميقة”.
وقد عثر على أدلة على أن نساء السكان الأصليين في حوض الأمازون وفي تنزانيا وغيرهم من الشعوب في الدول الغربية وغير الغربية، ينجذبن جنسيا للرجال ذوي الأصوات العميقة. ويربط الناس عمق الصوت بالقدرة على الصيد والنجاح المهني والقوة البدنية. وقد نحكم على السياسيين الذين يتمتعون بأصوات أكثر عمقا، سواء كانوا رجالا أو نساء، بأنهم أكثر جدية وأوفر حظا للفوز في الانتخابات. وأشارت دراسة إلى أن فرص الرجال والنساء أصحاب الأصوات الرخيمة أعلى من غيرهم في الحصول على الوظيفة. فإذا أردت أن تقنع الآخرين بأنك جدير بالوظيفة، قد يجدر بك أن تخفض طبقة صوتك لتصبح أكثر عمقا.
فكيف تكشف هذه الميول العالمية عن الطريقة التي نحكم بها على الآخرين؟ وهل هناك استثناءات للقاعدة؟
وتزداد طبقة صوت الرجل والمرأة عمقا وانخفاضا في مرحلة المراهقة. وتتحدد طبقة صوت الرجل منذ سن السابعة، ولهذا في هذه السن يمكنك التنبؤ بطبقة صوته، بدرجة عالية من الدقة، عندما يصبح رجلا.
وحصلت كاتارزينا بيسانسكي، الباحثة في علم الصوتيات الحيوية بجامعة ليون، وأعضاء فريقها البحثي على عينة من المسلسل التلفزيوني البريطاني “سيفن آب”، الذي كان يتتبع مجموعة أطفال أثناء ممارسة حياتهم اليومية كل سبع سنوات. واعتمدوا على هذه العينة للتعرف على التغيرات التي تطرأ على الأصوات على مدار السنين. وخلصوا إلى أن طبقة صوت الأطفال قبل البلوغ تنبئ بطبقة صوتهم في سن الرشد.
ومن المعلوم أن طبقة الصوت ترتبط بمستويات هرمون الذكورة “التستوستيرون” عند الرجال، وهو عامل مهم عند اختيار شريك الحياة، لأن الرجل الأقوى من الناحية التطورية، قد يكون أكثر جاذبية جنسيا. فعندما كان البشر يعتمدون على الصيد وجمع الثمار، كان الصوت العميق يعكس مهارات أخرى تتطلب هرمون التستوستيرون. وقد تدل طبقة الصوت على مدى قدرة المتحدث على صيد الحيوانات، ومن ثم مدى قدرته على إعالة أطفاله ومدى قدرة أطفاله على نقل هذه الجينات إلى نسلهم مستقبلا.
وتتحدد مستويات هرمون التستوستيرون لدى البالغين الرجال بحسب تعرضهم لهرمون الأندروجين (مجموعة الهرمونات التي تنتمي إليها التستوستيرون) لدى أمهاتهم في الأسابيع من الثامن وحتى الرابع والعشرين من الحمل. وتقول بيسانسكي إن أحد العوامل التي تؤدي دورا مهما في النجاح التناسلي تتحدد منذ الطفولة وترتبط بمستويات الهرمونات في أجسام أمهاتنا قبل الولادة”.
ولسنوات طويلة كان يُعتقد أن الرجال يفضلون النساء اللائي يتمتعن بصوت أكثر حدة وأقل عمقا (الذي يدل على حداثة السن ومن ثم عدد سنوات الخصوبة مستقبلا، ما دام الصوت يزداد عمقا على مدار السنوات). فمن وجهة نظر النجاح التكاثري، قد يبحث الرجل عن المرأة القادرة على إنجاب عدد أكبر من الأطفال.
لكن هل يمكن أن نغير طبقة أصواتنا من آن لآخر لبلوغ مآربنا؟
هل يمكن أن يجعلك صوتك أكثر جاذبية؟
عندما نتجاذب أطراف الحديث مع شخص ما، قد نعدل طبقة أصواتنا لتتوافق مع نفس الطبقة التي يتحدث بها. لكن عندما نتحدث مع شخص جذاب، يحدث العكس. فبينما يتحدث الرجال بصوت أكثر عمقا وأقل حدة، فإن النساء يتحدثن بصوت أقل عمقا وأكثر حدة، تأثرا بالقوالب النمطية للذكور والإناث. وكلما زاد انجذابنا بالطرف الآخر، زاد الاختلاف في حدة الصوت.
وفي اللقاءات الغرامية، قد يحاول الطرفان تحقيق التناغم في طبقة الصوت من آن لأخر، فيرفعانها تارة ويخفضانها تارة أخرى. وقد يدل خفض حدة الصوت أو رفعه على مدى انجذابك للطرف الآخر في الموعد الغرامي، وقد يساعد تغيير حدة الصوت على أسر قلب الطرف الآخر أيضا. وقد نستخدم حدة الصوت للتأثير على الآخرين.
غير أن النساء أحيانا يتحدثن بصوت أكثر عمقا عندما ينجذبن للرجال المرغوبين من النساء. وأشارت دراسة إلى أن النساء يتحدثن بصوت رخيم عند مواعدة الرجال الذين يحظون بإعجاب أكبر عدد من الفتيات. وترى بيسانسكي، أن هؤلاء النساء ربما كن يحاولن أن يبدن أكثر جدية وأقل سذاجة من منافساتهن.
وأجريت نفس التجربة على عينة أصغر من الفرنسيين البالغين، وخلصت إلى أن الرجال يفضلون النساء ذوات الأصوات الأكثر عمقا، وترى بيسانسكي أن هذا يدل على تغير أذواق الرجال الذين أصبحوا يحبذون النساء الأكثر جدية والطموحات.
وتقول بيسانسكي: “لعل النساء الآن يحاولن أن يظهرن كفاءتهن وسطوتهن. إذ شرعت النساء الآن في التحدث بنبرة أكثر عمقا وانخفاضا، ولعل الرجال في بعض الثقافات على الأقل يفضلن النساء الأكثر نضوجا وكفاءة، ولا يبحثون بالضرورة عن حداثة السن والخصوبة”.
وتوافقها الرأي ديفراداس، وتقول: “في فرنسا يفضل معظم الرجال النساء اللائي يتحدثن بصوت أكثر عمقا وانخفاضا”، وربما يرجع ذلك إلى أنه ينطبق على “صوت غرفة النوم”. وربما ينفرد الرجل الفرنسي بذائقة فريدة من نوعها تجاه نبرة صوت النساء، وقد يعزى ذلك إلى الطريقة التي يتحدث بها الفرنسيون، وترى ديفراداس أن الفرنسيين يحركون شفاههم للخارج لنطق الكلمات أكثر من متحدثي اللغات الأخرى، وهذا قد يجعلهم أكثر جاذبية في نظر البعض.
لكن التركيز على اللغة قد يستدعي بعض القوالب النمطية الوطنية. فاللغة الفرنسية ترتبط في ذهن غير الناطقين بها بالقوة الناعمة الفرنسية، التي تتمثل في الطعام والخمر والريفييرا، وكل ما يرتبط بها من دلالات ومعان رومانسية.
من جهة أخرى، هل تساعدنا نبرة الصوت في أن نبدو أكثر شبابا أو أكثر ذكورية؟ تقول بيسانسكي، إن البشر يمتلكون مدى صوتيا واسعا وقدرة على كشف المخادعين، في إشارة إلى دراسة لم تنشر بعد. وتقول: “إذا حاولنا خداع الناس بتغيير طبقات أصواتنا طوال الوقت، قد ينهار نظام التواصل”.
وربما لهذا انتشر بين الشابات الأمريكيات ظاهرة خفض طبقة الصوت ليبدو صوتهن رخيما. وتقول بيسانسكي: “أعتقد أن هذه الظاهرة هي وليدة رغبة النساء في أن يتحدثن بنبرة أكثر انخفاضا وعمقا وأكثر سطوة، لكن إمكانياتهن البيولوجية لا تساعدهن على ذلك”.
وتقول بيسانسكي: “بحسب الدراسات الأخيرة، لا يبدو أن خفض نبرة الصوت وتغليظها يجعل المرأة تبدو أكثر ذكاء”. وأشارت دراسة إلى أن طبقة الصوت شديدة الانخفاض والعمق على سبيل المثال قد تقلص فرص المرأة في العثور على وظيفة، وذلك لأن اعتماد النساء على التحدث بصوت أكثر عمقا من المعتاد ارتبط في الأذهان في بعض الثقافات على الأقل بعدم الجدية.
وثمة سبب آخر قد يقنعك بعدم تغيير نبرة الصوت. فقد أثبتت دراسة أن الأشخاص العاديين الذين يتحدثون بصوت معتدل لديهم ما يعرف بـ “معقدات التوافق النسيجي” الرئيسية التي ترتبط بالكفاءة المناعية والتنوع الجيني. وهذه المعقدات هي عبارة عن تسلسلات حمض نووي تشفر البروتينات على سطح الخلية لمساعدة الجهاز المناعي على تمييز الخلايا الطبيعية في أجسامنا عن الخلايا الدخيلة. وبذلك تساعد الجسم على الكشف عن مسببات الأمراض سريعا وتدميرها. ومن ثم، فإن الأشخاص الذين لديهم هذه الصفة قد ينقلون هذه الجينات المفيدة إلى نسلهم.
فضلا عن أن الأشخاص الذين يتحدثون بنبرة صوت معتدلة يسهل فهمهم، لأن عدد الأشخاص الذين يتحدثون بنبرة معتدلة أكثر بمراحل من عدد الأشخاص الذين يصطنعون طبقة صوت أعلى أو أقل من المعتاد. وتقول ديفراداس: “معروف أننا لا نحب ما نجهل”.
وقد تلاحظ أن معظم هذه الأبحاث أجريت على مغايري الجنس، لأن علماء البيولوجيا التطورية يبحثون عن تفسيرات للسلوكيات البشرية لأسلافنا في ظل الضغوط البيئية التي تعرضوا لها. ولهذا كانت الإناث تبحث عن السمات الذكورية، لأن الرجل الأقوى سيكون قادرا على رعاية الأسرة، بينما كان الرجال يبحثون عن المرأة الشابة لأن سنوات الخصوبة أمامها ستكون أطول.
وأشارت بيسانسكي إلى أن الأبحاث التي أجريت على المثليين خلصت إلى أن الرجال المثليين يفضلون نفس المواصفات التي يختارها الرجال مغايرو الجنس في المرأة.
وكل هذه النظريات تستند إلى التفسير البيولوجي للانجذاب للطرف الآخر. لكن هذه النظريات ربما لا تؤثر على اختياراتنا في الوقت الراهن إلا إذا كنا نبحث عن شريك حياة يمتلك جينات جيدة لنقلها إلى أطفالنا. أما الغالبية العظمى من الناس الآن فيبحثون عن شركاء حياة يستمتعون بالتحدث إليهم.
[ad_2]
Source link