حي الشيخ جراح: صراع شرس على الأرض
[ad_1]
- بول آدامز
- مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية – القدس
تبدو حديقة منزل سميرة دجاني وعادل بديري كواحة. مكان هادئ تحفه اشجار الزهرة المجنونة ونبتات اللافندر، وتظلله أشجار الفاكهة، يقع في قلب نزاع محتدم أدى إلى نشوب صراع.
ويعيش الزوجان الفلسطينيان في منزل مبني من الحجر من دور واحد في القدس الشرقية، داخل حي الشيخ جراح الذي يواجه فيه 14 بيتا (عدد سكانه 300 شخص) خطر الإخلاء ليحل محلهم مستوطنون إسرائيليون، في قضية وصلت إلى المحكمة العليا في إسرائيل.
وعُلقت إجراءات التقاضي مع اندلاع أعمال العنف في القدس، قبل إندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس بسبب هذه القضية.
لكن الخطر لم ينته تماما.
تقطع سميرة الأزهار الذابلة من زرعاتها، بينما يُطلعني عادل على صور بالأبيض والأسود ترجع لخمسينيات وستينيات القرن الماضي، قبل أن يلتقي الزوجان ويتزوجا.
ويقول عادل إن الأمر “شديد الصعوبة. نشعر أن السعادة الغامرة التي عشناها في هذا البيت على وشك الانتهاء. نشعر أننا سنصبح لاجئين للمرة الثانية”.
طُردت عائلتاهما من القدس الغربية في الحرب التي سبقت إعلان إسرائيل عام 1948. ويقع بيتا دجاني وبديري على بعد كيلومترات قليلة، لكن القانون الإسرائيلي يمنعهما من استعادتهما نهائياً.
وفي خمسينيات القرن الماضي، مولت الأمم المتحدة مشروعا أردنيا لبناء بيوت في حي الشيخ جراح للفلسطينيين النازحين. لكن بعض الأراضي كانت مملوكة لاثنتين من الجمعيات اليهودية قبل إعلان دولة إسرائيل.
وبعد استيلاء إسرائيل على القدس الشرقية عام 1967، تحركت الجمعيتان اليهوديتان في نزاع قضائي لاستعادة الأراضي.
وتقع الأرض محل النزاع قرب ما يقول اليهود إنه هيكل سليمان، وتقول مجموعات المستوطنين إن الفلسطينيين يعيشون في هذا المكان بوضع اليد.
من الجدير بالإشارة هنا إلى أن هذه القصة بكل تفاصيلها عن الأرض وملكيتها محل نزاع كبير ومحتدم.
يعم الهدوء الحي الآن، مع وجود علامات بسيطة على المواجهات التي نشبت هنا في نهاية شهر رمضان وفي الأيام الأولى من الحرب بين حماس وإسرائيل.
وهناك حواجز للشرطة في طرفي الشارع، ويتحرك المستوطنون فيه بحرية. لكن الفلسطينيين من غير سكان الشارع لا يمكنهم الدخول إليه.
ورُسمت لوحة على أحد الجدران، تظهر فيها خريطة فلسطين ما قبل 1948، تلفها الكوفية الفلسطينية وكُتب تحتها شعار “أهلا بكم في حي الشيخ جراح الصامد”.
وفي الجهة المقابلة، على جدار آخر، كُتبت أسماء العائلات المهددة بالطرد، وعددها 28 عائلة.
وفي مواجهة هذه القائمة، يوجد منزل استولى عليه المستوطنون قبل عشرة أعوام، تحيط به أعلام إسرائيل وتحرسه كاميرات المراقبة.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن مسألة حي الشيخ جراح ليست سوى “نزاع عقاري”، وإن القانون في صف المستوطنين اليهود.
وفي عام 2003، باعت الجمعيتان حقوق ملكية المنطقة لمنظمة “نهلات شمعون”، وهي واحدة من عدة منظمات يهودية مقرها الولايات المتحدة، وتدعم جهود المستوطنين اليهود للاستيطان في المناطق الفلسطينية من القدس.
وتقول نائبة عمدة القدس، فلور حسن ناحوم، إن “سبب طرد هذه الأسر هو عدم سداد الإيجار”، في إشارة إلى حكم قضائي مثير للجدل عام 1987 أقر بأحقية المؤسسات الإسرائيلية في الأرض وأن الفلسطينيين مستأجرين.
وأضافت: “لدينا نزاع عقاري تم تحويله إلى نزاع سياسي ليصبح شرارة للمواجهة. ولا أرى أنه يجب تحويل القدس الشرقية إلى منطقة خالية من اليهود” في إشارة لمصطلح استخدمته النازية لجعل أوروبا خالية من اليهود.
واندلعت المواجهات في حي الشيخ جراح مع نهاية شهر رمضان.
وانفجرت تراكمات نزاع مستمر على مدار عقود لتشعل شرارة أعمال عنف.
وكانت المواجهات أكثر حدة في حرم المسجد الأقصى، وكأن النيران اشتعلت في القدس بأكملها.
وانخرطت حماس بدورها في الصراع، فأطلقت صواريخ باتجاه المدينة. وكانت هذه فرصة لزيادة شعبية الحركة بين الفلسطينيين خارج قطاع غزة.
وعند إعلان وقف إطلاق النار بعد 11 يوما من المواجهات، احتفل الفلسطينيون في القدس بما اعتبروه نصرا لحماس.
ويقول المحامي الإسرائيلي دانيال سيدمان، المتخصص في حركة الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية، إنه “لم تكن مصادفة أن يكون هيكل سليمان والشيخ جراح هما شرارة أعمال العنف”.
وتابع: “هناك جهود حثيثة لطرد الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ليحل محلهم مستوطنون بناء على معتقدات دينية. هذا هو حقيقة الأمر”.
ويقول سيدمان إن اليهود والعرب نزحوا أثناء حرب عام 1948، لكن هذا هو وجه الشبه الوحيد.
“هناك مدينة واحدة، وحرب واحدة، وشعبان خسر كل منهما ممتلكاته”.
“أحدهما يستطيع استعادة هذه الممتلكات، في حين لا يستطيع الآخر. هذه هي الخطيئة وراء أزمة الشيخ جراح”.
ويرى سيدمان إن استهداف أربع مناطق عربية (اثنتان في حي الشيخ جراح واثنتان في سلوان في جنوب مدينة القدس) هو المرحلة الأولى من الجهود الإسرائيلية واسعة النطاق لتهجير الفلسطينيين من القدس، في أكبر عملية منذ حرب 1967.
ويقول إن هذه العملية تجري على قدم وساق. “فمسألة القدس بمثابة مادة مشعة، وكذلك مسألة التهجير والاستيطان، والآن اندمجتا مع بعض”.
ونعود إلى حديقة منزل عادل وسميرة، المهددان بالإخلاء في الأول من أغسطس/آب المقبل ولديهما الآن شهران لكسب أو خسارة البيت الذي عاشا فيه لمدة 47 عاما.
ويقول عادل إنها حرب غير متكافئة.
“أصبح من الواضح جدا أننا لسنا في نزاع مع المستوطنين. نحن في نزاع مع الحكومة. ونحن لا قبل لنا بمنازعة الحكومة الإسرائيلية”.
ربما دخلت حماس الحرب ضد إسرائيل حول مستقبل القدس. لكن بالنسبة للأسر الثمانية والعشرين التي تعيش في الشيخ جراح الأزمة لا تزال كما هي.
[ad_2]
Source link