سد النهضة: كيف تفاعل المصريون والسودانيون والإثيوبيون مع الأزمة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
[ad_1]
- مريم رزق
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
“اضرب يا ريس اضرب، السد عايزه يخرب، إثيوبيا حاجزة المياه والشعب عايز يشرب”، هكذا تقول أغنية أنتجت بتكلفة محدودة ولكنها انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، محققة ملايين المشاهدات.
أغنية “اضرب يا ريس” هي واحدة من أمثلة كثيرة لدعوات من جانب مصريين باتخاذ خطوات لوقف ملء سد النهضة الإثيوبي الذي تتوقع مصر أن يؤثر على حصتها من المياه البالغة 55 مليون متر مكعب.
هذه النبرة لم تكن من جانب واحد. فالإثيوبيون من الجانب الآخر، دشنوا عدداً من الوسوم مثل #ItIsMyDam أو هذا سدي، وفيه يصور المدونون، من خلال مقاطع فيديو وصور، أن أديس أبابا هي من ستقرر كمية المياه التي تأخذها كل دولة لأنها مصدر المياه.
وكلما نشر أحد المواقع الإخبارية موضوعاً عن سد النهضة، يبدأ النقاش بين المصريين والإثيوبيين بشكل حاد في قسم التعليقات ويوجه كل طرف اتهامات للآخر بأن بلاده “تغسل دماغ شعبها وتخدعه”.
أما السودان، ورغم اتحاد موقفه في الفترة الأخيرة مع الموقف المصري، إلا أن كلاً من الموقف الرسمي وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بدت مترددة ما بين إمكانية أن يجلب السد النفع للبلاد وتهديده للمشاريع الزراعية وتوليد الطاقة من سد الروصيرص، الواقع على مسافة قصيرة من المصب.
ويرى مراقبون أن حالة الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس أيضاً ما يُردد في الإعلام المحلي في الدول الثلاث.
مطالبات بالتدخل العسكري
مع اقتراب الملء الثاني في يوليو/تموز المقبل، تبادلت مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى الاتهامات في عدم التوصل لاتفاق حول ملء السد وتشغيله.
ومع تصاعد حدة الخطابات الرسمية من الجوانب الثلاثة، ازدادت مطالبات بعض المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بالتدخل العسكري لمنع إثيوبيا من المضي قدماً في خططها بدون تنسيق مع القاهرة والخرطوم. #ضرب_السد_مطلب_شعبى كان أحد الوسوم التي استخدمها المصريون على تويتر، مطالبين بحماية “النهر المقدس”.
قبل شهرين، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن انتقاص حق مصر من المياه ستكون له تبعات على استقرار المنطقة بشكل لا يتخيله أحد، فيما رآه بعضهم إشارة صريحة لسيناريو التدخل العسكري.
إلا أن التصريحات الرسمية التي تبعتها لم تذكر أي وسيلة أخرى للتعامل مع الأمر سوى المفاوضات التي تأخذ وقتاً و”تحتاج إلى صبر”، على حد تعبير السيسي.
وبعد ما كان التوجه الأساسي هو التوصل لاتفاق قبل الملء الثاني للسد، بدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري التمهيد لفكرة أن الملء الثاني لن يؤثر على مصر. وقال شكري في تصريحات صحفية إنه طالما لم يقع الضرر، لا توجد حاجة “إلى تأزم أو إلى تصعيد”.
على مواقع التواصل اعتبر المدونون تصريح شكري تراجعا واستسلاما وإقرارا بالهزيمة. ووُصفت تصريحات شكري ب “الانهزامية الشديدة” بل وطالب البعض ب “إقالة” شكري.
المعارض السياسي والمرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، اعتبر هذا التصريح الأخير “تخاذل” و”خطاب متدني ضعيف” داعياً على صفحته على فيسبوك إلى “الدفاع الشرعي عن النفس بتدمير السد الأثيوبي وإلغاء الملء الثاني إلى غير رجعة”.
ويرى خالد البرماوي، المتخصص في الإعلام الرقمي، أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور كبير في الأزمة على مدار السنوات، فحالة “الغموض” التي أحيطت بالتفاصيل الفنية للسد لسنوات وتأخر أو نقص المعلومات المتاحة جعل المتابعين من الجانبين يتداولون أخبار خاطئة أو مجتزأة أو غير دقيقة.
بالنسبة لمصر، بحسب البرماوي، “كان هناك كثير من المعلومات غير الواضحة ولم تكن هناك شفافية لوقت طويل، وكان المنطق من وراء هذه السياسة هو ألا تؤثر التصريحات على سير المفاوضات أو تعطي الجانب الإثيوبي ذريعة لتعقيد الأمر. أما ربط المفاوضات بالملء الثاني للسد وكأنه ميعاد أخير للتحرك، فهو “خطاب شعبوي وإعلامي” أكثر منه خطاب رسمي.
“سياسات استعمارية”
من ناحية أخرى، يرى مولوغيتا برهي، الصحفي بقسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي، أن هناك كثيرا من الغضب العام في إثيوبيا، إذ يتهمون الإثيوبيون دولتي المصب بـ “الطمع” ومحاولة السيطرة على النصيب الأكبر من المياه.
ويرى الإثيوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب مشاهدات برهي، أن مصر والسودان يصران على التمسك ب “المعاهدة الاستعمارية” التي لم تكن بلادهم طرفًا فيها ويتهمون البلدين بمحاولة تقويض السد الذي بني بأموالهم.
ومؤخراً، أطلق الإثيوبيون حملة على تويتر لدعم سد النهضة الذي أصبح المشروع الوطني القومي الأكبر، بهاشتاغ “لن تمنعنا أي قوة أرضية من بناء سدنا وملئه”.
وعلى صفحات عدة على موقع فيسبوك، منها صفحات إثيوبية رسمية، انتشر مقطع فيديو يدفع بأن مصر تستقبل نصيب “الأسد” بينما إثيوبيا تقدم 85 في المئة من ماء النيل ولا تستفيد بأي شيء، وهو وضع “غير عادل ولا يمكن الاستمرار فيه”.
وبالرغم من كونها مشكلة أفريقية بين ثلاث دول في القارة، إلا أن بعض المدونين الإثيوبيين دافعوا بأن بلادهم هي بلد “أفريقية حقيقية” وعلى الدول الأفريقية أن تساندها، أما مصر فهي دولة عربية “لا تتذكر أنها أفريقية إلا عندما تحتاج للمياه”.
“لماذا تحارب السودان معارك مصر؟”
أما السودان، فهو يحاول الحصول على دعم سياسي واقتصادي في المرحلة الانتقالية للسلطة، ولذلك ليس من السهل موازنة التحالفات الإقليمية.
ولأن الخطاب الرسمي للسودان تأرجح بين عدم إبداء موقف واضح إلى الحديث عن مكاسب السودان من سد النهضة ثم إلى الوقوف مع مصر، فإن حالة التردد انعكست على مواقع التواصل الاجتماعي.
بحسب ملاحظة ماريانتونيتا بيرو، الصحفية بقسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي، لم ينظر السودانيون في أي مرحلة إلى التصعيد كوسيلة لحل الخلاف كما لم يُظهروا دعمًا لتلميح مصر إلى استخدام محتمل للقوة.
الكاتب السوداني الطيب مصطفى قال في أحد مقالاته إن مصر “بذلت كل جهدها في سبيل تحريك موقف السودان ليناصرها” بعد أن كان يقف على الحياد، بل كان قلبه مع إثيوبيا جراء الفوائد التي قد يجنيها من سد النهضة. وتساءل لماذا “يقود السودان المعارك ضد إثيوبيا بالنيابة عن مصر”.
ويبدو أن الملء الأول لسد النهضة بدون تنسيق مع الطرفين الآخرين كان النقطة التي بدأت عندها حالة التشكك من جانب السودانيين حول جدوى السد بالنسبة لهم والحلول المتاحة إذا ما استمرت إثيوبيا في التصرف بدون مشاركة الرأي.
وبينما يرى بعضهم أن النقاش المجتمعي في الدول الثلاث قد يكون مفيداً، يرى بعضهم الآخر أن “دق طبول الحرب” على مواقع التواصل الاجتماعي يضع ضغطاً على الأطراف المختلفة وقد يؤدي لإصدار تصريحات أو تحركات ليست في محلها خوفاً من الغضب الشعبي.
[ad_2]
Source link