رحل سليمان الصالح صاحب لغة الإشارة! .. بقلم الأستاذ يوسف عبدالرحمن
[ad_1]
غيّب الموت استاذنا ومعلمنا وصديقنا وحبيبنا الاستاذ سليمان عبدالرحمن الصالح ـ ابا عبدالرحمن ـ الذي وافته المنية عن عمر يناهز 75 عاما إثر نوبة انخفاض سكر في تركيا، ودفن عصر أمس الخميس في ٨ من شوال 1442هـ الموافق ٢٠ من مايو 2021 في مقبرة الصليبخات.
غاب واحد من ابرز رجالات التعليم والتربية المختص بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.
غاب ذاك المثقف اللبق الذي اذا تحدث تتمنى ألا يسكت لجرأته وذوقه في اختيار عباراته ومفردات كلماته!
غاب ابو عبدالرحمن القريب من وطنه وشعبه وامته وعقيدته..
غاب من بذل وافر الجهد في تأسيس منظومة الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين بالكويت. غاب من شعر باليتم وكان «عصاميا» كون نفسه وكان على الدوام صاحب فكر وطني مستقل، فلم ينتم الى أي اتجاه!
غاب القائل: أخشى على الكويت من ابنائها، فالنعم لا تدوم، والعلاقة بين السلطتين كلعبة القط والفأر «صيدني وأصيدك»!
غاب القائل: نحن أقرب الى الدعوة السلفية لأننا نطبقها يوميا!
غاب صاحب التصريح: المزايدات تسيء الى مكانة المعلم، حسن اختيار المرشحين لأن بعض النواب يهددون الوزير اذا اختلفوا معه فيهددونه بالاستجواب حينما يرفض توقيع معاملاتهم!
«صعب على مثلي ان يرثي استاذه وصديقه حيث له فضل علي، فلم يتركني في بداية طريقي كأمين سر لجمعية المعلمين، فما بخل علي لا بالمشورة ولا بالنصيحة ولا بالرأي»، وكان صادقا وفيا (وهكذا هو أبو عبدالرحمن)، نقي السريرة، لا يضمر لأحد شرا، متصالحا مع نفسه ومن حوله، مبادرا في تقديم النصح أينما حل او ارتحل!
فمن هذا الهرم التربوي والتعليمي الذي فقدته الكويت أمس في العصر الكوروني كوفيد – 2021؟
نسبه
هو الأستاذ سليمان عبدالرحمن الحمد الصالح، مواليد 1946 بالحي القبلي، توفي والده 1944، وقد ولد سليمان في بيت جده العم راشد ناصر النامي، رحمه الله، ثم انتقل الى بيت اخواله العم عبدالرحمن ابراهيم الخميس واخيه يوسف مطلق الصبيحي، وهما اخوان غير شقيقين، وقد تزوجت والدته، رحمها الله، بالعم المرحوم عبدالكريم عبدالله السمدان بعد ست سنوات من وفاة والده.
يذكر من جيرانه عائلة النمران الذين سكنوا مدينة الكويت، وبعد التثمين انتقلوا الى منطقة الفروانية، ومن جيرانه ايضا عائلة العم تركي الوزان والخليفة والهنيدي وابناء الربعي احمد وعلي وعبدالرحمن.
تعليمه
التحق سليمان الصالح بمدرسة المرقاب الابتدائية، وكان ناظرها العم عبدالعزيز الدوسري، ومن بعده الأستاذ عبدالوهاب القرطاس، رحمه الله، وكان الوكيل عبدالرحمن العبدالجادر، وكان المنهج كما يصفه سليمان الصالح، رحمه الله، الى المؤرخ القدير منصور الهاجري، يقول منصور الصالح: انه يتكون من العربي والحساب والعلوم والرسم والرياضة، ويتذكر استاذه ملا عثمان العثمان والبشير ومجموعة من الطلبة الكويتيين والفلسطينيين والعراقيين، ويتذكر ايضا رجعته الى مدرسة صلاح الدين وناظرها مصطفى الصافي والوكيل عبدالكريم عبدالمعطي، وكان يدرسه يوسف عبدالمعطي لغة عربية قبل ان يعين مديرا لمعهد المعلمين. وبعد نجاحه من الصف الرابع المتوسط في الشامية التحق بثانوية الشويخ ثم سجل في معهد المعلمين في عهد الوزير خالد المسعود.
يقول سليمان الصالح: تقدمت بطلب الى وزارة التربية مع مجموعة من المدرسين وهم ابراهيم العواد وصالح كمال وفريد معرفي وسعود الشايع وجواد ملا عابدين، وكنا الدفعة الاولى التي تم قبولها، وسافرنا الى الكلية التابعة لجامعة عين شمس، وكنا ثلاثة متخصصين بالعم فريد معرفي وصالح كمال وابراهيم العواد، وكانت الدراسة عاما وتخصصت في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدت الى الكويت (1970 ـ 1971) وعينت وكيلا في معهد النور والامل والصم والمكفوفين، وكان الناظر الأستاذ عبدالله حسن كمشاد وكان مديرنا الأستاذ عبدالعزيز الشاهين، رحمه الله».
طموح بلا حدود
والكلام لايزال لاستاذنا سليمان الصالح لأستاذنا منصور الهاجري: لم يتوقف طموحي عند حد معين فوجدت نفسي بحاجة الى زيادة في التعليم، فالتحقت بالدراسة المسائية وتوقفت بعد نجاحي في الصف الثالث الثانوي على امل الالتحاق بالجامعة.
تم اختياري للقسم الثقافي في القاهرة وكنت مساعدا للملحق الثقافي الاستاذ عبدالله الصانع وخصص عملي في الإشراف على المبعوثين والمجازين دراسيا وكان مسماي الوظيفي (مساعد الملحق الثقافي للدراسات العليا والمبعوثين) وكان الاستاذ رشيد الحصان مسؤولا عن طلبة بعثات التربية والاستاذة خولة الصقر بعثات الطالبات ومن بعدها عائشة الرشيد ومكثت من عام 1973 ـ 1977 وهي سنوات ثرية في حياتي.
ناظر في مدارس التربية الخاصة
عينت في عام 1977 ناظرا في مدارس التربية الخاصة وعرضت علي وظائف اخرى لكنني اعتذرت ثم اهتممت بالتطوير، فاتفقت مع الاستاذ عبدالعزيز الشاهين على تكويت الخدمة الاجتماعية، وأذكر أننا خرجنا موجهات كويتيات خدمة اجتماعية بالتعاون مع الخدمة الاجتماعية والنفسية والاخوات فضة الخالد وطيبة السبتي ودلال المشعان وهدى العبدالرزاق.
المدير التنفيذي
انتقلت الى المجلس الأعلى لشؤون المعاقين وكنت أول مدير تنفيذي للمجلس الأعلى وذلك عام 1977 وفق المرسوم رقم 46/96 وعملنا بجد على تكويت التعليم والتدريب واستقبلنا خريجات الاداب والعلوم الانسانية ثم ادخلناهن في دورات 27 دورة في سنة واحدة، والحمد لله نجحت المدرسة الكويتية وتفوقت على القادمة من الخارج بسبب اللهجة والهمة، وأتذكر انني تركت معاهد التربية الخاصة ونسبة المعلمات الكويتيات 94% وهي نسبة عالية ونسبة البنين 56%.
ثم تم تعييني في عام 1997 بطلب من وزارة التربية الى وزارة الشؤون، وكان اختياري من المجلس الأعلى برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الأسبق أحمد خالد الكليب، وقد عملنا بجد من أجل عمل هيكلية لهذا المجلس الأعلى وملحقياته ولجانه.
الاستقالة
في عام 1997 قدم الاستاذ سليمان الصالح استقالته، قائلا استطيع الأن ان اتقاعد واخدم بلادي من خلال اللجان الدولية لأنه عضو في الاتحاد الدولي للصم وعضو الاتحاد الدولي للتأهيل المهني وعضو المنظمة الدولية للاتحاد الدولي للمكفوفين في باريس وعضو الاتحاد العربي للهيئات العامة للصم في دمشق وعضو في الكثير من الجمعيات العربية المتخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
ذكرياته
يقول ان لغة الاشارة عمل حظي بتقدير الجميع وعلى رأسهم أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وقد تشرفت بمقابلته أكثر من مرة للحديث حول موضوع لغة الاشارة الكويتية وحظي الأمر بدعم وزير الإعلام الأسبق الشيخ سعود الناصر، رحمه الله، في نشر لغة الإشارة على مستوى الوطن العربي.
يقول الأستاذ سليمان: ان الشيخ سعود الناصر الذي درس في بريطانيا وكان سفيرا في الولايات المتحدة سأل عن لغة الإشارة ودعمها وساندها وخصص لها الوقت والتدريب للكوادر الإذاعية حتى تخرج أكثر من شخص في هذا المجال.
مشاركته في الصحافة
بدأ الأستاذ سليمان الصالح الكتابة في الصحافة الكويتية في مجلة الرائد وكذلك الهدف والسياسة وكتب «الأسبوع 6 أيام» في «الأنباء» ثم اتبعها بمقال «الاسكندرية كمان وكمان» ثم «الاسكندرية ليه» يقول في تصريح صحافي نشر في «الأنباء» 22/3/2008: «الأخ يوسف عبدالرحمن هو الذي كان يشجعني ويتصل ويسأل عن كتاباتي، وانا شخصيا لا أذهب بعيدا عن «الأنباء» حبا واحتراما وتقديرا للأخ الأكبر العم خالد يوسف المرزوق (رحمه الله) وهو إنسان له جذوره الوطنية والقومية ولـ«الأنباء» خط وطني من الطراز الأول».
وطني مستقل
في حوار له أجري في «الأنباء» 2/6/1997 وقد أجرى الحوار الأخ الزميل أحمد الخالدي يقول: أنا صاحب فكر وطني مستقل ولم أنتم يوما إلى أي اتجاه وأخشى على الكويت من أبنائها فالنعم لا تدوم والعلاقة بين السلطتين كلعبة القط والفار (صدني وأصيدك)!
وبعض القياديين هم «شلة» الوزير في الديوانية، ونحن أقرب للدعوة السلفية نطبق العقيدة يوميا، وبعض النواب يشرشحون الوزير إذا اختلف معهم ويهددونه بالاستجواب حينما يرفض توقيع معاملاتهم.
رحمك الله يا سليمان كنت دائما متوازنا.
صداقة ومحبة مع سالم الصباح
كان صديقاً محباً وفياً لسمو الشيخ سالم صباح السالم (أبا باسل)، رحمه الله، وقد قربني منه من خلال أكثر من زيارة، حيث طلب مني الشيخ سالم الصباح الكتابة عن المفقودين الكويتيين الذين تحول ملفهم إلى شهداء، رحمهم الله جميعا.
كادر المعلمين
من أجمل ما قرأت في أرشيفه هذا الحوار الجميل الذي أجرته الزميلة سامية حسين في 4/6/1996 وقال فيه: الحكومة لم تتلاعب في قضية (كادر المعلمين) والمزايدات تسيء لمكانة المدرس وثروتنا النفطية ناضبة والاستثمار البشري الجيد مدخلنا للحاق بركب التطور في القرن المقبل وكل من أسهم في تدمير الكويت أيام الاحتلال العراقي لن يعود إليها، راضي عن الإعلام.. وتدريس لغة الإشارة للصم والتلفزيون لفتة حضارية.
شكراً.. جمعية المعلمين
لا يفوتنا إلا أن نشكر جمعية المعلمين الكويتية على إنزال نعي ومشاركة عزاء، فجزاكم الله خيرا على هذا النعي الذي ينزل للزملاء والزميلات من الأموات، رحمهم الله جميعا.
مشاركة عزاء
ببالغ الحزن والأسى والتسليم بقضاء الله تعالى وقدره نرثي أستاذنا ومعلمنا الأخ الزميل سليمان عبدالرحمن الصالح، وخالص العزاء والمواساة لأنجاله عبدالرحمن وعبير ويوسف وغدير ولأهله وأسرته وعائلته الكرام، سائلين المولى عز وجل أن يرحمه ويغفر له ويوسع مدخله ويكرم نزله ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى.
عندما تسرح وأنت تكتب!
كنت أقول له وأنا أكلمه أحيانا أيهما تفضل أستاذي نسميك أبا عبدالرحمن أم أبا عبير.. يضحك كعادته قائلا: كلاهما سليمان.. هنا فقط.. حذفت القلم ولم أكمل ما بدأته.
رحمك الله يا أبا عبدالرحمن ويا أبا عبير.. وتسقط دمعات!
الأستاذ يوسف عبدالرحمن
[ad_2]