“إسرائيل ترتكب الخطأ الذي ارتكبته بريطانيا في إيرلندا الشمالية” – الإندبندنت
[ad_1]
لا تزال التطورات الراهنة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تحظى بحيز كبير من تغطية الصحف البريطانية. وتناولت صحيفة الإندبندنت الأحداث الأخيرة مقارنة إياها بالصراع في إيرلندا الشمالية قبل حوالي نصف قرن، فيما اهتمت صحيفة التايمز بسياسة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، المستجدة حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. أما في صحيفة التلغراف، فقد عبر محرر صحيفة “ذ دجويش كرونيكل” عن امتعاضه من “تحيز حزب العمال في بريطانيا واليسار في الولايات المتحدة إلى الجانب الفلسطيني” في الأزمة الحالية.
أوجه الشبه مع الصراع الماضي في إيرلندا الشمالية
نبدأ من مقال باتريك كوبرن في الإندبندنت الذي يرصد فيه ما يراه أوجه شبه بين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وبين الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشمالية في سبعينيات القرن الماضي.
ويوضح كوبرن قائلا “من الملائم تماما أنه في اليوم نفسه الذي كانت فيه الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية تتفجر هذا الأسبوع، كان تحقيق في بلفاست يتحدث عن مقتل جماعي على يد الجيش البريطاني في بلفاست قبل نصف قرن”.
ويتحدث الكاتب عما أصبح يعرف باسم “مذبحة باليمورفي” التي وقعت بين 9 و11 أغسطس/ آب 1971، عندما أطلق النار على 10 أشخاص كاثوليكيين وقتلوا في منطقة الطبقة العاملة في باليمورفي في غرب بلفاست.
ويقول كوبرن “ادعت الحكومة والجيش البريطانيان على مدى سنوات أن القتلى من مسلحي الجيش الجمهوري الإيرلندي أو كانوا يلقون قنابل حارقة. لكن التحقيق حسم الأمر هذا الأسبوع بالقول إن جميع القتلى من المدنيين الأبرياء – وإن تصرفات الجيش كانت غير مبررة. وقد اعتذر بوريس جونسون بلا تحفظ عن عمليات القتل”.
ويرى كوبرن أنه “من أوجه التشابه المهمة بين إيرلندا الشمالية آنذاك وإسرائيل/ غزة اليوم أنه، في الحالتين كلتيهما، كانت القوة العسكرية المفرطة للغاية ولا تزال تستخدم لمحاولة حل المشاكل السياسية التي لم تنجح إلا في تفاقمها.
ويضيف “في قضية إطلاق النار في باليمورفي، التي حدثت أثناء إدخال الاعتقال دون محاكمة، تمكنت الحكومة البريطانية فقط من نزع شرعية نفسها، ونشر الكراهية ضدها والعمل كرقيب للتجنيد في الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت”.
ويعتقد كوبرن أنه “كما هو الحال في إيرلندا الشمالية قبل نصف قرن، تواصل أجهزة الأمن الإسرائيلية الإعلان عن فوزها بانتصارات شهيرة وقتل قادة أعداء، كما لو أن القادة المحليين من القوات شبه العسكرية لحركة حماس والجهاد الإسلامي كانوا من الفنيين العسكريين الذين لا يمكن تعويضهم”.
وهو يرى أن التشابه بين قصتي إسرائيل وإيرلندا الشمالية “يتجاوز الاستخدام المبالغ فيه وغير المنتج للتفوق العسكري لحل مشكلة سياسية. على المستوى الأساسي، يحتوي البلدان كلاهما على مجتمعين معاديين متساويين في الحجم تقريبا يعيشان متشابكين في مكان صغير”.
ويتابع: “يبلغ عدد الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشمالية حوالي مليون شخص، بينما يعيش في المنطقة الأكثر انقساما سياسيا بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط 14 مليون شخص، سبعة ملايين منهم يهود إسرائيليون وسبعة ملايين فلسطيني. قد تقسم المنطقة بجدران وحدود محصنة، لكنها في الأساس وحدة سياسية واحدة، كما أظهر انتشار العنف من القدس إلى غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية في الأيام القليلة الماضية”.
ويرى كوبرن أن الحكومة البريطانية “ارتكبت خطأ فادحا في إيرلندا الشمالية عام 1971 باستخدام الجيش البريطاني لدعم ما كان يُطلق عليه أحيانا الدولة البرتقالية. هذا يعني أن الكاثوليك كان يجب أن يقبلوا وضعا من الدرجة الثانية في دولة يديرها البروتستانت، وهو أمر لن يفعله الكاثوليك أبدا بغض النظر عن قبولهم أو رفضهم للقوة الجسدية”.
ويوضح أن الحكومة البريطانية فهمت ذلك بعد 30 عاما تقريبا عندما جرى التوصل إلى اتفاقية الجمعة العظيمة لعام 1998 التي تقاسمت السلطة بين مجتمعين لهويتين وثقافة وولاءات مختلفة تماما.
ويقول الكاتب “سيكون من الجيد التفكير في أن العملية نفسها قد تحدث يوما ما عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والفلسطينيين، لكن هناك اختلافات وكذلك أوجه تشابه بين الموقفين. تطلبت التسوية في إيرلندا الشمالية توازنا معينا للقوى بين المجتمعين واعترافا من الجميع، ولا سيما من قبل الحكومة البريطانية والجمهوريين الإيرلنديين، بأن أيا من الجانبين لن يفوز بنصر كامل”.
ويلفت كوبرن إلى أن “كبح أي حل وسط من هذا القبيل بين إسرائيل والفلسطينيين هو بسبب أن ميزان القوى يبدو بأغلبية ساحقة لصالح الإسرائيليين. إنهم لا يشعرون بالحاجة إلى التنازل لأن لديهم تفوقا عسكريا كاملا ودعما من الولايات المتحدة والدول القوية الأخرى”
في المقابل، بحسب الكاتب، ” تشمل نقاط الضعف الفلسطينية، والعديد منها ذاتية، ضعف القيادة والتنظيم السياسي. تستطيع حماس إطلاق كثير من الصواريخ على إسرائيل في استعراض للتحدي، لكن هذا يأتي بنتائج عكسية من الناحية السياسية لأنه يمكّن إسرائيل من تأطير أعمالها على أنها دفاعية وجزء من الحرب على الإرهاب.، كما أن السلطة الوطنية الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرا لم تجر لها انتخابات منذ 15 عاما، مع تأجيل المحاولة الأخيرة إلى أجل غير مسمى الشهر الماضي”.
ويختم كوبرن مقاله بحثّ الفلسطيين على “أن تكون أفضل استراتيجية لهم هي استخدام أعدادهم الكبيرة في حملة سلمية جماهيرية للمطالبة بالحق المدني ووضع حد للقيود التمييزية”.
“بايدن نجح في اختبار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”
بالانتقال إلى صحيفة الفايننشال تايمز، كتب مارتن إنديك، عن الامتحان الذي يمثله التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني الأخير بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن.
ويقول الكاتب، وهو المبعوث الأمريكي الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ومؤلف الكتاب القادم “سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط”، إن “الصراع بين غزة وإسرائيل يقدم لجو بايدن الاختبار الأول لما إذا كان قادرا على النجاح حيث فشل أوباما ودونالد ترامب”
ويوضح إنديك أن أولويات السياسة الخارجية لبايدن “تكمن في مكان آخر: مواجهة صعود الصين الحازمة، والوقوف في وجه روسيا بوتين، ومكافحة التغير المناخي، ووقف برنامج إيران النووي ومعالجة الوباء العالمي”.
أما في الشرق الأوسط، فقد أعلن بايدن إنهاء الحرب في أفغانستان ودعم الولايات المتحدة لحرب السعودية في اليمن. لقد تخلى عن حملة الضغط الأقصى التي” شنها ترامب على إيران وعرض رفع معظم العقوبات إذا عادت طهران إلى الامتثال للاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة. على عكس أسلافه، لم يعين مبعوثا خاصا للسلام في الشرق الأوسط، ولم يرشح سفيرا لإسرائيل أو يعين قنصلا عاما للسلطة الفلسطينية”.
ويرى الكاتب أن “تحت قيادة بايدن، تتحول الولايات المتحدة من القيادة إلى الدعم في الشرق الأوسط”.
وخلال الأحداث الأخيرة، “أجرى مكالمة قصيرة فقط مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كان فريق الأمن القومي التابع له يعمل على الهواتف، لكنه أرسل فقط مسؤولا متوسط المستوى في وزارة الخارجية إلى المنطقة للعمل على وقف إطلاق النار. وهو يوقف أي محاولة من قبل مجلس الأمن الدولي للتدخل”.
ويقول إنديك إن “بايدن لا يقود من الخلف، كما فعل أوباما في ليبيا. إنه يدعم إسرائيل ويقود أماكن أخرى. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستتمكن بها الولايات المتحدة من الحفاظ على محورها بعيدا عن المنطقة”.
ويضيف الكاتب أن فريق بايدن لم يكن يولي الأمر اهتماما كافيا، لذا فقد كان بطيئا في التقاط الإشارات التي تفيد بأن إسرائيل قد عبرت سياج الحماية.
” تدخل مستشاروه في النهاية مع نتنياهو، وأقنعوه بتعليق عمليات الإخلاء الفلسطينية في القدس الشرقية، وكبح تجاوزات الشرطة في المسجد الأقصى، وإعادة توجيه مسيرة استفزازية بعيدا عن البلدة القديمة. ولكن ذلك كان قليلا جدا ومتأخرا جدا”.
وختم إنديك بالقول: يبدو أن بايدن قد نجا من أول اختبار له في الشرق الأوسط. وأضاف “لكن تقلبات المكان تضمن أن هناك مزيدا في المستقبل. نأمل بحلول ذلك الوقت أن يكون شركاؤه المحليون قد توصلوا إلى فهم أدوارهم في نظام إقليمي تدعمه أمريكا، وليس بقيادة أمريكية، وهذا سيسهل على بايدن تجنب الانزلاق مرة أخرى في مستنقع الشرق الأوسط”.
اليسار على خطى كوربين
ونختم مع صحيفة التلغراف التي نشرت مقالا لستيفن بولارد محرر صحيفة “ذا دجويش كرونيل” بعنوان “رد فعل اليسار على الصراع في إسرائيل أظهر تحوله الكامل إلى نموذج جيريمي كوربين”.
ويقول بولارد إن “اليهود يقتلون في إسرائيل بصواريخ أطلقتها منظمة إرهابية الآن. وماذا يقول (الزعيم الحالي لحزب العمال) كير ستارمر عن هذا النوع من معاداة السامية التي تقتل اليهود؟ لا شيء.”
ويوضح الكاتب أنه “يوم الإثنين، بينما كانت صواريخ حماس تسقط على إسرائيل، نشر كير تغريدة كانت من وحي (الرئيس السابق لحزب العمال جيريمي) كوربين: العنف ضد المصلين خلال شهر رمضان في المسجد الأقصى كان صادما. يجب على إسرائيل احترام القانون الدولي، ويجب أن تتخذ خطوات فورية للعمل مع القادة الفلسطينيين لتهدئة التوترات .
وأشار بولارد إلى أن “كير لم يعتبر أنه من المناسب الإشارة إلى أن هؤلاء القادة الفلسطينيين هم الذين أرسلوا وابلا من الصواريخ إلى إسرائيل بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين.”
ورأى الكاتب أنه “مهما كان التقدم الذي أحرزه حزب العمال تحت قيادة السير كير في التعامل مع معاداة السامية في صفوفه – وكان هناك بعض التقدم – فقد قضي عليه في تلك التغريدة. كانت الرسالة واضحة: القتلى اليهود غير مهمين”.
وأضاف أن “ذلك لا ينبغي أن يفاجئ أحدا. إذ أن كوربين لم يخرج من العدم ربما كان شخصية غامضة بالنسبة لمعظم الناس عندما فاز بقيادة حزب العمال في عام 2015 لكنه كان معروفا داخل الحزب. الأعضاء الذين انتخبوه بنسبة 59.5 في المئة من الأصوات يعرفون ما يفكر فيه حول كل قضية رئيسية تقريبا، لأنه قضى عقودا في التفكير بشأنها. وبالنسبة لأعضاء حزب العمل، واليسار بشكل عام، فإن إسرائيل هي قضية رئيسية”.
وتابع: “لقد أصبح الآن هناك فكرة ثابتة لدى اليسار هو أن إسرائيل هي سبب معظم العلل في العالم. في هذا السياق، لا فرق في أن السير كير ليس معاديا للسامية ولا متطرفا – بل إن زوجته يهودية بالفعل. إنه زعيم حزب توجد في جيناته الآن كراهية عميقة لإسرائيل وحزب لا يهتم بقتل اليهود”.
ويرى بولارد أن “ذلك يتجاوز حزب العمال. في الحزب الديموقراطي الأمريكي، ذا سكواد(مجموعة من ستة أعضاء يساريين في مجلس النواب) تغتنم كل فرصة لانتقاد إسرائيل، ويتم تشجيعها من قبل قاعدة جيل الألفية التي يروجون لها. قالت رشيدة طليب، إحدى أعضاء ذا سكواد، هذا الأسبوع، ما يفعلونه بالفلسطينيين هو ما يفعلونه بإخواننا وأخواتنا السود هنا”.
ثم يتساءل الكاتب “من قصدت بقولها هم؟ لا شك في أن جماعة الإخوان المسلمين تشيد بالممثلين الديمقراطيين هذا الأسبوع لمطالبتها بحماية الفلسطينيين من الهجمات الصهيونية”.
وختم قائلا “إسرائيل تدافع عن نفسها من الإرهاب. لكن بالنسبة لكثيرين في اليسار، يجب الدفاع عن أولئك الذين يهاجمون إسرائيل”.
[ad_2]
Source link