كيف تنشب حرب الموضة بين الأجيال؟
[ad_1]
- كاسيدي جورج
- بي بي سي
ليست هذه المرة الأولى التي تندلع فيها حرب موضة بين الأجيال؛ إذ طالما استخدمت الأجيال الموضة وتسريحة الشعر لترك بصماتها، واليوم يتجدد الخلاف حول شكل قصة بنطال الجينز وطريقة فرق الشعر، كما تكتب كاسيدي جورج.
عندما شاركت نجمتا تيك توك (@julia3elle و@amelie_coleman_ ) ما اعتبرتاه فيديوهات مضحكة قالتا فيها إنهما تفضلان أن تعيشا مشردتين على تلبسا بنطال الجينز الضيق جدا، لم تهاجما شكل بنطال لم يعجبهما فقط بل كانتا تساعدان على نقل المنافسة المستعرة حول الموضة بين الأجيال إلى صفحات التطبيق الشهير تيك توك، هما ونجمة تيك توك أخرى قالت في فيديو انتشر على نطاق واسع “حتى لو قلتم إني على خطأ لكني لا أعتقد أن هناك شخصا واحدا يبدو بفرق شعر جانبي أفضل من الفرق المتوسط”.
عبر الإنترنت ينتقد جيل زد (Generation Z)، الذي يضم الفئة العمرية من 9-24 عاما، كثيرا من جوانب الموضة السائدة التي يتبعها جيل الألفية (Millennial)، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عاما، وتحديدا أسلوبهم في فرق الشعر الجانبي وارتداء الجينزات الضيقة. وبذلك تسببوا بإطلاق العنان لموجة من ردود الفعل الحاقدة من قبل جيل الألفية.
وأصبح هذا الخلاف محموما، ليس بسبب الولاء لشكل جينز أو لتصفيفة شعر معنية، ولكن لأن اتهامهم بأن الزمن عفا عليهم جعل جيل الألفية ملزما بمواجهة حقيقة غير مريحة: لقد انتقلت القوة من يدهم إلى جيل آخر.
“إن الموضة مؤشر يسمح لنا برؤية عملية الانتقال من الجيل القديم الذي دفع نحو أزياء معينة، إلى الجيل الجديد”، كما يقول جيسون دورسي من مركز (Generational Kinetics). “الموضة هي إحدى المجالات الرئيسية التي تتيح لنا معرفة نهاية جيل وبداية جيل جديد”.
ورغم أن منصة تيك توك التي أثارت هذه المحادثات لا تزال جديدة، إلا أن المنافسات في الموضة ليست كذلك؛ فمثل هذه المشاحنات حول الموضة ساهمت في تشكيل عملية تطور الثياب طوال القرن العشرين.
وكما تقول جيسيكا غلاسكوك، الأستاذة في جامعة بارسونز للتصميم فإن “الموضة هي قصة تتعلق بثقافة الجيل الشباب” – إنها أداة يستخدمها شباب وشابات كل جيل لتأسيس وجهة نظرهم الفريدة والتعبير عنها.
في الولايات المتحدة، خلال الحقبة التقدمية (وهي فترة من الحراك الاجتماعي والإصلاح امتدت بين 1890ات وحتى 1920ات) ، مثلت موضة ما سمى بـ “المرأة الجديدة” و”فتيات غيبسون” نموذجا جديدا للأنوثة التي نادت بقدر أكبر من الاستقلالية، وأظهرت استياء من خطاب العصر الفيكتوري الذين اعتبر عدم الاهتمام بالبقاء في المنزل “خطرا” على المجتمع المدني.
وبقيت أزياء تلك الشابات، المعروفة بالكورسيهات على شكل حرف S، والأكمام المنتفخة، والبلوزات على شكل قمصان، وتصفيفات الشعر العالية، هي الموضة السائدة حتى انقضاء العشرينيات من القرن الماضي.
استبدلت الشابات الخارجات عن الأعراف والعاشقات لموسيقى الجاز موقف الجيل السابق بخصوص قواعد الثياب، وروجن لأسلوب ثياب جديد مثير للجدل يشجع على حرية الحركة وأقصى درجات التألق.
أثارت هؤلاء الشابات، اللواتي رأتهن الأجيال السابقة مبتذلات ومنحلات، غضبا واسعا بسبب قصة شعرهن التي تدعى: البوب (the Bob) ]أي قصة الشعر حتى الذقن مع غرّة تغطي الجهة غالبا [. تقول عنها غلاسكوك إن تلك القصة كانت “تحديا لما يشاع بأن شعر المرأة هو تاجها. ورفضا مبهرا لأدوار الجندر التي كانت سائدة في العصر الفيكتوري”.
كانت الموضة في الثلاثينيات والأربعينيات أكثر واقعية بسبب الأوضاع المالية الوخيمة جراء الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية.
وبعد سنوات من نقص المواد والتقنين، صدمت صناعة الأزياء عندما قدم كريستيان ديور ما يعرف بـ”New Look” عام 1947، وهو عبارة عن سترة منحوتة (أكتاف مستديرة، وأرداف مبطنة، وخصر ضيق) ترتدى مع تنورة ضخمة.
اعتبرت تلك الصورة المفرطة الأنوثة التي تحتاج كثيرا من الأقمشة، إسرافا وتفاهة.
تقول مؤرخة الموضة والأستاذة في جامعة جورجيا، مونيكا سكلار، إن هذه “الثورة” في الموضة عكست تغييرا جذريا في الظروف: “كان الأمر يتعلق بإبداع كريستيان ديور شيئا مبتكرا، كما كان أيضا ثوبا يمثل الأهداف الرمزية للسكان وما هو متوفر من موارد”. فهذا الشكل الخصب للثوب كوردة يشير إلى زيادة وتيرة المواليد.
زلزال شبابي!
ابتعدت المصممة ماري كوانت عن معايير وتوقعات الحقبة السابقة وأبعدت حافة التنورة عن الركبة، وأصبح أسلوبها الغريب والملون تعريفا لموضة الستينيات في لندن والتي عرفت بـ(Swinging).
كان أسلوبها تحولا صادما في أزياء الجيل الشاب، وكانت تنانيرها القصيرة تهدف أيضا للسماح للشابات بمزيد من حرية الحركة أثناء العمل والرقص، لكنها جاءت لتعكس صعود حراك آخر ظهر في الستينيات: تحرر المرأة.
راجت تنانير كوانت القصيرة، وتصميماتها الشهيرة الأخرى في ذاك العقد كالفستان القصير والسراويل القصيرة جدا وياقة بيتر بان وسترة المطر البلاستيكية بين المراهقات، خاصة اللواتي استخدمن الأزياء الجديدة للإعلان عن عدم اهتمامهن بالالتزام بقيود الخمسينيات.
وفي ذروة عصر الحماسة للبيتلز، ألهم هؤلاء الشباب الذين دفعوا بالموضة قدما لإحداث تحول تاريخي في طريقة عمل صناعة الأزياء بشكل عام.
تقول غلاسكوك: “صاغت [محررة فوغ] ديانا فريلاند كلمة (Youthquake) ]أي زلزال الشباب عندما جددت القوة الشرائية لجيل طفرة المواليد ] أي الذين رأو النور بين عامي 1946 و1964 [ مركزية الشباب في الموضة. كان هذا هو العقد الذي أصبح فيه المصممون الشباب مركزيين مثل المستهلكين الشباب، وتحالفوا مع بعضهم البعض لرفض أزياء آبائهم بشكل قاطع”.
وشهدت سبعينيات القرن الماضي، عودة موضة ما سمى بـ “كسر الأدوار الجندرية” التي اختار ارتداءها المنتمون للثقافة الهبيّة المضادة في الستينيات، وراجت بين التيار الرئيسي لفئة الشباب.
استبدلت قصات الشعر القصيرة الحادة بشعر طبيعي طويل، واعتمدت الفساتين الطويلة والقفطان وغيرها من القطع الفضفاضة.
ونجح شباب السبعينيات في جعل الجينز – الذي أصاب جيلا كاملا من الآباء بالذعر في الخمسينيات بسبب ارتباطه بالمتمردين المراهقين وثقافة الروك الفرعية – مثيرا للجدل مرة أخرى، وذلك بفضل جعل أطرافه المنتفخة مزخرفة بالريش.
ولن تكتمل مناقشة الأسلوب البريطاني في السبعينيات دون ذكر حركة (The punks) التي كانت قطعهم الجمالية الجلدية المزوّدة بدبابيس – وأيديولوجيتهم العدمية – بمثابة تمرد ضد الروح الهبية التي تغلغلت في الثقافة الشعبية.
وخرجت من وراء هذا التنافس الثقافي واحدة من أكثر التغيرات الجمالية جذرية في تاريخ الموضة، ورغم أن ابتكار أسلوب البانك وتبنيه من قبل جزء صغير من شباب السبعينيات، إلا أنه أثر على أذواق الجيل الأوسع في الملابس وفي نظرتهم للعالم.
وأخيرا وبعد أن تبدد الركود الذي سيطر على السبعينيات، أفسح المجال أمام ثمانينيات مبهجة ومسرفة. فودّع الشباب الألوان الترابية التي سادت في الجيل السابق، وانجذبوا بدلاً من ذلك نحو ألوان النيون، وبنطال الجينز الكاحت وقطع الثياب العلوية التي تشبه الصندوق بفضل استخدام حشوات الأكتاف.
كما لم يعد شعر السبعينيات المريح محبوبا؛ ففي الثمانينيات نظر إلى الشعر على أنه يزداد جمالا كلما كانت القصة أو التصميم أكبر. وأصبح المال والمادية، اللذان تمت شيطنتهما في عصر الحرب والصعوبات الاقتصادية، رائجين فجأة.
تباهى الشباب، المنتبه للطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها، بمكانته من خلال تبني مظهر (preppy) الجديد، والذي قاده مصممون مثل رالف لوران وبيري إليس. وتسبب الهوس بالمظهر خلال الثمانينيات (والذي جاء كرد فعل على السبعينيات المسترخية) بهوس باللياقة البدنية مما أدى إلى ظهور أنماط شبابية لا تُنسى: كالسراويل القصيرة لركوب الدراجات، وجوارب عالية لتدفئة الأرجل وربطات الشعر.
وظهر ما عرف بـ”athleisure” ]أي الثياب المريحة والتي صممت لتناسب الرياضة والحياة اليومية [، التي أُعطيت هالة إضافية بفضل دورها في مجتمع الهيب هوب المتنامي، وخلف ذلك جيلا من المراهقين المحبين للملابس الرياضية.
وفي التسعينيات، أخمدت حركة موسيقى الغرونج، التي رافقت الجيل إكس (Gen-X) [ أي الذين ولدوا بين منتصف الستينيات وحتى بداية الثمانينات ] بريق وجشع الثمانينيات؛ وبعد أن كانت تعتبر ثقافة فرعية، اكتسب مظهرهم “المناهض للموضة” المؤلف من قمصان خفيفة وسترات عسكرية وسترات صوفية كبيرة الحجم، قبول شباب وشابات تلك الحقبة.
وفي هذه الأثناء، مارست عارضتا الأزياء كيت موس ونعومي كامبل سحرهما على جيش من المراهقات، اللاتي كن حريصات على تقليد فساتينهن البسيطة والفاتنة.
كما خففت أنماط التجميل فبدلا من ظلال العيون الزرقاء الساطعة في الثمانينيات أصبحت الإطلالات أكثر طبيعية.
ومن المؤكد أن ما يسمى بمظهر “البطلة الأنيقة”، المستوحى من سطوة عارضات الأزياء وتأثير أبطال موسيقى الغرونج، قوبل بذعر أخلاقي من قبل الجيل الأكبر، الذي زعم أن هذه نظرة تضفي طابعا رومانسيا على المخدرات.
والخلاف بين جيل الألفية وجيل زد جانب حتمي لتطور الموضة – كما يتضح من الأجيال السابقة، إذ تحرص الباحثة والمؤلفة التي تنتمي لجيل زد، كوري سيميلير، أن توضح أن الاختلاف الأكثر أهمية في الموضة بينهما لا يتعلق بأي لباس أو مظهر معين، بل يتعلق بأخلاقيات الاستهلاك.
وتقول سيميلير: “يحب الجيل زد شراء الملابس المستعملة، لقدرتهم على إضفاء طابع شخصي عليها، وكطريقة لإثبات التزامهم البيئي”.
وعلى الرغم من أنه ليس من اللطيف أن تصنف على أنك “غير مجاري للموضة”، إلا أن هناك الكثير من الآثار الجانبية الإيجابية التي قد تأتي مع تغير حرّاس الموضة.
تقول دورسي: “أعتقد أنه من الصحي أن يكون هناك انفصال بين الأجيال واتحاد حول هوية جديدة”.
تقول نجمة تيك توك @missladygleep ، التي ولدت عام 1997 (وهو العام الذي يفصل جيلا عن آخر) إنها الآن تتناوب بسعادة على فرق شعرها مرة من المنتصف ومرة من الجانب. وعندما سُئلت عن شعورها حيال حرب الموضة المستعرة، قالت دون تردد: “التغيير أفضل جزء في الحياة”.
[ad_2]
Source link