الناموس رسم متقن للشخصيات | جريدة الأنباء
[ad_1]
محمد بسام الحسيني
بعد «الديرفة» (شارك في كتابة السيناريو والحوار فيه) و«محمد علي رود»، يمكن اعتبار «الناموس» ثالث أجزاء «سلسلة» الكاتب الصاعد بقوة على الساحة الخليجية محمد أنور والفائز بـ «شعلة الأنباء» الموسم الماضي.
يربط هذه السلسلة الكثير من العناصر والتشابه، خاصة في الوجوه التمثيلية وبعض الخطوط التي تصنف في خانة التكرار رغم استقلالية كل جزء منها كمسلسل متكامل بحد ذاته.
يتخذ «الناموس» من الثمانينيات مسرحاً زمنياً رئيسياً لأحداثه بما حملت تلك السنوات من تحولات ثقافية تميزت بالزحف الثقافي الغربي، واقتصادية مع بروز وثراء طبقة جديدة.. وهي أمور نجح مخرج العمل جاسم ناصر المهنا في التعبير عنها بمشهدية مناسبة ساعدت في تمييز «الناموس» عن العملين السابقين اللذين حظيا أيضا بإخراج رفيع المستوى لمناف عبدال (أيضاً حصد «شعلة الأنباء» العام الماضي)، إضافة إلى كون المسار الرئيسي للعمل هذه المرة ذا طابع بوليسي أكثر منه تراثيا أو رومانسيا، فهو يتمحور حول مجموعة جرائم غامضة ومتصلة، وعلى هامشها سباق محموم بين ثنائية الأمن والصحافة الساعيتين إلى كشف الحقيقة، كل على طريقته.. الشرطة في السر والصحافة في العلن!
يتسم «الناموس» برسم شخصياته بعناية، وهذا عنصر قوته الأساسي الذي يستحق أن ننظر إليه من خلاله، حيث تسهل ملاحظة العناية التي يوليها الكاتب لكل شخصية من شخصياته كي تترك بصمتها الخاصة، فحتى الأدوار الصغيرة.. فاعلة ومؤثرة ولا تخلو من الغموض الذي يستدعي التمعن في تصرفاتها لفهمها ومتابعتها.
يلفتنا «سعد» (محمد المنصور) الذي رفعته أزمة المناخ الشهيرة من سائق لا يملك أجر منزله إلى رجل أعمال على رأس إمبراطورية، وابنه «فواز» (أحمد النجار) يقع في حب «شيخة» (حصة النبهان)، وهي من فئة الصم والبكم في خط جميل مضموناً وتمثيلاً.. وبعد شخصيتي «مبارك» في «الديرفة» و«غازي» في «محمد علي رود» المضطربتين نفسياً وعقلياً، يعود عبدالله بهمن بشخصية «نبيل» التي تصنف في نفس خانة الصعوبة والطبيعة، فهو شاب يعاني إعاقة ذهنية تجعله أسير تصرفات طفولية وفريسة للاستغلال من تشكيل عصابي للسرقة والإجرام، لكن مع أداء أقوى لدور أقل ما يمكن وصفه بـ«الرائع» و«المتقن» بلا أخطاء هذه المرة.. لم يكن من الممكن أن نشعر بوجود «نبيل» ونفهم شخصيته بأفضل مما قدمه بهمن في هذا العمل الذي يعد حتماً أبرز نجومه وأسباب نجاحه. التأثير ينطبق على باقي شخصيات المسلسل مثل «راشد الماثر» (جاسم النبهان) إمبراطور المال الذي نرافقه من بداياته إلى مقتله، وصهره «سالم» الانتهازي والمجرم (حسين المهدي) الذي تحسن حضوره بشكل لافت في الحلقات الأخيرة بعد بداية بطيئة حتى فرض نفسه محوراً للحلقات الأخيرة.. و«نعمة» (هيفاء عادل) القاتلة التي انتزعت الطفل «نبيل» ابن راشد بعدما ادعت وفاة المولود، متسببة في انهيار ومأساة والدته. شخصية «نعمة» على عمقها هي الأقل نجاحاً مقارنة بدوريها السابقين (الطقاقة «نورية» في «الديرفة» والذي نالت عنه «شعلة الأنباء» في ٢٠١٩ ثم الخادمة «سلطانة» في «محمد علي رود»).
ونواصل النظر إلى العمل من زاوية رسم شخصياته، ولابد من التوقف عند شخصية الصحافي «رياض»، الدور الذي أجاده الممثل عبدالله الزيد، لافتاً الانتباه إليه ومالئاً مساحته بشكل وأسلوب غير تقليديين يبلغان حد الاستفزاز، وفي مقابله دور المحقق «ناصر» (فيصل العميري) الذي أبلى بلاءً حسناً في إظهار معاناة رجل الأمن الملتزم وتأثير مهنته على حياته، والأهم المخاطر الحقيقية التي يواجهها في عالم الجريمة بكل غموضه وبشاعته.
لا يخلو العمل من خطوط ركيكة مثل قصة حب الدكتور «طلال» (خالد أمين) ابن «راشد الماثر» و«غنيمة» (بثينة الرئيسي) والتي غاب عنها بالكامل التشويق والإحساس بالحالة، لكن بالمجمل لم تشهد أحداث «الناموس» أي برود، بل على العكس تزخر كل حلقة بتسارع جيد للأحداث.
ويمتـــد الاهتــــــمام بالشخصيات إلى الشكل، كحالة «أبو شعر ثلاجة» (مشاري المجيبل) رجل العصابات الذي يعيد شعره المشاهد إلى فترة اشتهرت فيها قصة الشعر هذه تلفزيونياً. وبجانب صراع الشخصيات، تعد «حبكة الاكتشاف» من سمات أعمال محمد أنور، فهو يحرص دائماً على إبقاء سرّ واحد كبير على الأقل يصمد حتى الحلقة الأخيرة ويفاجئ المشاهدين، وهو الأمر المستمر أيضا في «الناموس».
في مسلسل من هذا النوع تكتسب التفاصيل الصغيرة أهمية رئيسية في تعزيز صدقية وواقعية الأجواء، وهنا كان اختيار مجموعة من الأغاني الغربية والعربية الشهيرة التي كانت حاضرة بقوة في تلك الحقبة: Daddy Cool وFly me to the Moon وI Will Survive، وأغاني عائلة بندلي.. إضافة إلى الملابس والسيارات والمنافسات الرياضية والأوضاع على الساحة السياسية وتوجهات المجتمع الثقافية.. كلها أمور غطاها المخرج المثقف بدقة مع موسيقى تصويرية مميزة.
«الناموس» أحد أفضل إنتاجات الموسم وعمل فني وازن يستحق المشاهدة.
اقرأ أيضاً
[ad_2]
Source link