تبعات الأزمة الاقتصادية تطال حتى “المعمول” الذي يقدمه اللبنانيون احتفالا بعيد القيامة
[ad_1]
- أيلويز ألانا
- بي بي سي – بيروت
يعد تقليد خَبز وشراء “المعمول” أحد مظاهر الاحتفال بعيد القيامة بالنسبة للمسيحيين الروم الأرثوذكس في لبنان، لكن الأمر بدا مختلفا هذا العام جراء الأوضاع الاقتصادية شديدة الصعوبة.
ويفخر اللبنانيون بمخبوزاتهم، فبخلاف عيد القيامة، هي أيضا من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر ورمضان أيضا، ويصنعها المسلمون والدروز في عيد الأضحى.
وتعيش ريتا اسطنبولي، وهي من الروم الأرثوذكس، في مدينة زحلة التي تقع على بعد نحو ساعة من المسير بالسيارة إلى الشرق من بيروت، في وادي البقاع. وعندما زرتها، كانت تصنع المعمول.
ويمكن سماع الترانيم الكنسية في الوقت الذي تصنع فيه ريتا المعمول في مطبخها. فتمسك بواحدة من كرات التمر، وتحشو بها إحدى قطع العجين، ثم تضعها في قالب خشبي، وتقول ضاحكة وهي تخرج بيدها حبة معمول بطريقة متقنة: “نفرغ توترنا فيه (المعمول)”.
وأضافت: “نشعر بالفقر. أوضاعنا تراجعت، ولم نعد نعيش كما اعتدنا من قبل. نأكل اللحم والدجاج مرة في الشهر”.
تعمل ريتا سكرتيرة في أحد المستشفيات. وبدأت قيمة راتبها تتراجع شهريا منذ الأزمة الاقتصادية، كحال كل اللبنانيين.
“لدي طفلان، وأعمل أنا وزوجي. نستأجر هذا المنزل، ولم تعد رواتبنا تكفينا”.
والفستق هو الحشوة المفضلة لريتا، لكنها لا تقدر على شرائه لعمل المعمول هذا العام، فقد أصبح باهظ الثمن جدا. كما أنها تصنع كميات أقل من المعتاد، وتستخدم الزبدة ذات السعر المدعوم بدلا من السمن البلدي.
وتقول: “تبلغ تكلفة السمن وحده ثلث راتبي”.
وارتفعت أسعار الطعام بشكل كبير جدا، كحال كل شيء في لبنان. وبدا هذا الارتفاع يتحول إلى قضية سياسية.
وبجانب ارتفاع الأسعار، فقدت أموال ومدخرات الناس جزءا كبيرا من قيمتها (جراء انخفاض قيمة العملة). وانهارت البنوك بحيث لم يعد الناس قادرين على الوصول إلى مدخراتهم.
ويلجأ المزيد من اللبنانيين إلى بنوك الطعام. حتى أن جمعية سوا للتنمية والإغاثة، التي عملت بالأساس على مساعدة اللاجئين السوريين واللبنانيين الفقراء، باتت مطالبة بمساعدة المزيد من الأسر في وادي البقاع.
ويزداد الوضع سوءا، وتُهدر كميات من المساعدات بسبب السياسات الداخلية والخلافات التي تكتنفها.
على سبيل المثال لا الحصر، قدم العراق مساعدات من القمح للبنان في نهاية عام 2020، لكن تم تخزينه بشكل سيء في ملعب لكرة القدم بدلا من توزيعه على الناس. كما أن تبرعات الشاي التي قدمتها سريلانكا لضحايا انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020 وُزعت على أسر الحرس الجمهوري.
وفي طرابلس، ثاني أكبر المدن اللبنانية، قُتل أحد المتطوعين لتوزيع الطعام بعد نشوب مشاجرة. وفي المتاجر، يتصارع الناس على خطف البضائع التي تحظى بدعم ويقذفون الطعام على بعضهم البعض.
وتقول ريتا: “رأيت عددا من المشاجرات. لا يوجد ما يكفي للجميع”.
وثمة مخاوف من نفاد المواد ذات الأسعار المدعومة في وقت قريب. وإذا حدث ذلك، ستعم الفوضى.
ومع تزايد مشاكل البلاد، تتخذ الأحزاب السياسية إجراءاتها.
فمثلا، فتح حزب الله سلسلة متاجر خاصة به باسم السجاد. ويصدر الحزب بطاقة للأسر المحتاجة لشراء بضائع رخيصة ومدعومة، مصنوعة في إيران والعراق وسوريا، التي لدى الحزب حضور قوي فيها.
وتقول ريتا: “هذه المتاجر فقط لحزب الله ومؤيديه. لا يمكنني الاستفادة منها. وعلى الحكومة أن تفعل الشيء نفسه حتى نجد ما نأكل”.
وفي بيروت، يعمل جوزيف طوق، الإعلامي وسفير جمعية لبنان للغد غير الحكومية، على صناعة تسعة آلاف قطعة معمول بمساعدة فريقه خلال الأيام الثلاثة الماضية. وتوفر الجمعية الطعام والدواء للمحتاجين في أنحاء البلاد، وتوزيع المعمول مؤخرا.
ويقول جوزيف: “المعمول لن ينقذ لبنان. لكنه قد يضع البسمة على شفاه البعض ليوم. وغدا ربما يحين توزيع صناديق رز أو حبوب باراسيتامول”.
وفي ظل الإغلاق الذي تعيشه البلاد لمدة أربعة أيام جراء أزمة وباء كورونا، يحتفل المسيحيون الأرثوذكس ويفطر المسلمون بالأطعمة التي يقدرون على دفع ثمنها .
وتضع ريتا المعمول على جنب ليبرد. وتملأ رائحته الطيبة المطبخ. تقول ريتا إن هذه هي رائحة العيد بالنسبة لها.
وعلى الرغم من أنها لم تصنعه بحشوتها المفضلة من الفستق، إلا أنها تعلم أنها محظوظة لمجرد قدرتها على صنع هذه الكمية الصغيرة. فالكثير من الأسر لا تقدر على صنع أي شيء منه هذا العام.
[ad_2]
Source link