جو بايدن: ماذا حقق خلال أول مئة يوم له في البيت الأبيض؟
[ad_1]
- أنتوني زورتشر
- مراسل بي بي سي لشؤون أمريكا الشمالية
كانت الأيام المئة الأولى من حكم الرئيس الأمريكي جو بايدن أشبه بكوب نصفه ممتلئ والنصف الآخر فارغ.
لكن بمعايير الكثيرين فإن أداء الرئيس الديمقراطي جيد للغاية. فقد استطاع أن يمرر عبر الكونغرس حزمة إغاثة اقتصادية من تداعيات فيروس كورونا ويحرز تقدماً في إقرار مشروع قانون ضخم آخر يتعلق بالإنفاق على “البنية التحتية” بمئات مليارات الدولارات.
وتظهر استطلاعات الرأي أن بايدن يحظى بتأييد غالبية الأمريكيين، متجاوزاً ما حظي به سلفه دونالد ترامب في هذه المرحلة من رئاسته.
تمكن بايدن من ملء المناصب العليا في إدارته بأقل المشاكل، كما أنه قام بتعيين عدد من المسؤولين في مجال القضاء أيضاً.
بالنسبة للعديد من الأمريكيين، فإن نهجه البطيء ولكن الثابت في الحكم يمثل استراحة جيدة من الدراما المتواصلة لرئاسة ترامب.
بالنسبة للجزء الفارغ من الكأس، فإن نسبة تأييد الأمريكيين لبايدن، منخفضة نسبياً مقارنة بالرؤساء السابقين. وإذا كانت هذه المدة أشبه بـ “شهر عسل” سياسي، فقد كان عبارة عن رحلة صغيرة داخل البلاد بدلاً من رحلة فخمة باذخة.
وعلى الرغم من الحديث عن الشراكة بين الحزبين والوحدة الوطنية وإنهاء “هذه الحرب غير الحضارية” إلا أن القوانين التي عرضها على الكونغرس لم تحظ برضا الجمهوريين مطلقاً.
أما سياسات الهجرة التي أقرها، فيتم تنفيذها بتردد ولا زالت تتلقى ضربات من اليمين واليسار. والطريق أمام الأولويات الليبرالية مثل الرعاية الصحية والتعليم والرقابة على الأسلحة فلا يزال موضع شك.
فيروس كورونا
وإذا كانت ثمة مسألة يمكن من خلالها الحكم على أداء جو بايدن في أول مئة يوم من حكمه، فهي بلا شك تعامله مع جائحة فيروس كورونا.
كانت أعداد الوفيات جراء الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة عندما استلم بايدن الحكم، تتجاوز ثلاثة آلاف حالة وفاة يومياً في كثير من الأحيان.
وتراجع متوسط عدد الوفيات اليومية خلال أخر سبعة أيام إلى 707 حالة وفاة، وهذا العدد آخذ في التناقص. وهذا دليل على فعالية عمل الإدارة في تطعيم السكان إلى حد كبير .
وكان بايدن قد وعد قبل وصوله إلى البيت الأبيض بـ 100 مليون جرعة في أول مئة يوم له، وهو أقل مما تحقق على أرض الواقع.
فقد وصل عدد الجرعات التي تم إعطاؤها للمواطنين حتى الآن إلى 200 مليون جرعة، حيث تلقى ما يقرب من 52 في المئة من السكان البالغين في الولايات المتحدة جرعة واحدة على الأقل.
عندما تولى بايدن منصبه، كان توزيع اللقاح يتم من قبل كل ولاية على حدا إلى حد بعيد ومثلها مثل الاختبارات وتوزيع معدات الوقائية خلال إدارة ترامب كانت النتائج متباينة.
اتخذ الديمقراطيون نهجاً أكثر حيوية في هذه العملية وبفضل المزيد من الأموال التي تم ضخها بموجب القوانين الخاصة بكوفيد التي تم إقرارها في شهري ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط الماضيين، حققت الولايات المتحدة نتائج ممتازة في مجال التطعيم على مستوى العالم.
وتواجه إدارة بايدن الآن تحديات تتمثل في تخفيف إجراءات الإغلاق وإقناع الأمريكيين المترددين في أخذ اللقاح. لكن بايدن، اجتاز الاختبار الأكثر أهمية في أول مئة يوم له .
إذا كان التعامل مع الجوانب الصحية لوباء فيروس كورونا هو التحدي الرئيسي الأول لرئاسة بايدن، فإن معالجة عواقبه الاقتصادية تأتي في المرتية الثانية.
أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، مع ارتفاع معدلات التطعيم وتراجع وفيات كوفيد-19، أن معظم الأمريكيين يعتبرون الاقتصاد أهم قضية لديهم.
عندما تولى بايدن الرئاسة، كانت البلاد في بداية الخروج من انكماش اقتصادي نجم عن الإغلاق العام في البلاد عام 2020.
ومنذ ذلك الحين، خصصت الإدارة بمساعدة الديمقراطيين في الكونغرس مبالغ ضخمة من الأموال الحكومية لضمان استمرار النمو الاقتصادي.
وتضمنت حزمة المساعدات البالغة 1.9 تريليون دولار التي تم تمريرها في شباط /فبراير، دفعات مباشرة للعديد من الأمريكيين وإعانات بطالة للعاطلين عن العمل وتمويل الشركات وحكومات الولايات ودعم إعانات الأطفال لتخفيض معدل الفقر بين الشباب في الولايات المتحدة إلى النصف.
ويتوقع الاقتصاديون أن تصل نسبة النمو في الولايات المتحدة في عام 2021 إلى 6 في المئة وهي نسبة لم نشهدها منذ الثمانينيات من القرن الماضي. حتى أن هناك بعض المخاوف من احتمال نمو الاقتصاد بسرعة كبيرة، مما يزيد من شبح التضخم.
إن التفاوت المتزايد في الدخل والذي تفاقم بسبب الوباء سيكون له أيضاً عواقب طويلة الأجل قد تهدد موقع بايدن على الصعيد السياسي.
لكن في الوقت الحالي، نسبة البطالة آخذة في الانخفاض، وبدأت الشركات تفتح أبوابها من جديد، كما أن سوق الأسهم آخذ في الارتفاع وهذه كلها أخبار سارة للرئيس.
الهجرة
إذا كانت مواجهة العواقب الصحية والاقتصادية لوباء فيروس كورونا هما التحديان الأكثر وضوحاً اللذين واجههما بايدن في أيامه المئة الأولى، فإن مسألة الهجرة هي الأزمة التي فاجأت الرئيس ولم تكن إدارته مهيأة لها كما يجب.
بسبب الأزمة التي خلفها وباء كوفيد على مدى العام الماضي، نشأ تصور بين المهاجرين من أمريكا الوسطى بأن إدارة بايدن ستكون أكثر ترحيباً بهم وأنها ستتبع سياسة جديدة في قبول معظم القاصرين غير المصحوبين بالبالغين عند وصولهم إلى الحدود المكسيكية الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير المسجلين الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة من المكسيك إلى مستويات قياسية.
وأصبحت مرافق المعابر الحدودية الأمريكية التي تقول إدارة بايدن إنها أهملت خلال سنوات ترامب، مكتظة بالمهاجرين.
في غضون ذلك، واجه بايدن غضباً متزايداً بسبب عدم رغبته في رفع الحد الأقصى لعدد اللاجئين التي تستقبلهم الولايات المتحدة بهدف التوطين من 15000 إلى 125000 سنوياً بعد أن صرح في البداية إن السقف المحدد في عهد ترامب سيظل سارياً حتى نهاية العام، لكن سرعان ما غير البيت الأبيض موقفه وقال إنه سيتم الإعلان عن رقم جديد في مايو/ أيار.
وقد لا يكون ذلك كافياً لإرضاء الناشطين في مجال الهجرة الذين، على الرغم من إبداء سعادتهم بإلغاء بايدن للكثير من قواعد الدخول والحجز الصارمة التي كانت سارية خلال عهد ترامب، إلا أنهم يريدون إلغاء جميع السياسات التي أقرها ترامب.
وإذا لم تتراجع موجة المهاجرين وباتت تؤثر على حياة المجتمعات التي تسكن المناطق الحدودية وتصدرت أخبارهم عناوين نشرات الأخبار، سيؤدي ذلك إلى صداع سياسي متنام لإدارة بايدن.
البيئة
خلال حملته الرئاسية، شهدت مواقف بايدن تحولاً ملحوظاً، فقد تحول من مدافع متواضع عن البيئة إلى مؤيد قوي لمواجهة مخاطر تغير المناخ.
قد يكون ذلك لأغراض سياسية جزئياً، حيث سعى بايدن إلى الحصول على أصوات الناخبين الشباب الذين لم يكونوا متحمسين لترشحه في البداية، ولكن، كرئيس، واصل بايدن العمل من أجل إصلاح جوهري في السياسة البيئية.
فقد انضم بسرعة إلى اتفاقية باريس، وألغى بناء خط أنابيب النفط Keystone XL ، وأعاد العمل بالقوانين التي تم وقف العمل بها خلال رئاسة ترامب.
في الأسبوع الماضي، تعهد بخفض انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة بنسبة 50 في المئة عن معدل الانبعاث في الولايات المتحدة عام 2005 بحلول عام 2030.
وربما كان خطابه خلال “قمة المناخ” الدولية التي دعا إليها منمقاً وكبيراً لكن من حيث المضمون كان متواضعاً. إلا أن ذلك الحدث مثل أول جهد له لوضع الولايات المتحدة في موقع الصدارة على مستوى العالم في مجال السياسة البيئية.
ولكن، ربما تكون أهم مساعي بايدن البيئية متوارية ضمن حزمة تمويل البنية التحتية التي تبلغ قيمتها تريليوني دولار والتي باتت على رأس أولويات الإدارة وتعمل بشكل حثيث لتمريرها في الكونغرس.
يتضمن مشروع القانون الذي عرضه بايدن أمام مجلس الشيوخ تخصيص مئات المليارات من الدولارات لتوليد الطاقة النظيفة وتحسين شبكة الطاقة ودعم المركبات الكهربائية وتنظيف مواقع الوقود الأحفوري وأبحاث المناخ.
كما هو الحال مع حزمة الإغاثة الخاصة بكوفيد يقترح بايدن تخصيص مبالغ طائلة لتمويل المشاريع التي تحظى بالشعبية بحيث يتمكن من خلالها من الدفع بسياسات جديدة في العديد من المجالات قد يصعب تنفيذها في حال عرضها فرادى.
يرى دعاة “الصفقة الخضراء الجديدة” أن إنفاق بايدن على القضايا المتعلقة بالمناخ غير كافٍ، لكن مساعيه تعتبر أحد أكثر الجهود طموحاً من قبل أي رئيس حتى الآن.
السياسة الخارجية
بدأ بايدن رئاسته متعهداً بالابتعاد عن سياسة ترامب الخارجية المبنية على مبدأ “أمريكا أولاً” ، والتي كثيراً ما تجاهلت التحالفات الدولية لصالح نهج العمل المنفرد.
وقد يكون أبرز تعهد له على الصعيد الدولي خلال أيامه المئة الأولى استكمال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان الذي بدأ خلال رئاسة ترامب.
وعلى الرغم من أنه تجاوز موعد الأول من مايو/ أيار الذي تم الاتفاق عليه سابقاً إلا أن المرحلة النهائية قد بدأت.
كما كان بطيئاً أيضاً في العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران للعودة إلى الإتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه بلاده خلال عهد ترامب.
مرة أخرى، لم تشكل سياسته تراجعاً جذرياً عن سنوات ترامب كما كان يظن البعض.
اتخذ بايدن موقفاً أكثر تشدداً تجاه روسيا من سلفه، حيث فرض عقوبات مصرفية جديدة قد يكون لها عواقب كبيرة إذا تم التشدد فيها.
دخل وفد من وزارة الخارجية الأمريكية في مشادة كلامية مع وفد صيني حول انتهاكات حقوق الإنسان. بشكل عام، يبدو أن إدارة بايدن تعد نفسها للعمل مع الحلفاء استعداداً لما يعتبره الرئيس منافسة عالمية تلوح في الأفق بين الديمقراطيات والحكومات الاستبدادية حول العالم.
لكن في الأيام المئة الأولى لبايدن، كان معظم ما جرى في هذا الشأن عبارة عن تصريحات بينما كانت الإدارة تقوم بـ “مراجعات” و”تقييمات” قبل الكشف عن السياسات الجديدة.
التجارة
في العقود التي سبقت فوز ترامب بالرئاسة، كانت الحكمة السائدة بين قادة كلا الحزبين في الولايات المتحدة أن التجارة الحرة هي لصالح الولايات المتحدة وكانت الاتفاقات الدولية المتعددة الأطراف وسيلة فعالة لفتح الأسواق وتعزيز التجارة.
جورج بوش الأب دافع عن اتفاقية “نافتا”، وساعد بيل كلينتون في ولادة منظمة التجارة العالمية، ووسع جورج دبليو بوش التجارة الحرة لتشمل أمريكا الوسطى والجنوبية، وتفاوض باراك أوباما بشأن الشراكة عبر المحيط الهادئ.
مزق ترامب بعض هذه الاتفاقيات وأعاد صياغة أخرى، واختار استخدام الرسوم الجمركية والتهديد بفرض عقوبات تجارية كأداة لتعزيز المصالح الاقتصادية الأمريكية.
قد يكون من المثير للاستغراب أن نرى بايدن، السياسي المخضرم والمدافع عن النظام الدولي القديم، لم يفعل إلا القليل في أيامه المئة الأولى لإلغاء سياسات ترامب في هذا المجال.
فالرسوم الجمركية على الواردات الصينية لا تزال قائمة، وأعاد بايدن فرض رسوم جمركية على الألومنيوم الإماراتي التي رفعها ترامب في آخر يوم له في منصبه.
في حين خففت إدارة بايدن بعض الرسوم الجمركية على سلع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، مثل الويسكي الاسكتلندي، لكنها حذرت أيضاً من أنها قد تنفذ تهديد إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية على البضائع البريطانية في حال فرض المملكة المتحدة ضريبة على شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة.
ربما لم ينته عصر التجارة الحرة، لكن ترامب جعل سلاح الرسوم الجمركية أداة أكثر شيوعاً وهو سلاح يبدو أن بايدن متردد في التخلي عنه.
[ad_2]
Source link