هل يعول العراقيون على التحقيق الرسمي بعد كارثة مستشفى أبن الخطيب؟
[ad_1]
أصدرت محكمة عراقية الخميس ٢٩ نيسان/أبريل مذكرات اعتقال بحق عدد من موظفي مستشفى ابن الخطيب ببغداد، على خلفية الحريق الذي شب فيه الأسبوع الماضي والذي خلف ٨٢ قتيلاً على الأقل وأكثر من ١١٠ مصاباً.
وجاء في بيان لمجلس القضاء الأعلى أن “أوامر القبض شملت مسؤول قسم الصيانة ومسؤول الدفاع المدني ومسؤول صيانة قناني الأوكسجين والمعاون الإداري وموظفين آخرين”.
وأفادت النائبة ندى شاكر جودت في تصريح صحفي أن مجلس النواب “يترقب نتيجة التحقيق الحكومي الذي أوعز بإجرائه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وكلف به وزير الداخلية عثمان الغانمي، والمتوقع الإعلان عنه الجمعة ٣٠ نيسان/أبريل.
وأكدت النائبة أن المجلس لن يرضى بنتيجة تخالف الواقع وتجامل بعض القوى السياسية.
هل يعول العراقيون على التحقيق الرسمي؟ وهل اهتزت ثقتهم بالقطاع الصحي العراقي على إثر الفاجعة الأخيرة؟
تقصّى مهدي الموسوي آراء هذه المجموعة من المواطنين.
لانا الشيخلي، محامية
تقول لانا الشيخلي، محامية من بغداد، بعد الدعاء بالرحمة والمغفرة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى، إن الحادث كان مؤلماً جداً، مثله مثل الحوادث التي شهدتها السنوات السابقة والتي بقيت محفورة في الذاكرة، يعيشها العراقيون مجدداً كل عام.
ففي ٢٠١٦ شب حريق في مستشفى اليرموك التعليمي ببغداد، أودى بحياة ٢٢ طفلاً حديث الولادة، لكن الملف “أغلق ولم يحاسب أحد ولم تقم الحكومة بأي شيء لتلافي الخطأ” حسب قولها.
إلا أن العراقيين هذه المرة لم يكتفوا بالاسترجاع والترحّم لدى تلقّيهم الخبر المفجع ورؤيتهم الصور الصادمة، وإنما ساد غضب شعبي من شمال البلاد إلى جنوبها، ونظمت عدة وقفات احتجاجية للمطالبة بمحاسبة المقصّرين. في هذا السياق، أكدت لانا أن واجب الحكومة قبل كل شيء هو الكشف عن الأسباب الحقيقية لما حصل في مستشفى ابن الخطيب، ومواضع التقصير ومحاسبة المقصرين بشكل سريع وعلني وخالٍ من أي تحيز لجهة أو حزب معين.
وترى لانا أن السبب الأهم وراء هذه الحوادث هو الإهمال، فبعض الموظفين فيها “لا يعملون وفق ضمائرهم” وهي بالأساس مبان شيّدت قبل حوالي أربعين أو خمسين عاماً، بينما تنفق سنوياً مبالغ “خيالية” بحجة التعمير الذي لا يتعدى الطلاء وتغيير الكراسي والمكاتب.
وتضيف الشيخلي أن الثقة بالمؤسسات الصحية “شبه معدومة” إذ لا يوجد أي التزام بالتعليمات الخاصة بفيروس كورونا، لا في المستشفى ولا في الشارع، كما أن معظم الناس تسافر لطلب العلاج. وتقدّر لانا حاجة المؤسسات الصحية في العراق “لعشر سنوات على الأقل” لتصل للمستوى المطلوب، فالمستشفيات كلها “مهترئة وبناؤها قديم” ولا غرابة من أن يحمل المستقبل حوادث أفظع مما جرى في مستشفى ابن الخطيب.
يوسف الهاشمي، صحافي ومدون مستقل
أما يوسف الهاشمي، الصحافي والمدون المستقل، فهو متأكد من أن التحقيق “لن يخرج بنتائج حقيقية أو حتى واقعية” ويتوقع خلوص التحقيق إلى أن سبب الحريق هو “تماس كهربائي أو أن أحدهم أشعل عود بخور”، إذ وصلت الحكومات السابقة إلى ذات النتائج “لكن الحدث والوقت هما المتغيران”.
ويردف الهاشمي بالقول إنه لا يدري بم يشعر سوى الأسف على “انضمام هذه الفاجعة إلى سلسلة الأحزان ومسببات الإحباط من قدرة الحكومة على فعل شيء” فلا هي تداركت نقص الأكسجين الحاد في مدينة الناصرية ولا أصلحت العطب الذي أصاب المنظومة وأدى لمقتل العشرات نتيجة “الإهمال المتراكم”، فكان حريق ابن الخطيب في بغداد آخر حلقات هذه السلسلة المشؤومة.
والشارع العراقي، حسب رأيه، قد يئس من الحكومة، فهو “يعلم جيداً أن الفساد نخر العراق ولا يمكن للفاسدين إصلاح النظام”.
ويؤكد الهاشمي عدم ثقته بالمباني الحكومية لا سيما المراكز الصحية والمستشفيات، فهي “غالباً متهالكة والكثير منها آيلة للسقوط” كما ينصح الناس بتجنبها وعدم الذهاب إليها “إلا عند الضرورة”.
ويختم يوسف قائلاً إن الفرصة سنحت للحكومة الحالية “لإثبات قدرتها على إصلاح الوضع وتغييره” خاصة إبان “ذروة انتهاكات حقوق الإنسان في العراق والتي بدأت بالضرب والتضييق وانتهت بالتغييب والقتل. ويتساءل عما فعلته الحكومة حيال هذه الفرصة: “لا شيء سوى تصريحات فارغة، ووعوداً بتحقيق من قبل لجنة التحقيقات الخاصة، ثم لا شيء بعد ذلك”
شيماء سعيد: مستشفيات الحكومة في حالة يرثى لها
لم تطأ قدما شيماء سعيد مستشفى حكومياً قط، وتدعو من الله أن يبعدها عنها، بل تقول إنها حتى لو دخلت فلن تجلس على كرسي فيها.
وتضيف شيماء من بغداد أنها تابعت تقريراً إخبارياً عن مستشفى الكِندي “وتعجّبت من أن يكون هناك وزير صحة بالعراق لا أعرف ما هي وظيفته”، فالمستشفى حسب وصفها “عبارة عن خرابة وفيها مرضى يدخلونها بأرجلهم ويغادرونها في توابيت، والسبب هو العلاج الخطأ”.
أما مستشفى ابن الخطيب فكان “في حالة يرثى لها” من افتقاد للخدمات الطبية والعلاج لدرجة دفعت بالمواطنين إلى التبرع بقناني الأوكسجين، ناهيك عن كونها “تفتقد إلى مسؤول أمني حازم” كان بوسعه أن يمنع المواطنين المرافقين للمرضى من الطهي داخل المستشفى بل وفي ردهة الإنعاش الرئوي، وهو السبب الرئيسي للكارثة، حسب رأيها.
وتنتظر شيماء نتائج التحقيق “الذي يشرف عليه رئيس الوزراء كما صرّح” لكنها ترجع ما حدث إلى “الإهمال وغياب الوعي”، آملة عدم تكرار مثل هذه الحوادث في باقي دوائر الدولة، “وخاصة في المستشفيات، لأن المريض الذي يعاني صعوبة بتنفس الهواء لا يتوقع أن تحل عليه مثل هذه الكارثة”.
لكنها في نفس الوقت تأسف على “انعدام الصحة منذ ٢٠٠٣ إلى يومنا هذا” وتقول إن الأطباء أصبحوا “تجاراً وفقدوا إنسانيتهم” بسبب غياب الرقابة.
تقى فاضل: فشل في القطاع الصحي
ليست لدى تقى فاضل أي ثقة لزيارة المستشفيات أو المستوصفات حتى قبل حريق مستشفى ابن الخطيب “لأن الواقع الخدمي بشع للغاية في جميع المستشفيات بدون استثناء” حسب وصفها، ولأن المستشفى الأحدث بناء في العراق أنشئ سنة ١٩٨٨ فالعراقيون “يعتمدون بشكل كبير على المستشفيات الخاصة التي تعود ملكيتها للأحزاب الإسلامية الفاسدة”.
وتقول تقى إن غالبية العراقيين يعرفون أن المستقبل مجهول وخوفهم من المجهول يزداد كل يوم، مضيفة أن هذا “الشعور السلبي” احتد عقب حريق مستشفى ابن الخطيب. مضيفة أنه “يوجد في قلب كل عراقي غضب وحقد وحزن من الطبقة الحاكمة، شعور عميق بالغضب من الطبقة السياسية برمّتها”.
وترى أن الحكومة “لو أرادت إثبات جديتها في محاسبة المقصرين فعليها التحقيق والتحرّي في كل من تولّى وزارة الصحة منذ ٢٠٠٣ والكشف عن سرقاتهم”، كما يجب عليها “إبقاء الوزارات الحكومية والخدمية بعيدة عن سطوة الأحزاب الإسلامية، وإنشاء منظومة صحية متكاملة تضم مستشفيات ونظام تأمين صحي يشمل العراقيين جميعاً، وهذا ليس صعباً على حكومة لديها هذا القدر الهائل من المال”.
إن الكوارث والفواجع ليست غريبة على العراقيين حتى قبل حريق مستشفى ابن الخطيب، حسب قولها، لكن الحكومات المتعاقبة “فشلت بتحسين أي شيء، لا في قطاع الصحة ولا من ناحية الأمن، بل إن الشعب فقد الأمل بها وبات التحسّن المنشود أمراً ميؤوساً منه”.
[ad_2]
Source link