الحرب في أفغانستان: كيف يمكن للغرب أن يحارب الإرهاب بعد رحيل القوات الغربية؟
[ad_1]
- فرانك غاردنر
- مراسل الشؤون الأمنية، بي بي سي
تغادر القوات المقاتلة الأمريكية والبريطانية والتابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو” أفغانستان خلال الصيف المقبل، وتزداد قوة حركة طالبان يوما بعد يوم، بينما تشن تنظيمات القاعدة والدولة الإسلامية هجمات أكثر جرأة من أي وقت مضى، فكيف يمكن احتواء هؤلاء الآن مع غياب التواجد العسكري الغربي في البلاد؟
ويعتقد مسؤولو المخابرات الغربية أن تلك التنظيمات مازالت تتطلع إلى التخطيط لهجمات إرهابية دولية من مخابئها في أفغانستان، تماما كما فعل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001.
ولقد باتت تلك المشكلة تشغل الساسة في بريطانيا مع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب الذي قرره الرئيس الأمريكي جو بايدن في 11 سبتمبر/أيلول المقبل، وكما قال الجنرال السير نيك كارتر رئيس أركان الدفاع البريطاني مؤخرا: “لم تكن هذه النتيجة التي كنا نأملها”، هناك الآن خطر جسيم يتمثل في أن المكاسب التي تحققت في مكافحة الإرهاب على مدى السنوات العشرين الماضية، بتكلفة باهظة، يمكن أن تتراجع لأن مستقبل أفغانستان يأخذ منعطفا غير معروفة عواقبه.
ويقول جون راين، خبير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (آي آي إس إس): “إن المشكلة تتمثل في إمكانية تحول الوضع بسرعة بشكل لا يمكن للحكومة الأفغانية، حتى بدعم من الولايات المتحدة عن بعد، أن تواكبه”.
ومع ذلك، كانت هذه دائما هي الخطة بالنسبة للرئيس جو بايدن، فعندما زار البلاد بوصفه نائبا للرئيس حينها في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في عامي 2009 و 2011 ، خلص إلى أن بناء الدولة هناك كان مضيعة للوقت وبدلا من ذلك يجب على الولايات المتحدة الأمريكية التركيز على نهج المواجهة لمكافحة الإرهاب باستخدام الضربات الجوية وغارات القوات الخاصة، ولم توافق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على ذلك حيث وصف وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس بايدن في مذكراته بأنه “كان على خطأ في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبا على مدى العقود الأربعة الماضية”.
إذن، كيف ستبدو عملية المكافحة الغربية للإرهاب في أفغانستان على المستوى العملي بعد سبتمبر/أيلول المقبل؟
هجمات الدرون (الطائرات بدون طيار)
هذه يمكن أن تزيد، فقد أيدت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بشدة استخدام الطائرات الدرون، أو بحسب اسمها الكامل الطائرات الموجهة عن بعد ( آر بي إيه إس) أو الطائرات بدون طيار (يو إيه في إس)، وكان جو بايدن يشغل منصب نائب الرئيس في تلك الإدارة.
وكان لضربات الطائرات بدون طيار المتتالية، في المناطق القبلية النائية في باكستان على الحدود مع أفغانستان، وفي المناطق البرية في اليمن حيث كان كان يختبئ قادة كبار من القاعدة، “تأثير مخيف” على عمليات تلك الجماعة، وفقا لضباط المخابرات، حيث أجبرت تلك الضربات قادة تنظيم القاعدة على البقاء في حالة تنقل مستمر فلم يمكثوا أكثر من ليلة أو ليلتين في مكان واحد مما حد من قدرتهم على التواصل، ولم يعرفوا أبدا ما إذا كانت مغادرة أحد الزوار سيتبعها صاروخ هيلفاير أطلقه عدو غير مرئي.
لكن ضربات الطائرات بدون طيار مثيرة للجدل حيث أنها يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر، ليس للمُشغّل بالطبع الذي عادة ما يكون جالسا في حاوية شحن مكيفة الهواء على بعد آلاف الأميال في قاعدة جوية في نيفادا أو لينكولنشاير، ولكن بالنسبة للمدنيين في المنطقة.
وعلى الرغم من التفاصيل الرائعة التي تظهر على لوحات المفاتيح الخاصة بالمشغلين، إلا أن هناك دائما خطر حدوث “أضرار جانبية” مع وصول المدنيين في اللحظة الأخيرة إلى الموقع المستهدف كما حدث في العراق وسوريا. ولقد اضطر الأمريكيون، أكثر من مرة، لإجهاض ضربة استهدفت جلاد تنظيم الدولة الإسلامية محمد أموازي ، الملقب بـ “الجهادي جون”، والذي كانوا يضعونه نصب أعينهم عندما تم رصد مدنيين على مسافة قريبة منه. وفي اليمن، لا تحظى ضربات الطائرات بدون طيار بشعبية كبيرة لدى نشطاء حقوق الإنسان الذين يزعمون أنه كثيرا ما تم الخلط بين التجمعات القبلية المسالمة والمتمردين المسلحين، ومع ذلك، على الجانب الآخر من البحر الأحمر في جيبوتي، أخبرني وزير الخارجية هناك أنه يرحب باستخدام الطائرات بدون طيار ضد مقاتلي حركة الشباب الصومالية في الصومال المجاورة لبلاده، وأنه مستعد لقول ذلك أمام الكاميرا.
شبكات المخابرات
على مدار العشرين عاما الماضية، أقامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) والمخابرات البريطانية (إم آي 6) ووكالات استخبارات أخرى علاقة عمل وثيقة مع المخابرات الأفغانية (إن دي إس) مما ساعدها على تحديد التهديدات وتجنبها، بينما تحاول أيضا كبح جماح بعض الأفراد الأكثر وحشية. وقال مسؤول أمني غربي هذا الأسبوع: ” مازلنا قادرين على تقديم مساعدة ذات مغزى للمخابرات الأفغانية، الأمر فقط هو أن نموذجنا التشغيلي يجب أن يتكيف مع التطورات الجديدة”.
وإذ تعد مشاركة طالبان في النهاية في تشكيل الحكومة الأفغانية المستقبلية لتكون جزءا منها افتراضا عادلا، فهل سيكون الغرب مستعدا في يوم من الأيام لمشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الحركة بعد كل هذه السنوات من قتالها؟ وقد أجاب المسؤول الأمني الغربي عن هذا السؤال قائلا: “سيكون من الصعب للغاية تخيل ذلك”.
والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كانت حركة طالبان قد قصدت بالفعل ما قالته عندما أبلغت مفاوضي السلام في العاصمة القطرية الدوحة أنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة، ذلك أن تلك العلاقات تمثل روابط في بعض الحالات تاريخية وزوجية وقبلية وسبقت هجمات 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001 بعدة سنوات، وتتمتع حركة طالبان بما يكفي من الذكاء لتعلم أنه إذا كانت ستصبح جزءا من حكومة أفغانية مستقبلية تتمتع باعتراف دولي فلا يمكن اعتبارها في نفس المعسكر الذي تعيش فيه الجماعات الإرهابية المحظورة، ومع ذلك، يعتقد غافين ماكنيكول، مدير المركز البريطاني “إيدن إنتليجنس” للدراسات، أنه سيكون من السذاجة الوثوق بهم.
ويقول ماكنيكول: “إنه يبدو أن الإدارة الأمريكية تعيش في عالم أحلام مستحيلة، تعتقد فيه أن طالبان قطعت علاقاتها مع القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية ولن تسمح لتلك التنظيمات بالعودة، فحركة طالبان لم ولن تفعل ذلك، ولا يجب تصديقهم أبدا بهذا الشأن”.
غارات القوات الخاصة
ألحقت الغارات الليلية التي نفذتها فرق صغيرة من “إس بي إس” أو القوات الخاصة الأمريكية، التي تعمل بناء على معلومات استخبارية تم جمعها مباشرة على الأرض، خسائر فادحة بقادة المتمردين وشبكاتهم، وغالبا ما تصل تلك القوات على متن طائرات الهليكوبتر في جوف الليل ثم يتحرك أفرادها سيرا على الأقدام، وقد عملت فرق “القبض أو القتل” هذه في شراكة وثيقة مع القوات الخاصة الأفغانية مما منع وقوع العديد من الهجمات.
لكن سيتعين إطلاق هذه الغارات بعد سبتمبر / أيلول المقبل، إذا استمرت أصلا، أو على الأقل التخطيط لها من خارج البلاد، وسيكون خطر التأخير الزمني والتسريب المسبق لتحذير الطرف الآخر أكبر حتما، وستكون مهمة العثور على مواقع جديدة لإطلاق تلك الغارات منها ليست شيئا يمكن تسويته بين عشية وضحاها.
العثور على قواعد جديدة
يتم في الوقت الراهن إغلاق القاعدة السرية الموجودة في شرق أفغانستان، والتي تستخدمها القوات الخاصة الأمريكية كنقطة انطلاق لعمليات ضد “أهداف عالية القيمة”، وستكون هذه أخبار جيدة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية اللذين لن يشعرا الآن بالخوف من الوصول غير المتوقع للعديد من الأمريكيين المدججين بالسلاح في منتصف الليل، إذن، أين يمكن الآن توفير بديل مناسب في المنطقة لشن مثل تلك المداهمات؟
وتعد باكستان هي المرشح الأكثر وضوحا من الناحية الجغرافية، لكن هناك شك عميق في الغرب بأن المخابرات الباكستانية السرية (آي إس آي) لديها عناصر لهم صلات بجماعات إسلامية متشددة، وعندما أطلقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) عملية نبتون سبير لقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن أو القبض عليه في مايو/آيار من عام 2011 اختارت الولايات المتحدة الأمريكية عدم إبلاغ باكستان، عندما حلق فريق من قوة العمليات الخاصة في مشاة البحرية الأمريكية في طائرة هليكوبتر شبحية في المجال الجوي الباكستاني، فقد كان الجانب الأمريكي يخشى من أن يسرب أحد تلك العناصر بالاستخبارات الباكستانية المعلومات لأسامة بن لادن فيهرب قبل وقوع الهجوم.
وبدلا من ذلك، تعد سلطنة عمان هي البديل المحتمل، وبوجود حكومتها المستقرة والموالية للغرب، تستضيف السلطنة بالفعل قواعد رئيسية تستخدمها بريطانيا في ثمريت ومؤخرا في الدقم على ساحل المحيط الهندي. وتقع الدقم على بعد أكثر من ألف ميل عن الحدود الأفغانية وأي طائرة تحمل جنودا ما زالت بحاجة إلى التحليق فوق باكستان، كما تعد مملكة البحرين بديلا محتملا آخر حيث تمتلك المملكة المتحدة بالفعل قاعدة بحرية صغيرة، إتش إم إس جفير، ولدى الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية قاعدة كبيرة جدا في البحرين.
كما أن هناك دائما أيضا آسيا الوسطى التي تحد أفغانستان من الناحية الشمالية، وفي السنوات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر/أيلول مباشرة استخدم الجيش الأمريكي قاعدة سوفيتية قديمة في جنوب شرق جمهورية أوزبكستان تسمى كارشي خان أباد أو “كي 2″، لكنه انسحب منها في عام 2005 بعد أن ساءت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوزبكستان، وستكون العودة، حتى بدعوة من أوزبكستان، مثيرة للجدل حيث ورد أن تلك القاعدة ملوثة بشدة بالمواد الكيميائية والمواد المشعة.
ويبدو أن الحقيقة الصعبة تتمثل في أن عملية “احتواء” كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في المناطق البرية من أفغانستان على وشك أن تصبح أكثر صعوبة، ولا يوجد بديل سهل للحصول على مكان لوجود القوات العسكرية على الأرض، والقدرة على استدعاء تلك القوات في وقت قصير جدا، وسيتوقف الكثير الآن على رغبة الحكومة الأفغانية الحالية ومدى فعاليتها في مواجهة تلك الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.
ويرسم جون راين، خبير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (آي آي إس إس) والذي عمل سابقا في منصب رفيع في الحكومة البريطانية، صورة متشائمة عن الاتجاه الذي تسير إليه الأمور قائلا: “إنه نظرا ليس لكم التطرف في أفغانستان، فحسب بل والفائدة الاستراتيجية التي سيراها اللاعبون الخارجيون في امتلاك قدرات إرهابية في ذلك البلد، فإنه يمكن أن تكون هناك عودة إلى ظروف تشبه مشكلة الاحتباس الحراري للجيل القادم فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية ومكافحة الإرهاب”.
[ad_2]
Source link