أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

الإرادة و الرغبة … مقال بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: الإرادة و الرغبة … مقال بقلم الدكتورة هلا السعيد

سأبدأ موضوعي بكلمة د. مصطفى محمود قال حقيقة الإنسان أنه إرادة ورغبة.. فمثلاً إذا ذهبت تقنع إنساناً بالحجة والمنطق ولبثت في مناقشته عدة ساعات.. ولم يقتنع.. فاعلم أن السبب ليس أنه لم يفهم. ولكن أنه لايريد أن يفهم .. ذلك أن الإرادة لها علو على جميع الحجج وعلى المنطق وعلى العقل.. وهي في الواقع تقوم بتسخير العقل لأغراضها.

يختلف مفهوم الرغبة عن مفهوم الحاجة، عن مفهوم الاراده
فالرغبة تكون نفسية وروحية في حين الحاجة بيولوجية.
أما الإرادة فهي مسألة عقلية حيث أن العقل يقود الجسد أو الجسم نحو تحقيق رغباته، اذا فما العلاقة التي تربط الرغبة بالإرادة ؟

يرى “اسبينوزا” أن النفس تبذل جهدا من أجل استمرار وجودها، فإذا تعلق الجهد بالنفس وحدها سمي إرادة، وإذا تعلق بالنفس والجسم سمي شهوة. أما الرغبة فليست سوى شهوة إلا أنها واعية، بمعنى أن الرغبة هي الشهوة المصحوبة بوعي ذاتها. إن الرغبة هي مانسعى إليه ونريده ونشتهيه. وبالتالي فهي تتداخل مع الإرادة والشهوة والوعي. إن الناس يعون حقا أفعالهم ورغباتهم، إلا أنهم يجهلون العلل التي تجعلهم يرغبون في شيء من الأشياء.

في حياتنا اليومية عادة نوظف هذين المفهومين الاراده والرغبه في سياقات مختلفة ومتعددة، كأن يقول مثلا الشخص أريد ان انجح في المدرسه ويقول أرغب في فتح شركه تجارة، فيظهر من هذا المثال بداية ان الفعل الارادي فعل ممكنا وهو النجاح بينما الرغبة هي مجرد رجاء وتمني بفتح مشركه تجارة ، لذلك على مستوى الفكر الفلسفي كان هناك جدل وصراع بين الفلاسفة ورجال الاخلاق وعلماء النفس، حيث هناك من أقام تعارضا بين الارادة والرغبة، وهناك من جمع بينهما وقام بتداخلهما وتآزرهما لكي يكون من ضرورة الرغبة للارادة فالرغبة و الإرادة رغم اختلافهما، فيمكن القول أنه ذلك الشعور الذي يشعر به الإنسان داخليا بأنه يريد فعل شيء معين.
مفهوم الاراده:
هي مصدر الفعل أرادَ، وهي العزيمة أو المشيئة، وهي القدرة في التصميم للقيام بالأعمال والتصرفات، وفي الفلسفة يقصد بالإرادة أنها قوة يقصد المرء فيها أمراً دون آخر
والإرادة هي اتجاه المرء إلى القيام بفعل ما أو امتناعه عن فعل ما
وإن المفهوم الشائع للإرادة والذي يتداوله الناس بشكلٍ عام: هو أنها الجهد الذي يجب بذله من أجل تحقيق أو إنجاز عمل ما، وهي الطاقة التي تدفع نحو الإنجاز، وتعتبر الإرادة قوة من أعظم قوى الإنسان فهو من دونها لا يمكنه أن يقبل على عمل ما أو يُحجم عنه، وهي الطاقة التي تجعل الفعل يخرج من حيّز المخيلة أو التصوّر إلى التحقيق الفعلي، وحيث إنّ الإقدام على الفعل يتطلب تخيله أولاً، ومن ثم العزم على تحقيقه، ومن ثم بذل الجهد للقيام به وإنجازه فإن مكونات الإرادة هي التخيّل، يليه العزم والجهد، ثم الإقدام.
والإرادة موجودة عند جميع الأفراد، ولكنها توجد بدرجات، فقد تكون قوية، وقد تكون ضعيفة، وقد توجد عند البعض بدرجات متوسطة أيضاً، فعادةً ما يمارس الإنسان إرادته في حالاتٍ كثيرة ومختلفة ودون قصد منه، فمن الممكن أن يرفض وليمة كبيرة خشية السمنة، ولكنه يضعف أمام قطعة صغيرة من الشوكولاتة ويأكلها دون تفكير، والإرادة هي ما يوجه الإنسان نحو الخير أو الشر، ويجدر الذكر أن الإرادة تخضع للعوامل الذاتية الداخلية للفرد نفسه، وبيده إضعافها كما بيده تقويتها.

مفهوم الرغبة :
هي حالة ذهنية ترتبط عادة بعدد من التأثيرات المختلفة؛ حيث إنّ الشخص الذي لديه رغبة يفكر بطرق معينة، ويميل إلى التصرف بطرق معينة، ويشعر بطرق معينة، فإذا رغب الشخص في شيء معين فإنه سيُحاول الحصول عليه، ولكن إن لم يحصل عليه في نفس الوقت فإنه سيشعر برغبة أكبر في الحصول عليه، وسيفكر فيه كثيرا، وسيجد افتقاده له أمر محزن
و كوندياك يقول: ان الرغبة جوهر الارادة”
فالرغبة أصبحت هي أوائل الارادات.،لا مجرد تابعة بل متبوعة، فكأنها بمثابة البنزين للمحرك.
ومن المهم معرفه :
-لا ارادة دون وجود رغبة تشحن الفعل وتقويه،مثلا التلميذ فاقد الرغبة في الدراسة هو فاقد الارادة في التعلم
-الارادة تقوى وتضعف بقوة وضعف الرغبات
-ما الارادة الا تغليب لأحد الرغبات،اي هي مجرد اصطفاء وانتقاءلإحداها وإسقاط لأخرى
اذن يفهم من كل هذا ان الارادة والرغبة توجد علاقة بينها ذات أوجه متعددة.

اذا من الصعب معرفة أين يبدأ الفعل الارادي و أين تنتهي الرغبة، أيهما القائد والمنقاد،لكن ان كانت الرغبة ضرورية في حياتنا فضرورتها لا تعني انها هي الموجه الوحيد والكافي لسلوكنا،لان ليس كل رغبة هي رغبة واعية،ولا كل رغبة هي قابلة لان تجسد في الواقع،فليس كل ما يتمناه الفرد يدركه.
وان مسالة علاقة الارادة بالرغبات ليست بالامر البسيط، حيث يمكن تغليب هذا على ذاك او إزاحة احدهما على حساب الاخر،بل الارادة كسلوك عاقل هو في حاجة الى رغبة تكون فاضلة تدعمه وتشحنه مثلا توفر ارادة قوية لدى المدخن لكف عادة التدخين(ادراكا منه لمضاره الصحية والمالية) هي مدعومة في آن واحد بالرغبة توفير المال وتوفير الصحة
ان تفسير العلاقة بينها لتفسير معقد لا يمكن فصله عن طبيعة شخصية الفرد وابعادها او جوانبها المتعددة(كتأثيرالمجتمع،و التربية ونفسية الفرد، وبنيته الفزيولوجية)
هذا التداخل والتعقيد يبق للفيلسوف الالماني(شوبنهاور) الاشارة اليه في فكرة(قوة الارادة)
لذلك نرى ان الارادة حينا تعارض الرغبات وحينا آخر يدعم احدها الاخر، والعقول والواقعي هو احداث توازن بينهما.

نستنتج مما سبق ان الارادة رغم اختلافها عن الرغبة من ناحية التصور والمفهوم،الا انهمالا ينفصلان إنفصالا كليااو بينهما تعارضا كليا،بل قد يتكاملان ،كما يؤثر بعضهما في بعض سلبا وإيجابا،وكل هذا مرتبط بشخصية الفرد.

طرق التدريب على قوة الإرادة :
إن الإنسان هو من يجني نتائج اختياراته جميعها في حياته، لذلك لا يصح أن يقول الإنسان عن أمرٍ ما أنه ليس بيده أو أنه خارج عن إرادته، حيث إنّه هو من يقوّي إرادته، وهو من يضعفها، ولا يوجد أي عامل وراثي يسهم في وجود الإرادة القوية أو الضعيفة، ويمكن للمرء أن يدرب نفسه ليصبح قوي الإرادة من خلال اتباع الآتي:
-سؤال المرء نفسه ما الذي يجعله يتصرف بقوة إرادة إزاء الأمور المختلفة، وما الذي يفقده قوة إرادته في المواقف المختلفة، وما هي الأمور التي تسهم في إضعاف إرادته.
-إحصاء الفرد لجميع تصرفاته والسلوكيات التي يقوم بها عادةً، ومن ثم يصنفها حسب إرادته، فيظهر له أي المواقف كانت إرادته قوية وأيها كانت إرادته ضعيفة.
-تحديد المرء للظروف التي كانت إرادته فيها قوية، ومحاولة التمسك بها.
-تحديد المرء للظروف المحيطة التي صدرت فيها تصرفات عنه تبين أن إرادته ضعيفة، ومحاولة تجنب هذه الظروف ما أمكن.
-تحديد المرء صورة يحبها لنفسه، ولشخصيته لتدخل في مخيلته، وعقله الباطن ليبدأ بالعمل من أجل الوصول إليها.
-القيام بالمهام والأعمال، وتنمية المهارات التي تحقق للمرء ما يتمنى أن يكون عليه سواء كانت هذه المهام على الصعيد الشخصي أم الاجتماعي أم المهني، ومن خلال القيام المرء بهذه الأعمال التي تنمي شخصيته تدخل صورة شخصيته التي يريدها لنفسه في عقله الواعي، ليتفق بعد ذلك العقل الباطن مع العقل الواعي على صورة الشخصية والذات التي يتمناها المرء لنفسه، والتي قام بالعديد من الأعمال للحصول عليها، وبالتالي سوف تُمحى أي صورة ذهنية سابقة في مخيلته عن شخصيته السابقة وإرادته الضعيفة، حيث إن الإرادة قوة تكمن في العقل.

استراتيجيات تقوية الإرادة :
فيما يلي بعض الإسترتيجيات التي تساعد على تقوية الإرادة وضبط النفس:
-التركيز على تحقيق هدفٍ واحد في وقتٍ واحد:
فقد وجد علماء النفس أن تحديد هدفٍ واحد، والعمل على تحقيقه في وقتٍ واحد أكثر فاعليةً في تقوية الإرادة من وضع مجموعة من الأهداف، والعمل على تحقيقها معاً في ذات الوقت، حيث إنّ تحقيق الهدف الأول من شأنه أن يقوّي إرادة المرء، وبالتالي يكون حافزاً للعمل على تحقيق الأهداف التي تليه.
-تجنّب المغريات:
حيث إنّ تجنب المغريات يعد أمراً فعلاً في ضبط النفس وتقوية الإرادة، فيجب على المرء أن يتجنب المغريات خارج المنزل وداخله، أو إن كانت المغريات التي تضعف إرادته كثيرةً في المنزل فعليه أن يبقيها بعيدة عن أنظاره على الأقل، فمثلاً إذا أراد المرء إنجاز عملٍ ما داخل المنزل فعليه أن يبقي هاتفه المحمول بعيداً عن أنظاره أو أن يغلقه.
-التخطيط وعدم الاعتماد على الإرادة فقط:
فعندما يضع المرء خطة للتصرف في موقفٍ يتعرض به للمغريات يقلل من اعتماده على إرادته، وبالتالي تجنب إضعافها، فمثلاً عندما يذهب المرء إلى حفل يقدم فيه الحلويات، عليه أن يخطط في ذهنه أنه إن عُرض عليه الحلويات فإنه سوف يرفض لانها خطر علي حياته، وبالتالي فإنه عندما يتعرض لهذا الموقف ينفذ ما قد خطط له سابقاً دون أن يضطر إلى الاعتماد على إرادته ويتجنب بذلك أي درجة من درجات ضعفها.
-مراقبة السلوكيات إلى حين الوصول إلى الهدف النهائي:
على المرء أن يراقب سلوكه إلى أن يصل إلى هدفه النهائي، بحيث يضع خطةً لتحقيق أهدافه ويراقب إنجازه اليومي ليرى ما إن أحرز تقدماً أم لا، حيث أشارت الأبحاث إلى أن متابعة المرء لسلوكياته، ومراقبة نفسه وخطواته يجعله أكثر وعياً كما أن ذلك يساعده على تغيير السلوكيات التي من شأنها إضعاف إرادته.
مكافأة النفس:
على المرء أن يكافئ نفسه عندما يحقق أهدافه على أكمل وجه، وعليه أن يحرص أن لا تتعارض المكافأة مع ما يريد أن يصل إليه، وأن لا تكون من المغريات التي من شأنها أن تضعف إرادته.
-الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم: حيث إن قلة النوم من شأنها أن تضعف قدرة المرء على مقاومة المغريّات التي تعترض سبيل تقوية إرادته، وبالتالي عليه أن يأخذ قسطاً كافياً من النوم عندما يشعر بحاجته لذلك لتعزيز قدرته على ضبط نفسه.
-طلب الدعم والمساندة:
لا ضرر من أن يطلب المرء المساندة من الأشخاص ممن حوله لتقوية عزيمته وإرداته إلى حين الوصول إلى أهدافه، وعليه أن يحيط نفسه بالأشخاص الذين يدعموه ويساندوه، وليس هؤلاء الذين يضعفون إرادته، ويقللون من قدرته على ضبط نفسه.

كيف تمتلك ارادة قوية :
قوة الإرادة ، والمعروفة أيضًا باسم الانضباط الذاتي أو ضبط النفس أو الاصرار ، وهي قدرتك على التحكم في سلوكك وعواطفك واهتمامك.
وتشمل قوة الإرادة
-القدرة على مقاومة الدوافع وتأجيل الإرضاء الفوري للوصول إلى الأهداف
-والقدرة على تجاوز الأفكار غير المرغوب فيها ،المشاعر، أو الدوافع ، -والقدرة على التنظيم الذاتي.

اخيرا اكرر كلمه د. مصطفى محمود
حقيقة الإنسان أنه إرادة ورغبة.. فمثلاً إذا ذهبت تقنع إنساناً بالحجة والمنطق ولبثت في مناقشته عدة ساعات.. ولم يقتنع.. فاعلم أن السبب ليس أنه لم يفهم. ولكن أنه لايريد أن يفهم .. ذلك أن الإرادة لها علو على جميع الحجج وعلى المنطق وعلى العقل.. وهي في الواقع تقوم بتسخير العقل لأغراضها.

 

الدكتورة هلا السعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى