فيوسا عثماني: ما التغيير المتوقع بعد انتخاب كوسوفو ثاني رئيسة للبلاد؟
[ad_1]
- ألمى حسون
- بي بي سي عربي -لندن
انتخب البرلمان الكوسوفي أستاذة القانون، فيوسا عثماني، رئيسة للبلاد، وهذه ليست المرة الأولى التي تُنتخب فيها امرأة رئيسة لكوسوفو – بل الثانية.
اهتم الإعلام بهذا الخبر القادم من جمهورية صغيرة في جنوبي شرق أوروبا، ذات غالبية مسلمة، وغالبا ما ترتبط ذهنيا بذكرى صراع أرهق منطقة البلقان في التسعينات.
تقتربالرئيسة الجديدة للجمهورية من عامها التاسع والثلاثين؛ بدأت نشاطها السياسي منذ فترة المراهقة، ودرست الحقوق في العاصمة بريشتنا، ثم تابعت دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأمريكية، وتتقن أربع لغات أجنبية.
عمرها، ومتابعتها للدراسة العليا في القانون في الولايات المتحدة تفاصيل تصدرت عناوين الأخبار الدولية.
ومن اللافت أن تنتخب كوسوفو مرة ثانية رئيسة للبلاد، فالمجتمع هناك، وفقا لما قالته لي الصحفية الكوسوفية دافينا هليلي، لا يزال تحت سيطرة العقلية الأبوية.
لكن دافينا أخبرتني أيضا أن انتخاب رئيسة لا يعني بالضرورة أننا سنشهد تطورا مجتمعيا أو سياسات جديدة تحسّن أحوال المرأة في كوسوفو؛ فهي ترى أن التمثيل السياسي للمرأة في مناصب سياسية عليا شيء، ووضع حد للتمييز الذي تتعرض له فئات النساء في المجتمع شيء آخر.
تقول دافينا لبي بي سي عربي نيوز: “طبعا بالنسبة لتمثيل المرأة في السياسة فهذا إنجاز لافت ويمكن له أن يبعث الأمل لدى الشابات اللاتي يردن دخول عالم السياسة. لكن هذا لا يعني أن المجتمع سيشهد تطورا بسبب هذا الانتخاب. يجب أن نرى ما إذا كانت عثماني ستتبع نهجا نسويا قويا أم لا. للأسف أشك في ذلك لأنني تابعت خطابها المحافظ”.
“سياسية بلا أخطاء“
تنتمي الصحفية، دافينا هليلي، لجيل الرئيسة الجديدة – فهي تصغرها بثلاث سنوات فقط. وعندما ولدت كل منهما في الثمانينات لم تكن كوسوفو جمهورية مستقلة.
وعلى عكس الرئيسة فيوسا عثماني، التي تحتفظ ذاكرتها بما مرت به وعائلتها أثناء الحرب، غادرت دافينا وهي بعمر الخامسة مدينة برشتينا قبل اندلاع الحرب مع صربيا، وذهبت مع عائلتها في مطلع التسعينات إلى بيت جدها في مونتينيغرو (الجبل الأسود) المجاورة وبقوا فيها نحو 10 سنوات.
شن حلف الناتو غارات جوية على مواقع القوات الصربية، وفي يونيو/حزيران 1999 وُضعت كوسوفو تحت إدارة الأمم المتحدة.
وعام 2008 أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا – وحتى الآن لا تعترف كثير من الدول بهذا الاستقلال مثل روسيا والصين والهند وعدة دول في الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا (بسبب مخاوف انفصالية).
لذلك تعتبر أبرز إنجازات عثماني مشاركتها مع فريق قانوني عام 2010 أمام محكمة العدل الدولية لإثبات أن إعلان استقلال كوسوفو لم ينتهك القانون الدولي – وكان ذلك منعطفا مهما في تاريخ كوسوفو.
وتقول الصحفية دافينا إن شعبية عثماني لدى الناس تزايدت أيضا بسبب محاربتها الفساد ومعارضتها حتى للمنتمين لحزبها ذاته، حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية (LDK)، إن لزم الأمر.
“بعد الحرب، انضمت عثماني لأقدم أحزاب كوسوفو وهو حزب الرابطة الديمقراطية (LDK) التقليدي المحافظ. أحترمها لأنها اضطرت للتعامل مع كثير من المواقف المنحازة ضدها فقط لكونها امرأة. أحترمها لموقفها الصارم من زملائها الرجال في الحزب ذاته؛ فلأكثر من مرة عبرت عن استقلاليتها في اتخاذ القرارات بناء على مبادئها السياسية الفردية وعارضت حزبها عندما اعتقدت أن أعضاءه يشاركون في ارتكاب أخطاء سياسية تتعلق بالدولة – لذلك أحبّها الناس”.
وتضيف: “كما بنت عثماني صورتها على أنها محاربة للفساد، وسياسية بلا أخطاء سابقة. وهذا إنجاز فردي فريد؛ فثقافة المحسوبية والفساد كانت سائدة لأكثر من عقدين”.
لذا كان فوزها مطلع شهر أبريل/نيسان متوقعا، وحظيت بـ71 صوتا من أصوات البرلمانيين الـ120، فخلفت بذلك الرئيس السابق، هاشم ثاتشي، الذي استقال خريف عام 2020 بعد أن وجهت له تهم ارتكاب جرائم حرب.
“السياسيةّ الجيدة هي زوجة وأم”
تؤكد الصحفية، دافينا هليلي، أنها لا تقلل من إنجاز عثماني كسياسية نجحت في الوصول إلى هذا المنصب الرفيع “لأنه من الصعب جدا أن تكوني امرأة عاملة في السياسة في كوسوفو وأن تتمكني من إسماع صوتك”، لكن مشكلتها تتعلق بالرسائل التي توجهها عثماني للمجتمع؛ فهي ترى خطاب الرئيسة خطابا “نخبويا وتقليديا”.
وتذكر مثالا من حفل التنصيب الذي قالت عثماني خلاله إنها أصبحت الآن قدوة لكل الفتيات اللاتي يحلمن بأن يصبحن رئيسات.
“لكن أي فتيات قادرات أن يحلمن مثل هذا الحلم؟ إنها تخاطب فقط القادرات – مثلها – على دخول مدارس جيدة، وعلى السفر للخارج للدراسة بالإنجليزية ومتابعة الدراسات عليا – وهذا متاح فقط لفئة صغيرة جدا”، تعلّق دافينا.
أما مثالها الثاني فهو عن خطاب لعثماني عندما كانت رئيسة للبرلمان وذهبت في زيارة إلى قسم الولادة في إحدى المستشفيات العامة وقالت وقتها “إن الحياة تولد هنا”.
تقول دافينا هليلي: “أحترم خيارها بالزواج وتكوين عائلة (هي أم لابنتين). لكنها كثيرا ما تؤكد على أهمية الأمومة – فتوصل رسالة تفهم بأن السياسية الجيدة هي الزوجة والأم. أرى في هذا الخطاب استبعادا لفئات كثيرة من النساء اللاتي لا يندرجن ضمن هذه الصورة النموذجية للمرأة ولصورة العائلة التقليدية”.
أسأل دافينا، التي درست الماجستير في مجال الإعلام في لندن، إن كانت نسبة كبيرة من شباب وشابات كوسوفو يشاركنها آراءها هذه.
“لا”، تقول دافينا.
لكنها تضيف: “قد تكون هذه أفكار تقدّمية، لكن كيف يمكنك إحداث تغيير إن لم تكن أفكارك تقدمية جدا؟ كوسوفو تحتاح سياسيين بأفكار تقدمية. الخطاب المبني على الجدارة لا يؤدي إلى المساواة. لا ليس بمقدور كل فتاة أن تحلم أن تكون رئيسة. هناك نساء الأقليات ونساء الطبقة العاملة والفقيرات والمثليات ونساء الأرياف كلهن لا يمكن أن يحلمن أن يصبحن رئيسات، لأن ما يفكرن به كل يوم هو محاربة مختلف أشكال القمع. يجب أن تساعدهن الرئيسة على تجاوز هذه الصعوبات”.
ولذلك ترى أنه في كوسوفو “علينا الاهتمام بتمكين نساء كوسوفو بدلا من أن يصبح هاجسنا بناء صور سياسيات قويات”.
لكن فيسنا ستانسك، محللة شؤون البلقان في بي بي سي (قسم المتابعة الإعلامية)، ترى الأمر من منظور مختلف.
تركز فيسنا على أهمية توقيت انتخاب عثماني الذي يأتي في منعطف مهم من تاريخ البلد حيث تجري محادثات بين كوسوفو وصربيا لتطبيع العلاقات بعد توقيع اتفاق تطبيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين في سبتمبر/أيلول 2020 بحضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتقول “تمكنت عثماني بالفعل من تحقيق إنجاز حقيقي، كونها سياسية ذكية وصريحة ووقفت بوجه الفساد، وقدمت صورة لامرأة مهنيّة ناجحة في عملها وفي بناء أسرتها”.
“ولكن بسبب تاريخ بلدها المضطرب، تدرك عثماني أنه يتوجب عليها أن تكون سياسية صارمة أولا، ومناصرة لقضايا حقوق المرأة بالدرجة الثانية من أجل تحقيق النجاح السياسي في هذه المرحلة من تاريخ كوسوفو”.
“قوة رمزية”
لا يزال من المبكر الحديث عما ستقدمّه عثماني فهي في منصبها منذ نحو 12 يوما فقط.
مع العلم أن منصب رئيس الجمهورية في كوسوفو منصب رمزي؛ فالقوة التنفيذية الحقيقية هي بيد رئيس الوزراء.
لكن يبدو أنه حتى بقوة رمزية كهذه يمكن لفت نظر المجتمع لعدد من القضايا التي تتعلق بالمرأة، مثلما فعلت الرئيسة السابقة، عاطفة يحيى آغا.
فعاطفة يحيى آغا، التي درست الحقوق وعملت في سلك الشرطة وانتخبت رئيسة عام 2011، عرفت بدعمها لقضية كان يتجنب المجتمع الحديث عنها طوال 15 عاما، هي قضية اغتصاب 20 ألف امرأة خلال سنوات الحرب.
وفي عهدها أقيم عمل فني على أرض ملعب العاصمة؛ حيث وضعت 5000 تنورة وفستان على حبال غسيل على امتداد ملعب العاصمة للتذكير بالناجيات.
تقول دافينا: “في التسعينات أُسكتت النساء بحجة التركيز على النضال الوطني من أجل التحرر، فغيّبت جهود ومطالب النساء في تلك الفترة بحجة أن الوقت غير مناسب. لكن لا يزال الحديث قائما منذ عشرين عاما وحتى اليوم عن العلاقة مع صربيا، وملف المفقودين، ونقاش العضوية مع الاتحاد الأوروبي. متى سيكون الوقت مناسبا إذا للحديث عن قضايا المرأة؟”.
“لذلك نعلق الآمال على المرأة السياسية للدفع بحقوق المرأة والتعامل معها كقضية سياسية”، تضيف دافينا.
[ad_2]
Source link