أفغانستان تواجه لحظة تاريخية حاسمة مع استعداد الأمريكيين للانسحاب منها
[ad_1]
- ليز دوسيت
- كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي
“علينا أن نطوي صفحة الحرب التي استمرت على مدار عشرين عاما”، هكذا أعلن المسؤول الأمريكي يوم الثلاثاء عزم بلاده سحب قواتها من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر/أيلول المقبل.
وبعد مرور عشرين عاما، ما الذي ترويه “صفحات الكتب” عن الأوضاع في البلد الذي سيغادره عشرة آلاف من أفراد قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) بقيادة أمريكية؟
واختلف البلد كليا عن الدولة الممزقة والمنبوذة التي سيطرت عليها طالبان، وأزاحها الغزو الأمريكي في عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
لكن قرار الانسحاب أصبح نهائيا، ما قد يسرع الخطوات تجاه إقرار السلام، أو الغرق في فوضي تزيد من تشتت المجتمع الأكثر انفتاحا الذي بدأت جذوره تقوى رويدا خلال العقدين الماضيين.
ويحذر تميم عاصي، الرئيس التنفيذي لمعهد دراسات الحرب والسلام في العاصمة الأفغانية كابول، من أن “النتيجة الأفضل التي يمكن توقعها هي أن يكون الجدول الزمني للانسحاب محفزاً وعامل ضغط على الأحزاب الأفغانية للتوصل إلى تسوية سياسية بحلول سبتمبر/أيلول، وإلا سنواجه حربا أهلية دموية على غرار سوريا”.
وقد تتوقع قلة أن تتم قراءة هذا الفصل الأخير في المهمة العسكرية الأمريكية بوصفه انتصاراً لحركة طالبان فرض عودتها إلى السلطة، سواء في ساحة المعركة، أو من خلال محادثات السلام التي تملك فيها أغلب الأوراق. وتتراجع “المكاسب” الممكنة كل يوم مع استمرار موجات الاغتيالات للعناصر المتعلمة والنشطة والطموحة في المجتمع الناشئ.
ويخشى الكثير من الأفغان اليوم الوقوع في عثرة الحرب الأهلية، في صراع ظل يوصف بأنه من بين الأعنف في العالم.
أما أكثر ما يخشاه أحد الناشطين الحقوقيين الأفغان فهو “ارتباط الجداول الزمنية بانسحابهم (اي الأمريكيين)، وليس بالأوضاع (في البلاد). طالبان ستنتظر خروجهم ولن تتطرق (في المفاوضات) للقضايا الهامة”.
ويشاركه آخرون هذا الرأي.
ويقول أورزالا نعمة، رئيس وحدة البحث والتقييم الأفغانية: “كنت آمل أن يشترط الرئيس بايدن مع جدول انسحاب القوات توقف كل الأطراف عن تنفيذ عمليات القتل على الأرض تماما”.
لكن مسؤولا كبيرا في إدارة بايدن قال للصحفيين إن الانسحاب أمر حتمي، “ويرى الرئيس أن التوجه القائم على ربط الانسحاب بالأوضاع، والذي كان قائما طوال العقدين الماضيين، يعني أن تبقى القوات الأمريكية في أفغانستان إلى الأبد”.
وأضاف أن هناك تعهدا كذلك “باستخدام كل الوسائل الممكنة للتأكد من أن يكون مستقبل أفغانستان أقرب ما يكون للصورة التي يريدها الناس”.
لكن الورقة الأمريكية الأقوى كانت القوة العسكرية. ورحيل كل القوات الأجنبية التي تساند القوات الحكومية الآن كان هو الهدف الأوحد لطالبان، التي يتوسع مقاتلوها مرة أخرى في كل المقاطعات تباعا، في عدد متزايد من الأقاليم.
ولم تكن هناك أية خيارات جيدة أمام الرئيس بايدن بسبب إرث العام الماضي من اتفاق الولايات المتحدة وطالبان، الذي تعهدت فيه واشنطن بالانسحاب بحلول الأول من مايو/أيار مقابل ضمانات أمنية من طالبان، وتعهدات مبهمة بخفض مستويات العنف والانخراط في محادثات السلام.
كما أن أمن الولايات المتحدة، الذي كان السبب الرئيسي لاندلاع الحرب، أصبح عنصرا متراجعا. ومن المتوقع أن تحذو قوات الناتو الأخرى حذو أمريكا.
وعند سؤال المسؤول الأمريكي عن استمرار الخطر الذي تشكله تنظيمات مثل القاعدة والدولة الإسلامية التي لها وجود في أفغانستان، قال: “نحن لسنا في عام 2001، إننا في عام 2021”.
وأضاف: “ونرى أن الخطر على الداخل الأمريكي من أفغانستان أصبح في مستوى يمكن مواجهته بدون وجود عسكري مستمر في البلاد، وبدون استمرار الحرب مع طالبان”.
وتقول لوريل ميلر، مديرة برنامج آسيا في مجموعة الأزمات العالمية والمسؤولة السابقة في الخارجية الأمريكية إن “القرار كان دائما ما يعود إلى تقييم سياسي أوسع عن المصالح الأمريكية. ومن هذا المنطلق، فإن القرار (بالانسحاب) يبدو منطقيا”.
لكن الندم سرعان ما يتسلل.
وتقول ميلر: “إنها مأساة: أن الولايات المتحدة لم تكن جادة في محاولتها أن تربط معا (جميع الأطراف) في عملية سلام في أفغانستان في وقت أبكر من ذلك بكثير ، وقبل أن ينفرط العقد.”وكانت ميلر من بين القائمين على الجهود المبدئية التي تحرت إمكانية الوصول لحلول بالتفاوض.
والآن أصبح العنصر الأقوى هو مدى جدية القادة الأفغان، من كل أطراف الصراع.
ويقول نعمة إن “أصوات الشعب الأفغاني واضحة جدا وموحدة، تنادي بالسلام والعدالة والحفاظ على القيم الوطنية والديمقراطية. لكن النخبة السياسية ما زالت تحاول الاستحواذ على أكبر قدر من السلطة في صراعات وتجاذبات تشبه ما كان في عام 1992”.
ودروس التاريخ في ما يتعلق بأفغانستان قاتمة. فالكثير من أمراء الحرب ووسطائها الذين حملوا السلاح ضد بعضهم في قتال دموي بعد الانسحاب السوفيتي عام 1988، أصبح لهم مكان الآن في عملية المفاوضات التي بدأت تتشكل.
ويرى البعض أن أمراء الحرب هؤلاء لديهم القوة الأكبر للتوصل إلى اتفاق مع طالبان. لكن ثمة قلق كذلك من أنهم لا يستطيعون الحديث، أو لا يرغبون، باسم أفغانستان في عام 2021، بما في ذلك ضحايا جرائم الحرب والناشطات النسويات وأمور المجتمع المدني بشكل عام.
وثمة خليط من خطط السلام التي يطرحها الفرقاء السياسيون، من بينها برنامج عمل واسع مقدم من مكتب الرئيس أشرف غاني. كما أن على المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية أن يبدأ أولا بالتوفيق بين المنظورات المختلفة في كابول.
أما بالنسبة لطالبان، فهي ما زالت غاضبة من تراجع الولايات المتحدة عن تعهدها بالانسحاب في الأول من مايو/أيار.
وقال المتحدث باسم طالبان، الدكتور محمد نعيم، في تغريدة عقب إعلان الانسحاب الأمريكي إن “الإمارة الإسلامية لن تشارك في أي مؤتمر لصنع قرارات بشأن أفغانستان طالما لم تنسحب القوات الأجنبية من البلاد تماما”.
والمؤتمر الذي تشير إليه التغريدة هو “مؤتمر شامل ورفيع المستوى” تستضيفه تركيا وقطر والأمم المتحدة في اسطنبول في 24 أبريل/نيسان الجاري. وهو جزء أساسي في خطة إدارة بايدن بشأن أفغانستان. وأدخلت الأمم المتحدة إلى قلب الساحة مع تصاعد الجهود لإطلاق محادثات سلام، والتوصل لاتفاق بين القوى الإقليمية ووكلائها في البلاد.
وفي المحادثات التي اُقيمت في قطر، حيث يلتقي مفاوضون من طالبان والحكومة الأفغانية بشكل متقطع منذ سبتمبر/أيلول الماضي، سُمع بعض مندوبي طالبان يقولون “الكرة الآن في ملعبنا” بعد سماع أنباء تأخر الانسحاب الأمريكي. ويصر مندوبو طالبان على أنهم في مهمة سلام.
لكن قيادة طالبان لم تلمح بأي إشارة للسلام، وفقا لكايت كلارك، المديرة المشاركة لشبكة محللي أفغانستان. وتقول إن كل إشارات طالبان مفادها أنهم يسعون “إلى شق طريق للسلطة من خلال الحرب”.
ويزدهر “موسم القتال” التقليدي في أفغانستان وسط تقارير تتحدث عن أن طالبان تخبئ حملة لهجوم عنيف. كما أن القوات الحكومية الأفغانية بدورها متأهبة للقتال.
وتتساءل كلارك: “من يحمي مكاسب العقدين الماضيين إذا وقعت حرب أهلية ملتهبة، أو إذا توسعت طالبان على الأرض؟ مع وجود الصراع، تتبخر الحريات. وفي المناطق التي تسيطر عليها طالبان تمارس فيها حكما تسلطيا كما كانت من قبل. وعدد قليل من الفتيات يذهبن إلى المدارس ما بعد التعليم الابتدائي في هذه المناطق”.
والولايات المتحدة تعي تماما مدى تفاقهم هذه المسألة، وتحاول جاهدة أن تؤكد أن الأمر “سينجح بمساعدة الدول الأخرى في استخدام الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والإنسانية لحماية مكاسب المرأة الأفغانية”.
ويقول عاصي إن بايدن يريد “الخروج من الحرب الأفغانية، وليس أفغانستان،” في محاولة لحفظ ماء الوجه في هذا المنعطف المحوري.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لطي صفحة أطول حروبها، ينصب تركيز الأفغان على الفصل القادم من حربهم الأطول التي لا تنتهي.
[ad_2]
Source link