أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

الشخصية الصابرة … مقال بقلم الدكتور عبدالله الغامدي

إيسايكو: الشخصية الصابرة … مقال بقلم الدكتور عبدالله الغامدي

الشخصية الصابرة هي تلك الشخصية التي تصبر على الشدائد، وتتحمل المصائب، وتحبس نفسها وجسمها عن المنغصات والمكدرات.
فهي تصبر على فعل الطاعات، وأداء الواجبات، وتصبر عن فعل المعاصي، وارتكاب المحرّمات، وتصبر على البلوى والمرض والعاهة، وتصبر على الجور والأذية، وسوء التعامل والعدوان.
وهي لا تصبر لأيام ثم تنهار، بل تصبر لسنوات طوال؛ بغية كسب الراحة والسعادة، ونيل الأجر والمثوبة.
الشخصية الصابرة شخصية تمتلك مهارة الصبر التي تربت عليها، وتعلمتها واكتسبها ومارستها، لتحقق بها الأهداف، وتتجاوز بها المصاعب والمشكلات.
وهي شخصية نلاحظ أنها شخصية صامتة، وهادئة، ومتزنة، حيث تستطيع السيطرة على نفسها، والتحكم في ذاتها؛ فلا تنفعل بسهولة عند مواجهة الموقف، أو المشكلة، بل تعطي ما تواجهه الوقت الكافي من التفكير والدراسة.
وهي كذلك تمتلك قدرة كبيرة على تحمل أي مهمة توكل إليها، وإن كانت متعبة، أو معقدة، حيث تنجزها بكل هدوء، ودون ضجيج، بل تراها تتكيف مع تهورات الآخرين، وتتأقلم مع سلوكياتهم المثيرة، وأفعالهم المستفزة.
ويمكن لأي فرد أن يكتسبها؛ من خلال التربية الأسرية، والتربية المدرسية؛ الحريصة على التذكير بها، والعمل بها، وأن يكون هناك وقت خاص للتخطيط السليم ، ووقت فسيح للتفكر في مآلات الأمور، وفي ترويض النفس على التريث والتأني ، فلا يتخذ القرارات، إلا بعد دراسة، وبعد أن يصلي صلاة الاستخارة، وبعد أن يستشير العقلاء .
كذلك من المهم في اكتسابها؛ أن نجزئ المهمّات الكبيرة والضخمة؛ إلى مهمات صغيرة، بحيث تكون سهلة في العمل، وسهلة في التنفيذ، مما يعطي الإنسان أملاً في الإنجاز، ويجعله قادراً على التحلي بالصبر؛ لأجل تحقيق هدفه النهائي.
كما ينبغي تعويد أنفسنا؛ على ضبط الأعصاب وقت الشدائد، وعند مواجهة الأشخاص المزعجين، فالإنسان إذا ثار وتهور؛ فالعواقب سوف تكون وخيمة عليه، ثم يصعب معالجتها بعد ذلك.
وإن الفرد الذي يبذل جهده؛ ليكون أكثر صبراً في أي موقف مؤلم؛ نجد أن قوة الصبر سوف تتطور لديه؛ ليكون أعظم صبراً في أكثر المواقف إيلاماً وألماً.
ولكن هناك أسلوب الفضفضة لصديق؛ وهو أسلوب فاعل في حالة نفاد الصبر، وكذلك ممارسة الاسترخاء عندما يشعر الفرد بانعدام الصبر، وذلك بأن يأخذ نفساً عميقاً عدة مرات، حتى يصفى ذهنه، ليكون قادراً على إدراك اتجاهاته.
وقد ذكر الخالق سبحانه الصبر في أكثر من تسعين موضعاً في القرآن الكريم، وذلك لعظم فضيلة الصبر، فكل مقامات الدين مرتبطة بالصبر، وفي سير الأنبياء، والصحابة، والصالحين؛ مشاهد عظيمة، وشواهد جليلة، والتي يمكننا الاطلاع عليها؛ لنزرع الصبر في نفوسنا، ونجعله معنا في كافة شؤوننا، وفي جميع أمورنا.
وقد قال عمر رضي الله عنه:” وجدنا خير عيشنا بالصبر”، فبالصبر يتحقق الإيمان والتقوى، وبالصبر تتحقق الرحمات، وبالصبر تكفر السيئات، وبالصبر تزيد الحسنات، فما أعظم ثمراته، وما أجمل نتائجه، والذي يكفي منه قول الله تعالى:
{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} .

د.عبدالله سافر الغامدي
جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى