أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

الإسلام وضرب المرأة … مقال بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: الإسلام وضرب المرأة … مقال بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

نلاحظ عبر صفحات الانترنت أن الناس يتجرؤون على أحكام الله أكثر من التجرؤ على بعضهم البعض، ثم نراهم في الواقع يتظاهرون بالإيمان والتقوى ،
اعتقد انه ربّما لم يصل منا أحد بعد، إلى درجة الإحسان في العبادة، والتي تعني: “اعبد الله كأنك تراه.. فإذا لم تكن تراه فإنه يراك”.
ونظرا لاننا للأسف لا نخاف إلا ممن نرى بعيوننا، فإن خوفنا من الناس أشد بكثير من خشيتنا من الله عز وجل.. لذلك تجد من يرتكب جريمة، لا بخشى عقاب الله بقدر ما يخشى أن يعرف الناس بها، يخاف من نقل كلام الناس بصورة أخرى، ولا يخاف من تفسير كلام الله كما يحلو له.. ولقد قرات ورأيت الكثير ممن يُحللّون ضربهم لنسائهم وكأنه حق شرعي ، لذلك سأتحدث عما ذكره الله عز وجل في سورة النساء في قوله “وَاضْرِبُوهُنَّ”؛ ففي البداية، أوضح الرسول صلى الله عليه والسلام ماهيّة الضرب التي قال عنها عز وجل في كتابه الكريم، ألا وهي: الضرب غير المبرح.. كما أنه نهى عن الضرب على الوجه، والضرب المبرح لما فيه من إهانة وإذلال للمرأة ما يجعلها تكرهك طوال حياتها.. وبالتالي فإن ديننا ليس دين عنف وضرب، وكره وإذلال واستعباد
أما القوامة فهي تكليف، ومسؤولية.. وليست تشريفاً ولاةعرشاً يجلس عليه الرجل.. فالقوامة هي واجبك تجاه منزلك بالنفقة عليه وحمايته وإدارة شؤونه.. فليس لك أن تمنّ عليهم، وليس لك أن تنتظر منهم الشكر لقيامك بواجبك ثم إنّك حين تضرب زوجتك، أو تشوّه وجهها، ثم تقول أن الله عز وجل قد أمر بالضّرب في سورة النساء، فإنك، حينئذٍ، تنقل عن الله كلاماً وتفسّره بغير علم، أي أنك تروي عن الله كذبا! وقد كانوا العلماء يخشون تفسير كلام الله خوفاً من وقوعهم في الخطأ في تفسيره! ثم ياتي من لا يحفظ من القرآن إلا تلك الآية، ويفسّرها كما يريد عقله الجاهل؟
إن تفسير كلام الله عز وجل بغير علم إثم عظيم، وقد وضّح الله عِظَم إثم الكذِب على الله موجهاً كلامه إلى من يزكّون أنفسهم، ويفترون على الله كذباً فقال: “انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا”.

وبالعودة إلى سورة النساء، وفي جانب علاقة الزوج بزوجته على وجه الخصوص، فقبل أن يقول عز وجل “وَاضْرِبُوهُنّ”، فإن الله قال: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ “.. وبعد “وَاضْرِبُوهُنّ”، قال عز وجل: “فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”.
أما عن آية الضرب، فلنحفظها كاملة إن تكرمتم، ففي تلك الآية قال عز وجل: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”.. فإن الضرب أولاً كان مشروطاً بنشوز الزوجة، لا بمزاج الرجل، وأعتقد أننا بحاجة إلى تعريف المرأة الناشز، فالمرأة الناشز هي التي تمتنع عن القيام بواجباتها تجاه زوجها، وتمتنع عن إعطائه حقوقه الشرعية دون عذر، أي أنها ترفض أن تقوم بواجبتها تجاهه، بعد أن يكون أعطاها كامل حقوقها دون إذلال .
وليست المرأة الناشز هي التي تنسى أن تكوي لك قميصك، أو ترفض إهانتك لها ولأهلها، أو تطبخ الطعام بلا ملح احيانا ، وليست الناشز هي التي تكره أن تقوم بواجباتها تجاهك بعد إهانتك لها وتحقيرها، فالإنسان لا يقوى على القيام بواجبه إذا لم يحصل على حقوقه! ثم إن الله -عز وجل- قد أمر بالوعظ، ثم الهجر، ثم الضرب، والضرب الخفيف الغير مبرح وقد وضع الله عز وجل الضرب، في المرتبة الأخيرة التي يلجأ لها الرجل، في حال عدم الاستجابة للوعظ والهجر.. ونكرر، الضرب غير المبرح.. ففي ديننا الاسلامي دين الرحمة، ليس لإنسان أن يهين إنسان أو ينتقص من كرامته مهما كانت الأسباب!
أما عن عمل الرجل ونفقته على بيته، فلا حق لك في أن تمنن أهل بيتك في ذلك، وتشعرهم أن نفقتك على بيتك هي كرم أخلاق وليس واجب! وعن آية القوامة فقد قال عز وجل: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”. فإن كنت عزيزي الرجل، تتفكر جيداً في هذا الكلام، ستعرف أن القوامة هي تكليف، ومسؤولية.. و عليك أن تعرف أن ثمن الرجولة باهظ جداً.
وختاماً، من كان يبحث عن رجولته في ضرب زوجته، فليعلم انه لم يخسر إلا رجولته، وسيخسر زوجته وبيته واولاده لأن الضرب ليس اسلوبا حضاريا وهناك عشرات البدائل والاساليب التي تعزز المحبة بين الأزواج حتى ينشأ الاولاد في بيئة سليمة ونفسية طيبة ويكونوا ادوات بناء في مجتمع متماسك وليسوا معاول هدم بسب استبداد الاب … فاتقوا الله في زوجاتكم واولادكم ولا تفسروا القران تفسيرا مزاجيا ولا تعكسوا مشاكلكم الخاصة على زوجاتكم واولادكم لانه لا ذنب لهم.

الدكتور أحمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى