ما هو لب الخلاف بين تركيا ومصر؟
[ad_1]
رحب وزير الإعلام المصري، أسامة هيكل، بالخطوات التي اتخذتها الحكومة التركية تجاه القنوات المصرية المعارضة في تركيا.
وقال هيكل في تصريحات لـبي بي سي نيوز عربي إن هذه البادرة “يمكن أن تخلق مناخا مشجعا للحوار بين البلدين وحلّ المشاكل العالقة بينهما منذ سنوات”. وتوقع أن “يلتزم الإعلام المصري بالتهدئة حيال تركيا حتى يسمح بخلق مناخ ملائم للتفاوض”.
ورغم أهمية مسألة الإعلام المصري المعارض في تركيا، إلا أنها ليست لب الخلاف بين البلدين.
ونستعرض هنا القضايا التي تحتل الحيز الأكبر من هذا الخلاف.
قطيعة دبلوماسية
كانت تركيا في مقدمة الدول الرافضة للإطاحة بالرئيس المصري السابق، محمد مرسي، على يد الجيش بعد مظاهرات حاشدة مطالبة بعزله، إذ وصف أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك، عزل مرسي بأنه “انقلاب غير مقبول”.
ونقلت وسائل الإعلام تصريحات لأردوغان في أغسطس/آب 2013، قال فيها إن إسرائيل تتحمل مسؤولية دعم الحراك الذي أدى إلى عزل مرسي. وجاءت هذه التصريحات في اجتماع مع قادة محليين في حزب العدالة والتنمية، قال خلاله أردوغان أن “لديه توثيقا” يثبت صحة هذا الاتهام، لكنه لم يذكر أبدا طبيعة هذا التوثيق.
وخرجت الأمور من مجرد تبادل للتصريحات إلى تحرك دبلوماسي أكبر، إذا استدعت تركيا سفيرها في القاهرة في أغسطس/آب 2013 في أعقاب فض اعتصام رابعة، وردت القاهرة بتحرك موازٍ بسحب سفيرها في تركيا.
ورغم عودة السفير التركي إلى القاهرة في سبتمبر/أيلول 2013، إلا أن القاهرة تمسكت بموقفها القاضي بتخفيض التمثيل الدبلوماسي احتجاجا على الموقف التركي من الحكومة الجديدة.
وقال وزير الخارجية المصري آنذاك، نبيل فهمي، إن عودة السفير التركي إلى القاهرة غير كافية لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ونفى أن يقابلها تحرك مصري موازٍ بسبب “تصريحات غير ملائمة” من الجانب التركي عن الأوضاع في مصر.
واستمرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في التدهور مع اشتداد التلاسن الإعلامي، حتى انتهت إلى استدعاء الخارجية المصرية للسفير التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وطلبت منه مغادرة البلاد باعتباره شخصا غير مرغوب فيه. وأعلنت تركيا بدورها أن السفير المصري لديها، والذي استدعته مصر قبل ثلاثة أشهر، غير مرغوب فيه كذلك.
ومع بوادر التهدئة التي ظهرت مؤخرا، يبرز احتمال عودة التمثيل الدبلوماسي والعلاقات إلى طبيعتها بين البلدين.
وأعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عودة التواصل الدبلوماسي بين البلدين في وقت سابق هذا الشهر، وهو ما أكده نظيره المصري، سامح شكري، لاحقا في إحدى جلسات مجلس النواب.
وقال أوغلو في تصريحات صحفية إن البلدين “لم يضعا أي شروط مسبقة” في التشاور من أجل عودة العلاقات. لكنه أقر بأنه “ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن في ظل انقطاع العلاقات لسنوات طويلة.”
وفي المقابل، قال شكري في اجتماع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب إن عودة العلاقات مع تركيا مرهونة بوجود “تغير حقيقي في السياسة والمنهج والأهداف التركية” لتتوافق مع السياسات المصرية.
دعم المعارضة
تحولت تركيا إلى قبلة للمعارضين المصريين منذ عام 2013 بسبب موقفها من النظام المصري الجديد آنذاك، ما بين إعلاميين وأعضاء أحزاب سياسية، وبالطبع أفراد جماعة الإخوان المسلمين.
وكانت أحد أبرز المحطات في هذا السياق هو ما أعلنه أردوغان في سبتمبر/أيلول 2014 عن ترحيب بلاده باستقبال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والتي كانت السلطات المصرية قد أعلنتها “حركة إرهابية”.
وجاءت تصريحات أردوغان – الذي كان قد انتُخب رئيسا آنذاك – وهو على متن طائرة عائدة من قطر، بعد أن طلبت الأخيرة من سبعة من قيادات الإخوان مغادرة البلاد إثر ضغوط خليجية عليها لاستقبالها للمعارضين المصريين.
واستمر تدفق المعارضين المصريين على تركيا طوال السنوات السبعة الماضية، حتى أصبحت تقدر أعدادهم الآن بعشرات الآلاف.
وخلق هذا المناخ الداعم للمعارضة المصرية ظروفا ملائمة لإطلاق عدد من القنوات الإعلامية التي يتعذر إطلاقها من مصر، خاصة بعد إغلاق قنوات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين بعد ساعات من عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وفي فبراير/شباط 2014، أُطلقت قناة “مكملين” الموالية لجماعة الإخوان المسلمين للبث من تركيا، وبعد شهرين أُطلقت قناة “الشرق” التي يمكلها المعارض المصري الليبرالي البارز، أيمن نور. وبعد عامين، في مارس/آذار 2016، أُطلقت قناة ثالثة تحمل اسم “وطن”.
وتبث القنوات الثلاث برامج معارضة للنظام المصري والرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي من نقاط الخلاف الرئيسية بين البلدين.
ومع بوادر التقارب التي برزت مؤخرا، يخشى كثيرون أن يكون ترحيل المعارضين من أفراد جماعة الإخوان أو الإعلاميين العاملين في هذه القنوات إلى مصر ثمنا للتسوية.
لكن المعارض المصري، أيمن نور، الذي يرأس اتحاد القوى الوطنية في تركيا، نفى أي حديث عن ترحيل المعارضين المصريين أو تقييد حرياتهم.
وقال نور في حديث لـ بي بي سي إن ما طُلب منه، باعتباره رئيس مجلس إدارة قناة الشرق، هو ضبط خطاب القناة الإعلامي بحيث يلتزم بمواثيق العمل الصحفي، ويتجنب النقد الشخصي للمسؤولين المصريين.
غاز شرق المتوسط
يعد هذا الملف الأكثرَ خطورة بالنسبة للجانب التركي، لأنه يتعلق بثروات هائلة من الغاز الطبيعي والهيدروكربونات، وتتداخل فيه أطراف على خلاف تاريخي مع تركيا، هي اليونان وقبرص.
وتنص معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 على أن تمتد المياه الإقليمية للدول إلى مسافة 12 ميل بحري من الساحل (بما في ذلك سواحل الجزر)، في حين تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى مسافة مئتي ميل بحري، يحق فيها للدول القيام بأنشطة التنقيب والاستكشاف.
وكانت تركيا من بين الدول الرافضة لتوقيع هذا الاتفاق، إذ يقع عدد من الجزر اليونانية قبالة مسافات كبيرة من السواحل التركية، وعلى مسافة أقل من الحدود البحرية الإقليمية والاقتصادية، وهو ما تراه تركيا إجحافا في حقها من ثروات هذه المنطقة.
وتشهد منطقة شرق المتوسط بشكل عام أزمة مزمنة في ترسيم حدودها البحرية والاقتصادية، كونها منطقة حوض مائي ضيق تتقاطع فيه حدود الدول البحرية، ما يجعلها في حاجة إلى اتفاقيات خاصة لترسيم الحدود.
وكان هذا الملف من أوائل الأوراق التي استخدمتها مصر في مواجهة تركيا، إذ وقعت اتفاقا ثنائيا لترسيم الحدود مع قبرص في ديسمبر/كانون الأول 2013، عُرف بـ الاتفاقية الإطارية لتنمية الخزانات الحاملة للهيدروكربون. وصدق الرئيس المصري على الاتفاقية لاحقا في سبتمبر/أيلول 2014.
وأعلنت تركيا رفضها وعدم اعترافها بهذا الاتفاق، لأنه يقلص الحدود البحرية التركية في مناطق حقول الغاز لصالح قبرص، في حين ردت مصر بأنه “واحد من حقوق مصر السيادية في المنطقة.”
وفي فبراير/شباط 2018، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلوا إن بلاده تخطط للتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط.
وبعد حوالي عام من هذه التصريحات، في يناير/كانون الثاني 2019، دشنت مصر منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم مصر وإسرائيل والأردن واليونان وقبرص وإيطاليا، بهدف خلق سوق إقليمي للغاز ودعم التعاون الاقتصادي وجهود ترسيم الحدود بين الدول الأعضاء.
ورأت تركيا في إنشاء هذه المنظمة محاولة لعزلها عن ثروات المنطقة، وردت الحكومة التركية لاحقا في مايو/أيار 2019 بإعلان تحرك سفنها لبدء التنقيب عن الغاز واستخراجه.
واعتبرت مصر أن هذه التحركات تهدد أمن المنطقة وسلامتها، في حين قال الإعلام القبرصي إن التحركات التركية تتم داخل الحدود الاقتصادية لقبرص.
وفي أغسطس/آب 2020، وقعت مصر اتفاقا ثنائيا جديدا لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، وصدق عليه الرئيس المصري في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه. ويحدد الاتفاق المناطق الاقتصادية البحرية الخالصة بين البلدين، ما يعني تقسيم ثروات الغاز الطبيعي الموجودة فيها.
وبدورها، رفضت تركيا هذا الاتفاق، وقال وزير الخارجية التركي إن المناطق التي تم تقسيمها تقع في منطقة الجرف القاري التركي، وإن بلاده تعتبر الاتفاق “لاغيا وباطلا” ولن تسمح بأي أنشطة في المنطقة.
ومع بوادر التقارب المصري التركي، تحدثت صحف يونانية عن مخاوف من أن تكون مراجعة الحدود البحرية أمرا مطروحا في المستقبل، خاصة مع وجود اتفاق ليبي-تركي يمنح مصر مساحة أكبر من الحدود البحرية وما بها من ثروات للغاز الطبيعي.
ملف ليبيا
يرتبط ملف العلاقات التركية الليبية بشكل وثيق بأزمة غاز شرق البحر المتوسط، إذ حاولت تركيا من خلاله كسر عزلتها في المنطقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقعت تركيا اتفاقا للتفاهم مع حكومة السراج في العاصمة الليبية طرابلس.
وشمل الاتفاق مذكرتين للتفاهم، تتعلق الأولى بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في حين تنص الثانية على تقديم تركيا للدعم والاستشارات والتدريبات العسكرية للحكومة في حربها ضد قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، وكذلك تقديم الدعم العسكري التركي المباشر إذا طلبته الحكومة في طرابلس.
وعلق وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على الاتفاق بأنه يزيد التعقيدات في الملف الليبي. وقال في منتدى روما للحوار المتوسطي إنه “لا يوجد مساس بمصالحنا في مصر من اتفاق تركيا وحكومة طرابلس، لكنه يمس مصالح دول أخرى في المنطقة.
وأصدرت مصر واليونان وقبرص مذكرة مشتركة لاحقا، قالت فيها إن الاتفاق الليبي التركي “ليس له أثر قانوني”.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، وافق البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة طرابلس في حربها ضد قوات شرق ليبيا.
واعتبرت مصر هذه الخطوة تهديدا لأمنها القومي، وذكر بيان للخارجية المصرية أن التحرك التركي يخرق قرارات مجلس الأمن “وينذر بمزيد من تدويل الأزمة الليبية.” كما ذكر البيان المصري أن الدعم العسكري يهدد جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وحددت مصر خطا أحمر في سرت والجفرة، وقالت إنها ستتصدى لأي تجاوز لهذه المنطقة، وأعلنت استمرارها لدعم الجيش الليبي “في حربه ضد الإرهاب والتدخلات الإقليمية.”
وفي يونيو/حزيران 2020، أعلنت مصر مبادرة “إعلان القاهرة” لدعم الحل السياسي للأزمة في ليبيا، بحضور القائد العسكري خليفة حفتر ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح.
ونصت المبادرة على إعلان وقف إطلاق النار بدءا من الثامن من يونيو/حزيران 2020، وإلزام جميع الأطراف بخروج المرتزقة الأجانب من ليبيا، وتفكيك الميليشيات وتسلم أسلحتها للجيش الليبي.
وفي غياب ممثل لحكومة طرابلس، يرى بعضهم أن إعلان القاهرة محاولة لإنقاذ حفتر بعد تراجعه عسكريا. وسرعان ما رفضت حكومة طرابلس الإعلان وقالت إن “ليبيا ليست في حاجة إلى مبادرات جديدة”.
كما أعلن المتحدث باسم الخارجية التركية اعتراض بلاده على اتهامها بعرقلة جهود السلام في ليبيا.
ويستمر الوجود العسكري التركي في ليبيا رغم الإعلان عن حكومة جديدة في وقت سابق هذا الشهر. وقالت الرئاسة التركية إن قواتها ستبقى في ليبيا ما دام الاتفاق العسكري ساريا بين الجانبين.
[ad_2]
Source link