الحرب في سوريا: “شهادات صادمة” يرويها معتقلون سابقون في السجون السورية
[ad_1]
لقد شهدت سنوات الحرب الأهلية، التي دخلت عامها العاشر في سوريا، الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان من مختلف الأطراف المتصارعة فيها.
فالانتفاضة التي بدأت سلمية في سوريا ضد نظام حكم الرئيس السوري حافظ الأسد، سرعان ما واجهت قمعا شديد القسوة من القوى الأمنية التابعة له، وتحولت إلى صراع مسلح دموي تدخلت فيه ميليشيات وجماعات مسلحة مختلفة المشارب، غلب على الكثير منها التوجهات الإسلامية المتشددة كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وانتهت إلى حرب شاملة تدخلت في أطراف دولية عديدة لدعم أطراف النزاع وخلفت أكثر من 380 ألف قتيل ومدنا وبلدات مدمرة.
ويرى مراقبون أن القمع الذي وُجهت به الانتفاضة السلمية، وما تعرض له المعتقلون في السجون السورية من تعذيب وانتهاكات، كان له الأثر الأكبر في تحول الكثير من الناشطين فيها إلى النشاطات المسلحة.
وقد نشط العديد من الجماعات الحقوقية السورية والدولية في توثيق مثل هذه الانتهاكات والبحث عن مصير المعتقلين والمفقودين وإحقاق مبدأ المساءلة والعدالة في قضاياهم.
ومن بين المبادرات في هذا الصدد، مبادرة معهد صحافة الحرب والسلام الذي كلف منظمة (ذا دي آفتر) أي “اليوم التالي” – وهي منظمة يديرها سوريون استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد – للعمل على مشروع يسمى آجاد، وهو مختصر لكلمات (تعزيز العدالة والمساءلة بشأن المعتقلين والمفقودين).
وكجزء من المشروع، وثقت المنظمة تجارب وقصص المعتقلين الناجين، والذين يعيش معظمهم الآن في تركيا، لاستخدامها كدليل في أي قضية قد تثار ضد نظام الأسد في محكمة الجنايات الدولية.
وهنا، يحكي لبي بي سي شاب وامرأتان عن التجارب “المريرة” التي مروا بها أثناء اعتقالهم في السجون السورية:
محمد الفارس، 33 عاماً
يقول محمد الذي ولد في مدينة حلب: “عندما كنت في الـ 18 من عمري، التحقت بدائرة المخابرات العامة كجزء من أدائي للخدمة العسكرية الإلزامية، وقد أرسلت إلى دمشق ضمن فرق مكافحة الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في درعا في أعقاب اعتقال 15 شاباً وتعذيبهم من قبل رجال الأمن”.
ويضيف: “تمكنتُ من دفع رشوة لتجنب إرسالي في هذه المهمة”.
ويسرد محمد ما جرى: طلبتُ نقلي إلى قسم آخر لأنني كنت أرغب في تجنب الصراع، فعُينت مرافقاً لرئيس بلدية دمشق، بشر الصبان، لكنني شاهدت أشياء فظيعة ووحشية أثناء عملي. على سبيل المثال لا الحصر، عندما كانت عناصر المخابرات تذهب لاعتقال شخص ما ولا يتمكنون من العثور عليه، كانوا يسيئون إلى أي أحد قد يشتبهون به من عائلته حتى الفتيات المراهقات”.
و لذلك، بدأ محمد يسرّب المعلومات إلى المقاتلين في المعارضة، مثل إرسال أسماء المعتقلين، ومراكز اعتقالهم ومواعيد عقد الاجتماعات الهامة وتواريخ وأوقات الحملات العسكرية، وأسماء رجال الشرطة الذين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين والذين تم اعتقالهم لذلك السبب.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2011 ، عندما ذهب وفد من جامعة الدول العربية لتفقد الأوضاع على الأرض في سوريا، قام بتسريب تحركات الوفد، لدفع المعارضة للالتقاء به وتقديم روايتهم الخاصة لما كان يجري في البلاد.
وبعد بدء النظام بحملة اعتقالات للناشطين في إحدى ضواحي دمشق بسبب مشاركتهم في احتجاجات كبيرة. اختفى العديد منهم، وبعد شهرين جاءت أمهات المفقودين للاستفسار من رئيس البلدية، لكنهن طردن وضُربن جميعاً، بحسب محمد.
ويتابع قوله: “لم أستطع السيطرة على أعصابي ووجهت سلاحي نحو الشرطة وصرخت في وجههم متحدثا بغضب عن خيانة النظام ورئيسه للشعب السوري.
ولاحقاً، اصطحبني صديقي ومديري – رئيس حراسة مكتب رئيس البلدية بسيارته إلى حلب. فكرت بأنني قد أستطيع حث “الجيش الحر ” على اختطافي مما يحميني من انتقام النظام.
لكن عندما وصلت إلى حلب، كان مقاتلو المعارضة مرتابين مني بعض الشيء لأنني كنت أعمل في المخابرات العسكرية. وطلبوا مني الذهاب إلى تركيا والانتظار بضعة أشهر. لم أكن أرغب في الذهاب، أردت أن أبقى معهم في جبل الزاوية في إدلب.وبعد شهر، تلقيت مكالمة هاتفية من ضابط في المخابرات العسكرية يطلب مني تسليم نفسي. وكان لا بد أن أفعل ذلك وإلا كالعادة، سيحتجزوا أفراد عائلتي بدلاً مني.
رحلتي إلى الجحيم
يسرد محمد ما تعرض له في السجون قائلاً، عند وصولي إلى مكتب الأمن حيث كنت أعمل سابقاً. قيدوني وبدأ أحد العناصر يلكمني في وجهي مردداَ كلمة خائن.
كانوا غاضبين جداً من أنني كنت مرافقاً لرئيس البلدية، وصادروا جميع أجهزتي الإلكترونية وهواتفي، لمعرفة الاتصالات التي أجريتها والجهات التي تواصلت معها. ثم نُقلت إلى مكتب آخر وتعرضت للضرب المبرح هناك أثناء استجوابي لمدة 20 يوماً، حتى كنت أغيب عن الوعي تماماً.
في نهاية المطاف، سُجنت لمدة 7 سنوات و7 أشهر من أصل مدة الحكم التي كانت 13 عاماً، بتهمة “شتم النظام والكشف عن المعلومات لجهات معارضة”.
وبعد بضع أشهر، نُقلت إلى سجن صيدنايا، فكانت بمثابة رحلة إلى الجحيم.
كانت الزنزانة التي نُقلت إليها مع 8 أشخاص آخرين، عبارة عن مرحاض قياسه 70 سم × 170 سم.
وبقينا هناك عراة تماماً لمدة 50 يوماً، كنا مضطرين لأن نركع فوق بعضنا البعض لأن المكان لا يتسع لنا جميعاً.
كما ثُبتت أقدامنا في ثقوب حُفرت في جدار الزنزانة، وكانوا يضربوننا على قفا أرجلنا في نوع من التعذيب يعرفه السوريون يسمى “الفلقة في الإطارات”.
وكان السجانون ساديين، واغتصبوا فتياناً في سن الـ 15 و 16 أمام أعيننا دون رحمة.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول 2014، نُقلت إلى سجن البالونة العسكري في حمص، الذي كانت ظروفه أفضل بكثير. إذ كان رئيس السجن يسمح بزيارة الأهالي إذا ما دُفعت له رشوة. وأتت أمي لتزورني من تركيا إلى حمص بعد أن رشت رئيس السجن بأموالها ومجوهراتها.
وبعد ذلك، نُقلت إلى سجن عدرا المدني وبقيت هناك 8 أشهر. وأخبرتني والدتي بعدها أنها رفعت قضيتي إلى وزير الداخلية بعد أن دفعت مبالغ طائلة له وللسمسار كرشوة.
ماذا يقول القانون؟
وينص “نظام العدالة” السوري على أنه إذا قضى السجين ربع مدة عقوبته في السجن، يُمكنه الاستئناف للإفراج عنه، وبما أن مدة حكمه كانت 13 عاماً، وكان محمد قد قضى منها 7 سنوات، فقد كان مؤهلاً لبدء الاستئناف.
ويقول محمد: “دفعت والدتي رشوة للقاضي وضابط في قوات الأمن قبل عملية الاستئناف، لتسهيل العمل بالإجراءات. وبعد إطلاق سراحي، رتبت الأمر مع مهرب ليأخذني بسيارته إلى تركيا عبر نقطة دون الحاجة إلى إظهار أوراق ثبوتية، ودفعت له مبلغ 2500 دولار ، حتى أوصلني أخيراً إلى غازي عنتاب في تركيا حيث كانت عائلتي تعيش منذ عام 2012”.
في عام 2019، تزوج محمد من امرأة سورية كانت تعمل جرّاحة، وتحمل جواز سفر ألماني. وفي العام الماضي، ذهب محمد إلى مكتب الهجرة والجوازات للحصول على بطاقة هوية تُمنح للاجئين السوريين في تركيا تسمى كيمليك، وأخبر محمد المسؤول أنه كان معتقلاً وسجيناً في سوريا.
سُجل إرهابياً على الهوية
يقول محمد: “لم يهتم المسؤول بتفاصيل قصتي أو يحقق فيها، وكتب على طلب الهوية كلمة إرهابي، وعلى الفور تم اعتقالي واحتجازي لمدة 70 يوماً”.
ودفعت أسرة محمد مبلغ قدره 10 آلاف دولار لإطلاق سراحه. لقد أصيب بخيبة أمل كبيرة في تركيا بسبب ما يصفه بنقص الدعم لللاجئين وخاصة من قبل المنظمات الخيرية “التي تدعي أنها تساعدهم”.
تقدم محمد وزوجته بطلب للعيش في ألمانيا، واستئناف دراسته في الطب، وما زال ينتظر.
ويوجه محمد رسالة إلى الحكومة السورية تقول “لم نعد خائفين وٍسأخبر الجميع بما حدث بالفعل هناك”.
ولأول مرة في حياته، يشعر محمد بالحرية، لكنه دفع “ثمناً باهظاً”.
ويقول للمجتمع الدولي، إن مستقبل سوريا بين أيديكم، ونحتاج إلى مساعدتكم.
بهيرة، 53 عاماً
استطاعت بهيرة، وهي مدرّسة وأخصائية في علم النفس، مغادرة بلدها، إلى تركيا، بعد أن أُطلق سراحها من السجن في سوريا. كما فعل شقيقاها أيضاً، بعد أن أصيب أحدهما أثناء عمله مع الجماعات المعارضة في شرقي البلاد واستدعاء الشقيق الآخر للالتحاق بأداء الخدمة العسكرية الإلزامية من قبل نظام الحكومة السورية.
قررت بهيرة ترك بلدها خشية أن يتم اعتقالها واحتجازها كرهينة لدى الأجهزة الأمنية للحكومة السورية للضغط على أخويها لتسليم نفسيهما، كما حدث مع والدها الذي احتجز لمدة 24 ساعة في بداية الصراع السوري حيث كانت بهيرة تسمح لمجموعات المعارضة باستخدام منزلها في أنشطتهم (دُمر منزلها منذ ذلك الحين أثناء غارة جوية للجيش السوري).
وشاية
وكانت بهيرة تعيش في ضواحي دمشق، في حي جوبر عام 2014، عندما أوقفها عناصر نقطة تفتيش حكومية وكانت في طريقها للسفر إلى بيروت واقتادوها إلى مركز الاحتجاز.
علمت بهيرة أن هناك من أبلغ السلطات عن خطتها للخروج من سوريا في ذلك اليوم، وشكّت بابنة عمّها سما، التي كانت قد أُسرت ذات مرة من قبل “الجيس السوري الحر” المعارض، بعد ضبطها وهي تلقي بمحددات الـ “جي بي إس” التي تستخدم كمؤشرات على الأرض تدل طائرات الجيش السوري النظامي في غاراتها على مواقع “الجيش الحر”. كما كانت لها سوابق لديهم أيضا، إذ يتهمونها بتسلّيم زوج ابنتها أيضاً لرجال الأمن، والذي توفي لاحقاً في سجن صيدنايا.
النوم وقوفاً في السجن
تقول بهيرة إنها نُقلت إلى زنزانة مظلمة تعج بالفئران والجرذان، واستجوبت لمدة 10 ساعات، إلا أنها لم تعترف بأي شيء. ثم نُقلت إلى فرع الأمن السياسي وهي مكبلة اليدين ومعصوبة العينين.
وتصف بهيرة، السجن الذي نُقلت إليه بقولها: “كنا 35 امرأة في غرفة مساحتها لا تتجاوز 2 × 3 أمتار ، وكان المرحاض يقع في منتصف الغرفة، دون أي خصوصية، وبدا واضحاً آثار التعذيب بشكل سيء للغاية على بعض النساء، أما عن النوم، فكنا نستلقي أرضاً في مناوبات بسبب حجم الغرفة الصغير جداً.
واعتادت الشابات الأصغر سناً النوم وقوفاُ من شدة التعب، كما كانت الحال مع فتاة معهن في السجن في عمر الـ 15 عاماً.
وتتابع بهيرة سرد ما عاشته في السجن بقولها: “لم يكن لدي أي “غيارات” إضافية لأرتديها، كنت أغسل ملابسي وأرتديها وهي لا تزال مبتلة، وكنا جميعاً نعاني من القمل في رؤوسنا، ولم يكن لدينا إلا القليل من الطعام؛ المربى والخبز والأرز، وكان ذلك يعد رفاهيةً مقارنة بالسجون ومراكز الاحتجاز الأخرى”.
وتتابع: “كانوا يحضرون فتيان بعمر الـ 10 سنوات ويضربونهم أمامي لتخويفي وحثي على الاعتراف بالمعلومات المطلوبة عن المعارضين… لقد ماتت امرأة أمام عيني بعد أن فقدت 20 كيلو غراما من وزنها في غضون شهرين، وبعد شهرين، تم تحويلي إلى محكمة مدنية، لكن القاضي لم يحضر، لذلك أُرسلتُ إلى سجن عدرا”.
وتكمل: “كانت الظروف أسوأ بكثير في سجن عدرا، كان هناك الكثير من النساء الحوامل اللواتي أنجبن أطفالاً ينشأون ويكبرون بين السجينات، كما كانت السجينات الأخريات غير السياسيات يسيئن إلينا ويهنننا بناء على طلب سلطات السجن ذلك”.
وبعد قضاء شهرين هناك، أطلق سراح بهيرة لعدم توفر الأدلة الكافية لإدانتها.
ماذا حلّ ببهيرة؟
تقول بهيرة إن رحلة سفرها إلى تركيا كانت محفوفة بالمخاطر، بسبب كثرة نقاط التفتيش على الطريق المؤدي إلى المطار، وخاصة أن بعضها كانت تحت سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، لكنها دفعت مبلغاً كبيراً من المال لسائق التكسي ليتمكن رمن شوتهم وعبور جميع نقاط التفتيش.
وتمكنت في نهاية المطاف من الوصول إلى المطار والحصول على تذكرة طيران إلى بيروت ومنها إلى تركيا.
وحالياً، تقيم بهيرة في تركيا وتجري جلسات دعم نفسي للناجين الآخرين، لكنها تقول إنها تعاني نوعاً ما ” إنه ليس بيتي، فنحن مواطنون من الدرجة الثانية، وحقيقة أنني سورية ولا أتحدث إلا العربية، تجعلني أشعر وكأنني أجنبية، وعندما أفكر وأرى على الشاشات ما يجري في سوريا، وطني، أشعر بالاكتئاب والحزن الشديد لما آلت إليه الأمور”.
وتوجه رسالة إلى المجتمع الدولي تطلب منه حماية الباقين، “فهناك العديد من الأشخاص الذين يُقتادون إلى سجن صيدنايا كل يوم، ويعيشون في ظروف مروعة، يجب علينا إنقاذهم”.
زينة، 40 عاماً
تخرجت زينة من جامعة دمشق، قسم التاريخ، وعملت مدرّسة لمدة 10 سنوات قبل أن تندلع الحرب في سوريا.
كانت زينة تعيش في الزبداني بضواحي دمشق. في صيف عام 2014، عندما تلقت رسالة نصية عبر هاتفها تقول إن والدتها أصيبت بجروح خطيرة جراء قصف جوي مكثف شنته القوات الحكومية.
وتسرد زينة ما حدث في ذلك اليوم وتقول: “ذهبت أنا وأختي وأخذنا والدتنا إلى المستشفى العام في وسط دمشق الذي كان تحت سيطرة القوات الحكومية، وكانت والدتي في غيبوبة، وعلى الفور نقلت إلى العناية المركزة، لكن الحراس هناك أخذوا هوياتنا واحتجزونا في غرفة لمدة 16 يوماً، ولم نكن نعرف السبب. ولم يُسمح لنا بالخروج من الغرفة إلا عند استخدام الحمام، ولم يخبرنا أحد بأي شيء عن والدتنا أو حتى سبب احتجازنا”.
وتتابع حديثها، “كانت أمي قد أصيبت بالشلل بعد صحوتها من الغيبوبة، فجلبوها إلينا في تلك الغرفة وبقينا هناك لمدة 17شهراً، وقيل لنا لاحقاً إن سبب احتجازنا هو أن أخي كان يقاتل إلى جانب الفصائل المعارضة في الزبداني، وإنهم سيبقوننا محتجزات حتى يسلم نفسه.
وبعد أيام، نقلن جميعاً إلى فرع الأمن في دمشق، ليجري احتجازهن في زنزانة مظلمة في قبوٍ مع نحو 30 امرأة أخرى. وكانت هناك أمهات مع أطفالهن أيضاً. واكتشفت لاحقاً أن الجيش قد نفذ عملية عسكرية في الغوطة الشرقية، وأن المجموعات المقاتلة المعارضة قد هربت منها، لذا، اعتقلت قوات النظام جميع أفراد أسرهم المتبقين في الغوطة.
وتقول زينة: “لم نتمكن من رؤية أي شيء في ذلك الظلام، لكننا كنا نسمع أصوات الأطفال معنا. ولم يوفروا سريرا لأمي المشلولة. كان لدينا فقط بطانيات عسكرية مليئة بالقمل. لم يقدموا لنا أي ضمادات طبية لجروح والدتي. ورأيت آخرين يتعرضون للضرب والتعذيب.
ولم تكن هناك أي تهمة رسمية موجهة لزينة، لكن قيل لها إنها محتجزة هي ووالدتها وشقيقتها لأن لديها معلومات عن إخوتها الذين يعملون مع المعارضة.
وتتابع زينة حديثها لبي بي سي: “مكثنا هناك لمدة 8 أشهر، لم تعد أعصابي تتحمل المزيد وكنت أبكي طوال الوقت، وكنت أتوق لسماع صوت أطفالي، كان السجان يسخر مني ويضحك مستمتعاً بتعذيبي”.
وتضيف: “كنت أرغب في الموت، شعرت باكتئاب شديد من كثرة سماع أصوات الشباب الذين كانون يُعذبون في الزنزانات الأخرى، لقد أثر ذلك بشكل سلبي جداً على أعصابي وعقلي لدرجة أنني لا أستطيع محوها من ذاكرتي حتى الآن”.
ومن ثم، نُقلت زينة وشقيقتها ووالدتها إلى سجن عدرا، في حجرة مخصصة للإرهابيين، كان السجن للسياسيات. “لقد ساعدنني أولئك السجينات بعد أن عرفنَّ قصتي واستطعت بعد كل ذلك الوقت الاتصال بأطفالي والتحدث إليهم عبر الهاتف”.
وتتابع حديثها: “بعد خمسة أشهر، وبشكل مفاجئ، طلب منا رئيس السجن توقيع الوثائق ومن ثم أطلقوا سراحنا”.
ألم عميق
وتقول زينة: “إن أكثر ما يؤلمني، هو أن زوجي وعائلته اختاروا الابتعاد عني بعد أن علموا بأمر اعتقالي، كانوا يعتقدون أنني قد متُ، وبعد أن اكتشفوا أنني ما زلت على قيد الحياة، لم يزرني لا هو ولا أحد من عائلته بل حملّوني ذنب أخي وأنني دفعت ثمن أخطاء أخي”.
سافرت زينة إلى تركيا ، وما زالت تعيش هناك حتى الآن. ولديها بطاقة هوية خاصة باللاجئين السوريين. لكنها تقول: “لا أملك وظيفة ولا مالاً، ولن تقبل الأمم المتحدة مساعدتي في اللجوء إلى أي مكان آخر، ولا أعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل”.
[ad_2]
Source link