أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

ورقة عمل بعنوان (الموهبة عند الأشخاص ذوي الإعاقة) بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: ورقة عمل بعنوان (الموهبة عند الاشخاص ذوي الاعاقة) بقلم الدكتورة هلا السعيد.

ورقة عمل أنقلها من كتابي استراتيجيات التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة من خلال الفن التشكيلي الموهبة وتحدي الاعاقة
بسم الله الرحمن الرحيم
أصبحت العناية بالأشخاص ذوي الاعاقة من العلامات البارزة لرقي الشعوب والأمم ومظهر تقدمها وتطورها . ويوجد بعض الاشخاص سواء كانوا من ذوي الاعاقة او من غير ذوي الاعاقة يمتلكون الموهبة بإحدى الجوانب الابداعية ، حيث ان الطبيعة غرست بذوراً طيبة ومفيدة في أعماق كل شخص ، والمهم هو إظهارها إلى حيز الوجود ، والاستفادة منها لخدمة الإنسان وسعادته. وإذا لم نستطيع كشف الموهبة عند الشخص من ذوي الاعاقة ، فنحن لا نفقد شخصاً فحسب ، بل نفقد ثروة من ثروات الإنسانية التي تتقدم بمبادرة المبدعين والموهوبين من ذوي الاعاقة.
وحتى يتمكن أطفالنا من ذوي الاعاقة الموهوبين مستقبلاً من إفادة مجتمعهم بما لديهم من طاقات وقدرات ومواهب ، ومن الإسهام في تطوير الحياة في مجتمعهم ، وإدارة عجلة التقدم العلمي والمعرفي والتكنولوجي ، ومسايرة ركب الحضارة ، لابد من إحاطتهم بالرعاية والعناية المناسبة التي تساعدهم على تفجير طاقاتهم ، وتنمية قدراتهم ومواهبهم ، واكتشاف الجانب الايجابي من شخصيتهم وقدراتهم ، كما يجب أن نوفر لهم الحماية والتقدير والتشجيع مدى الحياة ، حتى نحفزهم على الإسهام في تطوير سبل العيش ، وأهم ما يحتاجه الموهوبين لكي ينفعوا الناس بمواهبهم ومهاراتهم هي راحة النفس ، وحرية الفكر ، وهناءة العيش . والاهم الرعاية .
اقول ان الشخص من ذوي الاعاقة أولى بأن نوجه إليه الاهتمام من أجل منحه دفعة غير عادية على طريق النمو والارتقاء ، حيث أن الشخص أيا كانت الإعاقة التي لحقت به ، يشعر بأن شيئاً ما يقف في طريق نموه ويقيده عن التعبير عن نفسه بصورة كاملة ، ومن ثم فإنه محتاج لأن يبذل جهداً مضاعفاً ليعوض ما به من نقص ، فضلاً عن أن الشخص ذوي الاعاقة يحتاج إلى استثمار كل طاقة متاحة من أجل الوصول إلى أفضل موقع يمكنه من خلاله التعامل مع معطيات الواقع الذى يزداد كل يوم تنوعاً وتعقيداً .
والان جاء دور السؤال الهام هل ممكن الشخص من ذوي الإعاقة ان يكون موهوب؟
سؤال تردد كثيراً في الآونة الأخيرة لأن إجابته في واقع الأمر تنطوي على الكثير من الحقائق الهامة التي لم يلتفت إليها كثير من الأسر فضاعت المواهب وحل محلها كثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية لذا لابد أن نلقي الضوء على هذه الفئة التي لابد أن تجد بيئة أسرية خصبة وينابيع متدفقة من الرعاية من الأسرة والمجتمع حتى تترعرع وتثمر لتنفع نفسها بل والمجتمع بأكمله.
بين قلق ولي الامر وضياعه بين التشخيص والتقييم تضيع الموهبة :
بصفتي دكتورة نفسية ودكتورة التقييم والتشخيص في مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة اسمع كلمات يكررها كثير من أولياء الأمور حينما يأتون لي بعد ان طرقوا أبواب متعددة للمساعدة ويكررون عباراتهم طفلي غريب الأطوار، طفلي مختلف عن الآخرين، طفلي عصبي المزاج، طفلي لا يندمج مع أقرانه أو يندمج مع من هم أكبر منه سناً، ذهبت به إلى العديد من الاماكن والمتخصصين وشخص انه من ذوي الاعاقة ويعاني من اضطرابات سلوكية، وضعف بجوانب متعددة وهذا يعاني من اضطراب طيف التوحد وذاك يعاني من صعوبات تعلم وهذا يعاني من قصور ذهني …… وغيره
وللأسف الاعاقة وخصائصها اضاعت شيء مهم ان هذا الطفل لربما يجمع بين الاعاقة والموهبة ولكن الجميع ينشغل بالإعاقة ويتغافل الجانب الايجابي لدى البعض……
وهنا اوجه سؤال لولي الامر هل فكرت يوماً أن طفلك المختلف هو من ذوي الاعاقة وهو ايضا موهوب ومبدع بأحد الامور.
مفهوم الاعاقة:
الاعاقة كل شخص مصاب بقصور جزئي أو كلي في قدراته البدنية او الحسية او النفسية او العقلية الى حد
يكون حائل يحد من امكانية التعلم أو التأهيل أو العمل بحيث لا يستطيع تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير ذوي الإعاقة.
الاشخاص الموهوبين من ذوي الاعاقة:
هم من لديهم قدرات وإمكانيات عالية تمكنهم من القيام بأداء أو إنجاز متميز في مجال معين أو أكثر، ولكنهم في الوقت ذاته يعانون عجزاً معيناً يؤدي إلى انخفاض مستويات اخرى ، وهم بحاجة إلى رعاية خاصة وأساليب ومناهج في التربية تركز على جانبين برنامج التدريب على المهارات المختلفة وايضا برنامج الابداع والموهبة ، فهي تختلف عن تلك التي تتطبق مع الطفل من غير ذوي الاعاقة وايضا التي تطبق مع الطفل من ذوي الاعاقة.
والان اجيب على سؤال هل ممكن لشخص ان يجمع بين الإعاقة والموهبة؟
يعتقد كثير من الناس أن الاعاقة تتعارض مع الابداع والموهبة ، على اعتبار أن الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم قدرات متدنية في إحدى المجالات الجسمية أو الحسية وبالتالي عدم القدرة على التفكير الابتكاري والابداعي، إلا أن الواقع يشير أن تدني القدرات في مجال واحد أو أكثر لا يعني بالضرورة انخفاض الأداء في بقية المجالات ، ونرى كثير من الباحثين تحدثوا عن فرضية التعويض التي ينشط بموجبها الشخص ذوي الاعاقة في مجال حسي أو جسمي حين يضع كل تركيزه فيه مما يجعله متفوقاً على غيره في هذا المجال أو ذاك ، وهذا نابع من حب ذوي الاعاقة للمنافسة وإثبات الذات أمام اخرين ، وإذا لم يكن هناك انخفاض في القدرات الذهنية لمن هم من ذوي الاعاقة فهذا لا يمنع من وجود موهبة عند بعضهم في مجال ما تستحق منا البحث عنه وتنميتها ورعايتها.
إن الاشخاص الموهوبين ذوي الإعاقات عادة ما يتلقون مزيداً من الاهتمام على جوانب الضعف بسبب إعاقتهم أكثر من الاهتمام بالجانب الايجابي المتمثل بمواهبهم سواء كان ذلك داخل الأسرة أو في إطار المدرسة أو المركز المتخصص ، فيتم تسليط الضوء على الإعاقة بدلاً من الموهبة ، وهم يغفلون ان هناك البعض يطلق عليهم ذوي استثناء مزدوج ( بسبب جمع بين الموهبة والإعاقة) ، وقد توجد الموهبة عند الأشخاص ذوي الإعاقة الجسمية ، أو البصرية ، أو السمعية ، او صعوبات تعلم ، او اضطراب نقص الانتباه المصحوب بالنشاط الحركي المفرط ، او الاعاقة الذهنية ، او اضطراب طيف التوحد.
ومن المسلم به أنه توجد بين بعض الاشخاص ذوي الاعاقة كغيرهم من ذوي الاعاقة مواهب نادرة ومنفرده ، ولكن اكتشاف تلك المواهب ثم العناية بها يتطلبان جهداً مضاعفاً وصبراً طويلاً ، ومع ذلك فمن حق هؤلاء الأبناء علينا أن نحتضن مواهبهم ونرعاها حتى نصل بهم إلى مرحلة النضج والاكتمال ، وسوف نجد أن العائد الذى يجنيه هؤلاء الموهوبين ، والذى يجنيه المجتمع يستحق الاهتمام بهم.
وبذلك الاهتمام بالأشخاص الموهوبين من ذوي الاعاقة هو اهتمام حديث نسبياً يحاول إلغاء الخطأ من أن الموهبة توجد لدى الأشخاص غير ذوي الاعاقة فقط، لذلك بدأ الاهتمام في الوقت الحالي بالموهوبين من ذوي الاعاقة والتعرف على مواطن القوة والإبداع والموهبة لديهم بعد أن كان التركيز فقط على القصور والعجز لديهم ، فالموهبة موجودة لدى بعض الافراد حتى مع وجود الإعاقة ، وقد يكون أحد الأشخاص من ذوي الاعاقة ولديه مواهب متعددة ، وتظهر في مجالات مختلفة سواء كانت فنية أو رياضية أو ادبية أو اجتماعية أو سياسية……. وغيرها ، فالأمر يتطلب أن نبحث عن القدرات والمواهب والإبداع عند الجميع بغض النظر عن العجز أو الإعاقة لدى الفرد .
وهنا ممكن ان نذكر ردة فعل الشخص ذوي الاعاقة نحو إعاقته
وقد تكون على شكل إحدى الاحتمالين:
الاحتمال الأول: إما أن يأخذ بالتقوقع على الذات والهروب من المجتمع ، واليأس ، وبذلك تكون قد
انتصرت الإعاقة عليه ، وجعلته سلبياً لا حيلة له ، غير قادر على اكتشاف الذات والتعرف على
القدرات.
الاحتمال الثاني : أن يأخذ بالانطلاق نحو المجتمع والآخرين ، تعبيراً عن عدم الاستسلام ومقاومة الإعاقة ومن ثم الانتصار عليها ، حيث يبدأ باكتشاف الذات والقدرات التي يمتلكها وتنميتها ، لتخرج على شكل إبداعي ينافس فيه الآخرين من أفراد المجتمع ، وبذلك تكون قد شكلت له إعاقته دافعاً قوياً لإثبات الذات أمام الآخرين، وكأن يريد أن يقول ( أنا هنا ، موجود ولي قدرات وأستطيع المشاركة بعملية التنمية لمجتمعي ، وأريد أن تكون لي بصماتي الواضحة في مختلف المجالات أسوة بالآخرين) .
حقيقة هامة:
لا يعني بالضرورة أن يكون كل شخص من ذوي الاعاقة مبدعاً ، بل إن الأشخاص ذوي الاعاقة كسائر البشر تتراوح قدراتهم وفق التوزيع الطبيعي العام ، حيث وجود فروق فردية ، وليس من المفيد تسويق ذوي الاعاقة للمجتمع على الدوام بأنهم أناس موهوبون بالمطلق ، ومختلفون ، وسوبر مان تسكنهم طاقات إبداعية صنعتها إعاقاتهم ، لأننا بذلك قد ندخل في الخلط الذي كان سائداً في العصور السابقة عن ذوي الاعاقة بوصفهم كائنات أسطورية غريبة الأطوار، وأبعد ما تكون عن سمات الطبيعة البشرية ، فذوي الاعاقة ليس شخصاً خارقاً (سوبر) في كل الأحوال ، إلا أن الإعاقة والظروف التي عايشها قد تجعل منه في بعض الأحيان شخصاً قوياً قادراً على التحدي ، وبالتالي تعويض النقص الجسدي أو الحسي على شكل مهارات أخرى فنية أو رياضية أو أدبية أو قيادية.
اكتشاف الموهبة عند الاشخاص ذوي الاعاقة :
ومن أجل اكتشاف الموهبة عند الاشخاص ذوي الاعاقة والتعرف عليها والتي قد تكون أصعب من اكتشافها عند الأشخاص غير ذوي الاعاقة ، فإنه لا بد من توافر عناصر متعددة :
اسرة حاضنة مثقفة متعلمة واعية ان هناك يوجد ثنائي مذدوج (الاعاقة والموهوبة)
متخصصين ذو خبرات متعددة لعملية الاكتشاف والتدريب
مقايس واختبارات مناسبة لذوي استثناء مزدوج ( بسبب جمع بين الموهبة والإعاقة)
حرية شخصية تعطى للطالب من ذوي الاعاقة ليعبر عن الذات في شتى المجالات الرياضية والفنية والأدبية .
ملاحظة جيدة من متخصصين للطالب لمعرفة أي المجالات يبدعون فيها أكثر من أجل صقلها وتنميتها
التعزيز المستمر ، فلا بد من التعزيز المتواصل للأعمال الإبداعية مهما كانت قيمتها
العرض الجيد : لا بد من عرض اعمالهم وابداعاتهم بصورتها الإيجابية على الآخرين ، وإبداء الاهتمام بها
الجهات والمؤسسات الحاضنة : ومتبني لهؤلاء الموهوبين من ذوي الاعاقة.
أهم المتطلبات الرئيسةللتعرف على الاشخاص ذوي الاعاقة الموهوبين وتحديد مجال تفوقهم الأكاديمي أو الأدائي مايلي:
1- الملاحظة المقصودة من جانب الوالدين والمعلمين بدءا من المرحلة العمرية المبكرة والتي غالباً ما تكون قبل مرحلة رياض الاطفال.
2- المتابعة الدقيقة لأدائهم في كافة مجالات الموهبة ، والتي تشمل النواحي العقلية والأكاديمية والإبداعية والقيادية والأدائية ، وتشجيع المبادرات الأولية.
3- تطوير اختبارات مقننة خاصة بهم ، مبنية على دراسات علمية وموائمة للبيئة المحلية.
5- إجراء التعديلات المناسبة لأساليب التقييم المُستخدمة والبرامج المتبعه معهم.
عظماء ومشاهير تحدّوا معوقات الإعاقة على مر التاريخ:

برغم من اختلاف اعاقتهم لم يمنعهم من المضي قدما في الحياة، ليثبتوا لنا جميعا أن الإعاقة ما هي إلا إعاقة الفكر والروح، فالطفل الموهوب ذي الإعاقة يُمكنُ أنْ يكون في المستقبل ذو مكانة ومنزلة مرموقة يشار اليه بالبنان.

سوف اعرض بعض من الشخصيات العربية والإسلامية والعالمية تركت بصماتهم الإيجابية على مجتمعاتنا رُغم الإعاقات التي لحقت بهم، ومنهم:
أبو العلاء المعرّي: كفيف أيضاً درس فلسفة اليونان ونال من العلم والثقافات المختلفة وقرض الشعر وسُمِّيَ رهين المحبسين.
طه حسين: أديبٌ ومفكِّرٌ مِصريٌّ، كفيف امتلَكَ بَصِيرةً نافذة برغم انه حُرِم البصر، وقاد مشروعًا فكريًّا شاملًا، استحقَّ به لقبَ «عميد الأدب العربي.
هيلين كيلر: التي كانت تحمل ثلاث إعاقات هي: الصم وكف البصر والخرس ومع ذلك أصبح لها شأن في الأدب وكتابة القصة، وحصلت على شهادة الدكتوراه ولها من المؤلفات أشهرها قصة حياتي.
لويس برايل: كفيف، وهو الذي اخترع طريقة برايل للمكفوفين.
بيتهوفن : فنان لكل العصور برغم انه اصم لم يمنعه من الإبداع وظهر تميزه الموسيقي منذ صغره، فنشرت أولى أعماله وهو في الثانية عشر من عمره , واتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكرة، ثم زاد إنتاجه وذاع صيته كمؤلف موسيقى.
تيمبل جراندين :كانت تعاني من اضطراب طيف التوحد وهي بروفيسور أمريكية متخصصة في علم الحيوان، تعتبر من المدافعين عن اضطراب طيف التوحد ، لها العديد من المحاضرات والمقالات والكتب عن التوحد ، صاحبة أفضل الكتب مبيعًا في سلوك الحيوان بمجال إنتاج وتربية الماشية .
ألبرت أينشتاين : يعاني من اضطراب نمائي متلازمة اسبيرجر ، أينشتاين طور النظرية النسبية ، ونشر أبحاثاً في الفيزياء .
إسحاق نيوتن : يعاني من اضطراب طيف التوحد مكتشف قوانين الجاذبية.
موزارت: يعاني من اضطراب طيف التوحد مؤلف موسيقي نمساوي يعتبر من أشهر العباقرة المبدعين في تاريخ الموسيقى.

الاسرة واكتشاف الموهبة لدى ابنائها من ذوي الاعاقة
تعتبر الأسرة هي البيئة التي يمارس فيها الفرد حياته ، لذلك فإن لها دور هام في اكتشاف الموهوبين من أبنائها والأخذ بأيدهم وتقديم وسائل الرعاية اللازمة لتنمية قدراتهم وإمكانياتهم ، غير إنها تعجز أحيانا عن القيام بدورها كاملا وذلك بسبب عوامل نقص الخبرة ، أو قلة التدريب، أو تعرض طفلها لعوامل الحرمان المتنوعة بشكل مباشر أو غير مباشر . واحيانا انشغال الاسرة جانب الاعاقة والضعف عند طفلها والتجاهل انه يمكن وجود جانب ايجابي ابداعي لديه.
أن الأسرة مصدر صادق وثابت للطفل إذا توافرت فيها الأجواء الآمنة المستقرة والمشبعة لاحتياجات الشخص الموهوب ذوي الاعاقة ، ولكي تهتم الأسرة بتوفير الحاجات الأساسية له وإشباعها في جو من الحرية الموجهة داخل المنزل لابد أن تبتعد عن أساليب الكبت أو المراقبة الشديدة مع الاهتمام بمواهبهم.

كيف تكتشف الاسرة ان طفلها من ذوي الإعاقة موهوب:
نقطة البداية في اكتشاف الموهبة تبدأ من أفراد الأسرة لقربهم الشديد من الاشخاص ، ويقع على عاتق الأسرة مسئولية اكتشاف ورعاية وتنمية مواهب أبنائها ، ولكن هذه العملية ليست بالأمر اليسير لان هناك بعض من التحديات والمعوقات التي تمر بها الاسرة وتمنعهم من القيام بواجبها ومنها:
المستوى الثقافي والتعليمي للأسرة إن كان ضعيفاً. وتدني مستوى الثقافة والتعليمي للأسرة كانتشار الامية
عدم شعور الاسرة بالاستقرار النفسي داخل اسرته مما ينعكس على ابنائهم من ذوي الاعاقة الموهوبين.
المستوى الاقتصادي ودوره في إثراء أو فقر البيئة المحيطة بالشخص وقد يؤدي الفقر إلى عدم القدرة على الكشف عن الموهبة حيث لا توجد الوسائط المناسبة ولا يستطيعون وضعه بالمكان المناسب او توفير الوسائل والبرامج المناسبة.
إساءة معاملة واهمال الاسرة لأبنائهم من ذوي الاعاقة الموهوبين إما نتيجة لكثرة عدد الابناء أو نتيجة التفكك الأسري أو اتباع أساليب تربوية أسرية خاطئة مثل التدليل الزائد أو الحماية الزائدة أو التدخل بين الأبناء والتفريق بينهم في توزيع الاهتمام والرعاية.
انتشار الأفكار النمطية عند الاسرة لتدريب ذوي الاعاقة من خلال المهارات المتعددة وتجاهل دمج البرامج المتخصصة للموهوبين .
انشغال الأسرة لأوقات طويلة خارج المنزل وخصوصاً (الوالدان) الأمر الذي يزيد الضغوط النفسية عندهم وبالتالي التوتر في التعامل مع ذوي الاعاقة الموهوب والعصبية الزائدة فيؤدي ذلك إلى نبذ الافكار الابداعية وعدم تقبلها مما يزيد من الإحباط والسلبية عنده.
المعاملة السيئة من قبل الاسرة بالتقليل من قيمة الذات لدى الاشخاص من ذوي الاعاقة الموهوبين بكثرة التوجيه السلبي لهم من قبل الاسرة وعدم إعطائهم الثقة بالنفس التي تمكنهم من اظهار ابداعاتهم الجديد من الأفكار أو الأعمال.
عدم إلمام الأسرة بوسائل رعاية الموهوبين وبدورها التربوي في إثراء هذه الموهبة.
الإهمال الملحوظ عند كثير من الأسر لمواهب الأشخاص من ذوي الإعاقة الموجودين داخل اسرتهم .
النظر دائما للاسرة لنقاط الضعف ولسلبيات ابنائهم من ذوي الاعاقة وتجاهل الجانب الايجابي وبذلك تضيع الموهبة وتندثر لعدم تصور اولياء الامور ان طفلهم ذوي الاعاقة يمتلك موهبة.
نقص عوامل الخبرة لدى بعض من الاسر وقلة التدريب ، وعدم توافر معلومات كافية حول مواهب الأبناء وطرق التعامل معها.

طرق تهيئة رعاية تربوية منظمة للموهوبين من ذوي الاعاقات المتنوعة :
1- الاسرة: من خلال التعرف على برامج تنمية الجوانب المختلفة داخل المنزل وبتوعية الوالدين بخصائص الطلاب الموهوبين والمتفوقين من ذوي الاعاقة واحتياجاتهم وكيفية التعامل مع مشكلاتهم ومساعدتهم على التكيف مع أشقائهم وأصدقاءهم في محيط الأسرة ، فالأسرة تجهل الكثير عن طرق التعامل مع أبناءها الموهوبين من ذوي الاعاقة حيث يتم التركيز على الجوانب السلبية ويتجاهلون الجوانب الايجابية مما يؤدي بأبنائهم إلى الإحباط وعدم الاهتمام بموهبتهم. وتكون التوعية عن طريق (المحاضرات والنشرات) التي تقدم للأسرة .
2- المدرسة: من خلال برامج رعاية الموهوبين داخل المدارس و توعية المجتمع المدرسي بخصائص وسلوك وسمات الموهوبين وطرق التعرف عليهم وأساليب الكشف عنهم وحل مشكلاتهم من عن طريق ( المحاضرات والنشرات) داخل المدرسة وخارجها مع وجود الأخصائيين المتخصصين لرعاية هذه الفئة من الطلاب. ويتم اعداد وتدريب المعلمين والمشرفين على أساليب التعرف على مواهب وقدرات الطلاب المتنوعة وسبل تعزيز جوانب القوة في جميع الطلاب وفي جميع المجالات ووضع البرامج التدريبية والتأهيلية للعاملين في برامج رعاية الموهوبين.
3- الطلاب: المساهمة في توفير فرص تربوية متنوعة وعادلة لجميع الطلاب لتدريبهم على المهارات المتنوعة التي تنمي الجوانب المختلفة والمتعددة لدى ذوي الاعاقة ، وان لا نغفل عن اظهار وابراز مواهبهم وتنميتها وتوفير برامج ونشاطات إثرائية وفق أفضل المقاييس العالمية.
4-المؤسسات الثقافية والتعليمية : اهميتها في تبني اعمال ذوي الاعاقة الموهوبين ، واحتضان المبدعين من ذوي الاعاقة ، وتوفير لهم البيئة الصالحة وتوفير الادوات والبرامج المتخصصة والمتخصصين ، والعمل على عرض ابداعتهم للجمهور .
5- التعاون: بين الاسرة والمدرسة بهدف اكتشاف موهبة الشخص من ذوي الاعاقة مبكرا.
6-الاعلام : واهميته بنشر الوعي بالأشخاص ذوي الاعاقة الموهوبين وايضا اظهار إبداعاتهم للجميع.
نماذج لعظماء من ذوي الاعاقة موهوبين كان للأسرة دور ايجابي في بناء موهبتهم:
سوف نعرض نماذج من العظماء من ذوي الاعاقة يتمتعون بموهبة خاصة وكانت الاسرة (الام ) سبب في تنمية الموهبة والابداع لديهم:
النموذج الاول: توماس أديسون :
كان يعاني من صمم خفيف ، وكان فاشلاً دراسياً وهو من مد البشرية بكثير من الاختراعات أشهرها المصباح الكهربائي ، قدم معادلته المشهورة ومع ذلك أصبح من أهم المخترعين. ويعود الفضل لاكتشاف وتنمية الموهبة عند أديسون لوالدته فهي التي جعلت منه مخترعا عظيما. قام مدرسه بطرده من المدرسة لأن تصرفاته كانت غريبة في صغره بالنسبة للآخرين وجنونيه . كان اديسون كثير الاسئلة وخاصه غير المعقول منها، بينما لا يميل إلى الاجابة عن الاسئلة الدراسية. وقد ضجر منه أحد مدرسيه وقال المدرس لأديسون: انت فتى فاسد وليس مؤهلا للاستمرار في المدرسة بعد الآن. ثم قاموا بطرده من المدرسة ، عاد إديسون الصغير إلى البيت و سلم أمه رسالة من إدارة مدرسته ، فقرأتها الأم وغمر بريق عينيها الدموع ولم تشأ أن تخبره بحقيقة فحوى الرسالة فقالت : جاء فيها ( ابنك عبقري ، والمدرسة صغيرة عليه وعلى قدراته ، عليك أن تعلميه في البيت) ، تألمت الام عند سماعها هذا الخبر وقالت للمدرس كل المشكلة ان ابني اذكى منك وسترى من يكون توماس في المستقبل!
مرت السنوات و توفيت والدة إديسون بعد أن أصبح أكبر مخترع في التاريخ ، وفي يوم من الأيام وبينما هو يبحث في خزانة أمه وجد الرسالة التي أرسلت له من المدرسة ، فتحها فإذا مكتوب فيها ( ابنك غبي جدا، فبدءا من صباح الغد لن ندخله إلى المدرسة ) !… بكى إديسون لساعات طويلة ، وبعدها كتب في دفتر مذكراته ( اديسون كان طفلا غبيا ، و لكن بفضل والدته الرائعة تحول إلى عبقري ).
النموذج الثاني: كريستـي بـراون ( الشلل الدماغي ) :

مؤلف ورسام وشاعر ايرلندي ولد عام ( 1932) ، وكان مصاباً بالشلل الدماغي ، اعتنت به أمه في
صغره أشد اعتناء وتولت تعليمه ، فشق طريقه إلى النجومية عبر رسوماته التي انتشرت في العالم
من خلال رسمه بقدمه اليسرى. له كتاب ( قدمي اليسرى)
النموذج الثالث: دانيا طارق تحدت المعوقات التي واجهتها بسبب اعاقتها السمعية ولونت حياتها بريشة رسام ، صاحبة المواهب المتعددة رسامة وتعزف علي البيانو الفنانة القطرية التشكيلية لها العديد من المعارض الداخلية والخارجية والعالمية ارتبط اسمها من الاشخاص الذين تحدوا معوقات المجتمع وجعلت من موهبتها مجداب يوصل سفينتها لبر الامان.

اهم التوصيات للأسرة:
– يجب أن توفر الأسرة لأبنائها من ذوي الاعاقة المبدعين الإمكانيات المناسبة والظروف الملائمة حتى يمكن استغلال هذه القدرات العقلية والمواهب الكامنة منذ وقت مبكر من عمر الطفل.
-توفير الأدوات التي تنمي لدى طفلهم الموهبة من ( الألوان والكتب والمجلاّت وقصص الأطفال والوسائل الإلكترونية ، وبعض الأدوات لممارسة بعض المهارات الحركية).
-ألا ينسى الآباء أنه طفل هو بحاجة لحنان الاسرة ودعمها المستمر لكي ينمي جانب الموهبة لديه.
-أن يلجأ الأبوان للمتخصصين وذوي الخبرة للحصول على المزيد من المعلومات عن سبل التعامل مع الطفل من ذوي الاعاقة الموهوب.
اهم التوصيات للمجتمع:
أن يكون هناك مؤسسات وهيئات ترعى هؤلاء الأطفال وتقدم لأسرهم الدعم المادي والمعنوي لإطلاق الطاقات الكامنة لأنها لو لم تطلق ستتحول هذه الطاقة إلى صورتها السلبية في شكل اضطرابات نفسية وسلوكية. علماً بأن هذه المؤسسات موجودة بالفعل في العديد من الدول الأجنبية والعربية.

والى هنا وصلنا لنهاية موضوعي واتمني ان يستفيد منه الجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتورة هلا السعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى