البلاستيك: ما هي فوائد رصف الطرق بطبقة من هذه المادة المرنة؟
[ad_1]
على أحد الطرق المؤدية إلى نيودلهي، يعبر يوميا عدد لا يحصى من السيارات، التي تمر مسرعة فوق أطنان من الأكياس البلاستيكية وأغطية الزجاجات وأكواب البوليسترين المهملة.
وحين تقطع السيارة كيلومترا واحدا فقط، فإنها تعبر فوق طن من النفايات البلاستيكية. لكن بعيدا عن فكرة القيادة عبر بحر من القمامة والمخلفات البلاستيكية، فسطح هذا الطريق ناعم حقا وجيد الصيانة. في الواقع، فإن البلاستيك الذي تمر فوقه السيارة لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، فهو ببساطة جزء لا يتجزأ من الطريق.
وقد تم تعبيد هذا الطريق الممتد من نيودلهي إلى ميروت القريبة باستخدام نظام رائد طوره راجاغوبالان فاسودفان، أستاذ الكيمياء في كلية تياغراجار للهندسة في الهند. ووفق هذا النظام أمكن استبدال 10 في المئة من الأسفلت الذي يغطي سطح الطريق بمخلفات بلاستيكية.
كانت الهند رائدة على مستوى العالم في تجارب استخدام القطران البلاستيكي في رصف الشوارع في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن دولا عديدة بدأت تحذو حذوها. ومن غانا إلى هولندا، أصبح استخدام البلاستيك في رصف الشوارع والطرقات يساعد على تخفيض انبعاثات الكربون، وحماية المحيطات من الاختناق بمخلفات البلاستيك وتخليص مكبات النفايات من هذه المادة غير القابلة للتحلل، وفي الوقت نفسه زيادة متوسط العمر المفترض للطرقات.
وبحلول عام 2040، من المفترض أن البيئة على مستوى العالم ستعاني من تراكم 1.3 مليار طن من نفايات البلاستيك. وتنتج الهند وحدها أكثر من 3.3 مليون طن من هذه النفايات سنويا، وقد كان هذا أحد الدوافع وراء ابتكار نظام فاسوديفان الذي يدمج النفايات في مواد رصف الطرق.
ويتميز هذا النظام بكونه عملية بسيطة للغاية، لا تتطلب إلا القليل من الآلات ذات التقنية العالية. أولاً، تفرش النفايات البلاستيكية المقطعة فوق ركام من الحجارة المكسرة والرمل، ثم يتم تسخينها إلى حوالي 170 درجة مئوية، وهي كافية لإذابة البلاستيك. فتتحول المواد البلاستيكية المذابة إلى طبقة رقيقة تغطي الركام، ثم يضاف الأسفلت الحار على السطح، ما يساعد على تماسك الركام، وهكذا يكتمل تحضير المزيج.
ويمكن استخدام أنواع البلاستيك المختلفة في هذا المزيج: الأكياس، والأكواب التي تستخدم لمرة واحدة، والبلاستيك الرقيق متعدد الطبقات والذي يصعب إعادة تدويره، وكذلك مادة البولي إيثيلين الرغوية والبولي بروبيلين. وقد كان رصف شوارع الهند هو المصير الذي انتهت إليه كميات هائلة من البلاستيك من كل الأنواع. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه لا لزوم لفرز البلاستيك أو تنظيفه قبل تقطيعه.
وبالإضافة إلى التخلص من هذه المواد البلاستيكية بدلا من رميها في مدافن النفايات أو المحارق أو تلويث المحيطات بها، فهناك أدلة على أن البلاستيك يحسن أداء الطريق. إذ يبدو أن إضافة البلاستيك إلى المواد المستخدمة في رصف الطرق تؤدي إلى تقليل احتمال حدوث الحفر وإبطاء تدهورها بفعل التآكل، كما يزيد البلاستيك من مرونة السطح، وبعد 10 سنوات من الاستخدام، لم تظهر أي حفر على أقدم الطرق البلاستيكية التي أنشئت في الهند وفق نظام فاسوديفان، وبما أن معظم هذه الطرق لا يزال جديدا نسبيا، فمتانتها على المدى الطويل لا تزال قيد الاختبار.
ووفقا لحسابات فاسوديفان، فإن دمج نفايات البلاستيك في تعبيد الطرق بدلا من حرقها يوفر أيضا ثلاثة أطنان من ثاني أكسيد الكربون في كل كيلومتر من الطريق، إلى جانب الفوائد الاقتصادية بتوفير نحو 670 دولارا في كل كيلومتر.
وفي عام 2015، فرضت الحكومة الهندية استخدام النفايات البلاستيكية في تشييد الطرق القريبة من المدن الكبيرة التي يزيد عدد سكانها عن 500 ألف شخص، بعد أن قدم فاسوديفان براءة اختراعه لهذا النظام إلى الحكومة مجانا. ويحتاج المسار الواحد من طريق عادي إلى 10 أطنان من البيتومين (الأسفلت أو الزفت) لكل كيلومتر، وبما أن الهند تشيد آلاف الكيلومترات من الطرق سنويا، فإمكانية التخلص من النفايات البلاستيكية باستخدامها في الطرق تتزايد بسرعة أيضا. وتم حتى الآن إنشاء 2500 كيلومتر من الطرق التي استخدم فيها القطران البلاستيكي في البلاد.
ويقول فاسوديفان: “طريق القطران البلاستيكي يتحمل الأحمال الثقيلة وحركة المرور الكثيفة، وهو لا يتأثر بالمطر أو تجمع المياه الراكدة”.
وظهرت مشاريع مماثلة في أماكن أخرى من العالم. وتقوم شركة المواد الكيميائية “داو” بتنفيذ مشروعات باستخدام بلاستيك معاد تدويره وغني بالبولي إيثيلين في الولايات المتحدة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأنشئ أول طريق من هذا النوع في المملكة المتحدة في اسكتلندا عام 2019 من قبل شركة “ماكربر” لبناء الطرق البلاستيكية، والتي أنشأت طرقا بلاستيكية في أماكن عدة من سلوفاكيا إلى جنوب أفريقيا.
ووجدت شركة “ماكربر” أيضا أن استخدام البلاستيك في رصف الطرق يزيد مرونتها، ما يجعلها أقل تأثرا بالتمدد والتقلص اللذين تتعرض لهما الطرق بسبب تفاوت درجات الحرارة، وهذا يؤدي إلى تراجع إمكانية حدوث الحفر على سطحها. وفي حال حدوث ذلك، فإن ملء الحفر بنفايات البلاستيك التي كانت ستذهب إلى المكبات يعد حلا سريعا وعمليا. وقد أعلنت حكومة المملكة المتحدة مؤخرا عن تخصيص 1.6 مليون جنيه إسترليني للأبحاث المتعلقة بالطرق البلاستيكية للمساعدة على إصلاح الحفر ومنع حدوثها مستقبلا.
وفي هولندا، قامت شركة “بلاستيك رود” عام 2018 بإنشاء مسار الدراجات الأول في العالم المبني من البلاستيك المعاد تدويره. وفي أواخر مايو/أيار 2020 بلغ عدد الدراجات التي عبرته مليون دراجة. وقامت الشركة بتقطيع وفرز وتنظيف النفايات البلاستيكية المجمعة محليا، قبل استخراج مادة البولي بروبيلين من الخليط، وهي نوع من البلاستيك يستخدم عادة في صنع الأكواب التذكارية الخاصة بالمناسبات وعبوات مستحضرات التجميل وأغطية الزجاجات والمصاصات البلاستيكية.
وبخلاف الطرق المرصوفة بمزيج من القطران البلاستيكي في الهند والمملكة المتحدة وأماكن أخرى، لا تستخدم شركة “بلاستيك رود” البيتومين (الأسفلت) على الإطلاق. وتقول آنا كودستال، الشريكة المؤسسة للشركة: “طرقات بلاستيك رود تتكون بالكامل تقريبا من البلاستيك المعاد تدويره مع طبقة رقيقة جدا من الركام المعدني على السطح العلوي”.
ويتضمن كل متر مربع من مسار الدراجات البلاستيكي أكثر من 25 كلغ من النفايات البلاستيكية المعاد تدويرها، ما يقلل انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 52 في المئة مقارنة بمسار دراجات تقليدي مرصوف بالبلاط، كما تقول كودستال.
لكن بعد استخدام البلاستيك في رصف ممر أو طريق، كيف نتأكد أنه سيظل في مكانه؟ وهل يمكن أن يتآكل المحتوى البلاستيكي متحولا إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة تلوث التربة والماء والهواء؟
من المعروف أن الطرق المرصوفة بمواد تقليدية وإطارات السيارات ومكابحها مصدر رئيسي للتلوث بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة. وتقول كودستال إن مسارات الدراجات المرصوفة بمزيج يدخل فيه البلاستيك لا تنتج مواد بلاستيكية دقيقة أكثر من الطرق التقليدية، كما لا يوجد تلامس مباشر للمستخدمين مع البلاستيك.
لكن، ثمة احتمال آخر وهو أن يتم إطلاق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من الطبقة السفلية لمسارات الدراجات: فالمسارات مصممة بحيث تسمح لمياه الأمطار بالترشح من خلالها، قبل أن تتسرب عبر نظام تصريف تحت سطح الأرض. إلا أن كودستال ترى أنه من غير المرجح أن تتسرب المواد البلاستيكية الدقيقة على هذا النحو، وتقول: “تحتوي مسارات الدراجات على مرشحات تمنع الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وتضمن أن تكون مياه الأمطار نظيفة حين تتسرب إلى الأرض”.
ويوافق غورميل غاتاورا، كبير المحاضرين في قسم الهندسة المدنية بجامعة برمنغهام البريطانية، على أن استخدام البلاستيك في الأسطح السفلية للطرقات يقلل من مخاطر إنتاج المزيد من الجزيئات البلاستيكية، ويقول: “من المحتم أن تتولد مثل هذه الجسيمات (على مستوى السطح) بسبب التآكل الذي تسببه حركة المرور”.
ونظرا إلى أن الهند تضم إحدى أكبر شبكات الطرق في العالم، مع معدل نمو يبلغ نحو 10,000 كيلومتر سنويا، فهناك إمكانية كبيرة للتخلص من النفايات البلاستيكية باستخدامها في رصف الطرق. وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا جديدة نسبيا بالنسبة للهند، وكذلك بالنسبة لبقية العالم، إلا أن فاسوديفان واثق من أن الطرق البلاستيكية ستتابع اكتساب مزيد من الشعبية، ليس فقط لأسباب بيئية، وإنما لأنها تعد بطرق أكثر مرونة ومقاومة لعوامل التآكل وبالتالي تدوم لفترات أطول.
[ad_2]
Source link