نازانين زاغاري-راتكليف: متى تعود لعائلتها التي فارقتها نحو خمس سنوات؟
[ad_1]
- كارولين هاولي
- مراسلة الشؤون الدبلوماسية
مضى أكثر من 1800 يوم، منذ أن لوح ريتشارد راتكليف بتلويحة الوداع لزوجته نازانين عند بوابة المغادرين في مطار غاتويك بلندن، ولم يكن يشعر بالقلق حينها سوى بشأن ابنتهما الصغيرة وكيف ستتعامل مع تلك الرحلة الطويلة إلى طهران.
وسبق لنازانين زاغاري-راتكليف أن أخذت ابنتها غابرييلا لقضاء بعض الوقت مع جديها الإيرانيين لثلاث مرات من قبل.
ولم يكن لدى ريتشارد أي سبب يمنعه من الاعتقاد بأنه سيعود بعد 14 يوما إلى المطار لاستقبالهما وأخذهما إلى المنزل بعد عودتهما.
يستذكر راتكليف: “كان وداعا جرى بعجالة نسبيا، فغابرييلا في ذلك الوقت كانت بعمر سنة وثلاثة أرباع السنة وبضعة أيام، لذا كنت فقط أتمنى حظا سعيدا لها في رحلتها”.
ولكن كانت تلك آخر مرة يرى فيها راتكليف زوجته وجها لوجه.
فنازانين تعرضت للاعتقال على أيدي مجموعة من عناصر الحرس الثوري الإيراني في مطار طهران، بينما كانت تستعد للصعود في رحلة العودة إلى بلادها.
ومنذ ذلك التاريخ، عانت من الحبس الانفرادي لمدة ثمانية أشهر واستجوابات وهي معصوبة العينين، وخاضت إضرابات عن الطعام للضغط لتقديم علاج طبي لها، وتلقت وعودا كاذبةً لإطلاق سراحها، وظلت لخمس سنوات بعيدة عن عائلتها.
قال لي راتكليف: “في البداية، اعتقدت أن ذلك أمر غير عادل كليا وبمجرد أن نرفع أصواتنا بالمطالبة سيتدخل الأشخاص المناسبون وستتم تسوية الأمر. ولم أكن أتخيل أن ذلك سيستغرق خمس سنوات أو أكثر”.
وأضاف: “الآن، باتت نهاية فترة محكوميتها الفعلية، التي كانت في يوم ما أسوأ سيناريو يمكن تخيله، تبدو مثل نتيجة جيدة، في هذا الوقت”.
وقد حُكم على زاغاري- راتكليف في محاكمة سرية في عام 2016، بالسجن لمدة خمس سنوات “لعضويتها في منظمات تعمل ضد الدولة الإيرانية” في إشارة، كما يقول زوجها، إلى عملها مع مؤسستين خيريتين هما: بي بي سي ميديا أكشن و ثومبسون رويترز، على الرغم من أنها لم تكن تُدرّب صحفيين أصلا لحظة اعتقالها.
ويوم السابع من مارس/ آذار هو التاريخ الرسمي لإطلاق سراحها – وقد شاهده محاميها مؤشرا في كومبيوتر الهيئة القضائية الإيرانية. وهي تعد الأسابيع في التقويم في بيت والديها، حيث عاشت تحت الإقامة الجبرية مع سوار مراقبة إلكتروني مربوط على كاحلها. (وقد رفع الأحد سوار المراقبة الألكتروني من كاحلها، لكنها ظلت تنتظر موعد محاكمة جديدة).
بيد أن زوجها، الذي كافح في حملة استثنائية وعلى أعلى المستويات من أجل إطلاق سراحها، يشك في أنه سيسمح لها بركوب طائرة للعودة إلى بيتها.
ويصف زوجته بأنها رهينة، تستخدم كورقة مساومة ضمن جدل مستمر منذ وقت طويل يرى فيه الإيرانيون أن بريطانيا مدينة لإيران في صفقة دبابات لم تسلمها إليها (كان الشاه قد تعاقد على صفقة دبابات تشيفتن وقد أوقفت الصفقة بعد سقوطه).
ويقول راتكليف “لقد ظل الحرس الثوري ثابتا كلياً طوال الخمس سنوات الماضية على اعتقال نازانين لتحقيق تأثير ما في قضية صفقة الدبابات”.
ويضيف “لقد احتجزوها طوال هذا الوقت الذي لم يتم فيه دفع ما يطالبون به، واعتقد أنه إذا لم يتم دفع مبلغ صفقة الدبابات، سيستمر احتجاز نازانين وثنائي الجنسية الآخرين، بل وسيتم أخذ الكثير من الرهن لضمان دفع مبلغ الصفقة”.
كما أن قضية نازانين قد تكون علقت أيضا بالمفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، المعروف باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، التي تعمل بريطانيا مع حلفائها الأوروبين على إحيائها.
ويقول راتكليف: “ثمة احتمال أن تطول (المفاوضات) وتطول، ومن المحتمل جدا أن تُرمى على نازانين قضية جديدة”.
ويضيف: “لم تر العائلة أبدا نسخة من التهم التي حُكم على نازانين بموجبها. وليس هناك أي توثيق مكتوب لأي شيء، لذا فهم يحتفظون بحيز للتعديل بما يتناسب مع كل مرحلة”.
ويُبدي راتكليف قلقه بشأن تأثير أي إطالة في بقاء عائلته منفصلة بعيدا عن بعضها على كل من زوجته وابته غابرييلا، التي هي في السادسة من العمر الآن، وتعد الأيام في تقويم صنعته بنفسها في انتظار إطلاق سراح أمها وعودتها إليها.
وكانت غابرييلا عادت إلى بريطانيا لتعيش مع والدها وبدء دراستها في أكتوبر /تشرين الأول 2019، وتأمل في أن تتبعها والدتها سريعا.
يقول والدها: “إن غابرييلا وُعدت عدة مرات بأن ‘ماما ستأتي البيت قريبا'”.
وعاشت نازانين نفسها أقسى الفترات وأكثرها ظلاما في عام 2016، عندما احتجزت لوحدها في غرفة مظلمة بمعزل عن العالم الخارجي، وقال لها من يحققون معها، بشكل غير صحيح، إن زوجها ريتشارد لدية علاقة عاطفية مع غيرها وأن لديهم دليل على ذلك في صور فوتغرافية.
ويقول راتكليف: “لا أعتقد أنه يمكنني تخيل وفهم ما مرت به حينها. إنه تكنيك يمارس كثيرا لتحطيم شخص ما. وقد قادها هذا الخوف وإساءة المعاملة إلى أن تفكر بالانتحار. لقد قالت لي ‘من الأفضل لي أن أموت، فيمكنك أن تواصل عيش حياتك'”.
وكتبت زاغاري-راتكليف في أول رسالة لها من السجن إلى زوجها، وهي في حالة يأس: “كل يوم وكل ثانية تمر أغرق أكثر وأكثر في بحر من الشك والخوف والتهديد والعزلة … إن عويلي لن يُسمع في تلك الزنزانة الصغيرة، القذرة، الباردة والكئيبة”.
وشكل إبعادها عن ابنتها لفترة طويلة مصدر شقاء وذنب بالنسبة لها. وقد اعتذرت من ابنتها من سجنها قائلة: “سامحيني عن كل تلك الليالي التي لم أكن فيها إلى جانبك لأمسك بيدك الصغيرة الدافئة حتى تنامين”.
وأضافت “سامحيني عن كل تلك اللحظات التي افتقدت فيها حضن أمك، وعن كل تلك الليالي التي عانيت فيها من حمى ظهور أسنانك ولم أكن فيها إلى جانبك؛ سامحيني”.
وتتحدث العائلة، التي تفصل بين أفرادها آلاف الأميال، الآن، عبر تطبيق سكايب مرتين في اليوم.
وتتابع زاغاري-راتكليف، التي باتت الآن في 42 من العمر، ابنتها غابرييلا وهي ترسم، كما تلعبان بعض الألعاب معا عن بعد.
وتتطلع غابرييلا إلى أن تمارس هوايتها في السباحة مع والدتها أو أن تذهب معها لمحل بيع دمى الأطفال في يوم ما.
ويأمل الزوجان في أن يكون لديهما طفل ثانٍ، بيد أنهما يخشيان من أن الزمن بات الآن في غير مصلحتهما.
وفي أواخر الشهر الماضي، اتصل وزير الخارجية البريطاني دومنيك راب، هاتفيا بزاغاري-راتكليف في طهران، مطمئنا إياها بأن الحكومة البريطانية تفعل كل ما في وسعها لإعادتها إلى بلادها، بيد أنه لم يعد بإطلاق سراح فوري لها بل باستمرار العمل لتحقيق هذا الهدف.
وتقول الخارجية البريطانية إن زاغاري -راتكليف وبقية المواطنين من مزدوجي الجنسية (البريطانيين- الإيرانيين) هم “محتجزون تعسفيا” لدى السلطات الإيرانية، مضيفة “لا نقبل أن تعتقل إيران مزدوجي الجنسية لاستغلالهم لتحقيق تأثير دبلوماسي”.
بيد أن راتكليف كان منتقدا لمقترب الحكومة البريطانية في التعامل مع هذه القضية، إذ يقول ” أن لا تفعل شيئا يهز الركود القائم، يعني أنه ليس هناك ثمن يتكبده من يقومون بأخذ الرهائن مهما فعلوا لمواصلة ممارستهم، وأن نواصل (نحن) الانتظار”.
ويضيف: “لذا يمكن لكل من الجانبين أن ينتظر ما يقدمه الطرف الآخر، لأنهم ليسوا من يتحمل عب وكلفة هذا الانتظار – بينما تتحمل الضحية وعائلتها بالتأكيد هذا العبء”.
وبشأن ما سيحدث خلال الأشهر القليلة المقبلة، يتحدث ريتشارد بصبر عن يد القدر التي تحكمت بعائلته في محنتها؛ لكنه يخلص إلى القول “لكن الشمس ستبزغ يوما ما”.
[ad_2]
Source link