أخبار عاجلة

لو كان فيه خير ما رماه الطير لماذا | جريدة الأنباء

[ad_1]

«اشتر عندما يكون هناك دم في الشوارع».. هذه ربما واحدة من أكثر العبارات التي تتكرر على مسامع المشاركين في السوق، وذلك تزامنا مع حدوث الانهيارات أو التراجعات الحادة مثل التي شهدتها أسواق الأسهم حول العالم إثر تداعيات انتشار فيروس كورونا في مارس الماضي، مما شجع الكثيرين على الدخول في السوق واقتناص ما يعتقدون أنها أسهم رخيصة معروضة بأسعار لم تتكرر.

مشكلة هذه العبارة وغيرها من الأقوال المشهورة والمتداولة بين المستثمرين مثل «كن جشعا متى كان الآخرون خائفين وكن خائفا متى كان الآخرون جشعين» هي أنها مختصرة بشكل مخل وشديدة العمومية، وحين يتم تطبيقها بشكل حرفي في بيئة بالغة التعقيد مثل سوق الأسهم تأتي بنتائج عكسية.

في سوق الأسهم توجد هناك الكثير من العوامل والمتغيرات التي قد تؤثر على سعر السهم صعودا وهبوطا، وهذه العوامل والمتغيرات أكبر من أن يتم اختصارها في عبارة لطيفة مكونة من عدة كلمات، والمشكلة هي أن الإيمان بهذه العبارات يوقع بالمستثمرين في فخ عدد من التحيزات المنهجية التي تعميهم عن الكثير من العوامل الموضوعية، لتقودهم في النهاية إلى اتخاذ قرارات سيئة.

أشهر مضارب في التاريخ

إذا وجدت من يردد عبارة «اشتر عندما يكون هناك دماء في الشوارع» فربما يجدر بك أن تذكره بأن صاحب هذه العبارة نفسه وهو المضارب الأمريكي «جيسي ليفرمور» حين حاول تطبيقها قصمت الخسائر ظهره وأشهر إفلاسه.. «ليفرمور» هو دون مبالغة أشهر مضارب في تاريخ سوق الأسهم، وعباراته ونصائحه لا يكاد يخلو منها كتاب أو مقال أو محاضرة عن الاستثمار.

وإذا كان هناك درس واحد يمكن لمستثمري سوق الأسهم هذه الأيام تعلمه من «ليفرمور» فهو مدى خطورة القواعد شديدة العمومية والعبارات الأنيقة المختصرة، التي تشعرك للوهلة الأولى بأنها أنارت بصيرتك وأضافت لك شيئا، لكن حين تدقق فيها تجد أنها توصلك إلى اللامكان.

في الثامن عشر من أبريل 1906 ضرب زلزال مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، ورغم أنه لم يستمر أكثر من 42 ثانية إلا أنه تسبب في مقتل 375 شخصا وتشريد نحو 277 ألفا آخرين خلال الأسبوع الأول فقط من وقوعه.

كان «ليفرمور» مقتنعا بأن هذه الحادثة ستكسر سوق الأسهم الأمريكي، وعلى هذا الأساس قرر بيع عدد من الأسهم على المكشوف، ولكن السوق على الناحية الأخرى بدا متماسكا على الأقل في الساعات الأولى.

لم يتزحزح «ليفرمور» وقرر مضاعفة رهانه من 5 آلاف سهم إلى 10 آلاف سهم قام ببيعها على المكشوف. لحسن حظ «ليفرمور» انهار السوق بالفعل في بداية جلسة العشرين من أبريل، وهو ما مكنه من تغطية مركزه وتحقيق مكاسب قدرها 250 ألف دولار، تعادل ما يزيد على 6 ملايين دولار بأموال اليوم.

«ملك القطن»

أصبح «ليفرمور» رجلا ثريا في لمح البصر، لكن بدلا من أخذ قسط من الراحة والسماح لنفسه بالاستمتاع بمكاسبه الأخيرة، سارع «ليفرمور» لدخول السوق مرة أخرى، ليقوم أيضا ببيع عدد من الأسهم على المكشوف مراهنا على انخفاض سعرها، ولكن جاءت رياح السوق بما لا تشتهيه سفنه، وارتد السوق نحو الأعلى مما تسبب في خسارته لـ90% من المكاسب التي حققها للتو.

كما هو معروف عنه، لم تتأثر نفسية «ليفرمور» بالخسارة كثيرا، وانتعش بسرعة ودخل السوق مرة أخرى لكن بحذر أكبر هذه المرة، ليتمكن على مدار الأشهر التالية من تعويض خسائره وتحقيق مكاسب قدرها 750 ألف دولار، وبحلول نهاية عام 1907 وقبل عيد ميلاده الثلاثين تجاوزت ثروة «ليفرمور» حاجز الثلاثة ملايين دولار، في هذه اللحظة أراد «ليفرمور» تجربة شيء جديد، لذلك قرر دخول سوق السلع في شيكاغو بداية عام 1908، وكانت صفقته الأولى عبارة عن مركز كبير في عقود القطن، والتي مكنته من تحقيق ربح قدره مليونا دولار، وهو ما أكسبه سمعة بين تجار السلع في البورصة، لدرجة أن البعض أطلق عليه لقب ملك القطن.

عاد «ليفرمور» إلى نيويورك وفي حسابه البنكي 5 ملايين دولار، وحينها ذهب إليه «تيدي برايس» الذي كان يعد واحدا من أشهر مضاربي القطن في العالم، وعرض عليه فكرة أن يتشاركا معا في التداول بالقطن، كان «برايس» سيوفر المعلومات الأساسية حول سوق القطن في حين سيقوم «ليفرمور» بالتداول على أساسها.

رفض «ليفرمور» فكرة الشراكة، لكنه لم يكن لديه مانع من تكوين صداقة مع «برايس»، على مدار الشهور التالية استمر الرجلان في الاجتماع معا في العطلات، ومع الوقت تأثر «ليفرمور» بحديث «برايس» عن سوق القطن وطبيعة المعلومات التي يشاركها معه.

هل خانه صاحبه؟

«ليفرمور» كان مضاربا ومضاربا فقط، أي انه لم يكن مهتما سوى بحركة الأسعار، بينما لم يشغل باله كثيرا بالتفكير في أساسيات القطن مثل حجم المحصول أو نوعيته، لكن علاقته بـ«برايس» قلبت أحواله وغيرت نظرته للأمور، «ليفرمور» من واقع خبرته كمضارب كان يرى أن أسعار القطن متجهة نحو الهبوط وعلى هذا الأساس قرر بيع عقوده على المكشوف.

لكن «برايس» أقنعه بعكس ذلك، وأن القطن سيأخذ اتجاها صعوديا، «ليفرمور» الذي شعر من كثرة مخالطته لـ«برايس» أنه لا يفهم بالتأكيد أكثر منه في أحوال سوق القطن، قرر تجاهل حدسه الخاص والمشي وراء نصيحة «برايس» ليقوم ليس فقط بتغطية مراكزه المكشوفة والخروج منها، بل شرع أيضا في الدخول بمراكز طويلة وشراء القطن.

في غضون أيام كان «ليفرمور» قد اشترى عقودا لـ160 ألف بالة قطن قبل أن يصل مجموع مراكزه الطويلة في النهاية إلى ما يزيد على الـ400 ألف بالة، متخليا عن كل قواعده وقناعاته الخاصة التي طورها واكتسبها على مدار سنوات، باع «ليفرمور» دون أن يشعر مراكزه الرابحة وزاد من مراكزه الخاسرة.

مضى السوق في الاتجاه المعاكس وتراجعت أسعار القطن، ووجد «ليفرمور» نفسه متورطا في 440 ألف بالة قطن تزيد قيمتها على 25 مليون دولار، وفي هذه الصفقة خسر حوالي 4.5 مليون دولار. وما زاد من جراحه هو اكتشافه لاحقا أن صديقه «برايس» نفسه الذي أقنعه باتجاه القطن نحو الصعود، باع هو سرا عددا من عقود القطن على المكشوف، أي راهن على انخفاضه.

عن هذه الحادثة يقول «ليفرمور»: «يجب على الرجل منا أن يؤمن بنفسه وبحكمه على الأمور إذا أراد أن يكسب لقمة عيشه في هذا السوق، هذا هو السبب وراء عدم إيماني بالنصائح، إذا اشتريت السهم بناء على نصيحة سميث فيجب أن أبيعها أيضا بناء على نصيحة سميث.. لا يا سيدي، لا يمكن لأحد أن يجني أموالا كبيرة بناء على نصيحة شخص يخبره بما يجب عليه فعله».



[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى