ابن خلدون: لماذا أثار الجدل في تونس؟
[ad_1]
في شارع الحبيب بورقيبة الذي يشق العاصمة تونس، يقف تمثال العلّامة، عبد الرحمن ابن خلدون شاهدا على عصر مرت فيه البلاد بتحولات عدة.
يجذب التمثال زوار مدينة تونس، فيحرصون دوما على التقاط صور تذكارية بجانبه. كما اعتاد منظمو الاحتجاجات الاجتماع في ساحة التمثال قبل أن يتقدموا في تجاه شارع الحبيب بورقيبة الذي تحول إلى رمز للمظاهرات.
وفي 6 مارس 2021 تداول نشطاء صورا للتمثال بعد أن علق محتجون عليه لافتات تطالب بالإفراج عن الموقوفين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.
واعتلى المحتجون نصب التمثال رافعين لافتاتهم وأعلامهم، وعمد بعضهم إلى كتابة شعارات و”شتائم” ضد الحكومة على قاعدة التمثال الرخامية.
وجاءت تلك الوقفة الاحتجاجية بعد أيام من عملية إعادة ترميم قاعدة التمثال وتهيئة الساحة المحيطة به.
وقد أثارت صور التمثال والوقفة الاحتجاجية جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واختلفت الآراء حولها.
وندد فريق من المعلقين بتصرف المحتجين واعتبروه مظهرا ينافي التحضر والرقي و”اعتداء على الملك العام”.
في حين عده فريق ثان أسلوبا مشروعا للاحتجاج وللتعبير عن الغضب.
ويستغرب المحتجون اهتمام البعض بالكتابات على تمثال بدلا من التضامن مع الموقفين الذين مارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم.
خفتت حدة الجدال بعد أن تدخل مجموعة من الشباب لإزالة الكتابات، وترسل شيخة بلدية تونس لاحقا فريقا لتنظيف ساحة التمثال.
في قلب الصراع الإيديولوجي والسياسي
وما كاد النقاش ينتهي حول الموضوع حتى برز مرة أخرى ثم تطور إلى تبادل الاتهامات بين فريقين يتبنى كل منهما “مواقف سياسية وفكرية مختلفة”.
ففي هذا النقاش أبعاد عديدة تتخطى الحديث عن رمزية ابن خلدون أو عن أهمية حماية الملك العام. فهو جزء من نقاش شغل تونسيين على مدى الأسابيع الماضية ويرتبط بطبيعة الوضع السياسي وتطور المشهد الاحتجاجي.
ثمة من يرى أن المشكلة الحقيقية لا تمكن في الكتابة على لوحة التمثال بل في بعض الشعارات المرفوعة، بينما دعا آخرون إلى عدم تهويل الموضوع.
منذ أحداث 2011، لم تتوقف الاحتجاجات والمسيرات في تونس. ومع اختلاف السياقات والغايات والفاعلين، تتنوع طرق الاحتجاج وتجدد.
بعضها لا يزال تقليديا بينما بعضها الآخر يعتمد على عنصر المفاجأة والتقنيات الحديثة. ولا يخلو بعضها طبعا من العنف.
وقد تميزت المسيرات الأخيرة التي نظمها شباب في شارع الحبيب بورقيبة بتنوع أساليبها وألوانها.
كما لجأ بعض الشباب إلى مخزون الشتائم أو لرسوم الغرافيتي التي تحمل رسائل متناقضة بين الغضب والسخرية والفكاهة.
وباتت صيغ الشتائم تستخدم في هتافات شباب أو في شعاراتهم المكتوبة كأداة احتجاج على الواقع السياسي القائم و”السلطة الأبويّة” .
لذا ينظر البعض لتلك الأساليب على أنها “طريقة مختلفة” يعبر بها الشباب المحتج عن رفضه “للوصاية الأخلاقية” ومحاولة لـ “تحرير الشارع من سلطة الأمن التي تتحكم فيه وتحدد المعايير والقيم”.
ورغم دفاعهم المسبق على حق الاحتجاج، طالب آخرون المسؤولين عن تنظيم المظاهرات إلى “ضبط المشاركين فيها واحترام عادات المجتمع”.
ويصف معلقون ما حدث أمام تمثال ابن خلدون بأنها “مناكفة سياسية تأتي في إطار التجاذبات بين الإسلاميين واليساريين” في إشارة إلى شيخة بلدية تونس التي تنتمي إلى حركة النهضة.
بينما نأى البعض الأخر بأنفسهم عن الدخول في حرب الاصطفاف السياسية. واكتفوا باقتباس جمل من مقدمة ابن خلدون للتعليق على الموضوع.
قصة تمثال ابن خلدون
وقد شهدت عملية ترميم قاعدة التمثال التي أشرفت عليها بلدية تونس انتقادات لاذعة لما تضمنته من أخطاء إملائية عند نقش أقواله على اللوحة الرخامية.
واضطرت بلدية تونس للاعتذار وتصحيح الخطأ قبل أن تفتح الساحة أمام المارة مجددا الإربعاء الماضي.
ونحت الرسّام والنحات الرّاحل زبير التّركي تمثال عبد الرحمن بن خلدون، عام 1978 بطلب من الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة، تقديرا. ويقال إن الفنان أراد أن يُخلد نفسه من خلال ابن خلدون.
ويعد صاحب المقدمة، ابن خلدون واحد من أبرز المؤرخين القدماء أكثرهم جدلا.
وينسبه باحثون إلى أسرة حضرمية هاجرت إلى الأندلس ثم إلى تونس التي ولد فيها ودرس في مساجدها. ولاتزال أصوله محل نقاش.
ويصفه البعض بالمؤسّس الفعلي لعلم الاجتماع، ويلقبه البعض بمونتسكيو العرب، إذ يقال إنه كان يفكر بعقل يتجاوز زمانه، بينما يرفض باحثون ربط الخطاب الخلدوني بالحداثة.
[ad_2]
Source link