علي بومنجل: من هو المناضل الجزائري الذي أقرت فرنسا بقتله بعد 64 سنة؟
[ad_1]
بعد حوالي 7 عقود من الإنكار، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن المحامي والزعيم الوطني الجزائري، علي بومنجل “تعرض للتعذيب والقتل” على أيدي الجيش الفرنسي إبان الاستعمار، متراجعا بذلك عن رواية باريس القديمة بأنه انتحر.
ونقلت الإذاعة الجزائرية الخميس عن مصدر رسمي قوله إن “الجزائر سجلت بارتياح إعلان ماكرون وقراره تكريم المجاهد الشهيد علي بومنجل”.
وقد انقسم الجزائريون عبر مواقع التواصل بين مرحب ومنتقد للاعتراف الفرنسي وما تلاه من تصريحات لسياسيين ومسؤولين في بلادهم.
ماذا تعني هذه الخطوة لفرنسا وللجزائر؟
لم يخف بعض المعلقين الجزائريين ارتياحهم لتصريحات الرئيس الفرنسي، وعدوها “سابقة تاريخية ومبادرة جدية تدخل في إطار النيات الحسنة”.
كما حملت تصريحات ماكرون تفاؤلا لمجموعة من الجزائريين ممن يأملون في أن “ينظر البلدان إلى المستقبل ويفتحا آفاقا جديدة للحوار بخصوص الحقبة الاستعمارية”.
من جهة أخرى، شكك فريق آخر من المعلقين في نية فرنسا دخول مرحلة جديدة مع بلادهم، خاصة أنها ترفض الاعتذار الكامل عن تاريخها الاستعماري.
وتنوعت القراءات في تفسير الخطوة الفرنسية وأسباب تدرجها في الاعتراف بسجل “جرائمها خلال الاستعمار”.
كما تساءل كثيرون عن أهمية هذا الاعتراف وأبعاده وسر إعلانه الآن.
ويرى نشطاء جزائريون أن الحكومة الفرنسية لا تزال “تتصرف بفوقية وتتعامل مع سجلها الاستعماري كأنها قضايا فردية أو عائلية بدلا من الإقرار بأنها سياسة ممنهجة قتلت وعذبت الآلاف”.
وعاب جزائريون “صمت حكومتهم على طريقة الاعتراف الفرنسية”.
ويقول محللون جزائريون إن التعامل الرسمي مع تصريحات ماكرون يعطي انطباعا بأن الجزائر “توافق على الاكتفاء بخطوات رمزية”.
كما انتقد آخرون موافقة أحفاد المناضل علي بومنجل على لقاء الرئيس الفرنسي.
وكانت الرئاسة الفرنسية قد ذكرت في بيان أن ماكرون استقبل بنفسه أحفاد بومنجل في قصر الإليزيه ليخبرهم أنه “لم ينتحر، بل تعرض للتعذيب ثم القتل”.
وأكد الرئيس الفرنسي أن هذه الخطوة “ليست عملا منعزلا”، مضيفا أنه “لا يمكن التسامح أو التغطية على أي جريمة ارتكبت في تلك الفترة (الاستعمار)”.
لكن كثيرا من الجزائريين ينظرون إلى تلك الخطوة على أنها “مناورة للتحايل على ذاكرتهم ومحاولة منقوصة لا ترجع حق بومنجيل وغيره من المناضلين” وفق تعبيرهم.
من هو علي بومنجل؟
يحظى علي بومنجل بمكانة كبيرة ورمزية خاصة ضمن قيادات ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.
ولا تزال صوره تزين مواكب المتظاهرين الشباب خلال الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ عامين.
فهو مناضل سياسي ومحام عُرف بدفاعه المستميت عن أبناء بلاده.
ويصفه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا بأنه “رجل ذو شجاعة استثنائية”.
ولد بومنجل عام 1919، في كنف أسرة ثورية ومثقفة، ودرس الحقوق واقتحم عالم السياسة في سن مبكر.
فقد كان عضوا في حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، الذي أُسسه فرحات عباس، أول رئيس للحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية، سنة 1946.
كما كان من أوائل من التحقوا بـ”جبهة التحرير الوطنية”.
وإضافة لعمله كمحام، عمل بومنجل صحفيا في جريدة المساواة الناطقة بالفرنسية.
كما لعب دورا هاما في التعريف بقضية بلاده في الداخل والخارج.
واعتقل بومنجل خلال “معركة الجزائر” سنة 1957، ليتعرض للتعذيب المتواصل على يد فرقة الجنرال الفرنسي بول أوساريس.
وفي 23 مارس/آذار من نفس العام، أخبرت فرنسا عائلته بأنه “انتحر، إلا أن عائلته ورفاقه أصروا على أنه تعرض للاغتيال بعد رميه من الطابق السادس لإحدى البنايات”.
وبعد مرور 43 عاما، ظهرت الحقيقة من خلال مذكرات أوساريس عام 2000، وأقر بها قصر الإليزيه بعد ما يقارب 64 عاما من الإنكار.
لماذا الآن؟ وهل تنهي أزمة الذاكرة؟
ويأتي اعتراف ماكرون بما حصل لبومنجل، عقب أيام من تصريحات تلفزيونية لنظيره الجزائري عبدالمجيد تبون.
ووصف تبون العلاقات الجزائرية الفرنسية حاليا بـ”الطيبة”، إلا أنه أكد أنها لن تكون على حساب التاريخ والذاكرة.
ويسعى ماكرون إلى التهدئة والمصالحة لإخراج العلاقات الجزائرية الفرنسية من الحقبة المؤلمة المرتبطة بالاحتلال.
وقد سبق أن كلف قصر الإليزيه المؤرخ الفرنسي بناجمين ستورا بإعداد تقرير لمعالجة ملف استعمار الجزائر.
واستند التقرير، الذي فرغ من إعداده ستورا قبل أكثر من شهر، على عدة توصيات أهمها تشكيل لجنة في فرنسا، والتعاون مع الجزائر لمناقشة قضايا الذاكرة، إضافة لنشر تقرير عن المفقودين خلال الحرب الجزائرية.
ولم يقترح التقرير تقديم اعتذار للجزائر عن “جرائم الاستعمار”، بيد أنه عرض عدة مقترحات أخرى، كإعادة رفات بعض المنضالين الجزائريين إلى بلادهم، وفتح المزيد من ملفات الأرشيف.
وبينما يرفض شق من الفرنسيين فكرة اعتذار بلادهم وينتقدون توجهات ماكرون الأخيرة، يرحب آخرون بها ويرونها خطوة جيدة للمضيّ قدما على طريق ترميم العلاقات بين البلدين.
أما الجزائريون فيطالبون فرنسا بالاعتذار الكامل، وبتعويض ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في صحراء بلادهم.
كما يطالبون باسترجاع أرشيفهم المهرب والآثار التي من بينها مدفع بابا مرزوق، الذي يعتبرونه رمزا للمقاومة والصمود.
وباءت محاولات عديدة لنواب جزائريين لسن قانون لتجريم الاستعمار بالفشل. وكان آخرها محاولة في يناير من سنة 2020.
وفي الوقت الذي يصر فيه البعض على تمرير ذلك القانون، يرى آخرون أن تجريمه “لا يحتاج قانونا لأن الشعب الجزائري جرمه منذ زمن”.
وينادي البعض بإيجاد طرق أخرى “لإجبار فرنسا على الاعتذار”، وبإنهاء الهيمنة الثقافية واللغوية.
وقد دام الاستعمار الفرنسي للجزائر أكثر من 130 عاما.
ويقول مؤرخون إن تلك الفترة أودت بحياة أكثر من 5 ملايين شخص، بينها مليون ونصف فقط خلال ثورة التحرير بين 1954 و1962، إلى جانب آلاف المفقودين، وضحايا إشعاعات تجارب نووية.
[ad_2]
Source link