جمال خاشقجي: كل ما تريد معرفته عن مقتل الصحفي السعودي
[ad_1]
في 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، دخل جمال خاشقجي، الصحفي المقيم في الولايات المتحدة والناقد للحكومة السعودية، إلى قنصلية بلاده في اسطنبول، حيث قُتل.
في الأشهر التي تلت ذلك، ظهرت روايات متضاربة حول كيفية وفاته، وماذا حدث لرفاته، ومن المسؤول.
وقال مسؤولون سعوديون إن الصحفي قتل في “عملية مارقة” قام بها فريق من العملاء أرسل لإقناعه بالعودة إلى المملكة، في حين قال مسؤولون أتراك إن العملاء تصرفوا بناء على أوامر من أعلى المستويات في الحكومة السعودية.
من هو جمال خاشقجي؟
عُرف جمال خاشقجي الذي ولد في المدينة المنورة عام 1958 لأسرة ذات أصول تركية بانتقاداته للحكومة السعودية، بعد أن أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد، والذي يقدم نفسه للعالم الخارجي باعتباره رائد إصلاحات، بينما شهدت بلاده موجة من الاعتقالات ضد رجال دين ونشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان وناشطات مدافعات عن حقوق النساء.
على مدى عقود ، كان الرجل البالغ من العمر 59 عاما مقربا من العائلة المالكة السعودية وعمل أيضا مستشارًا للحكومة.
ودرس خاشقجي الصحافة في جامعة إنديانا الأمريكية، وبدأ حياته المهنية كمراسل صحفي.
واشتهر أكثر بعد نجاحه في تغطية أحداث أفغانستان والجزائر والكويت والشرق الأوسط في تسعينيات القرن الماضي.
وكان من الذين أثاروا موجة من الجدل عندما كتب تغريدة على موقعه في وسائل التواصل الاجتماعي، تويتر، مدافعا عن الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي، وعن جماعة الإخوان المسلمين المصنفين كـ “إرهابيين” من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
تولى منصب نائب رئيس تحرير صحيفة “أراب نيوز” في أواخر التسعينيات، وبقي في ذلك المنصب مدة أربعة أعوام.
وفي عام 2004، عُيّن رئيسا لتحرير صحيفة “الوطن” وهو المنصب الذي أُقيل منه دون إيضاح الأسباب .
وفي العام نفسه، عمل مستشارا إعلاميا للأمير تركي الفيصل، واستمر في عمله ذلك لسنوات. وكان تركي الفيصل مديرا للمخابرات السعودية لفترة طويلة (1977-2001) وبعدها تقلد مناصب هامة في السلك الدبلوماسي حيث تولى منصب سفير المملكة في بريطانيا وبعدها سفير السعودية في الولايات المتحدة.
وفي عام 2015، عُين مديرا عاما لقناة “العرب” الإخبارية التي كان مقرها في المنامة، البحرين، والتي كان يمتلكها الأمير الوليد بن طلال، ولكنها سرعان ما أغلقت.
ورجّحت الصحف المحلية أسباب إغلاقها وقتذاك إلى خلاف مع السلطات البحرينية حول السياسة التحريرية.
في حين لم تعلق الحكومة البحرينية على سبب الإغلاق.
وعمل خاشقجي أيضا معلقا سياسيا، ظهر في عدد من القنوات السعودية والعربية.
وفي ديسمبر/ كانون أول، 2017، أنهت صحيفة “الحياة اللندنية” لصاحبها الأمير خالد بن سلطان، علاقتها به ومنعت كتاباته التي تنشرها الصحيفة بدعوى ” تجاوزات ضد السعودية”.
كان خاشقجي يعيش قبل اختفائه في المنفى الاختياري في الولايات المتحدة.
وتحدث الصحفي جاسون رضائيان في صحيفة واشنطن بوست عن الأوضاع في السعودية قائلا “مع كل إصلاح مفترض، تأتي موجة جديدة من الاعتقالات والأحكام بالسجن وزيادة في الاجراءات القمعية”.
وأضاف “مع كل نقطة تحول، قدم جمال لقراء واشنطن بوست تعليقا متبصرا ونقدا لاذعا عن البلد العصي على الفهم”.
قال خاشقجي في أول عمود له في صحيفة واشنطن بوست في سبتمبر / أيلول 2017 ، إنه كان يخشى أن يتم القبض عليه في حملة على ما يبدو ضد المعارضة أشرف عليها الأمير.
كتب خاشقجي عدة مؤلفات نالت إعجاب الكثيرين منها “علاقات حرجة- السعودية بعد 11 سبتمبر”، “ربيع العرب زمن الإخوان المسلمين” و”احتلال السوق السعودي”.
وكان ينظر إليه في كثير من الأحيان كخبير بالأحوال الداخلية في السعودية، حتى قرر المغادرة منذ عام 2017 وسط تقارير عن شن حملة ضد أصحاب الرأي المخالفين لتوجهات ولي والعهد.
لماذا كان في القنصلية؟
زار خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول لأول مرة في 28 سبتمبر/ أيلول 2018 للحصول على وثيقة سعودية تفيد بأنه مطلق، حتى يتمكن من الزواج من خطيبته التركية خديجة جنكيز.
لكن قيل له إنه سيتعين عليه العودة للحصول على الوثيقة، ورتب للعودة في 2 أكتوبر/ تشرين الأول.
وكتبت جنكيز في واشنطن بوست “لم يعتقد أن شيئا سيئا يمكن أن يحدث على الأراضي التركية”.
ورافقته جنكيز إلى مدخل القنصلية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول. وشوهد آخر مرة في لقطات كاميرات المراقبة وهو يدخل المبنى في الساعة 13:14 بالتوقيت المحلي.
على الرغم من طمأنة الأصدقاء بأنه لن يواجه أي مشاكل في الداخل، فقد أعطى جنكيز هاتفين جوالين وطلب منها الاتصال بمستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إذا لم يعد.
انتظرت في النهاية لأكثر من 10 ساعات خارج القنصلية، وعادت في صباح اليوم التالي عندما لم يظهر خاشقجي مرة أخرى.
ماذا قالت السعودية؟
لأكثر من أسبوعين، نفت السعودية باستمرار أي معرفة بمصير خاشقجي.
وقال الأمير محمد بن سلمان لبلومبرغ نيوز إن الصحفي غادر القنصلية “بعد بضع دقائق أو ساعة واحدة”، وأضاف “ليس لدينا ما نخفيه”.
لكن في تغيير في اللهجة في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، قالت الحكومة السعودية إن تحقيقا أوليا أجراه المدعون، خلص إلى أن الصحفي توفي أثناء “شجار” بعد مقاومة محاولات إعادته إلى السعودية. في وقت لاحق، أرجع مسؤول سعودي الوفاة إلى خنق.
في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، قال نائب المدعي العام السعودي شعلان الشعلان، إن القتل صدر بأمر من رئيس “فريق المفاوضات”، الذي أرسله نائب رئيس المخابرات السعودية إلى اسطنبول لإعادة خاشقجي إلى المملكة “عن طريق الإقناع” أو إذا فشل ذلك، “بالقوة”.
وقال شعلان إن المحققين خلصوا إلى أن خاشقجي تم تقييده بالقوة بعد صراع وحقن بكمية كبيرة من المخدرات، مما أدى إلى جرعة زائدة أدت إلى وفاته. وأضاف أنه تم بعد ذلك تقطيع جثته وتسليمها إلى “متعاون” محلي خارج القنصلية للتخلص منها.
وأكد شعلان أن خمسة أشخاص اعترفوا بالقتل، مضيفا “لم يكن لدى ولي العهد أي علم بها”.
ما هي الإجراءات التي اتخذتها السعودية؟
وقالت النيابة العامة السعودية في أواخر سبتمبر/ أيلول 2018، إنه تم التحقيق مع 31 شخصا في جريمة القتل وتم اعتقال 21 منهم.
كما أقيل خمسة من كبار المسؤولين الحكوميين، فيهم نائب رئيس المخابرات أحمد عسيري وسعود القحطاني، أحد كبار مساعدي بن سلمان.
وفي يناير/ كانون الثاني 2019، قدّم 11 شخصا – لم يتم الكشف عن أسمائهم – للمحاكمة أمام محكمة جنايات الرياض على خلفية جريمة قتل خاشقجي، وطالب النائب العام بإعدام خمسة منهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن المحاكمة، التي جرت خلف أبواب مغلقة، لم تلب المعايير الدولية وإن السلطات “عرقلت المساءلة الحقيقية”.
في ديسمبر/ كانون أول 2019، حكمت المحكمة على خمسة أشخاص بالإعدام بتهمة “ارتكاب جريمة قتل الضحية والمشاركة فيها بشكل مباشر”. وحكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدة 24 عاما بتهمة “التستر على هذه الجريمة ومخالفة القانون” فيما ثبتت براءة الثلاثة الباقين.
وقالت النيابة العامة إن العسيري حوكم ولكن تمت تبرئته “لعدم كفاية الأدلة”، بينما تم التحقيق مع القحطاني في جريمة القتل ولكن لم توجه إليه تهمة.
وفي مؤتمر صحفي عقب الحكم، قال شعلان الشعلان إن تحقيق النيابة العامة أظهر أن “القتل لم يكن مع سبق الإصرار”.
ورفضت مقررة الأمم المتحدة التي تولت التحقيق في القضية أنياس كالامار هذا التأكيد ووصفته بأنه “سخيف للغاية”، وقالت إن المحاكمة تمثل “نقيضا للعدالة”، والتي برأت “العقول المدبرة”.
لكن صلاح نجل خاشقجي، الذي يعيش في السعودية، غرّد “نؤكد ثقتنا بالقضاء السعودي على جميع المستويات، وأنه كان عادلا لنا وأن العدالة قد تحققت”.
وفي مايو/ أيار 2020، أعلن صلاح خاشقجي أنه وإخوانه “نعفوا عمن قتلوا أبانا، طالبين مكافأة من الله تعالى”، متقبلين زعم النيابة العامة أن القتل لم يكن مع سبق الإصرار.
بعد أربعة أشهر، خففت محكمة جنايات الرياض أحكام الإعدام الصادرة على خمسة من المتهمين إلى السجن لمدة 20 عاما. وحكم على الثلاثة الآخرين بالسجن لمدد تتراوح بين سبع وعشر سنوات. وقال الادعاء إن الأحكام كانت نهائية وأن المحاكمة الجنائية مغلقة الآن.
اعترفت بأن الصحفي جمال خاشقجي قد قتل في قنصليتها في إسطنبول، ولكنها لم تقل ماذا حدث لجثته
وقالت جنكيز إن الحكم “استهزاء تام بالعدالة”.
وأضافت أن “السلطات السعودية تغلق الملف دون أن يعرف العالم حقيقة المسؤول عن مقتل جمال .. من خطط لها، ومن أمر بها، وأين جسده؟ هذه هي الأسئلة الأساسية والأكثر أهمية التي لم تتم الإجابة عليها تماما”.
ما هي الرواية التركية لما حدث؟
قال مسؤولون في تركيا إن 15 سعوديا، مدعومين بثلاثة من عناصر المخابرات، وصلوا إلى أسطنبول قبل أيام من اغتيال خاشقجي. وقامت هذه المجموعة بإزالة كاميرات المراقبة والمواد التي سجلتها داخل القنصلية السعودية قبل وصول الصحفي الذي لقي مصرعه في المبنى.
وقال المحامي العام في أسطنبول عرفان فيدان في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 إن خاشقجي خُنق وقطعت جثته بعد دخوله القنصلية السعودية في أسطنبول بقليل.
وفي مقال كتبه في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التحقيقات كشفت أن جمال خاشقجي “قتل بدم بارد على يد كتيبة إعدام، وكان القتل عمدا مع سبق الإصرار مع ثبوت قصد التعذيب في عملية القتل من خلال غرائز وحشية”.
وأضاف: “هناك أسئلة أخرى لا تقل أهمية سوف تسهم إجاباتها في فهم ملابسات هذا العمل المؤسف. أين جثة خاشقجي؟ من هو المتعاون المحلي الذي تزعم السعودية أنه تخلص من أشلاء جاشقجي؟ من أعطى الأوامر بإزهاق تلك الروح الطبية؟ لسوء الحظ، رفضت السلطات السعودية الإجابة على تلك الأسئلة”.
وقال أردوغان إنه علم أن الأوامر بقتل خاشقجي “جاءت من أعلى مستوى في الحكومة السعودية”، مستبعدا أن يصدق “ولو لثانية واحدة أن الملك سلمان، خادم الحرمين، هو من أًصدر الأمر بالقتل”.
وفي مارس/ آذار الماضي، وجه المحامي العام في أسطنبول اتهامات رسمية بقتل خاشقجي إلى سعود القحطاني، وأحمد العسيري و18 متهما آخرين.
وأشارت تلك الاتهامات إلى أن مساعدي ولي العهد السعودي السابقيْن “حرضا على القتل العمد مع سبق الإصرار مع ثبوت قصد التعذيب في عملية القتل من خلال غرائز وحشية”.
ورفضت السعودية طلب تسليم المتهمين الذي تقدمت به تركيا، وهو ما أدى إلى عقد محاكمة غيابية للمتهمين البالغ عددهم 20 شخصا في 20 يوليو/ تموز 2020 في محكمة بأسطنبول. وقال المحامي الذي عينته المحكمة التركية للدفاع عن المتهمين إن موكليه نفوا جميع الاتهامات الموجهة إليهم.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قبلت المحكمة إضافة ستة متهمين سعوديين جدد إلى القضية من بينهم نائب القنصل السعودي في تركيا، وأحد الملحقين الدبلوماسيين اللذين واجها تهمة “القتل العمد بقصد ارتكاب ممارسات وحشية”. كما اتهم أربعة آخرين بتدمير، وإخفاء أو العبث بالأدلة.
ماذا كشفت تحقيقات الأمم المتحدة؟
توصل تقرير صدر في يونيو/ حزيران 2019، أعدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنياس كالامار، إلى أن مقتل خاشقجي “يُعد جريمة قتل خارج نطاق القانون تتحمل السعودية مسؤوليتها”.
وكشف أيضا عن أن هناك “أدلة موثوقة” تستدعي فتح تحقيق في تورط الأمير محمد بن سلمان وغيره من كبار المسؤولين رفيعي المستوى في السعودية في القتل. وقالت إن الأمير ينبغي أن يخضع للعقوبات التي فرضتها بالفعل دول أعضاء في الأمم المتحدة على بعض الأفراد الذين يعتقد أنهم متورطون في القتل.
وأضافت كالامار أن التحقيقات التي أجرتها السعودية وتركيا لم ترق إلى “تلبية المعايير الدولية”.
وطالبت أيضا بتعليق محاكمة المشتبهين البالغ عددهم 11 شخصا لأن المحاكمة “لن تؤدي إلى وقائع منطقية”.
وقالت إن المحاكمة “تُجرى خلف الأبواب المغلقة، ولم يكشف النقاب عن هوية من يواجهون الاتهامات ولا هوية هؤلاء الذين يواجهون أحكاما بالإعدام. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال واحد على الأقل من بين من ثبت أنهم خططوا ونظموا إعدام خاشقجي لم توجه إليه أية اتهامات بعد”.
ورفض عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، ما جاء في التقرير، واصفا إياه على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بأنه “لم يقدم جديدا” وأنه يحتوي على “تناقضات واضحة ومزاعم لا أساس لها من الصحة تتعارض مع المصداقية”.
وأضاف: “القضاء السعودي هو الجهة الوحيدة المنوطة بالتعامل مع قضية خاشقجي، وهو يعمل باستقلالية كاملة”.
هل هناك أدلة؟
في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، قالت الحكومة التركية إنها شاركت السعودية، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا الإطلاع على تسجيلات صوتية لمقتل خاشقجي. ورغم عدم الإعلان رسميا عن مضمون تلك التسجيلات، أورد تقرير كالامار تفاصيل من التسجيلات التي تحدثت عنها أنقرة.
وأشارت المقررة الخاصة إلى أنها لم تتمكن من الحصول على نسخة من تسجيلات مقتل خاشقجي من المخابرات التركية أو توثيقها.
لكن أحد هذه التسجيلات تضمن مناقشة بين من يبدو أنهم اثنين من المسؤولين السعوديين حول كيفية تقطيع ونقل جثمان خاشقجي، وذلك قبل دقائق من وصول الصحفي السعودي إلى القنصلية في أسطنبول، وفقا لتقرير كالامار.
ونسب التقرير إلى أحد المسؤوليْن السعودييْن قوله إن “الجثمان ثقيل، وهذه هي المرة الأولى التي أقطع فيها على الأرض. إذا أخذنا حقائب بلاستيكية وقطعناه إلى قطع صغيرة، سوف ينتهي الأمر”. وفي آخر التسجيل تسائل المسؤول الثاني عما إذا كانت “الأضحية” وصلت.
كما سجلت محادثة أخرى تمت بعد ذلك داخل القنصلية العامة السعودية تضمنت حديث وجهه المسؤولون إلى خاشقجي: “سوف نعيدك. هناك أمر من الشرطة الدولية. طلبت الشرطة الدولية إعادتك. وجئنا هناك لإعادتك”.
وأشار التقرير إلى أن رد خاشقجي كان: “ليست هناك قضية ضدي. وقد أخبرت بعض الناس في الخارج، وهم في انتظاري، هناك سائق ينتظرني”.
وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهرا بالتوقيت المحلي أظهر التسجيل خاشقجي وهو يقول “هذه منشفة، هل ستخدرونني”، وكانت الإجابة من شخص ما “نعم سوف نخدرك”.
وأشار التقرير إلى أن صوت صراع سمع بعد تلك المحادثة ومعه عبارات تضمنت “هل نام؟”، و”إنه يرفع رأسه”، و”استمر في الدفع”. بعد ذلك، سمعت أصوات حركة، وأشخاص يلهثون، وأغطية بلاستيكية تُسحب.
وتعرفت المخابرات التركية على صوت منشار تم تشغيله في الساعة 1:39 دقيقة ظهرا بالتوقيت المحلي، لكن كالامار والوفد الذي يعمل معها لم يتمكنوا من التعرف على مصادر الأصوات التي سمعوها.
وأشارت تقديرات ضباط مخابرات في تركيا ودول أخرى لما جاء في تلك التسجيلات إلى أنه من المرجح أن يكون خاشقجي قد حُقن بمادة مهدئة ثم خُنق باستخدام حقيبة بلاستيكية، وفقا لتقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة.
ولم يُسمح للمسؤولين التركيين بدخول القنصلية السعودية للحصول على عينات الحمض النووي إلا بعد أسبوعين من الحادث.
وقال التقرير الأممي إن هناك أدلة دامغة على أن مسرح الجريمة “تعرض لتنظيف عميق بمعرفة متخصصين في الطب الشرعي” قبل وصول المحققين إليه.
كما تم تفتيش غابة بلغراد في اسطنبول بحثا عن أشلاء خاشقجي، وهو الموقع الذي زاره ملحق دبلوماسي للقنصلية السعودية في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، أي قبل مقتل الصحفي السعودي بيوم واحد. وبحثت السلطات التركية أيضا في مدينة يالوا التركية الساحلية، إذ تتردد مزاعم تشير إلى مواطنا سعوديا يمتلك منزل في مزرعة هناك.
من هم العملاء السعوديون المزعومون؟
لم يكشف عن هوية أي ممن قالت السعودية إنهم يخضعون للمحاكمة، لكن المقررة الخاصة للأمم المتحدة ذكرت أسمائهم في تقريرها، ناسبة المعلومات إلى “مصادر حكومية متنوعة”.
وقال التقرير إن المتهمين الخمسة الذين يواجهون أحكاما بالإعدام هم فهد شبيب البلاوي، وتركي مشرف الشهري، ووليد عبد الله الشهري، وماهر عبد العزيز مطرب، ضابط مخابرات سعودي تقول الولايات المتحدة إنه يعمل لصالح معاون ولي العهد سعود القحطاني، أما الخامس فهو صلاح محمد الطبيقي، خبير الطب الشرعي في وزارة الداخلية السعودية.
أما المتهمين الستة الآخرين فهم منصور عثمان أباحسين، ومحمد سعد الزهراني، ومصطفى محمد المدني، وسيف سعود القحطاني، ومفلح شايع المصلح الذي يقال إنه من طاقم العمل في القنصلية السعودية في أسطنبول، وأحمد العسيري، النائب السابق لرئيس المخابرات السعودية.
ووفقا للتقرير الأممي، قال المحامون المكلفين بالدفاع عن المتهمين، في جلسة انعقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، إن موكليهم “موظفون بالدولة ولا يستطيعون الاعتراض على التعليمات الموجهة إليهم ممن هم في مناصب أعلى”.
وقال ثلاثة من المتهمين إن خاشقجي “بدأ يصرخ، لذا غطوا فمه لمنعه من إثارة جلبة، وهو ما أدى إلى مقتله عن طريق الخطأ”، وفقا للتقرير الأممي الذي أشارت فيه كالامار إلى أنها لم تسمع أي صراخ في التسجيلات الصوتية لما حدث داخل القنصلية.
وقال العسيري للمحكمة، وفقا لتقرير كالامار، إنه لم يصدر أوامر باستخدام العنف مع خاشقجي أثناء إعادته إلى السعودية.
وذكر التقرير أسماء تسعة من المتهمين الذين أكدت السلطات التركية أنهم بين الفريق القوي المكون من 15 شخصا الذي أرسل إلى أسطنبول.
كما وصل أغلب أعضاء هذا الفريق إلى أسطنبول وغادروها على متن رحلات خاصة أو تجارية في نفس اليوم الذي قتل فيه خاشقجي.
ورصدت كاميرات المراقبة بعض أعضاء هذا الفريق أثناء نقلهم بالسيارات إلى القنصلية السعودية ثم نقل عدد منهم إلى منزل القنصل السعودي بعد ساعتين من وصول خاشقجي إلى مقر قنصلية بلاده في تركيا.
وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة إن ثلاثة على الأقل من أعضاء هذا الفريق شوهدوا وهم يدخلون منزل القنصل السعودي ومعهم ما يشبه حقائب قمامة علاوة على حقيبة ملابس واحدة على الأقل.
كيف كانت استجابة حلفاء السعودية في الغرب؟
أثار مقتل خاشقجي إدانة دولية للسعودية وكان سببا في أزمات دبلوماسية بين هذه الدولة العربية وعدد من أشد حلفائها في الغرب، في مقدمتهم الولايات المتحدة.
فبعد تأكيد مقتل خاشقجي من قبل السلطات السعودية، وصف الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب ما حدث بأنه “أبشع تستر على جريمة في التاريخ”. لكن ترامب دافع عن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، أبرز شركائها التجاريين.
وكانت هذه الاستجابة من قبل الرئيس الأمريكي الجمهوري مثارا لسخرية عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى محمد بن سلمان.
وقالت تقارير إعلامية إن المخابرات المركزية الأمريكية – التي استمع مديرها إلى التسجيلات الصوتية لمقتل الصحفي السعودي – توصلت إلى أن لديها “ثقة من متوسطة إلى مرتفعة” في أن بن سلمان هو من أمر بقتل جمال خاشقجي.
ونفى ترامب ذلك مع رفض قاطع لطلب قانوني من أجل إصدار تقرير غير سري يتضمن الإشارة إلى أي شخص متورط في “توجيه الأوامر أو إتلاف الأدلة” في هذه القضية. وقال جو بايدن، الذي خلف ترامب في رئاسة الولايات المتحدة، إنه سوف يجعل هذا التقرير غير سري.
وفرضت الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، والمملكة المتحدة عقوبات ضد 18 سعوديا تحوم حولهم شبهات بأنهم على صلة بمقتل الصحفي السعودي بينما لم يكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من بينهم.
كما ألغت ألمانيا، وفنلندا، والدنمارك ودول أوروبية أخرى صفقات سلاح كانت قد أبرمتها مع السعودية بعد حادث اغتيال خاشقجي.
[ad_2]
Source link