مطالب بحظر مواد ضارة بالصحة تستخدم في صناعة الأغذية في مصر
[ad_1]
- عطية نبيل
- بي بي سي- القاهرة
يجلس محمد حسن (اسم مستعار) في أحد الميادين شرقي القاهرة، ومن أمامه طاولة الخبز الذي يشارك في خبزه وبيعه.
يفكر البائع في طريقة جديدة تجعل الخبز أكثر جذبا للزبائن بعد قرار الحكومة حظر استخدام مادة برومات البوتاسيوم المعروفة تجاريا باسم “مُحسّن الخبز” من التداول داخل الأسواق المصرية وذلك لخطورتها على الصحة العامة.
يقول محمد إن هذه المادة كانت تعطي ملمسًا ناعما لرغيف الخبز وشكلاً مقبولا ورائحةً زكية، كما أنها كانت تساعد في تسريع عمليات التخمير والإنضاج داخل أفران الخبز، وهو ما كان يجعل الزبائن يقبلون على الشراء منه في وقت قصير جدا مقارنة بغيره من الباعة.
الغش التجاري وضعف الرقابة
يتولى المركز القومي للحق في الدواء -وهو هيئة حقوقية غير حكومية- مهمة مراقبة جودة الأغذية والأدوية داخل السوق المصرية، ويشاركه في هذه المهمة عدد من المؤسسات المحلية.
ويرى محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن الأسواق المصرية تعاني من مشكلات كبيرة تتعلق بضعف الرقابة والغش التجاري وما وصفه بـ”مافيا كبار المُستوردين” الذين يقول إنهم يملأون الأسواق المصرية بالسلع رخيصة الثمن قليلة الجودة، والتي تشهد رواجًا كبيرا بسبب ارتفاع نِسب الفقر في البلاد.
ويقول فؤاد لبي بي سي إن المركز حذر من استخدام مادة “برومات البوتاسيوم” أو محسّن الخبز والكيك منذ عام 2016 في خطابات رسمية إلى وزير التموين ولجنة الصحة بمجلس النواب المصري بعد أن أثبتت بعض الأبحاث خطورتها على صحة المواطنين، وتسببها في انتشار الأورام السرطانية ومشاكل الجهاز الهضمي وأمراض القلب لدى بعض المستهلكين.
واستغرق الأمر نحو ست سنوات قبل أن تحظى هذه المناشدات باستجابة.
ويطالب المركز وجهات صحية أخرى بضرورة تشديد الرقابة على استخدام تلك المادة وغيرها من المواد التي تضر بالصحة.
دور هيئة سلامة الغذاء
قررت وزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر حظر تداول مادة “برومات البوتاسيوم” قبل أيام، وذلك بعد تلقّيها نتائج أبحاث أجرتها “هيئة سلامة الغذاء” والمركز القومي للبحوث تؤكد خطورة هذه المادة على الصحة العامة.
ويقول حسن منصور رئيس هيئة سلامة الغذاء في مصر، إن القرار الأخير جاء ضمن لائحة جديدة أصدرتها الهيئة لتحديث قائمة المواد المحظورة لخطورتها على الصحة العامة.
وتقوم هيئة سلامة الغذاء في مصر بهذا الإجراء كل فترة زمنية بحسب تطور الأبحاث العلمية والقرارات الصادرة من الهيئات الدولية المختصة بمراقبة سلامة الغذاء مثل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وهيئة الدستور الغذائي الأوروبية، بالإضافة إلى المركز القومي للبحوث في مصر، وغيرها.
ويؤكد منصور لبي بي سي أن اللائحة الجديدة تتضمن حظر العديد من المواد الأخرى إلى جانب”برومات البوتاسيوم” مثل بعض الألوان الصناعية والمواد الكيماوية التي تدخل في بعض صناعات الحلوى والأغذية المحفوظة والتي تصل إلى أكثر من 300 مادة أخرى.
وتقوم هيئة سلامة الغذاء في مصر بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة بخصوص حظر بعض المواد الضارة من خلال حملات تفتيش وجولات ميدانية على الأسواق يتم خلالها سحب عينات من السلع داخل متاجر البيع والمخازن، وتحليلها داخل المعامل المتخصصة للتأكد من خلوّها من المواد الضارة أو وجودها بالكميات المسموح بها وفق القانون المنظم لهذه الأمور.
ويعاقب قانون صدر عام 1979 بشأن “الغش التجاري” كل من يضع مادة محظورة أو بكمية أكبر من المسموح به في السلع الغذائية المتداولة بالأسواق بالحبس لمدة سنة واحدة وغرامة تقدر بنحو 10 آلاف جنيه مصري (نحو 670 دولارا أمريكيا) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتتضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة لتصل إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه مصري.
قائمة طويلة من المواد الضارة
ويوضح المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء أن المركز وغيره من الجهات الرقابية الأخرى ما زالت تطلق التحذيرات ضد قائمة طويلة من المواد الضارة الأخرى التي يجري تداولها داخل الأسواق المصرية، مثل بعض الألوان الصناعية أو زيت النخيل الذي يُصنع منه السمن الصناعي أو الدُهون النباتية التي تدخل في صناعة بعض أنواع من الجُبن.
هذا إلى جانب بعض المواد الأخرى التي تدخل في صناعة الحلوي مثل سُكّر “الإسبرتام” أوالمٌحلِيات الصناعية وبدائل السكر الطبيعي، أو مادة “نترات البوتاسيوم” التي توضع على الفول المدمس لتسريع إنضاجه وإعطائه قواما مقبولا لدى المستهلكين.
ويطالب الحقوقي المصري محمد فؤاد بوجود تشريع جديد لضبط الأسواق والحفاظ على جودة الغذاء الذي يٌباع للمصريين، كما يطالب المنتجين بتوضيح المُكونات الموجودة داخل المنتجات الغذائية وكمياتها بصورة واضحة على العبوات و”التحذير من خطورة بعضها تماما كما يكتب على علب السجائر أو التدخين”.
ويشير فؤاد في هذا السياق إلى عُلبة “سمن نباتي” متداولة في الأسواق المصرية بسعر 10 جنيهات فقط، في الوقت الذي يبلغ فيه سعر كيلو “السمن البلدي” الطبيعي المصنوع من اللبن الحليب نحو 300 جنيه مصري.
وقال فؤاد إن من حق المواطن أن يكون على علم بالأبحاث التي تشير إلى خطورة مادة زيت النخيل أو الزيوت النباتية المُهَدرجة، خاصة إذا تم استخدامها بكميات كبيرة ولفترات زمنية طويلة، طالما أن الدولة غير قادرة على حظر استخدام هذا النوع من الدهون البديلة أوالزيوت النباتية بسبب كثرة الإقبال عليه نتيجة انخفاض سعره.
مصانع غير مرخصة
يقول حسن الفندي عضو شعبة الحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، التابع لاتحاد الصناعات المصري، إن مصر تعتمد بشكل رئيسي على المواصفات الأوروبية والأمريكية فيما يتعلق بسلامة الغذاء، ومن ثم فإنه لا يتم منع استخدام أي مادة إلا إذا تم إدراجها على قوائم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أو الوكالة الأوروبية لمراقبة الغذاء والأدوية.
ويوضح الفندي لبي بي سي أن بعض المواد يجري تداوله بصورة طبيعية ولفترات زمنية طويلة حتى يتم إدراجه على تلك اللوائح المرجعية، وهو ما يؤدي لتأخّر تحديث قوائم المواد المحظورة بالفعل في بعض الدول، مثل بعض الأكواد الخاصة بالألوان الصناعية التي تستخدم في صناعة الحلوى أو بدائل السُكّر مثل “الإسبرتام” وغيرها.
ويقول محمد رأفت زريقة، عضو غرفة الصناعات الغذائية المصرية، إن أغلب المنتجين الرسميين في مصر يلتزمون بالمنشورات التي ترد إليهم من “هيئة سلامة الغذاء” المصرية، والتي قال إنه يتم تحديثها بصورة دورية.
وأضاف زريقة لبي بي سي أن أغلب المخالفات التي تتعلق باستخدام مواد ضارة ومحظورة تأتي من منتجين غير رسميين أو ما يطلق عليه منتجي “مصانع تحت السلم” غير الحاصلين على التراخيص والاشتراطات الصحية والصناعية اللازمة لممارسة النشاط.
السرطان في مصر
تشير إحصاءات حديثة إلى أن مصر تحتل مركزا متقدما بين أكثر الدول إصابة بالأورام السرطانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وطبقًا لدراسة صادرة عن المعهد القومي للأورام، التابع لوزارة التعليم العالي، يوجد نحو 124 ألف مريض أورام في مصر.
وتشير دراسة نشرتها الجمعية الدولية لمكافحة الأورام خلال مؤتمرها السنوي العاشر عام 2018 إلى أن مصر تسجل 13 إصابة بمرض السرطان بأنواعه المختلفة كل ساعة.
ويتوقع هشام الغزالى، أستاذ علاج الأورام بكلية طب جامعة عين شمس، زيادة عدد المصابين بالمرض الفتاك إلى 350 ألف حالة بحلول عام 2050
ويعزي مراقبون ارتفاع نسب الإصابة بالأورام السرطانية في مصر إلى انتشار الملوثات البيئية والأنماط الغذائية غير الصحية، والتي تشمل وجود بعض المبيدات والمواد المسرطنة التي تستخدم في الزراعة أو إنتاج المواد الغذائية.
[ad_2]
Source link