فيروس كورونا: الصبية التي تحولت إلى معلمة بين عشية وضحاها
[ad_1]
- نيكول كولستر
- بي بي سي – الخدمة الإسبانية
لم تتوقع فاليريا توريز أن تكون معلمة الحي، ولكن، هذا بالضبط ما حدث مع الصبية الفنزويلية المراهقة التي لم تتجاوز 16 عاماً من العمر.
بعد إغلاق المدارس في مارس /آذار 2020، بسبب تفشي وباء كوفيد 19، وجد العديد من الطلاب أن الحجر المنزلي قد قضى على فرصتهم في التعلم.
جاء أحد أبناء عم فاليريا، يطلب المساعدة منها لأداء واجباته المدرسية، ثم ظهر تلميذ آخر وسرعان ما تبعه الجيران أيضاً.
شكلت فاليريا ما يمكن وصف بفصل دراسي في منزلها في ماراكاي، بشمال وسط فنزويلا ، حيث وضعت طاولة طعام قرب الباب الأمامي للبيت مباشرةً، وهي البقعة الوحيدة في المنزل التي يصلها ضوء الشمس الطبيعي.
وهناك، وسط الكتب والدفاتر المكدسة، تتحدث إلى بي بي سي بينما ينتظر طالبها التالي دوره.
بطلة الواجبات الدراسية المنزلية
تقول فاليريا وهي تقوم بحل الواجبات المدرسية: “لم يستطع أبناء عمومتي أداء واجباتهم المدرسية أو فهمها، كانوا بحاجة إلى المساعدة، فساعدتهم، لكن سرعان ما بدأ المزيد من الأطفال في القدوم طلباً للمساعدة”.
تعيش فاليريا مع والدتها وشقيقها وخمسة أشخاص آخرين في منزل صغير، سقفه مصنوع من القصدير في لا بيدريرا ، وهو حي يقع على مشارف ماراكاي (100 كيلومتر غرب العاصمة كاراكاس).
كان يصل عدد الطلاب لديها أحياناً إلى 10 طلاب، بمن فيهم بعض زملائها في الفصل الدراسي.
وبحلول شهر كانون الأول/ديسمبر، كانت منهكة جداً: “كان هناك الكثير من الأعمال التي يجب القيام به، بالإضافة إلى واجباتي الروتينية، لدرجة أنني شعرت بأنني غير قادرة على الاستمرار، ولكن كان لابد لي من القيام بذلك”.
لذلك قررت فاليريا أنه من الأفضل لها تعليم هؤلاء الطلاب كل واحد على حدى.
وتشرح بقولها: “من الصعب تعليمهم جميعاً في وقت واحد، لذلك سألتهم عن موعد استحقاق واجباتهم المدرسية، وبدأت مع أولئك الذين لديهم أقرب موعد نهائي، كنت أحاول مساعدة تلميذ واحد كل يوم، وأترك وقتاً لدراستي الخاصة”.
لا يبدو أن هناك أي شيء يمكن أن يشتت تركيزها، فلا صياح الديك ونقره على أرضية فناء المنزل الترابية، ولا ضجيج الأطفال وهم يلعبون أو حتى الصخب القادم من المطبخ بينما تحضر والدتها بعض الفاصوليا.
تحدق فاليريا في دفتر ملاحظاتها من خلال نظارتها ذات الأطراف السميكة السوداء.
أصغر طالب لديها يبلغ من العمر 4 سنوات، وأكبرهم في مثل عمرها ، يبلغ من العمر 16 عاماً. لم يذهبوا إلى المدرسة منذ ما يقرب من عام الآن. ولم ينجح التعلم عن بعد في فنزويلا، ومن غير المرجح أن تُفتح المدارس بشكل كامل في المستقبل القريب.
ووفقاً لإعلان الرئيس نيكولاوس مادورو الأخير، من المقرر إعادة فتح المدارس في شهر مارس/ آذار المقبل، وإن كان بدوام جزئي.
قال مادورو: “نحن نسيطر على الوباء خطوة بخطوة، من خلال إجراءات الأمن البيولوجي ووصول اللقاحات”، مشيراً إلى 100 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك المقرر شحنها من روسيا.
يتم إعطاء دفعة أولية من إجمالي 10 ملايين جرعة تم الاتفاق عليها بالفعل مع موسكو، لموظفي الصحة والفئات الضعيفة الأكثر عرضة للخطر.
دروس عبر الإنترنت ومسجلة مسبقاً
ونتيجة للوباء، توفي 1285 شخصاً في فنزويلا. وقررت السلطات الفنزويلية بث الدروس عبر الإنترنت وتقديم دروس مسجلة مسبقاً على التلفزيون الوطني كما هو الحال في معظم البلدان الأخرى.
قال مادورو في سبتمبر/ أيلول: “لا تقلقوا، كل أسرة مدرسة. سنواصل تعليم البلاد عبر الإنترنت والدروس عن بعد”.
وفي يناير/ كانون الثاني، قال وزير التعليم الفنزويلي أريستوبولو إستوريز: “سيشمل التعليم عن بعد كل شيء على الإطلاق، جميع منصات الاتصال، بما في ذلك الرقمية والتلفزيون والراديو والشبكات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية ، إننا نكتسب الخبرة الآن لأننا لم نستعد لهكذا ظروف، لكننا نحرز تقدماً”.
ولكن منذ شهور، قال العديد من الفنزويليين إن الواقع اليومي لا يتوافق مع تلك الوعود. ويفتقرون إلى الحصول على الانترنت بشكل كاف في جميع أنحاء البلاد، عدا عن المحتوى الرديء للدروس.
وقال أورلاندو الزورو ، رئيس الاتحاد الفنزويلي للمعلمين، لبي بي سي، الخدمة الإسبانية: “تأثر ما بين 80 و 90 في المئة من الطلاب”.
كان نظام التعليم الفنزويلي، الذي يشمل حوالي 7 ملايين طالب، في حالة سيئة بالفعل قبل الوباء، بسبب الركود الاقتصادي الذي أثر على البلاد في السنوات الأخيرة.
ويضيف الزورو، الذي يتساءل كيف يمكن أن يعمل التعليم عن بعد في بلد يعاني من انقطاع مستمر للتيار الكهربائي، وشبكة إنترنت ضعيفة، وعدم استطاعة العديد من الأسر والمعلمين شراء أجهزة الكمبيوتر.
اتصلت بي بي سي بسلطات التعليم في فنزويلا، للاستفسار عن التعلم عن بعد الذي تعرضه للطلاب، لكنها لم ترد على طلب التعليق.
هاتف محمول ودولار واحد
بالنسبة لفاليريا وطلابها وغيرها العديد من الأطفال في فنزويلا، فإن الدروس التي تبث على شاشة التلفزيون ليست غير ممكنة، وبالمثل تلك التي تنشر عبر الإنترنت لأنهم لا يملكون شبكة انترنت في منازلهم.
تقول فاليريا، معلمة الصدفة، إنها كانت دائماً طالبة منضبطة للغاية. لديها قائمة مهام مثبتة بالمغناطيس على ثلاجتهم، وقد قامت بالفعل بأربع مهام من أصل عشرة. مضيفة : “ليس لدي الكثير من وقت وقت الفراغ”.
تقضي معظم يومها في دروسها والتزامها تجاه طلابها، “ولكن عندما تسنح لي الفرصة، أخلد للنوم أو ألتقي بأصدقائي”.
وتمر إحداهن، تدعى فاليري كاستانيدا، وهي فتاة في 13 من عمرها، تلقي التحية في زيارة سريعة.
لطالما أنه يوم السبت، تنتهز الفتيات الفرصة للقاء بعضهن البعض.
تقول فاليري، التي كانت قد بدأت للتو دراستها الثانوية عندما تفشى الوباء: “نأتي إلى هنا لنقوم بواجبنا”.
وقالت إنها لم تتلقَ أي دروس منذ إغلاق المدارس.
“معلمتي لا تعلمني أي شيء، إنها ترسل لي واجباتي المدرسية عبر تطبيق واتساب”.
ليس لديها إنترنت في المنزل ولا تستطيع والدتها مساعدتها كثيراً، لذا فهي تعتمد على فاليريا.
وسيلة المساعدة الرئيسية لدى فاليريا هي الهاتف المحمول: كل يوم تنفق دولاراً، أي ما يعادل الراتب الشهري الرسمي، للحصول على ما يكفي من وحدات انترنت لانجاز دروسها.
وعليها أن تحرص على عدم إهدار وحدات النت لأنها الوسيلة الوحيدة التي تساعدها وطلابها في البحث عن الموضوعات التي يتعين عليهم تعلمها.
تقول فاليريا: “لا يكفي أن أقوم بكل أبحاثي وأبحاث الأطفال الذين أساعدهم. إنه أمر صعب حقاً”، وتوقف هاتفها بمجرد انتهائها من الدرس.
تعمل والدة فاليريا، لورا جوزمان مصففة شعر ، لكن ليس لديها صالون خاص بها ولا دخل ثابت.
تقول لورا: “على الرغم من الوباء وغلاء المعيشة، يتمكن الآباء الآخرون أحياناً من مساعدة فاليريا، ومنحها بعض المال حتى تتمكن من استخدام الإنترنت على الهاتف”.
وتقول فاليريا إنها لم تتوقع أبداً أن تتقاضى أجراً مقابل تعليم الأطفال الآخرين، لكن الأموال التي تأتيها أحياناً تساعدها بعض الشيء.
“أحياناً أرغب بتناول نوع معين من الطعام أو لا يوجد من الطعام ما يكفي لجميع أفراد الأسرة، فأقوم بإعطاء ما أملك لوالدتي لتتمكن من شراء الطعام، لا يمكنني أن أكون أنانية وأفكر في نفسي فقط”.
هاجرت فالنتينا، شقيقة فاليريا الكبرى، إلى تشيلي، وترسل كل شهر 30 دولاراً أمريكياً إلى والدتها لدفع إيجار منزلهم الصغير.
لكن فاليريا تقول إن فكرة السفر تخيفها كما تخاف أن تصل إلى الجامعة وتكتشف أنها تفتقر الى التعليم الضروري الذي توقف بسبب الوباء.
إنها تتطلع للعودة إلى المدرسة، ولديها فكرة واضحة جداً عما تريد أن تدرس في المستقبل، إنها تحلم بأن تصبح محامية.
تقول مبتسمة: “لا أريد أن أصبح معلمة، فلا أمتلك صبراً كافياً لتعليم الأطفال”.
[ad_2]
Source link