فيروس كورونا: لماذا يلجأ كثيرون إلى المنجمين في ظل تفشي الوباء؟
[ad_1]
- هيلاري جورج باركين
- بي بي سي
لاحظت تشارم توريز، المنجمة من تورتنو بكندا، تزايد الاهتمام بخدماتها منذ بداية جائحة كوفيد-19. وبينما أجبرت الجائحة توريز على تعليق خدمات الاستشارات وجها لوجه، فإنها تعقد الآن جلسات عبر الإنترنت لتقديم المشورة لمئات العملاء، الذين ينحدر معظمهم من أمريكا الشمالية، وبعضهم من مسقط رأسها الفلبين، لكن الكثيرين منهم من أبناء جيل الألفية مثلها.
وقد لجأ هؤلاء للمنجمين لأسباب مختلفة، فمنهم من أودت الجائحة بحياة عزيز له، ومنهم من يبحث عن مهنة جديدة بعد أن فقد وظيفته في أحد المطاعم أو قطاع الترفيه، وآخرون يستثمرون وقت الفراغ الذي زاد بعد البقاء في المنزل. لكن القاسم المشترك بين هؤلاء هو أنهم يبحثون عن الدعم والترابط واستكشاف الذات.
وتفسر توريز ذلك بالقول، إن الوباء أصاب الكثير من مظاهر الحياة العام الماضي بالشلل، وأجبر الناس على الاختلاء بأنفسهم والتفكير في هدفهم في الحياة وما الذي يدور في رأسهم.
لكن الاهتمام بالأبراج الغربية شهد انتعاشا في مختلف أنحاء العالم قبل سنوات من ظهور الجائحة. وقد أسهمت صفحات المهووسين بالأبراج على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف مثل “كو ستار” و”سانكتيواري” المعنية بالأبراج وقراءة الطالع، وسنوات انعدام الاستقرار بعد وصول ترامب إلى سدة الرئاسة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في إشعال جذوة هذا الاهتمام بالتنجيم والأبراج بين الشباب.
وبحسب موقع “غوغل ترندز”، فقد بلغ البحث عن “الخارطة الفلكية” و”التنجيم” عبر محرك غوغل ذروته في عام 2020 مقارنة بالسنوات الخمس الأخيرة. وذكر الكثير من المنجمين المحترفين أن خدماتهم شهدت ازدهارا في ظل الحجر الصحي.
وساعدت منصة “تيك توك” الأسرع انتشارا بين منصات التواصل الاجتماعي على مدار العام الماضي، على تعريف رواد المنصة على لغة الأبراج، وحقق منجمون عبر المنصة شهرة واسعة على الإنترنت. وظهر منجمون، أصغر سنا وأكثر تنوعا عن المعهود، على مواقع التواصل الاجتماعي.
وربما لم يكن من المستغرب أن يلجأ كثيرون لاستشارة المنجمين العام الماضي، حين كان العناق عزيزا وسُرح الكثيرون من وظائفهم، وبتنا نقرأ يوميا أخبارا عن مظاهر معاناة البشر. وتقول توريز: “إن التنجيم يساعدنا على توثيق الصلة بالحياة وبعالم أكبر منا، في وقت انقطعت فيه صلتنا بالجميع وبكل شيء حولنا”.
لكن بخلاف هذا الشعور بفقدان الصلة بالحياة، ثمة عوامل أخرى وراء هذه الموجة الحالية من الإقبال على استشارة المنجمين بحثا عن الحقائق، منها الابتكارات التكنولوجية وتغير المعتقدات التي يتبناها أبناء جيل الألفية والجيل الذي يليه.
“خارج نطاق العلم والدين”
وقدّر تقرير نشرته شركة “آي بي آي إس وورلد” لأبحاث السوق في عام 2019 حجم قطاع الخدمات الروحانية، الذي يشمل التنجيم والعرافة وقراءة أوراق التاروت، بقيمة 2.2 مليار دولار. لكن هذا الرقم زاد بالتأكيد بالتوازي مع زيادة الاهتمام بالتنجيم العام الماضي.
وتقول كارولين غولدستاين، الكاتبة البالغة من العمر 28 عاما من نيويورك: “إن الناس بلغ بهم اليأس حدا دفعهم للبحث عن تفسيرات للأحداث أو أنماط أو منفذ للهروب، إذ كانوا يشعرون أنهم عالقون في هذه اللحظة. ومن المعروف أن التنجيم يرصد حركات الكواكب ودوراتها، وعندما تلجأ لكتب التنجيم تدرك أن هذه الأنماط تتكرر منذ قديم الزمن. فالشعور بأن هناك تشابه بين ما يحدث الآن وما حدث في الماضي يبعث على الطمأنينة”.
وقبل بضعة سنوات لجأت غولدستاين إلى جيف هينشو، أحد أشهر المنجمين في نيويورك، لقراءة الخارطة الفلكية، وهي خارطة السماء والأفلاك لحظة ولادة العميل، لاستطلاع خصاله الشخصية ومحفزاته وأهدافه ومساره في الحياة وفقا لهذه الخارطة.
وهذا النوع من المشورة يختلف من فرد لآخر، ولا ينطبق على جميع مواليد البرج. إذ يستدل المنجم بحركة الشمس والقمر والعلامات مثل البرج الذي كان موجودا في الأفق الشرقي ساعة الولادة، وكذلك دلالات أوضاع الكواكب الداخلية والخارجية.
وبدأت غولدستاين في استشارة المنجمين منذ بضع سنوات بسبب اهتمامهما بالممارسات الروحانية غير التوحيدية. وكشأن الكثيرين من أبناء جيلها، اكتشفت أن التنجيم يساعدها على رؤية العالم بطريقة مثيرة، أقل تعصبا من الأديان الرسمية. وتقول غولدستاين: “التنجيم يوفر اللغة فقط لفهم الحقائق”.
وأشار استطلاع للرأي أجراه مركز “بيو” للأبحاث إلى أن أكثر من 60 في المئة من أبناء جيل الألفية في الولايات المتحدة يؤمنون بالروحانيات، وهذه المجموعة أقل استعدادا من الأجيال التي تسبقها للإيمان بوجود الله أو التمسك بالدين.
وقد رأى البعض أن هذه الأنظمة البديلة ستملأ هذا الفراغ. ويقول كريس برينان، المنجم بولاية كولورادو: “إن التنجيم منبوذ من العلم والأديان السماوية، كالمسيحية، ولهذا احتل مكانة عجيبة في المجتمع، فأصبح خارج نطاق العلم والدين. وقد يلجأ إليه الباحثون عن جسور بين العلم والدين أو الأشخاص الذين لم يجدوا في كليهما إجابات شافية لأسئلتهم”.
اللجوء للنجوم لتهدئة المخاوف
لكن الكثير من المهووسين بالتنجيم، يلجؤون للمنجمين بدافع الفضول، أو استكشاف النفس والتحليل الذاتي أو البحث عن إطار أكبر لمشاعرهم أو الصراعات التي تعتمل في نفوسهم. ولهذا يستخدم الكثيرون لغة التنجيم في جلسات العلاج النفسي، فيبررون التقلبات المزاجية لشريك الحياة بحركة برج الجوزاء، أو يفسرون التغير المفاجئ في الحياة المهنية بعودة كوكب زُحل إلى موضعه.
وتقول إلينا توروني، الأخصائية النفسية في لندن: “إذا كان التنجيم يطمئن الناس ويساعدهم في تفسير ما يحدث في حياتهم، فإنه ليس سلبيا”.
ومع أنها تحذر من الاسترشاد بأي مصدر واحد للمعلومات، فإنها تبرر لجوء الناس للتنجيم وغيره من أشكال الاستشارة التقليدية البديلة بالقول: “قد يكون من الصعب تقبل فكرة وجود الكثير من الأمور في الحياة التي لا يمكننا السيطرة عليها، وقد زاد انعدام اليقين والغموض عن المعتاد في ظل جائحة كوفيد-19 والحجر الصحي”.
وتخصصت هوني أسترو، المنجمة التي درست علم النفس والاستشارات النفسية في الجامعة، في البيت الفلكي الثاني عشر. ففي علم التنجيم، هناك 12 بيتا، يختص كل منهم بمنحى مختلف من مناحي الحياة. ويختص البيت الثاني عشر بالصحة النفسية والعزلة. وترى أن عملها يساعد العملاء في رؤية بصيص الأمل في نهاية النفق في هذا البيت.
وتفسر أسترو ذلك بالقول: “يشعر الناس في الجلسة أنها جلسة علاجية لأني أتطرق إلى الكثير من الموضوعات الخاصة، فأنا لست منجمة حالمة تعشق الورود وقوس قزح والجوانب المشرقة، بل أتحدث عن الأمور الجيدة والأمور السلبية والجوانب المظلمة، لأن من حق العميل أن يعرف كل شيء عن خريطته الفلكية. وقد أقدم له نصائح للتعامل مع الأمور الكئيبة في حياته”.
وقد لمست إقبالا على خدماتها في الآونة الأخيرة، إذ تستقبل منذ أبريل/نيسان 80 عميلا في الشهر، وتعزو هذه الزيادة إلى الملل الذي ينتاب الناس بسبب الحجر الصحي وأيضا رواج المحتوى الذي تنشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول إن أكثر خدماتها شعبية هي قراءة الخريطة الفلكية، وتبلغ تكلفتها 100 جنيه إسترليني في الساعة، لكنها تحاول الآن تخصيص وقت أطول لزيادة مقاطع الفيديو على قناتها على موقع “يوتيوب” ومنصة “تيك توك”.
زيادة الإقبال
واستفادت تشاني نيكولاس، واحدة من أشهر المنجمين اليوم، من شعبية تحليلاتها وتنبؤاتها ونشرت الكتاب الأعلى مبيعا “مقدر منذ الولادة”، الذي بيعت منه 14 ألف نسخة بعد أسبوع من نشره، وتقدم برنامجا على منصة “نتفلكس” وطورت تطبيق “تشاني”.
وتبحث الشركة التي أسستها في لوس أنجليس عن ثلاثة مديرين، براتب يتجاوز 100 ألف دولار سنويا. وقد مولت تشاني الشركة بمجهودها الذاتي.
واستقطبت مارين ألتمان، التي لقبت مؤخرا بالمنجمة الأكثر جدية على منصة “تيك توك”، أكثر من مليون متابع على المنصة، بعد أن كانت مقاطع الفيديو التي تنشرها على موقع يوتيوب لا تحصد إلا عشرات المشاهدات.
وقد حققت شهرة واسعة من خلال مقاطع الفيديو التي نشرتها قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي تنبأت فيها بتزايد حدة الضغوط والتوترات وبرفض ترامب التسليم بالهزيمة.
وأصبحت ألتمان مؤخرا مصدرا للمعلومات حول تنبؤات النجوم والكواكب عن أسعار البيتكوين وحركة الأسهم في البورصة. إذ تخصصت ألتمان في التنجيم المالي وتعتزم أن تمتهن هذا المجال. وتقول إن عدد المشتركين الآن في تحليلاتها الحصرية التي تبثها أسبوعيا عبر الإنترنت يقدر بنحو بضعة آلاف، وتتراوح أسعار الاشتراكات ما بين 7.77 دولار و49.9 دولارات شهريا. ويواظب آخرون على حضور الدورات التي تعقدها عبر الإنترنت للتعلم من خبراتها في المجال المالي.
وتقول إن معظم جمهورها تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما. والكثير منهم عملوا في مجال التنجيم سابقا.
لكن أحدا لا يعرف بعد ما إن كانت هذه الموجة من الاهتمام بالتنجيم ستنحسر بعد عودة الحياة إلى طبيعتها أم سيتزايد الاهتمام بالتنجيم. ففي منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، انتاب بعض المنجمين مخاوف من ضعف إقبال الشباب على التنجيم، لكن الآن بفضل خوارزميات التواصل الاجتماعي وقلة مظاهر الدعم الروحاني في الحياة المعاصرة، يبدو أن سوق التنجيم ستظل رائجة.
[ad_2]
Source link