كيف سيبدو شكل العلاقة بين مصر وليبيا بعد اختيار سلطة جديدة في طرابلس؟
[ad_1]
- مريم رزق
- بي بي سي – القاهرة
عشر سنوات مرت على الثورة الليبية، التي أطاحت بمعمر القذافي وتحولت لحرب أهلية استمر مداها لعقد من الزمن.
الآن ومع انتخاب مجلس رئاسي جديد وحكومة مؤقتة لحل حالة الانقسام، تتجه الأعين نحو القوى الإقليمية المؤثرة في الأزمة الليبية، وكيفية تعاطيها مع الوضع السياسي الناشئ في ليبيا، وعلى رأس هذه القوى مصر.
على مدار العقد الماضي لعبت مصر دورًا محوريًا في الصراع الليبي حيث دعمت بقوة، وإن كان بشكل غير رسمي، قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر ومجلس النواب بقيادة عقيلة صالح، ومقره طبرق شرقي ليبيا.
إلا أن الأسبوع الماضي شهد تعيين مجلس رئاسي مؤقت، بقيادة الدبلوماسي السابق محمد المنفي، بعدما فشلت القائمة التي يترأسها عقيلة صالح المدعوم من القاهرة في جمع الأصوات الكافية، في تصويت محادثات جنيف التي ضمت 75 ممثلاً من الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة.
ويعتبر بعض المراقبين أعضاء القائمة، التي يفترض أن تحصل على تزكية البرلمان خلال الأيام القادمة، من المقربين لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا.
فكيف سيبدو شكل العلاقة بين مصر وجارتها في الغرب، مع وجود وجوه جديدة في المعادلة؟
ترحيب مصري
أول زيارة خارجية لعبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، بعد انتخابه كانت لمصر. وفيها عبر للرئيس عبد الفتاح السيسي عن تقدير واعتزاز بلاده، “بالجهود المصرية الصادقة والفعالة لحل الأزمة الليبية”. بينما أكد السيسي استعداد مصر الكامل لدعم الليبيين بكافة الخبرات.
يرى عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، جمال عبد الجواد، أن مصر لطالما كان لديها أولوية أن تظل حدودها مؤمنة من الجماعات المتطرفة، وأن استقرار الوضع في ليبيا وتكوين حكومة شرعية قادرة على ممارسة سلطتها هو الهدف المصري المباشر، وأما الحديث عن علاقتها بهذا الطرف أو ذاك فهو مجرد “تفاصيل”.
وربما كان لفشل حفتر- المدعوم من القاهرة والإمارات وروسيا – في تحقيق نجاح عسكري فيما سمي بمعركة طرابلس ضد حكومة الوفاق الوطني – المدعومة من تركيا وإيطاليا وقطر – دورا في لجوء الأطراف المحلية والدولية لطرق جديدة تعتمد الحل السياسي.
فبحسب كلوديا غازيني المحلِّلة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة بحثية مستقلة مقرها بروكسل، فإن حالة الجمود العسكري التي نتجت عن معركة طرابلس دفعت الجانبين وداعميهم الدوليين لإعادة الحسابات.
وطبقا لغازيني فقد أدركت مصر أنه لا يمكن فرض سلطة سياسية بالقوة العسكرية، كما وجدت أنها بالحرب في طرابلس أصبحت في مشكلة أكبر بوجود تهديد بجوارها وهو الوجود التركي، ومن الناحية الأخرى، أدركت السلطة في طرابلس وداعمتها تركيا أن الوضع العسكري لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، وأن محاولة السير تجاه الشرق وهزيمة قوات حفتر سيكون شيئا مستحيلا.
لذلك ترى غازيني أن الطرفين اتجها إلى طريقة تصرف بناءة أكثر.
ومؤخراً، أعلنت الخارجية المصرية أن وفداً مصرياً زار ليبيا، لاستكشاف مدى إمكانية إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس والقنصلية في بنغازي، وسبقت هذه الزيارة أخرى لرئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، لليبيا التقى فيها حفتر ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح.
كما أعلنت الخطوط الجوية الليبية استئناف رحلاتها إلى مصر بعد توقف دام 14 شهرا، وهو ما يشير بحسب جمال عبد الجواد إلى “درجة مناسبة من الارتياح للاختيار الذي أتى بمنفي والدبيبة”.
تحدي منح الثقة
لا يزال المجلس الرئاسي المكون من ثلاثة أعضاء ورئيس وزراء يواجه تحديا آخر، وهو الحصول على مصادقة البرلمان المنقسم حول نفسه، خلال 21 يوما يبدأ احتسابها منذ الخامس من فبراير/ شباط.
وبين الدعوات المختلفة لعقد جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة الجديدة، بين طبرق وبنغازي وطرابلس وصبراتة، وقع الاختيار على مدينة سرت في وسط ليبيا، لتكون أرضا وسط لجميع الأطراف ولتوفر الأمن وعدم وجود ميليشيات مسلحة، بحسب تصريحات المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق.
ويرى الكاتب والباحث السياسي الليبي، السنوسي إسماعيل، أن الرأي العام في ليبيا يحرص على أن يكون هناك انتخابات رئاسية وتشريعية، “وبالتالي فإن المجلس الرئاسي الجديد قد يكسب شرعيته الشعبية، من خلال النجاح في تنفيذ خارطة الطريق”.
ويوضح السنوسي أن السلطة التنفيذية الجديدة بحسب الإشارات المبدئية تحظى بقبول إقليمي، ولكن لا يزال عليها أن “تجد علاقة متوازنة مع الأطراف الدولية، التي لها مصالح متضاربة في ليبيا”.
إذا تم منح الثقة للحكومة وحدث توافق بين النواب، فهذا “مؤشر لمدى رضا المجتمع الدولي وخاصة مصر” عن التشكيلة الجديدة، بحسب كلوديا.
أما إذا تعذر منح السلطة التنفيذية الثقة من خلال البرلمان، فسيكون عليها اللجوء إلى إتمام الخطوة من خلال لجنة الحوار السياسي، وهو الوضع الذي قد يعرّض قراراتها للطعن فيها مستقبلاً.
وتسعى الحكومة الجديدة إلى إقامة استفتاء شعبي على الدستور، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية من المفترض أن تجرى في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ومؤخراً، استضافت مصر جولات عدة من مباحثات لجنة المسار الدستوري الليبية، والتي اتفقت في آخر جولاتها على تقديم مشروع تعديل دستوري إلى مجلس النواب الليبي، لإقراره وإجراء الاستفتاء على الدستور.
الواقع العسكري
من ناحية عسكرية، لا تزال قوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، تسيطر على المنطقة الشرقية ويظل جزءاً من المعادلة، وهنا يصبح دعم مصر وتأثيرها “مهماً في إقناع هذه الأطراف بأن تسهم في إحلال السلام في ليبيا”، بحسب جمال عبد الجواد.
الرئيس المصري كان قد حذر في يونيو/حزيران من العام الماضي، بالتزامن مع تصاعد القتال باتجاه شرق ليبيا، أن سرت والجفرة “خط أحمر” وأن “أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعياً”.
وكانت القوات الجوية المصرية قد نفذت هجمات محدودة، داخل الأراضي الليبية أكثر من مرة خلال العقد الماضي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وقع وفدا اللجنة العسكرية المشتركة الليبية في جنيف اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار.
ونص الاتفاق على أن يعيد حفتر وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا جميع الوحدات العسكرية التابعة لهما إلى ثكناتها، كما وضع الاتفاق مهلة ثلاثة أشهر لمغادرة جميع المرتزقة ليبيا.
لكن وبعد انتهاء المهلة المحددة لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية الشهر الماضي، لا تشير التصريحات التركية إلى نية لسحب قواتها. ففي تصريح للمتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، قال إن قوات بلاده المنتشرة في ليبيا ستظل هناك، ما دام الاتفاق الثنائي العسكري قائما بين أنقرة وطرابلس، وما دامت الحكومة الليبية تطلب ذلك.
وفي هذا الشأن، يرى السنوسي أن “هناك تفاهم تركي – روسي وكذلك ضغوط أمريكية” تدفع باتجاه دعم الاستقرار في ليبيا، ووقف الانقسام المدعوم خارجيا.
وتتفق كلوديا مع هذه الرؤية، وتوضح أن اختيار حكومة وطنية موحدة ودعم مجموعة 5+ 5 العسكرية، التي تهدف لجمع الأطراف العسكرية المختلفة، سيمهد لخطوة انسحاب القوات الأجنبية، أما في ظل “وجود عداء ومواجهة بين حكومتين، سيكون من الصعب على أي منهما التخلي عن دعم القوات الأجنبية والمرتزقة”.
وبالرغم من وجود اتفاق محلي ودولي مبدئي على السلطات الجديدة المؤقتة، يبقى التغيير الحقيقي والتحرك نحو الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا مرهوناً بالتزام الأطراف كافة، والتصرف “بطريقة أقل عصبية وأكثر حكمة” كما يصفها عبد الجواد.
[ad_2]
Source link