بيغ رامي: مسيرة بطل العالم في كمال الأجسام من قرية مصرية إلى كبرى البطولات الدولية
[ad_1]
سقطت القطع الحديدية فجأةً ليدوي صداها الصاخب في صالة رياضية صغيرة، فقد ترك محمد أوزان العشرة كيلوغرامات من يديه، وراح يتسابق مع زملائه من أجل التقاط الصور مع الزائر الذي أصبح المثل الأعلى في لعبتهم.
كان جسم الزائر الضخم بالكاد يمر من باب الصالة الرياضية، وقد ترجل وراءه العشرات ممن رأوه في الشارع، الذي يقع في مدينة بلطيم شمالي مصر.
لم يصدق محمد الشاب العشريني أن صاحب الصورة، التي تملأ جدار الصالة وينظر إليها لتزيده إصرارًا وعزيمة حين يشعر بالإرهاق في التدريب، يقف أمامه شخصيًا.
إنه رامي السبيعي المعروف بـ”بيغ رامي” الذي أصبح أول مصري وإفريقي يفوز، بلقب البطولة الأبرز عالميًا في كمال الأجسام للمحترفين، التي تعرف بـ”مستر أولمبيا”.
لكن هذه الصالة ليست غريبةً على رامي، فهي تبعد عن قريته ومسقط رأسه “السبايعة” نحو ربع ساعة بالسيارة، وقد بدأ منها أولى خطواته نحو تحقيق حلمه قبل 17 عامًا.
تبدو الإمكانات بسيطة في الصالة الصغيرة، أوزان وأجهزة تمارين بدائية، وكانت أقل من ذلك بكثير حين كان رامي يتدرب بها.
يقول رامي لبي بي سي: “الإمكانات فعلًا بسيطة، لكن الطموح كان كبيرًا، كنت أفكر في أن أصنع لنفسي بصمة في اللعبة”.
“إرادة قوية”
كنا نزور الصالة الرياضية مع بيغ رامي، لنعد تقريرًا تليفزيونيًا عن بداياته وتحدياته مع اللعبة.
أمسك رامي بوزن 5 كيلوغرامات وراح يأرجحها لأعلى وأسفل، فيما يعرف في اللعبة بالـ”الرفرفة”، ثم جلس على جهاز الكتف وبدا كأنه يكتشف وجوده بالصالة لأول مرة، وأخذ يتنفس بقوة وهو يتمرن.
يضيف رامي: “اجتهدنا بقدر استطاعتنا في استغلال هذه الأدوات الصغيرة، والأهم كان الإرادة القوية والأشخاص المحفزين”.
وصل رجل أربعيني واحتضن رامي بقوة، كان هذا هو أول مدرب في مسيرة رامي ومالك هذه الصالة الرياضية.
أخذ رامي يتسامر مع مدربه الأول، مصطفى المغازي، ويتذكر كيف بدا الحلم بعيدًا، وكيف أنه تحقق.
يقول المغازي: “اعتمد رامي في بداياته معنا على الأوزان الحرة والأدوات العادية، لم يكن لدينا حتى بعض الأجهزة المتطورة في التدريبات”.
ويضيف مدرب بيغ رامي لبي بي سي: “نضرب المثل برامي لكل من يأتي إلينا هنا ليبدأ مشواره، نحفزه بالقول انظر كيف بدأ رامي وأين وصل الآن”.
“الصيد علمني الصبر”
بدأ بيغ رامي عمله صيادًا للأسماك، كأغلب سكان قريته “السبايعة” التابعة لمحافظة كفر الشيخ، التي تطل على بحيرة البرلس من جهة وعلى البحر المتوسط من الجهة الأخرى.
يقول رامي: “إن لعبة كمال الأجسام تتشابه مع العمل في الصيد، فلا نجاح في الاثنين سوى بكثير من الصبر”.
ومثل كثيرين من أهل قريته سافر رامي إلى الكويت ليعمل في الصيد، لكن هناك بدأت رحلة احترافه في كمال الأجسام.
وعن مهنته الأولى يعلق رامي: “الصيد مهنة شريفة، لكن الطموح جعلني أتحول إلى لعبة كمال الأجسام، ورغبت في أن أصنع بصمتي الخاصة”.
لكن أسرة رامي أظهرت قلقها بشأن ذلك في البداية، لأنهم كانوا يخشون عليه ترك عمله ذي الدخل المضمون وإن كان بسيطًا، من أجل مغامرة كبيرة.
تحركنا مع رامي إلى قريته، وأمام منزله تجمع العشرات من أقاربه وجيرانه في “شادر” ينتظرون تهنئته، إذ أنه كان يزور قريته للمرة الأولى منذ حصوله على البطولة.
تابع هؤلاء مثل الملايين فعاليات البطولة التي أقيمت في الولايات المتحدة، عبر شاشات التليفزيون والإنترنت.
بدا القلق السابق بشأن المغامرة وقد تحول إلى فخر كبير، بعد أن نجحت وأصبح رامي بطلًا عالميًا.
يقول شقيق رامي الأكبر، إيهاب السبيعي، إنه كان يتخوف من نهاية هذا الطريق، لكنه الآن يشعر أن كلمة “فخور” لا تعبر وحدها عما يشعر به.
وكان إيهاب يتردد على الصالات الرياضية، وهو من عرف رامي على لعبة كمال الأجسام، لكنه آثر العمل في الصيد.
مستر أولمبيا
أصبح رامي السبيعي هو اللاعب السادس عشر الذي يحوز لقب مستر أولمبيا في تاريخها، بالإضافة إلى كونه المصري والإفريقي الوحيد والعربي الثاني.
وكان اللبناني سمير بنوت هو العربي الأول، الذي حصل على اللقب عام 1983.
وتعد مستر أولمبيا للمحترفين البطولة الأبرز في العالم في لعبة كمال الأجسام، وتأسست عام 1965 من قبل ما يعرف بالاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية.
وللمشاركة في بطولة مستر أولمبيا السنوية من الأساس، هناك شروط ومتطلبات ليست سهلة، معظمها يتركز على الحصول على بطولات أخرى.
يقول بيغ رامي إن تحديات جمة كانت أمامه هذا العام، لكون البطولة تقام لأول مرة وسط تداعيات وباء كورونا.
ويشرح رامي أنه لم يشارك في بطولة أستراليا، التي كان سيتأهل منها لمستر أولمبيا بسبب إصابته بفيروس كورونا، لكنه تلقى دعوة خاصة فيما بعد للمنافسة في مستر أولمبيا، لأنه شارك في نفس البطولة من قبل.
وكانت لبيغ رامي ستة مشاركات سابقة في بطولة مستر أولمبيا، وفيها تدرج في المراكز التي حصل عليها من الثامن وحتى الثاني.
يتابع رامي: “الراعي الذي كان يمول تدريبي وتجهيزي للبطولة قرر الانسحاب، بسب التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا”.
ويشرح بطل مستر أولمبيا أن اللعبة مكلفة للغاية، وقد تتطلب عشرات الآلاف من الدولارات شهريًا، في الوجبات والمكملات الغذائية وغيرها.
ويوضح ممدوح السبيعي، وهو اسم رامي الأصلي المسجل في الأوراق الرسمية، أنه لم يستسلم وكان يبذل جهدًا مضنيًا وتدريبات شاقة، تصل إلى ثلاث ساعات يوميًا بدلًا من ساعة ونصف كالمعتاد.
لعبة مكلفة أم مربحة؟
في غرفة الاستقبال بالمنزل الريفي للأسرة جلس رامي وأشقاؤه وأطفالهم. تقول لوجين ابنة رامي، التي لم يتعدى عمرها عشر سنوات، عن حجم جسم أبيها الأكبر وسط الجالسين: “هو ضخم، لكن لا يهم”.
وتبتسم لوجين وهي تتذكر وقت أن كانت تجمع أصدقاءها وأقاربها من الأطفال، ليشاركوها مشاهدة عروض أبيها في بطولة مستر أولمبيا.
وتتابع لوجين رامي أنها تتمنى أن يحصل أبوها في كل عام على اللقب.
كانت شهرة بيغ رامي قد بلغت ذروتها في هذا الوقت بعد فوزه في مستر أولمبيا، وكان ليلتها الاسم الأبرز في أحاديث مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن قبل ذلك كانت لرامي الذي يبلغ من العمر 36 عامًا مسيرة من بطولات كمال الأجسام، كبطولة الكأس الذهبية بالكويت عام 2012، وبطولة نيويورك للمحترفين في 2013، وبطولة آرنولد كلاسيك أوروبا عام 2017.
ويرى رامي أن الناس في القرى، التي تشكل معظم أنحاء مصر، ينظرون إلى الألعاب الفردية مثل كمال الأجسام بقلق لأنها مكلفة وغير مضمونة الربح.
وتقدر الجائزة المالية لبطولة مستر أولمبيا للمحترفين بـ400 ألف دولار، بالإضافة إلى رعايات الشركات الممولة.
ويختتم بيغ رامي حديثه لبي بي سي بالقول “إن النجاح الأكبر الذي أشعر بتحقيقه هو تغيير القلق من الألعاب الفردية، إذ أنني أثبت أن الإنسان بالإرادة يمكن أن يلعب وينجح ويربح المال”.
[ad_2]
Source link