ماريو دراغي: “سوبر ماريو الذي أنقذ اليورو” هل ينقذ اقتصاد إيطاليا بعد ترؤسه حكومتها؟
[ad_1]
“ما يميز ماريو دراغي هو أنه كان دائماً ما يمرر الكرة في الملعب، إنه كريم”، هكذا يقول ستيفان دي ميستورا الدبلوماسي الأممي وزميل دراسة رئيس الوزراء الأيطالي.
ويضيف “كانت لدى ماريو روح الفريق. لم يكن أفضل لاعب لكنه كان لاعباً جيدا. كانت لديه دوماً خطة، كانت يعلم إلى أين يتجه”.
والتعاون والشعور الواضح بالاتجاه هما تماماً الصفتان اللتان سيحتاجهما من جديد الاقتصادي الإيطالي اللامع وهو يستعد لقيادة البلاد من أعمق أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية في ظل وباء أودى بحياة 90 ألف إيطالي.
ويعد المنصب الأخير تتويجاً لمسيرة مهنية متألقة لرجل يصفه زملاؤه وأصدقاؤه بأنه “جاد” و”موثوق به”.
طفولة مؤلمة
ولد ماريو دراغي لأسرة ميسورة الحال في روما لكنه غادر طفولته مبكرا ودخل عالم الرجولة، إذ توفي والده الذي كان يعمل مديراً في بنك إيطاليا وهو في عمر الخامسة عشرة، ثم سرعان ما توفيت والدته هي الأخرى.
وعن هذا قال دراغي لاحقا: “أتذكر عندما كنت في السادسة عشرة من عمري وقد عدت لتوي من رحلة على الشاطئ مع صديق، أن صديقي هذا كان بوسعه أن يفعل ما يريد، بينما جلست أنا في المنزل محاطاً بفواتير يتعين علي سدادها”.
لكنه في المدرسة، ظل محافظاً على تركيزه واجتهاده.
غير أن بعض آثار الصدمة ظلت واضحة عليه، كما يقول زميل دراسته ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي السابق إلى سوريا.
ويضيف أن مدرسة الجزويت التي درسا فيها غرست فيه الشعور بالواجب الاجتماعي والرغبة في رد الجميل للمجتمع وهو ما ميز مسيرة دراغي المهنية.
“مؤيد قوي للمشروع الأوروبي”
وبعد حصوله على شهادة في الاقتصاد من جامعة لاسبييزنا في روما ودرجة الدكتوراه من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، قام الاقتصادي الشاب حينها بالتدريس في الجامعات الإيطالية قبل تعيينه عام 1991 مديراً عاماً للخزانة الإيطالية.
وهناك تولى -إلى جانب مهام أخرى- التفاوض بشأن تبني إيطاليا للعملة الأوروبية الموحدة.
وشاركه في لجنة المفاوضات يانيس ستورناراس الذي كان مكلفاً بملف عضوية اليونان.
“أظهر ماريو خبرة فنية وكذلك موهبة فطرية”، كما يقول عنه ستورناراس الذي تولى منصب وزير المالية في خضم أزمة ديون اليونان عام 2012 ويتولى حالياً منصب محافظ بنك اليونان.
ويضيف “بلدانا كانا يعانيان مشكلات جمة، لكنه كان مفاوضاً قوياً لصالح إيطاليا ونصيراً قوياً للمشروع الأوروبي. كان من الواضح أنه سيحقق الكثير”.
وقد صدقت التوقعات.
فبعد فترة من توليه منصب نائب رئيس بنك غولدمان ساكس، عُين ماريو دراغي محافظاً لبنك إيطاليا عام 2006، وفي عام 2011 صار رئيساً للبنك المركزي الأوروبي، حيث صار يتعامل بشكل متكرر مع يانيس ستورناراس.
وكانت اليونان حينها على شفا التخلف عن سداد ديونها الضخمة وربما الاضطرار لمغادرة منطقة اليورو.
“الحاضر الغائب”
يقول ستورناراس “ماريو لم يكن مؤيداً للإجراءات التقشفية القاسية. كان يركز على الإصلاحات الهيكلية. وخلال اجتماعات الأزمة التي استمرت وقتها لساعات متأخرة من الليل، ظل محافظاً على حس الدعابة”.
بينما شكا بعض محافظي البنوك المركزية الأخرى ومصادر في البنك المركزي الأوروبي مما وصفوه بأسلوب إدارته الذي يفتقر للجماعية وميله للثقة فقط في حفنة من مساعديه.
كما أن عادته في الاختفاء من الاجتماعات لإجراء مكالمة أو التحدث مع مسؤول جعلته يُوصف بـ”الحاضر الغائب”.
وفي عام 2012، ألقى دراغي كلمة غيرت مسار الأزمة، إذ تعهد بأن يفعل البنك المركزي الأوروبي “كل ما يلزم للحفاظ على اليورو”.
وقد أدى ذلك وما تلاه من سياسات إلى تراجع مطرد في تكاليف الاقتراض للدول الأعضاء في منطقة اليورو المثقلة بالديون ومن بينها إيطاليا، فأُطلق عليه لقب “سوبر ماريو”.
وحين غادر البنك المركزي الأوروبي بعد ثماني سنوات من توليه المنصب، سُئل دراغي عن خطوته القادمة. فأجاب قائلاً “عليك أن تسأل زوجتي”.
غير أن حتى زوجته سيرينا لم تكن لتتوقع الأزمة التي أطاحت بجوزيبي كونتي من رئاسة الوزراء الشهر الماضي، وأن الاختيار سيقع على زوجها ليقود الحكومة الإيطالية السابعة والستين منذ الحرب العالمية الثانية.
“لقد كان بمثابة الخيار النووي، أي الخيار الأخير بعد فشل الأحزاب السياسية في تحقيق الأغلبية”، كما يقول إنريكو ليتا الذي تولى رئاسة الوزراء لعام واحد في 2013.
وسينصب تركيز ماريو دراغي كرئيس للوزراء على الحصول على أكثر من 200 مليار يورو من أموال صندوق الإنعاش الأوروبي، فيما يمثل “أكبر فرصة لإحداث تحول في إيطاليا منذ خطة مارشال في خمسينيات القرن الماضي”، كما يقول ليتا.
ويضيف رئيس الوزراء السابق “يتطلب الأمر مشاركة كافة الأحزاب السياسية المعنية، وماركو دراغي قادر على توحيدها. إنه تكنوقراط يتمتع بحس سياسي جيد ودعم قوي من الأحزاب واتصالات ممتازة ببروكسل وكافة الدوائر الأوروبية”.
وإذا كان هناك شخص واحد يمكنه رأب الانقسامات السياسية العميقة في إيطاليا، فهو ماريو دراغي؛ كما يقول ليتا: “إن ميزته الخاصة تكمن في جمعه بين التحدث والإنصات”.
ويضيف “الكثير من القادة العظماء يتحدثون أكثر مما ينصتون. إنه يمتلك التوازن السليم”.
ويُقال إن ماريو دراغي يضبط ساعته مُقدماً إياها خمس دقائق، حفاظاً على الدقة في المواعيد. والواقع أنه لن يكون لديه الكثير من الوقت ليضيعه حتى يعيد بناء بلده.
[ad_2]
Source link