أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

التعافي من الكآبة … مقال بقلم الدكتور عبدالله سافر الغامدي

إيسايكو: التعافي من الكآبة … مقال بقلم الدكتور عبدالله سافر الغامدي
جدة

يتعرض جميع الناس لمشاكل كثيرة في هذه الحياة، كموت قريب، وفقدان عزيز، أو الابتلاء بمرض مزمن، أو حدوث خسارة مالية، وغير ذلك؛ مما يصيب الإنسان بالحسرة الرهيبة، والحزن مدة طويلة.
حيث قد يفشل أحدنا في تجاوز الحالة الحزينة، فيتوقف عن الحركة والنشاط، وينعزل عن الجلوس مع الناس، ويفقد توازنه النفسي، وربما يقع في العقاقير المخدرة، والحبوب المهدئة.
والحزن شعور طبيعي يمكن أن ينتاب أي شخص، يحدث له واقعة مؤلمة ، أو حادثة أليمة ، وفي الغالب يتلاشى الحزن في زمن يسير، حسب النوع والحالة، ولكن قد يظل ملازماً لأحدهم ، ومستمراً معه، ذلك لأنه يعزز حضوره، باستحضار الماضي السلبي، والتباكي عليه، ويدعم وجوده الفراغ والوحدة، والانطواء والعزلة.
ولكن يمكن للشخص الحزين التعافي السريع من الكآبة، والتخلص العاجل من المشاعر المؤلمة، وذلك بالدعاء المتواصل؛ أن يذهب الخالق الهم والحزن، والكدر والضيق،( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، وأن يحرص على ترديد الأذكار، والإكثار من الاستغفار، وكذلك سماع القران الكريم من صوت حسن الأداءِ، وكل هذا يجلب السّعادة، ويمنح الطمأنينة، ويكسب الراحة.
وللحزين أن يبكي؛ فالبكاء لغة إنسانية معبرة عن الألم، وطريقة مفيدة لها تأثير استرخائي في تخطي التوتر، وفي نيل الراحة النفسية.
كذلك حتى يكون الشخص الكئيب سعيدا وفرحاً مسروراً؛ عليه بممارسة العمل والحركة، والتجديد والتغيير في حياته اليومية، على أن يختلط بالناس، وأن يجلس مع الأصدقاء الذين يساعدونه على التخلص من الأكدار، والهموم والأحزان.
كذلك عليه أن يستثمر وقت الفراغ في قراءة ممتعة، أو في مشاهدة مبهجة، أو في ممارسة هواية، وله أن يحرص على تنفيذ زيارة للمتنزهات، وللمواقع الفاعلة في بث السرور والسعادة.
كذلك من النافع للحزين؛ القيام بأعمال خيرية، ومساهمات تطوعية، وممارسات رياضية؛ تزيح عنه الكآبة، وتخلصه من الشحنات السالبة .
أيضاً للشخص الحزين أن يعبر عن هواجسه ومشاعره، من خلال رسمة، أو من خلال قصيدة، أو من خلال خاطرة، وبعد الانتهاء من الكتابة ؛ عليه أن يحتفظ فيها، أو يعمل على نشرها، أو يقوم بتمزيق الورقة؛ وكأنه مزق أحزانه أمام عينيه ، مما سوف يشعر بعدها براحة كبيرة.
وليعلم كل شخص أن للدنيا تقلبات، وفي الحياة مفاجآت، وأن الموت سبيل كل حي، يأتي فجأة على الصغير والكبير، والرئيس والمرؤوس، قال تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ”، فالموت سنة من سنن الله الماضية، وهكذا هي الدنيا الفانية، وهذا هو حالها؛ نزول وارتحال ، لقاء ووداع، صحة وسقم، سعادة وضيق، فرح وحزن، مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمنه، وهذه الدار لا تُبقي على أحد، ولا يدوم على حالٍ لها شان.
وليس للإنسان إلا التسليم بقضائه، والرضا بحكمه، والصبر بما يقدره الله تعالى، فالبلسم الشافي، والعلاج الكافي للكئيب هو الصبر، والتصبّر، والنسيان، وترديد: قدّر الله ما شاء وفعل.
والصبر فيه أجر عظيم، وثواب جزيل ، يعطي عليه سبحانه بغير حساب: قال تعالى:”إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”، وَجَائِزَةُ كُلِّ صَابِرٍ عَلَى أَيٍّ نَازِلَةً: هِيَ جَنَّةُ عَرْضِهَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، “أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً”، هذا والحمد لله رب العالمين.

الدكتور عبدالله الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى