أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

اضطراب ما بعد الصدمة … مقال بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: اضطراب ما بعد الصدمة … مقال بقلم الدكتورة هلا السعيد.

ينشأ اضطراب ما بعد الصدمة لدى بعض الناس بعد تعرضهم لحدث صادم أو مخيف للغاية، وهو غالبًا يظهر في حال لم يتمكن المصاب من التعافي أو تقبل أعراض الصدمة النفسية أو في حال فشل في إيجاد حلول عملية لها، ولحسن الحظ فإن معظم المصابين بالصدمة النفسية يتمكنون غالبًا من التغلب على الصدمة ولا يُصابون باضطراب ما بعد الصدمة، لكن آخرون يعجزون عن ذلك ويقعون ضحية لهذا الاضطراب الذي قد تظهر اعراضه بعد سنوات من تعرضهم للصدمة.

كيف تنشأ الصدمة النفسية:
تنشأ الصدمة النفسية نتيجة لتعرضك لموقف سيئ للغاية، وهذا الأمر قد يظهر بعد التعرض للحوادث،
أو الانفصال عن الآخرين، أو موت أحد الأحباب، وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى شعورك بالحزن الشديد، وغالبًا ما ينعكس الحزن الشديد على تصرفاتك وقد يدفعك إلى البكاء أو الغضب، وعلى الرغم من تباين انعكاسات ونتائج الصدمات النفسية الحزينة على نفسية الناس، إلا أن طبيبة أمريكية من أصول سويسرية تُدعى إليزابيث روس قد تمكنت في عام 1969 من تحديد خمس مراحل رئيسية يمر بها الإنسان بعد تعرضه لموقف صادم أو محزن كثيرًا، هي:
مراحل الصدمة:

١- الإنكار: في البداية ينكر الشخص ما حصل له ويعتبر أن هناك خطأ ما، ولا يوجد شيء، وأن ما حدث قد يحدث للآخرين ولكن ليس له.
٢-الغضب: بعد أن يعي الشخص أن المصيبة قد حلت فعلاً وأنه لا طائل من الإنكار؛ يدخل في نوبة من الغضب والتوتر والإحباط مما حدث.
٣-المساومة: يحاول الشخص أن يجد مخرجاً سريعاً من هذا النفق المجهول، وإيجاد حلول -مجدية أو غير مجدية- لاستعادة حياته السابقة، أو للتعايش مع الوضع الجديد.
٤-الاكتئاب: يستوعب الشخص الحقيقة وحجم الأزمة، فيدخل في نفق مظلم لا يرى له مخرجاً.
٥-التقبل: هنا يبدأ الشخص في التعامل مع التغيرات التي حدثت له بشكل عملي والتكامل مع الوضع الجديد.
وقد تحدث بعض الباحثين عن إمكانية إضافة مرحلتين إلى المراحل الخمسة التي يمر بها الذين يتعرضون للصدمات أو الأحزان النفسية، لتصبح هذه المراحل هي: مرحلة الإنكار، ومرحلة الشعور بالذنب، ومرحل الغضب والمساومة، ومرحلة الاكتئاب، ومرحلة الصعود، ومرحلة إعادة التأهيل، ومرحلة التقبل أو الامل.

المراحل التي تمر بها بعد التعرض لصدمة نفسية:
يتم التمييز، عادة، بين ثلاث مراحل مختلفة في حالة الصدمة، تختلف بدرجة حدتها ومدى خطورتها:
1. مرحلة ما قبل الصدمة – فقدان حتى 10% من حجم الدم، مصحوبا بنبض سريع وانخفاض طفيف في ضغط الدم. في هذه المرحلة تكون الأجهزة الدفاعية في الجسم لا تزال قادرة على التعويض عن خسارة الحجم هذه.
2. مرحلة الصدمة –  فقدان أكثر من 20% من حجم الدم، أو انخفاض ملحوظ في النتاج القلبي (Cardiac output) مصحوبا بانهيار قدرة الأجهزة الدفاعية على التعويض ومن ثم ظهور أعراض الصدمة.
3. الصدمة غير القابلة للإصلاح (Irreversible) – استمرار حالة الصدمة من دون علاج يسبب ضررا شديدا غير قابل للعكس في الخلايا والأنسجة، فشلا مجموعيا وموت المريض.

ماذا أفعل إذا مررت بحالة صدمة نفسية؟
غالبًا ما ستشعر بالتوتر الشديد أثناء الساعات الأولى بعد تعرضك لصدمة نفسية؛ وذلك بسبب تواجد هرمونات التوتر بمستويات عالية في مجرى دمك، وهذا يعني أن جسمك سيحتاج إلى مرور بضعة ساعات قبل أن يرجع إلى الوضع الفسيولوجي الطبيعي، ومن الطبيعي أن تشعر أثناء ذلك ببعض الدوخة وربما تصلب العضلات أيضًا، وهذا يرجع إلى حقيقة اتخاذ جسمك لوضعية الفر والكر، التي تدفعك دون وعي إلى شد عضلاتك أكثر، لكن قريبًا ستختفي هذه الأعراض لوحدها وتبدأ مراحل الحزن بالظهور والاختفاء تدريجيًا، ولحسن الحظ فإن هنالك الكثير من الاستراتيجيات التي يُمكنك اتباعها للتعامل مع المواقف الصادمة التي تتعرض لها، مثل:
١-اعترف لنفسك بأنك قد مررت فعلًا بموقف سيء للغاية وأن من الطبيعي أن يكون لك استجابة معينة اتجاه هذا الموقف الذي وجدت نفسك فيه.
٢-تقبل حقيقة أنك لن تعيش حياتك الاعتيادية كما ترغب لفترة وجيزة، لكنك ستتمكن في النهاية من تجاوزها وترجع إلى نظام حياتك الاعتيادي.
٣-ذكر نفسك بأنك تحاول ما بوسعك إدارة الأزمة التي تمر بها الآن، وليس هنالك داعٍ لتغضب من نفسك أو تشعر بالإحباط من طريقة تعاملك مع الأشياء كما كنت من قبل.
٤-حاول ان لا تلجأ العقاقير المخدرة كوسائل لمساعدتك على التأقلم مع الصدمة التي تعرضت إليها.
٥-امتنع عن أخذ أي قرارات مصيرية أو قرارات مهمة أثناء فترة تعافيك من الصدمة، وحاول أن تصبر حتى تنتهي فترة أو مراحل الصدمة.
٦-حاول مواجهة الأمور الحاصلة نتيجة للصدمة وتجنب منع نفسك من مجابهة هذه الأمور. لا تخفي مشاعرك عن الآخرين وحاول الحديث مع شخص قريب منك حول الصدمة ولا حرج من طلب مساعدته في تخطي الأزمة.
٧- تذكر بأن لا داع لتجنب الانخراط في الأنشطة التي كنت تحبها من قبل، وحاول شيئًا فشيئًا أن تعود إلى حياتك الاعتيادية.
٨-خصص بعضًا من وقتك لممارسة الأنشطة الرياضية؛ فمن المعروف أن الرياضة تُساهم كثيرًا في إزاحة المشاكل البدنية والنفسية. لا بأس في الحديث مع عائلتك واخبارهم بالأمور التي تحتاجها منهم؛ كالحديث أو الاستماع إليك أو الذهاب إلى أمكنة خارج المنزل.
٩-اعتمد طرقًا جديدة لإراحة نفسك؛ كاليوغا أو الموسيقى أو حتى القيام بأعمال الحديقة.
١٠-خذ قسطًا كافيًا من الراحة في حال شعرت بأنك مرهق أو متعب كثيرًا.
١١-تمسك بروتين حياتك اليومي وحاول اشغال نفسك قدر الإمكان.

ماذا أفعل إذا مررأحد أحبتي بحالة صدمة نفسية؟
إن كان أحد من أحبتك قد أبتلي بحالة نفسية سيئة نتيجة لصدمة تعرض إليها، فإن بوسعك تقديم العون له عبر قيامك بالأمور التالية:
١-تحلى بالصبر والفهم عند التعاطي مع شكوى المصاب بالصدمة النفسية، وتذكر بأن المرور في مراحل الصدمة النفسية لابد أـن يأخذ وقتًا.
٢-وفر للمصاب بالصدمة النفسية حلولًا عملية للرجوع إلى رويتنه الحياتي الطبيعي؛ كمساعدته-مثلًا- في التسوق أو أعمال المنزل.
٣-لا ترغم المصاب بالصدمة النفسية على الحديث معك، لكن اشعره بأنك قريب منه وعلى استعداد لسماع شكوته ومشاركة همومه.
٤-ساعد المصاب بالصدمة النفسية على الانخراط مجددًا بالحياة الاجتماعية والتعامل مع أصدقائه واتمام الأنشطة التي كان يرغب بأدائها من قبل.
٥-حاول تقبل أعراض الصدمة النفسية عند ظهورها على المصاب حتى وإن كانت موجهة نحوك؛ كالغضب، وحدة المزاج، والبعد العاطفي.

علاقة بين نشوء نوبات الذعر وبين اضطراب ما بعد الصدمة:
هناك علاقه إذ يُمكن لنوبات الذعر أو الهلع أن تحدث عند المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أثناء رؤيتهم لشيء ما يذكرهم بالصدمة التي تعرضوا إليها من قبل، ومن المعروف أن نوبات الذعر تمتاز بمستوى عالٍ من الخوف والجزع إلى درجة يخشى عندها الإنسان من فقدان السيطرة على نفسه وتصرفاته.

الدكتورة هلا السعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى