أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالاتملخصات الأبحاث العلمية

مراجعة الأدبيات (الدراسات السابقة) بقلم الأستاذة نجوى بنت ذياب المطيري

إيسايكو: مراجعة الأدبيات (الدراسات السابقة) من إعداد الأستاذة نجوى بنت ذياب المطيري .. باحثة دكتوراه تخصص أصول تربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

تمهيد:

يعتبر العلم سلسلة من التراكمات والمعارف العلمية الناتجة عن البحوث والدراسات الميدانية، وهكذا كل بحث علمي يضيف جزء من المعرفة، أو يوضح مبهم، أو يصحح ويعدل معارف كان يشوبها الغموض أو عدم الكمال، ولهذا فالباحث عند البدأ في أي دراسة علمية يجب أن يطلع على البحوث العلمية السابقة للموضوع الذي يريد دراسته، فهذه الدراسات تساهم في تحديد المشكلة محل البحث و تحديد الزوايا التي يريد أن يدرس منها الموضوع سواء كان يتطرق لزاوية جديدة لم يتم التطرق لها، أو يؤكد أو يعدل أو ينفي معلومات سابقة عن الظاهرة التي يريد دراستها.

بعد أن ينتهي الباحث من تحديد مشكلة بحثه وفروضه وأهميته وأهدافه، وقبل أن يبدأ في جمع البيانات يجب عليه مراجعة البحوث والدراسات التي سبق وأن أجراها باحثين سابقين في نفس الموضوع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (مشابهة)، حيث تساهم هذه المراجعة في زيادة فهم الباحث للموضوع محل الدراسة، وبعدها يقوم بقراءة نقدية لها.

 وتعد مراجعة الأدبيات ذات الصلة المحور الرئيس لمشروع البحث،فهي الخطوة الثالثة للطريقة العلمية التي وضعها ديوي (Dewey) والفلاسفة التربويون الآخرون، إذ من خلال القيام بمراجعة الأدبيات،يجد الباحث مسحاً شاملاً لما تم إجراؤه سابقاً من بحوث ودراسات،على مشكلة يساعده في حلها، ويعد هذا المسح عاملاً مهماً وحاسماً في التخطيط للدراسة، وأن الوقت المخصص لهذا الغرض يعد استثماراً معقولاً لا جدال عليه (Mouly,1963,p.111).

إن الهدف العام للبحوث الأكاديمية الرصينة هو تطوير وتقدم المعرفة الإنسانية، ومن أبرز ما يميز مراجعة الدراسات السابقة أنها تمكن الباحث من الوصول إلى ما يسمى بالفجوة المعرفية، أو بعبارة موجزة تفتح له المجال لمعرفة الثغرات أو الجوانب التي لم يسبق تناولها أومناقشتها من قبل الباحثين الآخرين وهي بحاجة ماسة لمساهمة الباحث لإضافة حلول جديدة (إن كانت الدراسة تعالج مشكلة معينةأو طرح بدائل لحلول موجودة أو تفسير لغموض أو اكتشاف لمؤثرات جديدة لعلاقات قائمة. وتكمن أهمية الدراسات السابقة في التحقق من النتائج السابقة، أو نفيها، أو نفي جزء منها، ومعرفة هذه التناقضات التي قد ترجع لاختلاف الزمان والمكان ومجتمع البحث، أو من حيث الأسلوب والمنهجية والأدوات المستخدمة في جمع ومعالجة البيانات (الزيباري،2011م، ص111).

ولذلك يتبين أن مراجعة الدراسات السابقة مكانة وأهمية بالغة باعتبارها منطلق البحوث الأكاديمية وكونها قاعدة مهمة لبناء أي دراسة علمية – سواء كانت نظرية أو تطبيقية وفي مختلفالتخصصات، هذه المراجعة ليست استعراض لجهود الباحثين السابقين بقدر ماهي مراجعة نقدية شاملة لجهودهم وتقييم لنتائجهم وتحليل عميق لتفسيراتهم لهذه النتائج (توفيق،2019م،ص17).

لأجل ذلك أردت من خلال هذا المقال تزويد الباحثين والطلبة الأكاديميين المقبلين على إعداد المذكرات والرسائل الجامعية، بمنهجية علمية كيفية التعامل مع الدراسات السابقة من حيث الاقتباس وشروط واجراءات عرضها وترتيبها ونقدها وتقييمها وتوظيفها في بحوثهم العلمية.

ومن هنا جاء هذا المقال لمعرفة المقصود بالدراسات السابقة، وماهي أهميتها؟، وماهي شروط الاستعانة بالدراسات السابقة؟، وكيف يتم تلخيصها وعرضها وتقييمها ونقدها وتوظيفها في البحث العلمي؟

أولاً: مفهوم الدراسات السابقة:

يقصد بالدراسات السابقة هي مجموع الدراسات والرسائل والأطروحات الجامعية في القطر الذي نعيش فيه، أو الأقطار المجاورة أو البعيدة، والتي على الباحث أن يطلع عليها من خلال متابعة كل ما يتعلق بموضوع بحثه، لمعرفه إن كان البحث قد سبق دراسته من باحثين آخرين أم لا، لذلك ينبغي على الباحث الإطلاع المتواصل على مستخلصات الرسائل والأطروحات (توفيق،2019م،ص18).

وعرفها العساف (1438ه) بأنها الدراسات العلمية السابقة ذات الصلة المباشرة بكل البحث أو بجانب من جوانبه ويتم العرض بتوضيح أوجه الشبه، الاختلاف، الاستفادة منها في البحث بعد وصف كل دراسة وصفا مختصراً (ص171).

وعرفها الحمداني وآخرون (2006م) بأنها تلك البحوث والدراسات التي قام بإجرائها باحثون آخرون في هذا الموضوع أو الموضوعات المشابهة، وماهية هذه الدراسات، والأهداف التي سعت إلى تحقيقها، وأهم النتائج التي توصلت إليها، ليتمكن الباحث فيما بعد من تمييز دراسته الحالية عن تلك الدراسات (ص34).

كما تتمثل الدراسات السابقة في جميع الرسائل العلمية التي كانت قد نشرت من قبل حول موضوع البحث العلمي وإن كان موضوع مشابه لموضوع البحث العلمي المتناول، وتتمثل الدراسات السابقة بالأبحاث العلمية المكتوبة في السابق حول أحد متغيرات عنوان البحث العلمي بحيث يستفيد منها الباحث العلمي في كتابة جزئية ما حول موضوع البحث العلمي للبحث المتناول، ومن هنا يمكن القول بأن الدراسات السابقة تتشكل في الأبحاث والرسائل العلمية التي قام بكتابتها باحثين من قبل سواء كانوا طلاب مرحلة بكالوريوس أو طلاب دراسات عليا متمثلة في الماجستير والدكتوراه (غربي، 2009م، ص54).

ثانياً: أهمية الدراسات السابقة:

تعد عملية استعراض الدراسات السابقة في البحث العلمي ذات أهمية بالغة، كونها تساعد الباحث أثناء تنفيذه لبحثه وللقارئ من حيث أنه بحث جديد لم يتطرق إليه باحثين آخرين أو معرفة ما توصل إليه الآخرين مما يمكنه من تفادي التكرار والانطلاق من حيث انتهى السابقين، و في بعض الأحيان إعادة دراسة نفس المشكلة بنفس الطريقة والمنهجية في ظروف ومعطيات جديدة للتأكد من ثبات النتائج أو تغيرها لتغير الظروف والمعطيات، أو تغير النتائج لقصور في تطبيق المناهج والأدوات المستعملة في البحوث السابقة، كما يمكن أن يكون القصور في طريقة تناول الموضوع في جانب وزاوية معينة التي يقوم الباحث بتناول هذا القصور والجوانب التي لم تتطرق إليها الدراسات السابقة (نعمان وآخرون، 1998م، ص 56).

  إن أهمية الدراسات السابقة لا تقتصر على دورها في بناء وتكوين البحث وخطته في المراحل الأولية بل تتعدى ذلك إلى دورها المحوري في الفصول النهائية للدراسة حيث تلبي حاجة الباحث في ايضاح وتفسير ما يعترضه من نتائج قد لا تكون منطقية أو واقعية لرؤيته، إن هذه النقطة الجوهرية في البحث العلمي، وأعني مقارنة نتائج الدراسة بنتائج الدراسات السابقة التي عادة ما يخصص لها مبحث مستقل في نهاية البحث يسمى المناقشة تعد خلاصة المساهمة التيأضافها الباحث لموضوع الدراسة وتعكس قدرته على تبرير موقفه من نتائج الدراسات السابقة وما يمتلكه من أدلة وبراهين تعزز رأيه في تأييد ودعم او نقض ودحض النظريات السابقة (توفيق، 2019م, ص 20).

يعتبر العمل البحثي نشاط ممنهج وبناء مترابط يسعى لغاية محددة وأهداف واضحة ويتبنى أساليب علمية دقيقة للوصول إلى الحقيقة وللإسهام في تنمية المعرفة وتوسيع آفاقها، وهو في الوقت ذاته ممارسة حقيقية للتقريب بين النظرية والتطبيق وللوصول إلى حلول منطقية لإشكالات الواقع المتجددة، وتتمثل الأهداف من الرجوع إلى الدراسات السابقة التزود بالمعلومات والنتائج التي توصل إليها الباحثين السابقين حول الموضوع محل الدراسة، كما تبين ما توصل إليه الباحثين السابقين ومواصلة البحث في الموضوع لتأكيد نتائج الدراسات السابقة، أو نفيها كلياً أو جزئياً (معتوق، 2009م, ص58).

ويذكر الصيرفي (2002م) بعض النقاط لأهمية التطرق والتعرض للدراسات السابقة، وهي كالتالي:

إن الإطلاع على الدراسات السابقة يساعد الباحث على الاختيارالسليم لبحثه، كما تمكنه من التأكد أن جميع العوامل التي تؤثر في البحث وحل المشكلة تم التطرق إليها.
تزويد الباحث بالمراجع والتقارير والمعطيات المتعلقة بموضوع بحثه، فغالباً ما تحتوي الدراسات السابقة على معلومات وتقارير مهمة لا يمكنه الوصول إليها، أو تقتصر الجهد للوصول إليه.
تجنب الباحث الوقوع في الأخطاء التي وقع بها الباحثون السابقون، وتكرار الأبحاث التي تمت دراستها بالكامل.
تساعد الدراسات السابقة الباحث على تطوير الأسئلة المتعلقة بدراسته، حيث أنه يستفيد من الأسئلة التي طرحها الباحثون الآخرون، والتي يمكن أن تصبح مصدر لصياغة أسئلة مميزة لدراسته، كما تزود الباحث بالأدوات والتقنيات والإجراءات البحثية التي تساعده في معاجلة مشكلته ودراستها.
الاستفادة من نتائج الأبحاث والدراسات السابقة من حيث بناء الفروض بالاعتماد على النتائج التي توصل إليها السابقين، ومن حيث استكمال التي وقفت عندها الدراسات السابقة أو إتمام جوانب القصور فيها.
كما توضح القراءة التحليلية والنقدية لمختلف الدراسات السابقة مختلف المستجدات والمتغيرات التي لم تكن موجودة في السابق ولم يتطرق إليها السابقون التي تساعده في إعادة بناء فروض جديدة متوافقة مع المستجدات، وعليه تكوين أفكار وأطر نظرية جديدة (ص94-93).
كما يؤكد توفيق (2019م) على أهمية مراجعة الدراسات السابقة من خلال:
اكتشاف الفجوة المعرفية: تساهم في تزويد الباحث بالجوانب التي نالت اهتمام الباحثين السابقين، وبالتالي تيسر له التركيز على جوانب أخرى لم تحض بالاهتمام الكافي.
التعلم من خبرة الآخرين: عادة ما يشير الباحثون إلى الصعوبات والمعوقات التي واجهتهم أثناء إجراء دراساتهم وهذا بحد ذاته مجال واسع لتعلم الباحث من أخطاء الآخرين لتجنبها وللاستفادة من تجاربهم البحثية.
نافذة لتحديد مدى أهمية الدراسة: إن تحديد الإضافات العلمية التي ساهمت بها الدراسات السابقة تجعل من الباحث أكثر قدرة على إدراك وتقييم مدى أهمية دراسته ذاتها. بعبارة أخرى، إن قدرة الباحث على تجاوز ما قدمه الآخرون أو تطويره يجعل من الباحث أكثر ثقة بالقيمة العلمية والمعرفية للدراسة ذاتها.
مصدراً مهماً لتفسير النتائج: نتيجة للمعايشة المستمرة لمراحل تطور الدراسة فإن الباحث يعتبر أكثر قرباً للدراسة ذاتها من غيره – حتى من المشرف الأكاديمي على الدراسة-، ومع ذلك فهو بحاجة لتفسير ما يواجهه من غموض في نتيجة أو نتائج معينة، هنا تبدو آراء الباحثين السابقين وتعليقاتهم لمعالجة المواقف المشابهة دعامة مهمة ومصدراً لفك الغموض وحل العلاقات المتشابكة .
عاملاً رئيساً في تطوير أسئلة الدراسة: المراجعة الشاملة والواعية للدراسات السابقة تمهد للباحث إدراك تجارب الآخرين في كيفية بناء البحوث وهذا بدوره يعمق لديه القدرة على إعادة النظر في محاور دراسته وبشكل أدق في تقييم أسئلتها ومن ثم إعادة صياغتها وتطويرها (ص22).

 

ثالثاً: شروط اختيار الدراسات السابقة:

  لا شك أن الدراسات السابقة لها دور قوي في بلورة المشكلة، وكذلك يمكن تحليل نتائج البحث العلمي بالاستعانة بنتائج الدراسات السابقة، ويستطيع الباحث كذلك التعرف على أوجه التشابه والاختلاف بين بحثه العلمي والأبحاث الأخرى، وذكر توفيق(2019م) مجموعة من الشروط التي يجب على الباحث الالتزام بها عند اختياره للدراسات السابقة وهي كالتالي:

أن يعود الباحث أثناء عودته للدراسات السابقة للمصادر الأولية فقط.
يجب أن يتحرى الباحث عن صحة المعلومات الموجودة في الدراسات السابقة، ويتأكد من أنها مثبتة علمياً، من خلال الأخذ من الدراسات المنشورة في الدوريات والمجلات المحكمة.
يجب أن يلجأ الباحث إلى التكثيف أثناء عودته للدراسات السابقة، حيث يجب أن يعرض المعلومات المهمة والأفكار الرئيسية فقط.
كما يجب أن يقوم الباحث بتقديم لمحة عامة عن صاحب الدراسة، فيعرف به، وبالعصر الذي يعيش به.
يجب أن يقف الباحث على الحياد والالتزام بالموضوعية فيعرض كافة المعلومات في الدراسات السابقة حتى ولو كانت هذه الآراء لاتتوافق مع الأبحاث التي يقوم بها.
اختيار الدراسات الوثيقة الصلة بموضوع واشكالية البحث والدراسة وعدم الأخذ من الدراسات الغير مرتبطة بمشكلة وأهدف البحث العلمي، وفي حالة تعّذر ذلك نبحث عن الدراسات المقاربة (المشابهة).
الابتعاد عن أسلوب العرض الممل والمفصل للدراسات المختارة، والتركيز على الأفكار الأساسية، والاختصار في عملية عرضها في البحث.
التركيز على الدراسات الحديثة وعدم الأخذ من الدراسات القدمية إلا للضرورة مع تقديم مبررات لذلك.
عرض الدراسات السابقة يجب أن يحتوي على اللقب والسنة، الأهداف بشكل مختصر، المنهج والعينة وأدوات الدراسة، وكذلك أبرز نتائج وتوصيات الدراسات السابقة المتعلقة بالدراسة الحالية والتي تفيدها بشكل جيد.
يجب على الباحث توحيد التواريخ في الدراسات السابقة من خلال استخدام إما التاريخ الهجري أو التاريخ الميلادي، وذلك حتى لا يحدث تشوش في ذهن القارئ، فليس من الصحيح أن تختلط التواريخ العربية والأجنبية داخل الدراسة (ص24).
رابعاً: طرق تصنيف وترتيب واستعراض الدراسات السابقة:

عند عرض الدراسات السابقة في فصل ومحور الدراسات السابقة يتخذ الباحث في سرده لها بما يناسب طبيعة بحثه وما يراه مناسب حسب الأهمية البحثية للدارسة ولذلك صنف المهتمين بالمنهجية العلمية للبحوث العلمية مجموعة من الإجراءات والتصنيفات المنهجية، يذكرها بوترعه وضيف (2019م) وهي كالتالي:

1- التصنيف الموضوعي للدراسات السابقة:

ويعتمد هذا التصنيف على تصنيف الدراسات السابقة حسب أسئلة البحث وفروضه أو حسب التقسيم المتصور للدراسة (موضوعات, الفصول, المباحث) ومن أهمية التطرق والتعرض للدراسات السابقة، ويعتبر هذا التصنيف هو الأفضل فهو يوضح بشكل مباشر كيفية توظيف الدراسات السابقة في البحث الحالي, والقضايا الأساسية التي يمكن أن توفرها هذه الدراسات للبحث الحالي, كما أن استخدام هذا التصنيف لن يكون ممكناً إذا كانت أسئلة الدراسة شديدة الجزئية أو التخصص حيث يصعب توفر دراسات سابقة تعالج هذه الجزئيات بشكل مباشر, كما أن توفر عدد كبير من الدراسات التي تناولت الموضوع ككل بمختلف أبعاده (التساؤل الرئيس للبحث) مع ندرة الدراسات المتخصصة لمعالجة كل تساؤل من التساؤلات الفرعية بشكل مستقل.

على الرغم من أهمية هذا التصنيف من الناحية المنهجية وطبيعته العملية الملائمة للبحث إلا أن بعض المؤشرات والدلالات التحذيرية التي على الباحث أن يأخذها في الاعتبار عند استخدامه هذا التصنيف وهي:

في حال وجد الباحث أن كل فروض وتساؤلات الدراسة حظي بعدد كبير من الدراسات التي تغطيه بشكل مباشر، هنا عليه أن يعيد النظر في مشكلة الدراسة وحدودها وأبعادها فربما هي واسعة وفضفاضة بحاجة إلى إعادة صياغة.
إذا تطابقت العديد من المراجع والدراسات مع عناوين أو فصول أو مباحث الدراسة الحالية، فهذا يستدعي مراجعة تقسيم الدراسة.
في حالة عدم وجود توازن بين الدراسات السابقة المتوفرة حسب أسئلة البحث أو فروضه فالبحث مطالب بمراجعة هذه الأسئلة أو الفرضيات وإعادة النظر فيها، أو التفكير في وسائل وأدوات أخرى لجمع البيانات كالمقابلات مثلاً.
2- تصنيف الدراسات السابقة حسب متغيرات الدراسة:
ويعتمد هذا التصنيف على تقسيم الدراسات السابقة حسب متغيرات الدراسة الأساسية أو مؤشراتها أو العلاقات التي بين المتغيرات، ويمكن للباحث استخدام هذا التصنيف للدراسات السابقة في حال كانت أسئلة البحث أو فروضه تبحث في العلاقة بين متغيرات معينة بشكل بارز في مشكلة البحث، كما أن هذا التقسيم قد يكون الأنسب للباحث في حال كانت هناك ندرة نسبية في الدراسات السابقة التي تربط مباشرة بين متغيري البحث الحالي. كما يعتبر هذا التصنيف مهم جداً في الدراسات التي تدرس العلاقة بين متغيرين، غير أنه قد لا يكون مناسباً في بعض الحالات خصوصاً في حالة وجود عدد كبير من الدراسات السابقة التي تربط مباشرة بين متغيري الدراسة الحالية، فهنا الباحث سيكون مطالباً باعتماد تصنيف آخر لتقسيم الدراسات السابقة، كما أن هذا التصنيف قد يكون عديم الجدوى في الدراسات التي تتمحور مشكلاتها البحثية حول متغير واحد (المتغير التابع عادة) .

ج- تصنيف الدراسات السابقة حسب الزمن:

  يرتكز هذا التصنيف على تقسيم الدراسات السابقة حسب معيار التسلسل الزمني، حيث يتم ترتيب الدراسات وفق تسلسل زمني أو تاريخي في صور حقب أو فترات زمنية حسب متغيرات الدراسة أو العلاقات التي بينها، ويمكن أن يرتبط هذا التصنيف بتطورات ترتبط بحدوث الظاهرة قيد الدراسة الحالية. وتتجلى أهمية هذا التصنيف للدراسات السابقة في أهميته وملاءمته لبعض البحوث دون غيره، خصوصاً الدراسات التي تتمحور حول المقارنة الزمنية، أو تلك التي ترتكز على البعد التاريخي في وصف أو تفسير العلاقة بين متغيرات الدراسة والتي يسعى الباحث فيها إلى توضيح كيفية تطور دراسة الظاهرة عبر الزمن، كما تكمن أهمية هذا التصنيف في قابلية النطاق الزمني للدراسة للتجزئة نتيجة وجود حوادث فاصلة أفرزت تغيرات كبيرة. كما نشير إلى أمر مهم في معيار التسلسل الزمني، حيث يمكن للباحث استخدام تصنيف الترتيب الزمني ضمنياً في التصنيفين السابقين للدراسات السابقة فيتم ترتيب الدراسات السابقة حسب المواضيع أو المتغيرات أو المؤشرات ترتيب إما تصاعدي أو تنازلي زمنياً (ص90-93).

خامساً: الأخطاء الشائعة التي قد يقع الباحث فيها خلال كتابة الدراسات السابقة:

 ذكر توفيق (2019م) بعض الأخطاء الشائعة التي يقع الباحث فيها وهي كالتالي:

مراجعة الباحث لنوع محدد من الدراسات السابقة: وتعد هذه من أبرز الأخطاء الشائعة حيث يقوم الباحث بمراجعة رسائل الدكتوراه مثلا، ويتجاهل باقي المصادر وهذا ما يحرمه من الحصول على بعض الدراسات المهمة المرتبطة بموضوعه الموجودة في المجلات العلمية خاصة وأن المجلات العلمية تعتني بنشر الدراسات الميدانية بدرجة أولى ثم البحوث النظرية المختلفة، هذا ما يجعلها غنية بالكثير من الدراسات العملية بالإضافة إلى كونها ملخصة ومختصرة بإمكان الباحث الاستعانة بها وتوظيفها في بحثه، وهناك بعض الكتب والمصادر التي تقوم بجمع الدراسات في مجال متخصص معين أو في منطقة معينة .
أن يعمل الباحث بشكل سريع على مراجعة الدراسات السابقة: وهذا قد يفوت فرصة اطلاع الباحث على المعلومات الكافية في الدراسات السابقة، وبالتالي قد يضيع معلومات مهمة دون الانتباه لذلك.
قيام الباحث بتلخيص كافة الدراسات السابقة: حيث يقوم الكثير من الباحثين بتلخيص الدراسات السابقة بغض النظر إذا كانت مهمة للبحث أم لا، بالإضافة إلى عرض مفصل ومجزء وممل لهذه الدراسات، وهذا ما يشتت عليه جهده ويخرجه عن المراد والهدف من عرض الدراسات السابقة، ولذلك يجب على الباحث أن يقوم بتلخيص الدراسات المرتبطة بموضوعه بشكل مباشر، ثم يقوم بتلخيص أهم الأفكار ذات الارتباط الوثيق مع البحث العلمي خاصة ما يتعلق بالأهداف وتساؤلات وفروض الدراسة، والعينة والمنهج وأدوات جمع البيانات مع أهم النتائج دون تفصيل.
قيام الباحث بعدم توثيق الدراسات السابقة بشكل مباشر: فعدم التوثيق للمعطيات المتعلقة بالدراسات السابقة فور اقتباسها، يؤدي إلى إضاعة الوقت عند العودة إلى توثيقها بعد انتهائه من البحث، وقد يضيع المصدر الذي أخذ منه الدراسة نتيجة الإهمال أو الاعتقاد أنه ليس بحاجة إليه مستقبلاً، لذلك ينصح الباحثين أن يقوموا بتوثيق الدراسات السابقة بشكل مباشر.
عدم الربط بشكل صحيح بين البحث الحالي والدراسات السابقة: حيث يؤدي فشل الباحث في ربط بحثه بالدراسات السابقة إلى ضياع المجهود في البحث العلمي، وضياع الهدف المرجو من عرضها.
اعتماد الباحث في دراسته على الدراسات السابقة للآخرين: وذلك بقيام الباحث بجمع دراسته من العديد من الأبحاث الأخرى، وهنا يعتبر الباحث أنه لم يقدم أي إضافات للبحث العلمي، ولكن سيكون هذا البحث مجرد سرقة أدبية فقط.
قيام الباحث بالعرض العشوائي للدراسات السابقة: حيث يجب على أي باحث عرض الدراسات السابقة بالشكل المرتب والمتسلسل والمنطقي، وذلك وفق الأسس العلمية لكتابة الدراسات السابقة.
محاولة إثبات أن البحث فريد في مجاله، وأنه لا توجد أبحاث أو دراسات سابقة في مجاله دون القيام بجهد مبذول في سبيل الحصول على الأبحاث السابقة.
جمع عدد كبير من الدراسات السابقة والاهتمام بالكم على حساب الكيف.
أخذ الدراسات السابقة من مصادر ثانوية دون الرجوع للمصادر الأساسية.
الفشل في ربط الدراسات السابقة التي لها علاقة بمشكلة البحث أو جانب من جوانبها، مما يحرم الباحث من الاستفادة منها.
التركيز على الدراسات التي تدعم وجهة نظر الباحث، وتجاهل التي تعارضها.
خلال التعليق على الدراسات السابقة يتم التركيز على النتائج وإهمال باقي الإجراءات المنهجية النظرية والتطبيقية (ص29-31).
المراجع:

أولاً: المراجع العربية:

– بو ترعه، بلال وضيف، الأزهر.(2019م). استعراض الدراسات السابقة في البحث العلمي “ضوابطواعتبارات”, مجلة العلوم الإنسانية، جامعة الشهيد حمة لخضر الوادي، الجزائر.

توفيق، درويش.(2019م). الدراسات السابقة وكيفية توظيفها في البحوث الأكاديمية، مجلة دراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية-رماح.
العساف، صالح.(1438ه), المراحل الثلاث لإعداد البحث في العلوم السلوكية، مكتبة الملك فهد الوطنية.
الحمداني، موفق وآخرون.(2006م). مناهج البحث العلمي” أساسيات البحث العلمي”, ط1, عمان: جامعة عمان العربية للدراسات العليا، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان.
غربي، علي.(2009م). أبجديات المنهجية في كتابة الرسائل الجامعية، منشورات مخبر علم اجتماع الاتصال، قسنطينة، الجزائر.
الزيباري، طاهر.(2011م). أساليب البحث العلمي في علم الاجتماع، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت.
الصيرفي، محمد.(2002م).البحث العلمي: الدليل العلمي للباحثين، دار وائل، عمان.
نعمان، منصور وآخرون.(1998م).البحث العلمي حرفة وفن، دار الكندي للنشر والتوزيع، الأردن.
معتوق، جمال.(2009م). منهجية العلوم الاجتماعية والبحث العلمي، دار بن مرابط، الجزائر.

ثانياً: المراجع الأجنبية:

Mouly, G.j.(1963).The Science of Educational Research, New York: American Book Co.

إعداد الأستاذة نجوى بنت ذياب المطيري .. باحثة دكتوراه تخصص أصول تربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى