فيروس كورونا: كيف يؤثر الوباء على حاضر ومستقبل الشباب حديثي التخرج؟
[ad_1]
سيدخل خريجو العام الحالي سوق عمل قد يكون الأشد قسوة منذ عقود، فمستويات البطالة آخذة في الارتفاع، وقررت شركات وقف التعيينات الجديدة، وحذر البنك الدولي من أن الاقتصاد العالمي على شفا ركود اقتصادي هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ونوه تقرير لمعهد الدراسات المالية بعنوان “وقت عسير للخريجين” إلى أن الطلاب الذين تخرجوا العام الحالي سيمرون بأوقات عصيبة. وذكر التقرير: “قد نستدل من فترات الركود السابقة على أن فرص حديثي التخرج في العثور على وظائف ستكون أقل من فرص نظرائهم في السنوات الماضية، وقد يضطرون إلى قبول وظائف ذات أجور أقل مما كانوا يتوقعون”.
وأضاف التقرير أن سوق العمل الذي ينتظر خريجي العام الحالي، “قد يكون أشد صعوبة منه في الفترة من نهاية 2008 إلى بداية 2009، ما يدل على أن تبعات الأزمة الحالية ستكون أشد وطأة على آفاق التوظيف والدخول من تبعات الأزمة المالية لعام 2008”.
وخلص بحث أجراه موقع “ميلكراوند” للتوظيف في المملكة المتحدة إلى أن نسبة الخريجين الذين نجحوا في العثور على وظائف العام الحالي لا تتعدى 16 في المئة، في حين أن النسبة المعتادة في هذا الوقت تبلغ 60 في المئة من الخريجين.
وأشار موقع “زيبريكروتر” للتوظيف في الولايات المتحدة إلى تهاوي عدد الوظائف الشاغرة الأكثر رواجا بين حديثي التخرج، بنسبة 77 في المئة في منتصف مايو/أيار، ولا يزال أقل بنسبة 61 في المئة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل وباء كورونا.
وتقول كلير جينكينز، مسؤولة التوظيف بشركة “تيبل كراود تالنت” الناشئة في المملكة المتحدة، إنها لاحظت تراجعا كبيرا في جميع المناصب الشاغرة في مختلف المجالات، باستثناء التنمية والهندسة. وتفضل بعض الشركات تعيين الخريجين الذين يتقاضون رواتب أقل نسبيا مقارنة بذوي الخبرة. لكن هذه التعيينات في الغالب تكون بعقود قصيرة الأجل أو بدوام جزئي.
ولمست جينكينز أيضا انخفاضا في الرواتب بنسبة 10 في المئة تقريبا في مختلف المناصب. ومن المتوقع أن تظل الأجور منخفضة إلى أن يتعافي الاقتصاد من الأزمة. وذكر تقرير معهد الدراسات المالية أن هذا التراجع في رواتب حديثي التخرج “قد يستمر أمدا طويلا”.
يقف هذا المشهد القاتم على طرف النقيض مع مشهد سوق العمل في يناير/كانون الثاني الماضي، حين كان الطلاب في السنوات النهائية في الولايات المتحدة على سبيل المثال يتطلعون لدخول سوق عمل لديه المقومات التي تجعله الأقوى منذ عقود.
وتحدثنا إلى خريجين من حول العالم لمعرفة مدى تأثير الوباء على حياتهم وخططهم وتوقعاتهم.
“التفكير في هذا الأمر يقض مضجعي” جيسي ديب، 22 عاما، من الولايات المتحدة
نالت جيسي ديب درجتين جامعيتين في الاتصالات واللغة الإنجليزية من جامعة أوهايو في مايو/أيار الماضي، لكن مراسم تخرجها كانت “افتراضية” عبر الإنترنت. ورغم أنها قدمت نحو 200 طلب حتى الآن للحصول على وظيفة في مجال التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي وكتابة الإعلانات والاتصالات في مختلف المدن الأمريكية، فإن محاولاتها باءت بالفشل.
وتقول ديب: “لدي من الاتصالات والمهارات ما يؤهلني للعمل في هذا المجال، لكن كل هذا لا طائل منه. فلا توجد وظائف شاغرة”.
وقبل أن يجتاج الوباء الولايات المتحدة تقدمت ديب لبعض الوظائف لكنها لم ترسل معظم الطلبات إلا بعد انتشاره، وتقول: “لم أتوقع ظهور وباء كورونا المستجد، ولو كنت أعرف لكنت بادرت بتقديم الطلبات في وقت مبكر”.
واضطرت ديب للتخلي عن حلم العمل أو التدرب في شركة أو السفر إلى الخارج، وتعيش في المقابل مع والديها، وتسعى لتطوير مهاراتها بالاستعداد لاختبار إجادة اللغة اليابانية، وتدرس للحصول على شهادات في مجال تحسين محركات البحث وخدمة غوغل التحليلية.
ورغم أن ديب تدرك أنها محظوظة لأنها لا تتحمل تكاليف الإيجار بالعيش مع أبويها، فإنها ترى أن دخول سوق العمل في ظل الركود “أمر مرعب”.
وتقول: “التفكير في هذا الأمر يقض مضجعي، فهذه المرحلة هي بداية حياتي المهنية، لكن معالمها تتشكل في ضوء ما قد تكون واحدة من أسوأ فترات الركود في تاريخ الولايات المتحدة. وهذا يترك غصة في الحلق”.
لكن ديب تحافظ على نظرتها الإيجابية بوضع الأمور في سياقها التاريخي، وتقول: “إن أجدادنا صمدوا أمام الكساد الكبير عام 1929، ولو نظرنا إلى امتداد التاريخ الإنساني، سنجد أن فترة الكساد الكبير لم تمثل سوى نقطة على الخارطة. صحيح أننا نعاني الآن، لكننا بشر في نهاية المطاف ويجب أن نثابر ونمضي قدما. فمن قال إن الحياة ستكون سهلة؟”
“كنت واحدا من المحظوظين”، دانييل بلوك، 23 عاما، إسبانيا
كان دانييل بلوك يحلم دائما بالالتحاق بجامعة في الخارج، واختار معهد “إمبريسا” في مدريد للحصول على درجتي بكالوريوس في إدارة الأعمال والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى تعلم اللغة الإسبانية. لكنه بدلا من الاحتفال بالتخرج بعد دراسة استمرت لخمس سنوات، عاد أدراجه إلى مسقط رأسه بأستراليا بعد أن تلقى إخطارا قبل 12 ساعة فقط من قرار فرض الحجر الصحي في مارس/أذار.
وقبل شهر واحد، كان بلوك قد تلقى عرضا للعمل في شركة “آيرباص” في مجال إدارة المشروعات في بريستول بالمملكة المتحدة، على أن يتسلم العمل في سبتمبر/أيلول 2020. لكن سرعان ما أجلت الشركة البرنامج برمته 12 شهرا. ويقول بلوك: “كنت واحدا من المحظوظين لأن الشركة لم تنه العقد كليا”.
فقد سُرح الكثير من أصدقائه من العمل وألغيت عقود تدريبهم لدى الشركات. ويقول بلوك: “إن الكثير من أصدقائي يفكرون في التسجيل في برامج الدراسات العليا، لا لشيء إلا لأنهم لا يجدون فرصة عمل. لكنهم يخشون من عدم العثور على وظيفة براتب مجز يعوض المبالغ التي أنفقوها على الشهادات، ولا سيما لأن الركود سيظل مخيما على سوق العمل في المستقبل المنظور”.
ورغم حرص بلوك على الالتحاق بالوظيفة الجديدة، فإنه يدرك أن الشركة قد تلغي المشروع بالكامل في ظل الأزمة التي يواجهها قطاع الطيران. ولهذا يشعر بلوك بالخوف وخيبة الأمل، لكنه يعلم أن الأمر خارج عن إرادته.
وفي الوقت الراهن قرر بلوك أن يدشن مشروعه الخاص في مجال استشارات الطيران، وقد بدأ بتقديم خدمات مجانية أو مخفضة الأسعار لاجتذاب الزبائن من شركات الطيران والمطارات والمستشارين غير المتخصصين. ويقول بلوك: “لقد تعلمت من الوباء أهمية تطوير قاعدة صلبة من المهارات المرنة والتي تصلح لمجالات عديدة ويمكن الاستفادة منها في أي وقت”.
“هل أنا غاضبة؟ نعم” كريستيانا بيلا، 21 عاما، من نيجيريا
درست كريستيانا بيلا العلوم المالية والمصرفية بالجامعة الفيدرالية للزراعة في أبيوكوتا بنيجيريا، لكنها كانت دوما تحلم بالعمل في مجال الإعلام. وتخرجت في فبراير/شباط 2020، وكان موعد تسليم شهادات التخرج في أبريل/نيسان، لكن إضرابا في الجامعة جنبا إلى جنب مع فرض الحجر الصحي، حالا دون تسلمها شهادة التخرج. وتقول بيلا: “أشعر أنني معدومة الحيلة ومحبطة”.
وتأجلت أيضا فترة خدمتها في فيلق الخدمة الوطنية للشباب في نيجيريا. وتقول بيلا: “طالما لم تعلن الجامعة النتائج، فلن أتمكن من تأدية الخدمة في فيلق خدمة الشباب الوطني أو التقدم لوظائف”. ولا يمكنها أيضا البحث عن فرص للتدرب في شركات لأنها لم تتخرج بعد ولا تحمل أي شهادات.
لكن رغم العثرات، لا تزال بيلا وأصدقاؤها يحدوهم الأمل في تحسن الأحوال. وتقول بيلا: “أرى أن وباء كورونا المستجد أثبت للمديرين والعاملين أنه ليس من الضروري أن يتواجدوا في المكاتب لإنجاز أعمالهم”.
“حياتي بأكملها سقطت في هاوية” نيلسون فيبو كولون، 24 عاما، بورتوريكو
كان نيلسون كولون يترقب الحصول على درجة الماجيستير في المكتبات وعلم المعلومات في شهر يوليو/تموز الماضي، لكنه يقول إن بيئة التعلم تغيرت كليا عندما أوشك برنامجه الدراسي على الانتهاء.
ووجد المعلمون الأكبر سنا صعوبة في التدريس عبر الإنترنت، وأصر بعضهم على التدريس في الفصول ضاربا بالأرشادات الصحية عرض الحائط. وأصبح الإيقاع اليومي في الفصول متسارعا.
ويقول كولون: “هرع إليّ الطلاب يائسين لأن الأساتذة كانوا إما لا يستجيبون ويتجاهلون رسائلهم، أو يكلفونهم بمشروعات كبيرة في فترات زمنية قصيرة”.
وضيّع الوباء على كولون فرصا عديدة العام الحالي. فإن فرصة التدرب في المتحف التي كان يحتاجها بشدة لمشروع تخرجه أصبحت متاحة عبر الإنترنت، ما يعني أنه لم يتمكن من اكتساب الخبرات الضرورية في خدمة العملاء والاحتكاك بالناس.
ويعمل الآن كولون كمراسل صحفي بمحطة إذاعية كانت تنوي تعيينه بعقد دائم، لكن بعد اجتياح فيروس كورونا المستجد، اكتفت بإبرام عقد معه لمدة ستة أشهر فقط.
ويقول كولون: “لا أعتقد أن المحطة ستجدد العقد بعد انتهاء مدته، لا لأنها تريد الاستغناء عني، ولكن لأنها لا تملك المال الكافي لدفع راتبي. لكني الآن أشعر بالامتنان لأني ظفرت بهذه الوظيفة”.
وقد ترك هذا الوضع أثرا سلبيا على صحة كولون النفسية، ويقول عن ذلك: “أصبحت أكثر حزنا وأقل تفاعلا وأكثر انعزالا وواهن العزيمة. وقد يتملكني الخوف والقلق أحيانا إلى حد لم أر له مثيلا من قبل. وفقدت الأمل في العثور على موطئ قدم في سوق العمل، وقد بات من الصعب تصور مسار طويل الأمد في ظل هذه السحابة من الغموض”.
“كنت أتطلع لهذا الفصل الجديد في حياتي”. تيم كيلرمان، 27 عاما، ألمانيا
حصل تيم كيلرمان على درجة الماجيستير في الإدارة والتسويق من جامعة فوبرتال في مارس/أذار الماضي، وكان من المفترض أن يتسلم مهام منصبه في شركة “سيسكو” الأمريكية للتكنولوجيا في فرانكفورت، لكنه في المقابل بقي في الشقة التي يتقاسمها مع آخرين في مدينة دوسلدروف.
ويقول كيلرمان: “أصبح الانتقال إلى فرانكفورت فجأة مستحيلا بسبب وباء كورونا، ولهذا قررت الشركة تدشين البرنامج عبر الإنترنت”.
كان العمل من المنزل في البداية مخالفا لتوقعات كيلرمان، الذي يقول إنه كان يتطلع بشدة لبدء صفحة جديدة من حياته في فرانكفورت ومقابلة زملاء عمل جدد.
ويقول كيلرمان: “كان من الصعب خلق بيئة عمل ملائمة في الشقة الصغيرة التي أتقاسمها مع آخرين، ولم يكن لدي مكتب، واضطررت لشراء معدات جديدة”.
ويؤدي كيلرمان تدريبات افتراضية عبر الإنترنت، ومع الوقت اكتشف مزايا فكرة العمل عن بعد. ويقول: “لقد تعلمت الكثير وهناك الكثير من المزايا للعمل من المنزل، فقد أتاح لي وقتا أطول للتعرف على جميع المنتجات التي توفرها الشركة، وبإمكان الموظف وضع جدوله الزمني الخاص به”.
وقد انتهز كيلرمان هذه الفرصة للعمل في المساء في أشهر الصيف الحارة، ويقول إن هذه الميزة لا يتمتع بها الموظفون في مقر الشركة.
ماذا عن رأي الخبراء؟
رغم قتامة المشهد، تقول جينكينز إن ثمة خطوات يمكن أن يتخذها الخريجون لتحسين فرصهم في الحصول على وظيفة، على رأسها أن يغيروا نظرتهم وطريقة تفكيرهم لتواكب الوضع الحالي.
وتقول جينكينز: “الطريق للعثور على وظيفة سيكون شاقا وطويلا، وستقابل شركات طلبك بالرفض لكن ليس لأسباب شخصية، فأنت تتمتع بالمهارات والمؤهلات الكافية. ولا تدع هواجسك ومخاوفك تستولى عليك وتوهن عزيمتك”. وفي نهاية الأمر، فإن النجاح في سوق العمل الصعب مرهون بالإصرار والعزيمة.
وتنصح جينكينز بتحديث صفحتك على موقع “لينكد إن” وإضافة الدائرة الخضراء إلى صورتك التي تعني أنك “مستعد للعمل في أي وقت”، مع الحرص على اختيار عنوان جذاب، وكتابة سيرة ذاتية مثالية. وتقول جينكينز: “لا يوجد مبرر لرداءة السيرة الذاتية أو احتوائها على أخطاء إملائية”.
ومن المهم أيضا أن تنفق بعض الوقت في تطوير مهاراتك. وتقول جينكينز: “لا تقضي كل الوقت في البحث عن وظيفة حتى لا تفقد صوابك سريعا، بل خصص 50 في المئة من وقتك للبحث عن وظيفة و50 في المئة لتطوير المهارات، لأن هذا لن يساعدك في التحلي بالتفاؤل فحسب، بل سيلفت أيضا أنظار الشركات إليك”.
وتنصح جينكينز أيضا بكتابة قائمة بالشركات التي تود الالتحاق بها، والبحث في صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقعها عن أي وظيفة وتفعيل خدمة تنبيهات غوغل لمساعدتك. وأن تبحث عن الأشخاص الذين يشغلون المناصب التي تأمل أن تشغلها واطلب منهم مقابلة عبر الإنترنت.
لكن جينكينز تحذر من مطاردة الناس بالرسائل لإسداء النصح لك، وتقول: “احرص على عدم الإلحاح على الآخرين عندما تطلب منهم المساعدة، وستجدهم دائما مستعدين لمساعدة الشباب الأصغر سنا”.
[ad_2]
Source link