أخبار عربية

تيك توك: الواقع الافتراضي تفكير إيجابي أم خداع للذات

[ad_1]

تيك توك

مصدر الصورة
TIKTOK

“ستصبحين غنية. من أعجبك سيقوم بمراسلتك الليلة. الحبيب السابق لن يجد أبداً من هو أفضل منك”.

هذا ما قامت مستخدمة لتطبيق تيك توك بنشره في مارس/آذار الماضي. ومازالت حتى اليوم تتلقى تعليقات على ما نشرته، فيما بلغ عدد الإعجابات 259 ألفا.

ما تقوم به المستخدمة في ذلك الفيديو هو خلق حالة من “التخيل”، بحيث يحدد الشخص لنفسه هدفاً، ويتخيل نفسه وقد حققه بالفعل، أو يكتب ما ينوي تحقيقه.

على سبيل المثال، إذا أردت أن تصبح مغنيا، فما عليك إلا أن تتخيل نفسك وأنت تغني داخل ملعب ويمبلي في لندن أو أن تدون في دفترك عبارة مثل ” أنا مغني بوب شهير”، بدلا من أن تقول لنفسك فقط ” أريد أن أصبح مغني بوب يوماً ما”.

يعود ذلك إلى فلسفة New Thought (الفكر الجديد) وهي حركة روحانية ظهرت في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وتركز على فكرة التعافي الروحاني والميتافيزيقا ( أحد فروع الفلسفة الذي يتعامل مع طبيعة الواقع والمعرفة والحقيقة).

ويرتكز مفهوم “التخيل” على فلسفة نظرية “قانون الجذب” -التي ترجح أن الأفكار الإيجابية أو السلبية يمكنها أن تجلب وقائع إيجابية أو سلبية لحياة الشخص- حيث يكون المؤمنون بهذه النظرية واثقين من قدرتهم على خلق واقعهم الخاص بالطريقة المناسبة.

وقد اجتذبت هذه النظرية جمهوراً جديداً بفضل كتاب المساعدة الذاتية ” السر” الذي صدر عام 2006.

وقد حقق هاشتاغ Manifesting أكثر من 334 مليون مشاهدة على منصة تيك توك، فيما سجل هاشتاغ manifestation مشاهدات قياسية على نفس المنصة بلغت 4.3 مليار.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يُعتقد أن عدد مستخدمي تطبيق تيك توك حول العالم يبلغ مليار شخص

وخلال فرض إجراءات الإغلاق تزايد الاهتمام بالفكرة في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتضاعف عدد الأشخاص الذين يبحثون عنها على موقع غوغل بنسبة 400% في أغسطس/ آب، وذلك مقارنة بالفترة التي سبقت ظهور فيروس كورونا.

علقت إحدى الفتيات في يونيو/ حزيران قائلة “إنه أمر مخيف أن كل المنشورات التي تظهر لي هي على هذه الشاكلة”.

حين تقوم بعمل بحث عن الهاشتاغات ذات الصلة، ستجد أن غالبية المقاطع المصورة إما تتضمن نصائح للناس بشأن كيفية التخيل من أجل تحقيق هدف معين، أو مزاعم بشأن ما يعتقد البعض أنهم حققوه من خلال التخيل.

ما يريد الناس إحداثه في حياتهم قد يختلف بشكل كبير.

فمن بين الفيديوهات المنتشرة حالياً واحد بعنوان ” كيف يمكنك الحصول على والدين غير صارمين عن طريق التخيل”.

وتدعي إحدى الفتيات أنها تمكنت عن طريق “التخيل”منالحصول على حامل تليفون، فيما قالت أخرى إنها تمكنت من الحصول على بشرة صافية.

ويركز جانب كبير من المحتوى على تحقيق الثراء والحب، مثل فيديوهات من قبيل كيف يمكنك الحصول على المال، وكيف يمكنك أن تجذب اهتمام شخص معين.

يزعم البعض أن الفكرة تقوم على أساس علمي، رغم أن كثيرين يؤكدون عدم صحة ذلك. وقد يربط البعض جوانب لها بـ”استحضار النية” في ممارسات اليوغا أو حتى مفهوم الصلاة في المسيحية أو اليهودية أو الإسلام.

وتنشر مجموعة WitchTok على منصة تيك توك الكثير من المحتوى المتعلق بفكرة “التخيل”، ويصل عدد مشاهدات المجموعة إلى 3.7 مليار مشاهدة، وتعد واحدة من أكبر تجمعات “الساحرات” على الانترنت.

ويقوم صناع المحتوى بنشر مقاطع فيديو حول التخيل، إضافة إلى مقاطع قصيرة عن العلاج بالكريستال وقراءة كروت التاروت وعبادة الأسلاف.

” تخيلت نتائج الامتحان”

تمكن الكثير من صناع المحتوى على تيك توك من اجتذاب آلاف المشاهدات لمقاطع الفيديو الخاصة بالتخيل.

ألانيس تبلغ من العمر 19 وتعيش في لندن. وقد حقق مقطعها المصور “التخيل للمبتدئين” أكثر من 330 ألف مشاهدة، ويعد واحداً من أبرز المقاطع المصورة في المملكة المتحدة التي تدور حول ” التخيل”.

كانت ألانيس قد اطلعت على فكرة التخيل للمرة الأولى عبر تطبيق إنستغرام العام الماضي، لكنها اقتنعت بأن تقوم بتجربتها بعد مشاهدة الفيلم الوثائقي ” السر” خلال فترة الإغلاق.

ويروج الفيلم الوثائقي – بجانب الكتاب- لفكرة التخيل من خلال استعراض روايات تشير لنجاحها، دون تقديم حقائق كافية.

غير أن ذلك لم يحل دون جذب أبناء جيل زد (الذين ولدوا بعد عام 1996) أو جيل الألفية (الذين ولدوا بعد عام 1981) الذين اكتشفوا الفكرة بأنفسهم من خلال تيك توك.

وتعتقد ألانيس أن التخيل نجح بالنسبة لها. وتقول “تمكنت من تخيل أشياء كنتائج امتحان معين، ومتابعين على تيك توك، وتعاون مع علامات تجارية معينة، وتواريخ ورسائل نصية محددة”.

وحين سألتها عن السبب في ربطها هذه الأشياء بالتخيل وليس المصادفة أو العمل الجاد، قالت “نتائج الامتحان كانت دقيقة جداً”.

” أردت أن أنجح بنسبة 85% في امتحان ما، بينما أحصل عادة على نسبة تتراوح بين 60 و70%. لكنني بمجرد تغيير أفكاري وتخيل النسبة التي أريدها، حصلت على 85%”.

تزعم ألانيس أيضاً أنها اجتذبت 10 الآف متابع على تيك توك خلال أسبوع واحد، فقط لأنها تخيلت هذا العدد تحديداً من المتابعين.

لا تستند فكرة التخيل من أجل تحقيق الأهداف إلى دليل، ولكن في مجال الأفكار الروحانية ليس الدليل هو المهم.

تيك توك يسابق الزمن لحذف فيديو انتحار انتشر على نطاق واسع

محاكاة ضحايا الهولوكست على تيك توك “مؤلم وعدواني”

كيف يستخدم الشباب العربي تيك توك؟

” التفكير الإيجابي جيد مالم يصبح مُضللا”

تقول الطبية النفسية كاثرين ساندرسون، مؤلفة كتاب The Positive Shift (التحول الإيجابي) إن التخيل تقنية تدور حول ما يسميه الأطباء النفسيون “طريقة التفكير”. هل “طريقة التفكير” مهمة؟ بالطبع.

خلال إعدادها لكتابها اطلعت ساندرسون على عدد من الدراسات التي تثبت ذلك، من بينها دراسة لجامعة هارفارد جرت عام 2007 وقيل خلالها للنساء اللاتي يقمن بتنظيف غرف الفنادق إن أعمال التنظيف تعادل النشاط الرياضي.

وتبين خلال الدراسة أن هذا الاعتقاد على مدى أربعة أسابيع قد أدى إلى انخفاض مؤشر كتلة الجسم ومعدل ضغط الدم لدى هؤلاء السيدات، مقارنة بالأخريات اللاتي لم يسمعن نفس الشيء.

وتقول ساندرسون “تأثير الإيحاء حقيقي جدا. وبالتالي فإن هذه الأساليب بمثابة تدريب مدروس لقوة الإدراك، وقد “تنجح” لأن الناس تؤمن بها”.

غير أن طريقة التفكير هذه قد يكون لها عيوبها.

” قد تكون لها عيوب إذا ما دفعت الناس إلى التوقف عن فعل أشياء صحية، مثل لن أضع كمامة لأنني أقنعت نفسي بأنني لن أصاب بكوفيد-19، أو أنني لست بحاجة لادخار المال لشراء سيارة لأنني تخيلت أن لدي واحدة”.

” التفكير الإيجابي أمر جيد للجسد والعقل، مالم يتخطى الحدود ويصبح وهما”.

وفيما يتعلق بالمحتوى الصحي، تركز العديد من المقاطع المصورة الخاصة بالتخيل على فقدان الوزن، ولا يبدو أن كثيراً منها يهتم بالصحة بشكل خاص، كما تقول ساندرسون.

ويزعم أحد صناع المحتوى أنه يقدم “مقولة فعالة” يمكن فقدان الوزن من خلال ترديدها، لكنه يذكر المشاهدين أنها ستنجح فقط بمصاحبة التمرينات الرياضية ونظام غذائي صحي.

فيما يقول آخر: “يمكنك تخيل أنك نحيف أو سمين باستخدام طريقة الكتابة. كل ما يتعين عليك فعله هو أن تكتب ما تريد أن يتحقق 33 مرة لمدة ثلاثة أيام”.

وبالنسبة لبعض الأشخاص، فإن التخيل لم يحقق لهم ما كانوا يرغبون فيه بشدة. فهناك فيديو لفتاة بريطانية عمرها 16 عاما سجل 1.7 مليون مشاهدة وتصدر عمليات البحث عن التخيل على تيك توك، تقول فيه إنها تستخدم طريقة 33X3، وهي عملية تتضمن كتابة فكرة معينة عدد 33 مرة لمدة 3 أيام متتالية، باستخدام الزمن المضارع أو الزمن الماضي كما لو كان الأمر قد تحقق بالفعل.

وتمتلئ صفحات دفترها من أولها لآخرها بكتابات بخط اليد تدور حول 3 أمنيات تريد تحقيقها، وهي الثروة وفقدان الوزن وقضاء إجازة. وتعد متابعيها بأن توافيهم بالتطورات كل ثلاثة أيام.

وقد نشرت 4 فيديوهات أخرى، لكنها لم تقدم لمتابعيها أي تحديث بخصوص النتائج.

على مدى نحو 6 أسابيع بعد ظهور مقطعها المصور الأكثر انتشاراً بشأن التخيل، نشرت مقطعاً توضح فيه كيف أن عام 2020 كان كارثياً عليها. ” تناولت أطناناً من الطعام وزاد وزني بشكل كبير وتبددت ثقتي بنفسي بالكامل”.

لا يوجد دليل ملموس يدعم فكرة التخيل من أجل تحقيق الأهداف – وإن كانت هذه ليست القضية بالضرورة لأنها ممارسة روحانية- لكن البحث العلمي ربما يسلط بعض الضوء على مدى فاعليتها والسبب في عدم نجاحها في حالة شخص بعينه.

تقول غابرييلا أوتينغين – وهي طبية نفسية وأكاديمية كرست حياتها المهنية للبحث في مجال التفكير الإيجابي- إن هذا النوع من التفكير قد يحقق مزايا قصيرة المدى، لكنه يسبب الضرر على المدى الطويل.

فخلال دراسة تابعت خلالها برنامجاً لانقاص الوزن، تبين أنه ” كلما عايش الناس أحلاماً إيجابية أو اوهاماً عن نجاحهم، انخفض قدر ما يحققونه من نجاح، ما يعني أنهم يفقدون الوزن بصورة أقل”.

وبدلاً من استثمار الوقت في تخيل تحقيق هدف معين، طورت أوتينغين معادلة سمتها اختصاراً ): WOOP : wish, outcome, obstacle, plan (بمعنى الأمنية، النتيجة، العقبة، الخطة. ويمكن من خلالها توجيه الطاقة إلى دراسة العقبات التي تقف في طريق تحقيق الأهداف، وكيفية التغلب عليها. وبمرور الوقت، تتوقف عن نسج الأحلام دون دراسة الواقع والتحديات التي تقف في طريق تحقيق الأمنيات، ولا تهدر طاقتك في التخيل غير المجدي بأنك وصلت للهدف بالفعل.

“الخيالات تعبير عن حاجاتنا”

بالنسبة لسايمون (28 عاما) الذي يعيش في مقاطعة ساري البريطانية فقد ساعده التخيل ” بعد سلسلة من المشكلات الصحية العقلية”. وقال إنه أراد أن يجد طريقة لـ” التعافي” من خلال أساليب بديلة بجانب العلاج النفسي.

يقدم سايمون فيديوهات حول التخيل وقانون الجذب، ويحاول تطوير نفسه كصانع محتوى رقمي. كما أنه عضو في تجمع TikTokkers الروحاني.

” نشعر جميعاً أن الإغلاق كان بمثابة صحوة روحانية للكثيرين حول العالم”.

ويعتقد أن التخيل ساعده في مقابلة اليوتيوبرز المفضلين لديه والعمل معهم حين جاءوا إلى لندن.

مصدر الصورة
TIKTOK

Image caption

سايمون يقدم مقاطع مصورة عن قانون الجذب ويسعى لأن يكون صانع محتوى رقمي

سألته لماذا لا يعتقد أن ذلك يعود إلى نجاح استراتيجيته الرقمية الخاصة.

رد قائلا “في نهاية الأمر، إنها فرضية بسيطة تقول إن أفكارنا تخلق واقعنا. إذا اعتقد شخص ما أن الفرضية غير حقيقية، فهذا هو الواقع الذي يخلقه لنفسه إذن”.

ومع انتشار فكرة التخيل من المرجح أن المزيد من صناع المحتوى مثل سايمون سيقومون بإعداد مقاطع مصورة عنها.

إذا كان الناس لا يفهمون الآلية التي تعمل بها صفحة فور يو على تيك تيوك (التي تقدم مقاطع مصورة حسب اهتمامات المستخدم)، فإنهم قد لا يدركون أن ظهور المزيد من المقاطع المتعلقة بفكرة التخيل يرجع لكونهم يشاهدون بعضاً منها بالفعل، وهم بذلك أخبروا التطبيق عملياً أنهم يريدون المزيد منها.

فمشاهدة مقطع مصور لطريقة للتخيل ليست إشارة قدرية، وإنما هي عمليات حسابية تقوم بها شبكة الانترنت. ولكن الاهتمام بهذا النوع من المحتوى لا يمكن تجاهله.

تقول غابرييلا ” أحلام اليقظة والخيالات ينبغي أن يتم التعامل معها بشكل جاد. لا يمكننا محو التفكير الإيجابي لأن الخيالات تعبر عن احتياجاتنا، أو ما نفتقده”.

يبحث كل مستخدمي تيك توك هؤلاء عن الحب والمال والسعادة، ومن خلال تخيل ما يريدون تحقيقه يظهرون ما يفتقرون إليه في حياتهم.

التخيل كأحد عناصر التفكير الإيجابي قد يحسن مزاجنا في وقت نعاني فيه من القلق الشديد، لكن بشرط ألا يجعلنا نتوقف عن السعي لتحقيق الأحلام التي طالما راودتنا في الأساس.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى