أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

متى سنصبح مسلمين فعلا ً؟ مقال بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: متى سنصبح مسلمين فعلا ً؟ مقال بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين من فلسطين المحتلة

كلنا نقول اننا مسلمين وكلنا نتكلم في المباديء والمثل العليا والاخلاقيات .. خصوصاً في عالم الانترنت حيث نشعر اننا في عالم الفضيلة وان الناس ملائكة وعندما نتعامل في الواقع وننتقل من العالم الافتراضي الى عالم الواقع فإننا ننصدم بأن التطبيق العملي يساوي صفر او نسبة مئوية بسيطة
كلنا يعلم ان هذا الكلام منتشر حاليل بين الناس العاديين وبكثافة واذا انتقلنا الى المستويات الاعلى (المسؤولين) فإن صفحاتهم وتغريداتهم تزخر بالمباديء والوعود والتعهدات بينما التطبيق العملي معدوم الا من رحمه الله… وانا هنا لا اريد ان اهاجم احد ولا أريد ان اجلد ذواتنا وانتقد الاداء الشعبي والرسمي في كل المجالات وانما اريد ان نتطور الى الأفضل والارقى والاقوى
وهذا الامر لا يمكن الا من خلال التدريب لتحقيق التنمية المستدامة بعد الاطلاع على النماذج التاريخية الناجحة في بلادنا ثم النماذج الناجحة عالميا وساذكر هنا بعض النماذج ثم اختم بخلاصة اسلامية

لقد تناولت وكالات الانباء الاوروبية خبرا مفاده ان زوجة رئيس وزراء الدنمارك ، والتي تعمل معلمة في إحدى المدارس ، استدعاها مدير المدرسة لمناقشة أخطائها في العمل ضمن لجنة تحقيق مختصة ، عِلما أنّ القانون في الدنمارك يسمح لها أن تُحضر معها مرافقا في هذه الحالة ، محامي او صحفي او اي شخص حتى يكون شاهداً على أحداث الجلسة… وبالطبع خرجت من منزلها مع زوجها بسيارته الصغيرة( بدون مواكب ولا مرافقين ) ودخل المدرسة معها زوجَها والذي هو رئيس الوزراء ، ليحضر معها الاجتماع بصفته زوجِها،، ، ورغم ذلك انتهى اللقاء مع اللجنة بفصل المعلمة نهائيا من العمل في المدرسة رغم وجود الزوج رئيس الوزراء.. !!
وبالطبع الصحافة لم ترحمْه والمعارضون اتّهموه بأنّ الهدف من وجوده في الاجتماع هو التأثير والضغط على قرار إدارة المدرسة … علما بأن مدير المدرسة دافع عنه وقال انه لم يتدخل نهائيا وانه شكر اللجنة والمدير وغادر مع زوجته بهدوء وكأنه مواطن عادي

في هذه القصة عِبَرٌ كثيرة منها : –
-كيف يتجرأ مدير المدرسة على استدعاء زوجة رئيس الوزراء لاجتماع يناقش أخطاءها ؟!! ولجنة تحقيق واستجواب؟

-والأدهى من ذلك كيف يتجرأ على إقالتها وزوجها رئيس للوزراء ؟!! وفي حضوره ؟

-والأكثر عجبا من ذلك كيف أن زوجة رئيس الوزراء تعمل معلمة أصلاً ؟!! في مدرسة حكومية ولماذا لا تمضي وقتها في الجلوس في قصر الرئاسة؟
اليكم بعض الاجوبة
-رئيس الوزراء والرئيس عندهم يسكن في بيته وليس في قصر رئاسة ويذهب ويعود الى بيته بلا اي مظاهر خارجية بل ان وزير المواصلات هناك يركب دراجة هوائية يوميا
– زوجة رئيس الوزراء اتهمت بالتقصير وتكرار الإجازات علما انها كانت تستاذن لتستقبل زوجة رئيس وزراء دولة قادمة كضيف رسمي على الدولة مع زوجها ولم تستاذن لامور شخصية ومع ذلك عوقبت..

– رئيس الوزراء نفسه الذي يعلم كل ذلك وحضر معها لجنة التحقيق .. وافق على قرار اللجنة والمدير ووقع على اقالتها وكان يمكنه تعيينها سكرتيرة شخصية له او مديرة مدرسة ..

إنها ثقافة احترام القانون وثقافة العدالة والمساواة وحرية الراي فعلياً.. وعدم كبت الحريات وعدم استغلال المنصب
وعدم وجود الواسطة والمحسوبية..
انه احترام انسانية الانسان في ارقى واجمل صورة
وانا لست متفاخرا بهم .. بالعكس
يمكننا ان نكون افضل منهم
اذا اتبعنا اخلاق الإسلام في تعاملنا ومعاملاتنا.. تلك الاخلاق التي يطبقها الاوروبيين واليابانيين في حياتهم منذ الطفولة.. فمتى سنصبح مسلمين فعلاً وليس قولاً فقط ؟

وقبل فترة نشرت صحف بريطانيا خبرا تحت عنوان ” فضيحة كبرى تهز البحرية البريطانية” وفي التفاصيل فان قائد قوات البحرية البريطانية تم ضبطه متلبسا وهو يقود سيارة العمل برفقة اسرته لقضاء نزهة نهاية الأسبوع مما يعني انه غير امين على موقعه القيادي وغير أمين على مقدرات الدولة وبالتالي يتوجب اقالته لانه يمتلك ميلا للفساد وبناء على قرار المحكمة العسكرية تم اقالة القائد من منصبه وتم تحويله الى وظيفة ادارية اقل شأنا و قد ثبت ان الوقود المستخدم اثناء جولته كان على نفقته وتم التحقق من ذلك والا كان سيتعرض للسجن بتهمة الفساد واهدار المال العام…
قارنوا هذه القصة مع تصرفات أبسط مدير او مسؤول في بلادنا..
وفي اليابان تأخر القطار لمدة 25 ثانية فقدمت الحكومة اعتذارا للشعب الياباني وقدم وزير المواصلات الياباني استقالته وعندما اعلن الشعب عبر مواقع التواصل انهم سامحوه عاد لممارسة مهام عمله وفي ذات البلد انقطعت الكهرباء لمدة 20 دقيقة عن العاصمة فقدم وزير الطاقة استقالته بعد ان انحنى 20 دقيقة امام نواب الشعب اعتذارا للشعب الياباني
ونحن كم دقيقة يتوجب على وزير الطاقة ان ينحني امام الشعوب التي تنقطع فيها الكهرباء بالساعات والأيام بينما تعوم بلادنا على النفط ليضيء اوروبا ونحن غارقون في السواد

ومنذ سنواتٍ نظّمتْ إحدى الجامعات الاوروبية رحلة لطلابها … وأثناء الرّحلة قام أحد الطلاب بقتل بطّة … فاستقال وزير التعليم فوراً … وعندما سألوه عن علاقته بمقتل البطة حتى يستقيل.
قال: أنا مسؤول عن نظام تعليمي أحد أهدافه أن ينتج مواطنين يحترمون حقّ الحياة لكلّ المخلوقات …وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق فأنا المسؤول.
اليس هذا تطبيق عملي لمباديء الاسلام؟
لو حدثت هذه القصة في بلادنا … سيوبخ وزير التعليم مدير الجامعة … وسيوبّخ مدير الجامعة المعلم … وسيوبخ المعلم التلميذ … وقد يوبخ التلميذ البطّة.
هذه هي عقليتنا الإدارية باختصار : تحميل أسباب الفشل لمن هم تحت إمرتنا والنجاة بانفسنا خوفا على المنصب…فلا أحد يجرؤ أن يعترف أن نصيبه من الفشل هو بمقدار نصيبه من المسؤولية …ومن المستحيل أن ينجح قائد اومدير الا اذا امتلك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطؤه بالدرجة الأولى
وفي السويد يركب رئيس الوزراء في القطار ولا يجد متسع له ويبقى واقفا ويلتقط معه بعض الناس صور سلفي ولا احد يقوم ليقول له اجلس وعندما سألوا بعض من الجمهور لماذا لم تحترموه وتجلسوه وتقفوا انتم .. كان الرد المتطابق اننا نحبه ونحترمه لكنه موظف يقوم بواجبه وكان عليه ان يصحو باكرا ليجد كرسي فارغ وعندما سالوه عن عدم احترام الناس له في القطار قال بالعكس انا احمل ذنب تأخري عدة دقائق والشعب يحترمني واحترم هذا الشعب المسالم القوي وان الشعوب الضعيفة هي التي تجعل الحاكم فاسد وظالم… ارأيتم ..؟
هذه هي أخلاق الاسلام العملية التطبيقية يمارسها الاوروبيين واليابانيين عمليا..
فمتى سنصبح مسلمين فعلاً وليس قولا؟؟
اقرأوا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين .. لقد كان امير المؤمنين عمر بن الخطاب لا ينام الليل وهو يتفقد الرعية و يطفيء السراج بعد انهاء كتابة ورقة او خطاب عام .. لان الزيت من بيت مال المسلمين ولا يجوز ان يستنير به ويجلس على العتمة وقد استنار بنور الله..
إن من أحد أسباب نجاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة أمة كاملة هو امتلاكه لجرأة أن يلوم نفسه قبل أن يلوم عمّاله على أي خطأ يقع ! وهو القائل: لو أنّ دابة عثرت في العراق … لسألني الله لِم لَمْ تُصلح لها الطريق يا عمر؟! هو في المدينة وهي دابة في العراق …ولو تعثرت فهذه مسؤوليته قبل أن تكون مسؤولية عامله على العراق …إن هزيمة اي جيش ما هي الا نتيجة فشل الجنرالات قبل أن تكون فشل الجنود،
اقراوا سيرة الفاروق وعبقرية الفاروق وعبقرية الصديق وتاريخنا الاسلامي المشرف وطبقوه .. ان خلاصة العدل الانساني تتمثل في عبارة (حكمت فعدلت فأمنت فنمت ..)
من هنا ندرك الفرق بين البلدان الفقيرة والغنية ..! ؟
فالفرق لا يعود إلى قدمها في التاريخ ، فالعالم العربي والهند مثلاً يفوق عمر حضارتهم 2000 عام.. ومملوئين بالثروات ونعاني من الفقر …!!
، أما كندا واستراليا واوروبا كلها فإن تاريخ حضارتها لايتجاوز 150 سنة وبالرغم من ذلك فهي دول متطورة وغنية ..!
وأيضاً لا يمكن رد فقر أو غنى الدول إلى مواردها الطبيعية المتوفرة ..
، فاليابان مساحتها محدودة ، و 80% من أراضيها عبارة عن جبال غير صالحة للزراعة أو لتربية المواشي..! ولكنها تمثل ثاني أقوى إقتصاد في العالم ..!
حيث تستورد المواد الخام لإنتاج المواد المصنعة وتصدرها لكل أقطار العالم.
وها هي سويسرا، فبالرغم من عدم زراعتها للكاكاو إلا أنها تنتج أفضل شوكولا في العالم ، ومساحتها الصغيرة لا تسمح لها بالزراعة أو بتربية المواشي لأكثر من أربعة أشهر في السنة، إلا أنها تنتج أهم منتجات الحليب وأغزرها في العالم ..!

• لم يجد المدراء في البلاد الغنية من خلال علاقتهم مع زملائهم من البلدان الفقيرة فروقا تميزهم من الناحية العقلية ولا حتى من ناحية الإمكانيات . !

، كما أن اللون والعرق لا تأثير لهما، فالمهاجرون المصنفون كسالى في بلادهم الأصلية هم القوة المنتجة في البلاد الأوربية ..!

✨ إذن أين يكمن الفرق ؟؟!

• يكمن الفرق في السلوك والممارسة التي تشكلت وترسخت عبر سنين من التربية والثقافة في مجتمعاتنا العربية ..!

فعند تحليل سلوك الناس في الدول المتقدمة تجد أن الغالبية يتبعون المبادئ التالية في حياتهم وهي :-

1. الأخلاق كمبدأ اساسي
2. الاستقامة
3. المسؤولية
4. إحترام القوانين والنظام
5. إحترام حقوق باقي المواطنين
6. حب العمل
7. الإستثمار والإدخار
8. السعي للتفوق في الأعمال الخارقة
9. الدقة

• نحن لا نتبع في بلداننا الفقيره أو النامية تلك السلوكيات إلا من قلة قليلة من الناس في حياتهم اليومية ..

، لذا فقد لا يكون فقرنا بسبب نقص في موارد بلادنا التي أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بها ..
أو بسبب كون الطبيعة قاسية معنا ..
بل نحن فقراء بسبب عيوب في سلوكنا ..! و بسبب عجزنا عن التأقلم مع وتعلم المبادئ الأساسية التي أدت إلى تطور المجتمعات وغناها ورقيها
د.احمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى