أخبار عربية

فيروس كورونا: “هل سأحضن أولادي عند خروجهم من المدرسة اليوم؟”


علي وتاليا في أول يوم لهما بالمدرسة بعد غياب 6 أشهر

مصدر الصورة
Silva Ibrahim

Image caption

علي وتاليا في أول يوم لهما بالمدرسة بعد غياب 6 أشهر

شعرت سيلفا ابراهيم بالارتباك طيلة الفترة الماضية بسبب اقتراب موعد عودة ولديها، علي (8 سنوات ونصف) وتاليا (ست سنوات ونصف) إلى المدرسة، ولا سيما أن العائلة قد التزمت جيدا لأشهر بقواعد الحجر الصحي، وامتنعت عن الاختلاط إلا بعدد قليل جدا من الأشخاص.

“بالغنا في الحرص لدرجة أننا لم نذهب لمطعم أو لمقهى أكثر من ستة أشهر .. كنا نذهب فقط إلى الحدائق بالسيارة .. ما أفكر به الآن هو أن كلا من ولديّ سيختلط فجأة بنحو ثلاثين طالبا وبالمعلّمة ومساعدتها”، تقول سيلفا لبي بي سي، وهي سوريّة-بريطانية مقيمة في مدينة ريدنغ غرب العاصمة لندن.

تواصلت إدارة المدرسة مع الأهالي أكثر من مرة، وأرسلت لهم تعليمات الحكومة إلى جانب سياسية المدرسة الجديدة لتهيئة الأولاد للقواعد التي ستتبع – الأمر الذي أشعرها بالاطمئنان نوعا ما.

طلاب عرب اختاروا الدراسة في بريطانيا .. ثم جاء الوباء

دور الأطفال في تفشي فيروس كورونا لغز يحير العلماء

تقول إنها وزوجها كررا تلك القواعد على الأولاد مرارا، لكن يبدو أن تصوّر الوضع الجديد لا يزال غريبا عليهم. “لا نزال كلنا غير مستوعبين كيف سيكون النظام الجديد. أشعر كأني سأرسل أولادي للمدرسة لأول مرة. أتحدث مع نفسي وأقول هل سأحضنهم كالعادة عند خروجهم من الصف؟ كيف لا! هي حرب بين المنطق والوسوسة، لكني أعود وأقول لنفسي سيكون كل شيء على ما يرام”.

طوال الأسابيع الماضية، كان حديث سيلفا وصديقاتها على مجموعة على تطبيق واتساب عن استعدادات العودة للمدرسة وتحديدا اليوم الأول؛ فهذه الأيام، يعود ملايين الطلاب للمدراس في بريطانيا بعد انقطاع تاريخي امتد قرابة ستة أشهر بسبب وباء كورونا، بعد أن اتخذ وزير التعليم، جيفن ويليامسون، قرار إغلاق المدارس، مع بداية تفشي الفيروس.

أثناء الإغلاق، سُمح فقط لأطفال العمال والموظفين الأساسيين في البلد (كالممرضين والمعلمين، والصحفيين، والأطباء) بإرسال أولادهم للمدارس، إلى جانب الأطفال الذين يحتاجون رعاية خاصة لا تتوفر لهم في البيت في فترة الحجر لأسباب متعددة.

رغم أنها لا تزال خائفة على سلامة أولادها لأنهم سيقتربون من عدد كبير من الأطفال، إلى جانب خوفها على صحة زوجها بحكم أنه مدخّن، إلا أن سيلفا فرحة بعودتهم للمدرسة، بعد أشهر من التعليم المنزلي.

“صحيح أنني سأستعيد نوعا من التوازن في حياتي، لكن فرحي الحقيقي سببه معرفتي أن الأولاد لن يتأخروا دراسيا، كما سيقل تأثرهم النفسي والاجتماعي نتيجة الوباء، رغم أنهم كانوا يتواصلون مع أصدقائهم عبر سكايب وواتساب”.

“كأنني ذاهبة لمدرسة جديدة رغم أنني معلّمة فيها منذ 11 عاما”

مصدر الصورة
Jade Baxter

Image caption

معلمة الصف الثاني، جايد باكستا، مع ابنها مايكي. تقول “من الجميل رؤية الطلاب يعودون، لكني أشعر بمدى توترهم”

ستبدو المدارس هذا العام مختلفة؛ إذ سيطبق نظام السير فيها في اتجاه واحد، وستكون هناك أوقات مختلفة لدخول الطلاب وخروجهم، وسيحصل الطلاب على أدوات مكتبية خاصة بكل واحد، لا يمكن تبادلها.

كما ستقل الحركة والتنقل داخل المدرسة، إذ سيبقى الطلاب من ذات الصف مع بعضهم. وقد يُطلب منهم ارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة مثل ردهات المدرسة، وستوقف بعض الألعاب الرياضية التي تتطلب تماسا بين الطلاب.

وتختلف طبعا هذه القواعد باختلاف المرحلة الدراسية.

كما سيقيّم المعلمون وضع الطلاب بعد أشهر من الغياب، وسيشرحون لهم كل التعلميات الجديدة مثل البقاء ضمن “فقاعة” تضم عددا محددا من الطلاب والمدرسين، والأماكن التي ينبغي عليهم الالتزام فيها التباعد الاجتماعي، وما إلى ذلك.

توضح سيلفا أن فكرة عزل الطلاب عن بعضهم أكثر ما أحزن ابنها علي، الذي أصبحت تراوده أحلام مزعجة، كما تقول؛ فأقرب أصدقائه سيكونون في شعبة دراسية مختلفة، ولم يعد مسموح لهم اللقاء حتى وقت الغداء، لأن تناول الطعام أصبح في الصف ذاته.

أصبح عليه الآن تكوين صداقات جديدة من داخل “فقاعة” الطلاب التي ينتمي لها – هذا كل ما يشغل علي الآن.

وهذه الحال ليست غريبة على الأهل والأولاد فقط – بل على المدرسين أيضا.

المعلمة جايد باكستا، 33 عاما، تستعد هي أيضا للعودة للتدريس بعد انقطاع دام أشهر، وتقول إنها متحمسة لرؤية كل الطلاب في المدرسة – رغم أنها تعرف أنهم ولابد متوترون من كل هذه التغييرات.

عندما سيعود الطلاب الصغار سيجدون غرفة الصف وقد تغيرت عليهم؛ فبدلا من السجاد سيجلسون على مقاعد، ولن يجدوا بعض الألعاب التي تعودوا عليها، كما أنهم سيخضعون لقواعد تتعلق بعدم تبادل القصص التي يمسكونها.

تقييمها الصحي أوصى بأن تدّرس هذا العام الصف الثاني، بدلا من التحضيري، وأن يكون دوامها جزئيا، بسبب حملها. “تعرفين.. الصغار بحاجة إلى الاحتضان وأن أمسك بأيديهم وهذا أمر غير مناسب لي في وضعي الحالي”.

تقول إن المسؤولية الواقعة على المدرّسين أصبحت كبيرة؛ فعليهم التأكد من نظافة كل شيء، وفقا للتدريبات التي تلقوها، وعليهم أيضا أن يمنحوا الأطفال شعورا بأن الوضع “طبيعي”. كما أنه عليهم الابتعاد عن باقي الزملاء. “أشعر وكأنني ذاهبة لمدرسة جديدة رغم أني أدرس في هذه المدرسة منذ تخرجي قبل 11 عاما”، تقول جايد.

“الثقة والإيمان”

صباح اليوم، 3 سبتمبر/أيلول، أيقظت ابنة سيلفا، تاليا، كل أفراد العائلة منذ السابعة صباحا لشدة سعادتها – يبدو أنها مصممة على الفرح باليوم الأول من المدرسة وهي ترتدي ثيابها الجديدة – كالعادة.

رافقت سيلفا ولديها للمدرسة، وتبدد بعض من مخاوفها عندما رأت حماستهما مع وصول رفقاهما إلى بوابة المدرسة – التي لم تكن مزدحمة.

“لا يمكن أن أخبئ أولادي في البيت للأبد. ليس لدي خيار آخر سوى الثقة بهذه الإجراءات، والإيمان أن الأمور ستكون بخير”.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى