أخبار عربية

ليونيل ميسي: هل ما زال اللاعب في ذروة قدراته؟


مصدر الصورة
Reuters

Image caption

يستعد ميسي لمغادرة برشلونة في أعقاب أقسى هزيمة في مسيرته الكروية حين خسر الفريق الكاتالاني أمام بايرن ميونيخ 8-2

هل قيمة ميسي – بمستواه الحالي – تستحق إنفاق الأموال الطائلة التي يتطلبها انتقاله من ناديه الكاتالاني؟

مما لا شك فيه بتاتا أن ميسي النجم الأرجنتيني، الذي أحاط برشلونة علما برغبته في الانتقال من النادي، من أفضل اللاعبين الذين شهدتهم ساحات الكرة في التاريخ – إن لم يكن الأفضل على الإطلاق – وهو من أنجح اللاعبين أيضا.

وبينما كان ميسي، البالغ من العمر الآن 33 عاما، هدّاف الدوري الاسباني الممتاز (لا ليغا) في الموسم الماضي، كان ذلك الموسم مع ذلك الأسوأ في سجله من ناحية الأهداف والمشاركات منذ موسم 2007-2008.

ولكن الموسم الماضي شهد أيضا تألق ميسي في صنع الأهداف، إذ كسر كل الأرقام القياسية في هذا المجال، وسلّط الضوء على جانب مختلف تماما من القصة.

تفحص بي بي سي في هذا التقرير ما إذا كان مستوى ميسي قد انحدر، أم أنه ما زال أفضل لاعب كرة قدم في العالم.

أرنا أوسمتك

من السطحية بمكان السؤال عن قيمة ميسي وما إذا كان يستحق الأموال الطائلة المطلوبة لشرائه، والسبب في ذلك بكل بساطة ما حققه من إنجازات في مسيرته الكروية.

فقد فاز ميسي بلقب الكرة الذهبية – الذي يمنح سنويا لأفضل لاعب في العالم – لمرات أكثر من أي لاعب آخر في التاريخ، إذ فاز به ست مرات، كان آخرها في ديسمبر/ كانون الأول 2019.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

فاز ليونيل ميسي بلقب الكرة الذهبية ست مرات، متفوقا على منافسه اللدود كريستيانو رونالدو بلقب واحد. ولم يفز أي لاعب عدا هذين الإثنين بأكثر من ثلاثة ألقاب

وهو أكبر وأنجح هدّاف في تاريخ نادي برشلونة، إذ سجّل 634 هدفا في 731 مباراة، كما يحمل لقب هدّاف لا ليغا الأكبر بتسجيله 444 هدفا في 485 مشاركة.

ربما كان ميسي قد بلغ ذروة العطاء في عام 2012، عندما سجّل 91 لبرشلونة والمنتخب الأرجنتيني في 69 مباراة فقط.

وحاز على 34 بطولة، منها لاليغا (عشر مرات) وبطولة دوري أبطال أوروبا (أربع مرات).

وعلاوة على ذلك، فهو هدّاف المنتخب الأرجنتيني الأكبر، إذ سجّل 70 هدفا في 138 مباراة دولية خاضها في صفوف المنتخب.

قال غاري لينكر، مهاجم برشلونة السابق والمقدم الحالي لبرنامج بي بي سي الكروي التلفزيوني “ماتش أوف ذي داي”، عن ميسي “هو، وبكل بساطة، أعظم من مارس لعبة كرة القدم”.

وأضاف “تضافرت عدة عوامل في جعله لاعبا مثاليا متكاملا. فميسي يحتل موقع القمة مناصفة مع دييغو مارادونا من ناحية قدراته في المراوغة. علاوة على ذلك، فهو قد يكون أفضل مُمرّر للكرة شهدناه على الإطلاق”.

هل ما زال أفضل هدّاف في العالم؟

قال أندي ويست، وهو صحفي متخصص بكرة القدم الإسبانية ومؤلف كتاب عن ميسي، إنه “ربما لا يكون أداء ميسي الآن كما كان في الماضي، ولكن أداءه في الموسم الماضي كان كافيا للبرهنة على أنه ما زال بلا أدنى شك أفضل مهاجم في العالم”.

ولكن إذا ركزنا فقط على سجله في التهديف، لم يعد ميسي الأفضل.

فاز ميسي في الموسم الماضي بجائزة بيشيشي (جائزة “الحذاء الذهبي” الإسبانية) للمرة السابعة، والرابعة على التوالي، كاسرا بذلك الرقم القياسي، وذلك بتسجيله 25 هدفا في الموسم، متفوقا على مهاجم ريال مدريد كريم بنزيمة بأربعة أهداف.

وجاء هذا التتويج رغم لعبه في صفوف أسوأ فريق يمثل برشلونة منذ عدة سنوات، في أول موسم يخفق النادي في إحراز أي لقب منذ موسم 2013-2014.

وكان الموسم الماضي الأول الذي يُسجل فيه هدّاف الدوري أقل من 30 هدفا منذ داني غويزا لاعب مايوركا قبل 12 سنة. وكان دييغو تريستان، لاعب ديبورتيفو لا كورونيا، آخر لاعب يحرز لقب هدّاف الدوري برصيد أقل من رصيد ميسي من الأهداف في موسم لا ليغا الماضي، وذلك في موسم 2001-2002.

ولكن مع ذلك، حقق ميسي إنجازين تاريخيين في موسم 2019-2020 (أو ثلاثة إنجازات إذا أخذنا في الحسبان فوزه بجائزة بيشيشي للمرة السابعة).

فقد كسر ميسي الرقم القياسي المسجل باسم شابي هيرنانديز لصنع الأهداف (20 مرة في موسم 2008-2009) في موسم واحد للا ليغا، حيث ساعد في تسجيل 21 هدفا.

كما أصبح أول لاعب يسجل ويساعد في تسجيل 20 هدفا أو أكثر في موسم واحد. وكان آخر لاعب يحقق هذا الإنجاز في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى مهاجم نادي أرسنال اللندني تييري هنري (24 هدفا و20 مساعدة في التهديف في موسم 2002-2003).

كما لا يحل ميسي إلا في المرتبة السادسة (بالمنصافة) في قائمة هدافي لاعبي الدوريات الأوروبية الخمسة الأبرز (في شتى المسابقات)، برصيد 31 هدفا في 44 مباراة (أي بمعدل 0.7 هدف في المباراة الواحدة).

فقد سجّل لاعب بايرن ميونيخ، روبرت ليفاندوفسكي، 55 هدفا، كما تمكن كل من سيرو إيموبيلي وكريستيانو رونالدو وروميلو لوكاكو (الذين يلعبون في الدوري الإيطالي سيري ايه) ومهاجم نادي لايبزيغ، تيمو فيرنر، من تجاوز حصيلة ميسي من الأهداف. كما سجّل لاعب مانشستر سيتي، رحيم ستيرلينغ، 31 هدفا في كل المنافسات.

ولكن إذا أدخلنا المساعدة في التسجيل في الحسبان – ولميسي رصيد يبلغ 25 – يصبح في المرتبة الثانية في قائمة الهدافين الأوروبيين برصيد يبلغ 56 (من إحراز الأهداف وصناعتها).

ولا يتفوق على ميسي في الوقت الراهن إلا ليفاندوفسكي الفائز بثلاثة ألقاب في الموسم الماضي، وكان يمكن أن يفوز بجائزة الكرة الذهبية لو كانت المسابقة قد أجريت هذا العام.

وسُجل باسم ميسي أكبر عدد من محاولات المراوغة في الدوريات الأوروبية الكبرى (403 محاولات)، ولا ينافسه في المراوغات الناجحة إلا لاعب وولفرهامبتون الإنجليزي – وبرشلونة سابقا – أداما تراوري، الذي أكمل 275 مراوغة مقابل 260 لميسي.

كيف تقاس أرقام ميسي الحالية مقارنة بالسنوات الماضية؟

لا يبدي ميسي أي مؤشرات حقيقية على تدهور في مجالات الاستحواذ والتمرير والمراوغة وخلق الفرص، كما لا يبدي إلا مؤشرات دنيا في ما يتعلق بالتسديد.

بالاستعانة بموقع (أوبتا) المتخصص بإحصاءات كرة القدم، قمنا بتحليل الأرقام والإحصاءات الخاصة بميسي منذ موسم 2008-2009 (وهو الموسم الأول الذي وصل رصيد ميسي فيه 20 هدفا) في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا. ولا يتوفر قدر مساو من المعلومات عن بعض من المسابقات الأخرى التي خاضها برشلونة.

فمساعدات التسجيل الـ 24 التي نفذها في المسابقتين المذكورتين في موسم 2019-2020 كانت أكثر عددا من تلك التي حققها سابقا في سيرته الكروية (ولم يتجاوز 20 مساعدة إلا ثلاث مرات قبل ذلك).

وبينما كان معدل 126 دقيقة لكل هدف في الموسم الماضي أسوأ نسبة يحققها ميسي، كان معدل 86 دقيقة لكل هدف ومساعدة أفضل ما حققه في أربعة من المواسم الـ 11 السابقة.

كما شهد الموسم الماضي رابع أكبر عدد من محاولات المراوغة، وحقق أفضل نتائجه في هذا المجال (65 في المئة) إلى الآن.

وبلغت دقة تمريراته 82 في المئة، وهي نسبة لم تنخفض منذ أربع سنوات، رغم أنها كانت أقل من الدقة (85 إلى 87 في المئة) التي تميزت بها فترة السنوات الخمس منذ موسم 2009-2010.

وكان الأمر مشابها بالنسبة لتمريراته في الثلث الأمامي من الملعب.

كيف تغير موقعه في الملعب؟

إزداد موقع ميسي في الملعب عمقا (أي اللعب وسط الملعب) بمرور الوقت. وبينما يبدأ الكثير من مبارياته على الجناح الأيمن من الناحية الفنية، فإنه يلعب عادة في موقع وسطي ومركزي.

قام أخصائيو الإحصاء في مؤسسة (ستاتسبومب) بدراسة المواقع التي شهدت العدد الأكبر من لمساته الهجومية في كل المواسم التي شارك فيها.

في الموسم الماضي، كان العديد من لمساته بموقع مركزي خلف المهاجم، ولو أنه لعب أكثر على الجانب الأيمن من وسط الملعب مما كان يلعب في المواسم السابقة.

يقول ويست “خسر ميسي بعضا من سرعته، ولم يعد بإمكانه التغلب على العديد من المنافسين في العدو لمسافة 20 ياردة، ولكن قدرته على التحكم بالكرة ما زالت سريعة كما كانت، وهو يحتفظ بتلك القدرة السحرية في الاستحواذ على الكرة من المدافعين في الوقت الذي يظنون أنهم نجحوا في إيقاف تقدمه”.

ويضيف “لعب ميسي في الموسم الماضي في موقع أعمق في وسط الملعب مما كان يلعب في السابق، فقد كان يتراجع إلى الوسط لممارسة دور صانع الالعاب بدل القيام بقيادة خط الهجوم”.

ويمضي ويست للقول “كان ذلك نتيجة الاضطرار، إذ لم يكن لبرشلونة لاعب قادر على أداء هذه المهمة، ولكن يبدو الآن أنه سيقضي بقية مشواره الكروي كلاعب خط وسط هجومي (بمقدوره مع ذلك تسجيل أكثر من 20 هدفا في الموسم) عوضا عن دوره التقليدي في خط الهجوم”.

ويقول “هذا الدور أقل إجهادا من الناحية البدنية، وهو ما يسمح له بتكريس طاقاته البدنية والذهنية للأمور التي ما زال يتفوق فيها على الآخرين كالتمرير والمراوغة والتسديد”.

وأحسن مدرب مانشستر سيتي، بيب غوارديولا، وهو مدرب ميسي السابق في برشلونة، التعبير لدى رده على سؤال عما إذا كان سيرجيو أغويرو أفضل قلب هجوم تعامل معه.

قال غوارديولا “ميسي هو الأفضل، فهو أفضل من ارتدى القميص رقم 9 ورقم 10 ورقم 11 ورقم 7 ورقم 6 ورقم 5 ورقم 4….”.

إذن، هل ما زال ميسي هو الأفضل؟

ما تزال هناك حجة قوية تقول إن ميسي واحد من أفضل اللاعبين في العالم، على الرغم من أن أداء ليفاندوفسكي في الموسم الماضي فاق أي لاعب آخر.

فهو من أفضل الهدافين في العالم، ومن الأفضل في المراوغة والتمرير أيضا.

وهناك أيضا حجة قوية تقول إنه سيقدم أداءا أفضل لو لعب في صفوف فريق قوي، إذ يبدو أن برشلونة يعاني من انهيار في مستواه حتى قبل الهزيمة المنكرة التي مُني بها أمام بايرن ميونيخ (8-2) في بطولة دوري أبطال أوروبا، وهي المباراة التي يبدو أنها الأخيرة لميسي في صفوف النادي الكاتالوني.

فقد فاز بالحذاء الذهبي الإسباني، وشارك في صنع عدد أكبر من الأهداف، باستثناء ليفاندوفسكي، في الموسم الماضي، ولذا سيكون كسبا لأي نادي ينجح في الاستحواذ عليه.

أما العنصر الوحيد الذي لا يعمل لصالحه فهو الزمن، ولو أن رفيقه السابق في برشلونة شابي قال مؤخرا إنه يعتقد إن بمقدور ميسي مواصلة اللعب حتى يبلغ سن الأربعين.

وقال غاري لينيكر مقدم برنامج “ماتش أوف ذي داي” الكروي “كانت مشاهدة ميسي وهو يلعب امتيازا حقيقيا، وسيكون اليوم الذي يخوض فيه مباراته الأخيرة واحدا من أكثر الأيام حزنا في تاريخ كرة القدم”.

وأضاف “ليس بوسع أي لاعب أن يستمر في اللعب إلى الأبد، ولقد بدأنا نشعر بأن قدراته آخذة بالإضمحلال قليلا. مهما كنت بارعا في اللعب، لا يمكنك التغلب على عامل الزمن”.

أما ويست، فقال “ما زال ميسي هو الأفضل، وسيبقى كذلك لعدة سنوات”.

فما الذي تعتقدونه؟ هل يستحق ميسي أن يُشترى بأي ثمن؟



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى