شابات سوداوات يتحدين أعراف الجمال المتوارثة ويستعرضن جمالهن على إنستغرام
[ad_1]
إحداهن سودانية، استبعدتها المعلّمة من لعب دور البطولة في مسرحية مدرسيّة بسبب سواد بشرتها، واختارت زميلتها ذات البشرة الأقل سوادا؛ وأخرى سعودية نادوها في المدرسة “عبدة”، وثالثة عرضت عليها بائعة مستحضرات تجميل “لتبدو فاتحة”، ورابعة وخامسة..
لا أحد يعلم أي شجاعة واتتهن اليوم، عندما توجهن واحدة تلو الأخرى لمنصة إنستغرام لإثبات قدراتهن وتميزهن واعتزازهن بلون بشرتهن للحديث عن ألمهن من تجرع كأس العنصرية، منذ سنين طويلة.
تحدثت بي بي سي مع شابات وعارضات أزياء سوداوات عربيات أو من أصول عربية، انتفضن عبر حساباتهن على تطبيق إنستغرام لكسر المحتوى المعتاد عن الموضة والجمال واستعراض الأزياء، خاصة وقد أصبحت حركة “حياة السود مهمة” واحدة من العبارات الأكثر تداولا حول العالم منذ مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد.
لكن هل جاءت تلك الكشوفات كنوع من شد الانتباه لاكتساب المزيد من المتابعين على حساباتهن بغرض الشهرة، أم هي صرخة لتغيير نظرة العالم تجاه الجمال الأسود؟
“يالعبدة”
لا تزال السعودية، عبير سندر، تذكر حادثتها الأولى مع العنصرية، عندما أشير لها بالـ”عبدة” وكانت في السادسة.
ومنذ سنوات، وبعد أن صارت مدونة وعارضة يتابعها كثيرون على حسابها على إنستغرام، بدأت عبير بالحدبث عن العنصرية التي واجهتها بسبب لون بشرتها. وعادت مؤخرا ونبشت في الماضي، قائلة: “كانت أول مرة أسمع كلمة عبدة، ما كنت أعرف معناها، كنت ألعب، فجاءت بنت في عمري دفعتني وقالتلي ابعدي من قدامي يا لعبدة”.
قبل نحو سنتين تزوجت عبير من بريطاني أبيض وغادرت السعودية، حيث نشأت.
تتحدث عبير عن ثنائية السيد والعبد داخل مجتمعها الذي “يفترض أنه متسامح منذ انتهاء عصور جاهليته الأولى”، لكنها ترى أن هناك أجيالا “تتوارث نظرة الاستعلاء”.
حاولت الاتصال بها لكنها قالت إن ما كتبته يلخص ما تريد قوله .
صفة “السوداء” تلازمني
تقول الفاشنيستا الكويتية، فينيسا، إن الخوض بجرأة في الحقائق ليس بنية الإثارة والضجة، بل لأن المشهد تغير “بعدما أصبحن ملكات في مجال التواصل الاجتماعي يقدمن التجارب ويوظفن قدراتهن لتكوين رؤى جديدة”.
بدت فينسيا تتمتع بالثقة أمام المرآة، لذا لا يمكن تخيل أن هذه المرأة تعرضت لأزمة بسبب لونها في يوم ما.
تكشف فينيسيا لبي بي سي النقطة الأولى في اصطدامها مع العالم الخارجي بسبب لونها، رغم أنها تعيش في مجتمع لأصحاب البشرة الملوّنة.
وتقول “التجربة الأولى تكون عادة في المدرسة. لم تفاتحني أسرتي في الأمر لإعداد دفاعاتنا قبل رمي السهام. نحن نحارب عقولا مظلمة، جامدة.. تلاحقك بأحكام ومسبقات، من خلال نظرة، تعليق أو بتصرف لكونك الأدكن”.
“الجمال الأسود ليس جزءا من خلفياتنا الثقافية، فصفة سوداء ليست ضمن المعايير الجمالية المطلوبة من المرأة لدى بعض العرب، الذين يفضلون بيضاوات البشرة.
عبّرت الفاشينستا، التي نشرت سابقا صورة لها من مرحلة الصبا بلون بشرتها الطبيعي دون وضع أي مساحيق، عن أسفها لأنه بسبب هذا التنميط “لا يتم الحكم عليّ في أي يوم أو مناسبة، سلبا أو إيجابا، إلا من منظور اجتماعي لا يغفل حقيقة كوني سوداء”.
وأكدت فينيسيا أن تجربتها كعارضة لم تكن مثالية لأنها “لو لم تكن سوداء لما طال مشوار نجاحها “.
“أصلك سوداء”
تجتهد أصيلة وهي شابة سودانية طموحة لكي لا تخسر المنازلة الجمالية على إنستغرام.
فقد أطلت عبر التطبيق كمؤثرة ومدونًة موضة قبل عامين على نحو يواكب حراكا شعبيا في بلدها، وهي ترى أن للمؤثرة دورا أكبر من العارضة لأن الأولى تتخذ مواقف.
وبالإضافة لدراستها الجامعية، تنخرط أصيلة أيضا في قضايا مجتمعها الساعي لحصد ثمار انتفاضته، والتي لم تكن مناهضة العنصرية ضمن مطالبه. وبقت مثل هذا المطالب خارج فضاء التغييرات المنشودة لأنها “ببساطة ضاربة في أسس الثقافة الشعبية” على حد ما جاء على لسان أصيلة.
وتقول لبي بي سي “أحاول تقديم مساعدة مجمتعية أفضل دعما للمرأة وللصناعات محلية لكن، بقايا التمييز حولنا موجودة في معايشات يومية كجزء من الثقافة الحياتية المتداولة”
وتضيف: “الفصل في السودان يحدث على أساس درجات الأسود، فهناك الأسود والقمحي والعنصر الفاتح، والأخير المفضل”.
وتقول إن عددا من أقاربها يحثها على “عدم البقاء رهينة الأسود واستعمال كريمات تفتيح البشرة لأن البياض مهم في إثبات الذات والصعود”..
وتبوح أصيلة بحادثتها الأولى مع العنصرية وكانت في مرحلة الروضة، فقد جمعت المعلمة أيادي الأطفال ووضعتها معًا، وفصلت اليد الفاتحة واختارت صاحبتها للشخصية الرئيسية في الحفل المدرسي، متجاهلة طلب أصيلة التي وقفت متفرجة.
وتروي أصيلة “كنت أرغب في لعب دور العروس، وردت المعلمة بدون تفكير وبرجعية ساذجة: ‘الدور للبشرة الفاتحة’. اختبار عسير في عمر صغير يضع آثارا مستديمة بداخلك وشعورا بأن الأكثر بياضًا، أكثر حظا ووجاهة.. قررت التحدث لأنه مازال في جعبة كثيرين في عالمنا ما يشبه هذا السلوك، ولأن التجارب الإنسانية ترسخ في الأذهان، ولا سيما أنه لا توجد مبررات حضارية لاستمرار التفاضلية والتراتبية”.
وتضيف “من قبل حركة ‘حياة السود مهمة’ وأنا أعمل على بناء صورة الجمال الخاص بي، وهي مواجهة مفتوحة أتماهى فيها مع مجتمع يطالب بالتغيير.
“التاريخ الأسود”
انتظر العالم حتى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي للسماح بوصول صاحبات البشرة السوداء لمنصات عروض الموضة والجمال، بعد قرابة خمسة عقود من تدشينها.
لكن هذا النضال الطويل كما يبدو لم يؤت ثماره تماما، ولم يلغ الرأي السائد بأن محاولات احتراف الشابات السوداوات في مجالات الأضواء، ظلت استثنائية، ومن منطلق الاهتمام بالتنوع.
لكن “إنستغرام”، دشن فتوحات العارضات السوداوات؛ فهن ينشطن في الترويج لأنفسهن وبشكل ربحي أحيانا دون الدخول في نفق الانتظار المظلم لمحاولة احتراف قد تأتي أو لا تأتي.
أخذتنا الفاشنيستا العشرينية “شهد بطل” بجولة، وهي المدوّنة في موضة المحجبات.
وعرضت شهد نسخة على حسابها، لعرض عمل تلقته من علامة أزياء تجارية بريطانية تسعى للتعاقد معها لحملاتها التسويقية في خضم حملات مناهضة العنصرية “من منطلق تصحيح إهمالها وجودهن وتأخرها في إدماجهن”.
أما العارضة فقد أرفقت ردها التالي “أنا سعيدة بمحاولة التغيير بعد إغفال بيد أن التوقيت غير ملائم”.
ويتواصل الحديث ذاته على لسان عارضة سوداء محجبة أخرى من تورنتو تدعى نجمة سلطان. وبدت نجمة ناقمة على الأوضاع الحالية فكتبت على إنستغرام “حكم علينا ببذل جهد مضاعف مقارنة بأخريات محظوظات لأجل نفس الفرصة. هراء مرفوض وإذا ما قررتم الاستعانة بي فليكن ذلك لأجل ما أنا عليه، لنقاط جمالي وذكائي وقوتي، رغم خلفياتي المعقدة، ولأن لدي قبول ساحر ولأنك بحاجة إلي ولأني أستحق، وليس فقط للتشكيل اللوني، ووضع علامة في خانة اعتبارات التنوع والتكامل الحضاري”.
“تبييض الوجه “
“الحكم على عارضات ذوات بشرة سوداء بموضوعية غير وارد”، هكذا ترى المؤثرة عائشة إبراهيم، وهي عارضة صومالية محجبة، تعيش في بريطانيا.
وتقول: “أجد صعوبة لا تثنيني عن المضي في طريقي، والحقيقة المحزنة أن السوداء تبذل جهدا مضاعفا مقارنة بنظيرتها البيضاء. ما عساي أن أفعل هل أقوم بتفتيح وجهي ليهنأ العالم؟”.
وتضيف عائشة “كان السبب الرئيسي وراء إطلاق حسابي الرسمي على إنستغرام هو شح ظهور فتيات تشبهنني في عروض الأزياء، كامرأة أفريقية واثقة حاذقة مسلمة أرادت حفر اسمها في عالم الموضة المحتشمة”.
وحول حركة “حياة السود مهمة”، علقت عائشة قائلة “هي الأكثر رواجا لكن ليست الوحيدة، فالحملات لا تكف ومنها (سدد الحقوق أو فض فوك) لحث شركات على الاعتراف والإفصاح عن أعداد الموظفين السود لديها ومن يبلغون منهم المناصب العليا”.
وتحدثت إلينا عن أنها تستبشر خيرا بوعود التغيير في مجالات الموضة والأزياء، لكنها وفي نفس الوقت تتوجس من عودة الأمور لسابق عهدها، بمجرد انحسار هذه الموجة.
“أن تكون إنسانا”
تعترف عارضة الموضة السويدية على إنستغرام، نعيمة وازكي، وهي من أصول صومالية وتعيش في المملكة المتحدة قائلة “لن أغالط، من أجل التاريخ والأجيال، بقايا العنصرية موجودة ولم يتجاوزها هذا العالم”، مضيفة أن “فتح قضايا العرق ليس لاكتساب المتابعات بل لأن أي ضمير حي لن يحتمل تجاهله”.
ولكنها، في الوقت ذاته، تعتقد أن فتح النقاش على إنستغرام بمثابة نقطة في بحر.
تقول نعيمة “العنصرية لم تولد من المساحة المخصصة لمواقع التواصل كي تنتهي هناك والصراع بين السود والبيض صعب وطويل ومعقد ووزره سيكبر إذا لم تتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح لاستعادة الصواب. فهناك صراعات على الأحقية باقية والمسلم الأسود ناقص التمثيل، وحتى الأن تقول لي بائعة مساحيق التجميل بلامبالاة، هذا المستحضر سيجعلك تبدين بيضاء، مع إضافة لست سوداء تماما في نوع من المواساة”.
وأضافت “يتم التمييز ضدك وتظل تتعايش وتكابد رغم التمييز المستفز. ثمة إحساس دوما بعنصرية خفية تدلل عليها الشواهد وهناك فرق كبير بين (وجهة النظر المغايرة) وأن تحمل وجهة نظر متعصبة، مسيئة ومتخلفة وجاهلة”.
وترى نعيمة أن حركة حياة السود مهمة ليست جزءا من قصة جورج فلويد فقط، بل أثرت عليها شخصيا وعلى آخرين، مؤكدة أنها “تتمسك على انستغرام بكونها سوداء دون غيرها من توصيفات وإن كره العالم”.
[ad_2]
Source link