أخبار عربية

فيروس كورونا: ما هي الكلمة المنسية التي وحدت الدنمارك لمواجهة الوباء؟

[ad_1]

من المقرر أن يستمر مشروع الوجبات السريعة مع أن مطعم "الخيميائي" أعاد فتح أبوابه للجمهور

مصدر الصورة
Soren Gammelmark

Image caption

من المقرر أن يستمر مشروع الوجبات السريعة مع أن مطعم “الخيميائي” أعاد فتح أبوابه للجمهور

فاجأ الطاهي الدنماركي، راسموس مونك، عالم الطهي العام الماضي بافتتاح مطعمه “الخيميائي” في كوبنهاغن، الذي يقدم تجربة طعام وترفيه فريدة من خلال 50 طبقا جديدا، لكن المدهش في الأمر هو ما فعله الطاهي، الحاصل على نجمة ميشلان، بعد ذلك عندما تسببت جائحة كورونا في توقف نشاط مطعمه فجأة في 15 مارس/آذار.

وبحلول 19 مارس/آذار، تحول مونك من تقديم وجبات تنتمي إلى فنون الطهي الخاص لثمانية وأربعين ضيفا، إلى إعداد 600 وجبة متواضعة يوميا (مثل مكرونة كاربونارا وفطيرة الدجاج المنفوشة) للمشردين الدنماركيين والمواطنين الفقراء.

ويشرح تجربته قائلا: “نشرت إعلانا على انستغرام أطلب المساعدة، فوصلني في اليوم التالي نحو ألف رسالة بالبريد الإلكتروني من طهاة آخرين ومن زبائن عرضوا أن ينقلوا الطعام بسياراتهم إلى الملاجئ الأربعة عشر التي نعمل معها حالياً”.

كما تواصلت معه فنادق ومطاعم للتبرع بالطعام الذي كان يلقى به في العادة في صناديق القمامة. وخلال فترة وجيزة أصبحت مطابخ مطعم “الخيميائي” الأربعة مليئة بالمتطوعين الذين يرتدون الكمامات، وبدأ يرسخ المشروع الاجتماعي الناشئ “جانك فود” للوجبات السريعة، الذي بدأه مونك كمشروع تجريبي قبل تفشي جائحة كورونا، جذوره ومكانته.

ويقول: “كان باستطاعتنا جميعا أن نمكث في بيوتنا ونسترخي، لكنني شعرت بأن لدينا التزاما لنفعل شيئا يتجاوز الاحتياجات الخاصة بنا. بالطبع لم نكن بمفردنا. فالدنمارك كلها توحدت، وأعتقد أن كلمة (سامفاندسيند) كانت جزءا كبيرا من هذا المجهود”. (سامفاندسيند كلمة مركبة جديدة تستخدم في وسائل التواصل الاجتماعي والتقليدي في الدنمارك وتعني الواجب المدني، أي شعور المواطنين بأن أحد الواجبات الأخلاقية هو التضحية في سبيل الصحة العامة).

كلمة “هايجي” التي يمكن ترجمتها إلى “مرح” ربما تكون أكثر كلمة دنماركية استخداما على مدى العقد الأخير، بيد أن كلمة “سامفاندسيند” هي التي تأتي فعلا ميزت الأمة الدنماركية خلال تصديها لكوفيد-19.

فإذا كانت كلمة “هايجي” بمثابة شيء تشعر به مع أناس تعرفهم، فإن “سامفاندسيند” تشير أكثر إلى سلوك تجاه أولئك الذين ربما لا تعرفهم. وكان استعمال هذه الكلمة نادرا إلى ما قبل عدة أشهر مضت، لكنها الآن دخلت في العامية الدنماركية على نطاق واسع.

وكما هو الحال مع كلمة “هايجي”، لا توجد ترجمة إنجليزية مباشرة لكلمة “سامفاندسيند”. وتقول ماريان راثجي، خبيرة في المجلس اللغوي الدنماركي، إن بإمكانك فهم الكلمة عندما تضع مصلحة المجتمع قبل مصلحتك الشخصية الذاتية.

ويعتقد الدنماركيون أن هذه الكلمة لعبت دورا أساسيا في رد فعل البلاد وتعاملها الناجح مع جائحة كورونا، ومن شأنها فقط أن تطرح افكارا أو توحي لبقية دول العالم كي يحذو حذوها.

المجتمع في عين الاعتبار

تقول راثجي إن كلمة سامفاندسيند كلمة مركبة من “سامفاند” التي تعني مجتمع، و”سيند” التي تعني العقل.

ويرجع تاريخ استخدام هذه الكلمة إلى عام 1936، وظهرت تاريخيا كدعوة للتضامن أطلقها رئيس الوزراء آنذاك، ثورفالد ستانينغ، إبان الحرب العالمية الثانية.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسين أحيت الكلمة في مارس/آذار خلال مؤتمر صحفي

ثم توقف استخدامها ودخلت في حالة سبات نسبي حتى أحيتها رئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسين، في مؤتمر صحفي عُقد يوم 11 مارس/آذار من هذا العام، معلنة أول التدابير الرئيسية لإغلاق البلاد للتصدي لوباء كورونا.

وشرحت كلمة سامفاندسيند للشعب الدنماركي وابرزت ركيزتين رئيسيتين: المسئولية الجماعية والروح المجتمعية.

وقالت: “نحن كدنماركيين، نسعى عادة إلى المشاركة بتقاربنا من بعضنا البعض، الآن يجب أن نقف معا بالحفاظ على التباعد. نحن بحاجة إلى سامفاندسيند”.

وتقول راثجي إن استخدام سامفاندسيند في الإعلام الدنماركي زاد بشدة من 23 استخداما للكلمة في فبراير/شباط إلى 2855 استخداما في مارس/آذار، إذ وردت كلمة سامفاندسيند 611 مرة في الصحف والمجلات الدنماركية خلال النصف الأول من عام 2019، مقارنة ب 9299 مرة خلال نفس الفترة العام الجاري.

وتقول راثجي: “جميع الدنماركيين شاهدوا المؤتمر الصحفي لرئيسة الوزراء، واستخدمت هذه الكلمة في المؤتمر. ذكرتنا هذه بأن ننظر إلى كورونا كوضع يشترك فيه الجميع، ومن المهم ألا تفكر في احتياجاتك الخاصة بل تعتبر نفسك جزءا من قضية أكبر”.

وتضيف أن الكلمة اختيرت بعناية، إذا ما قورنت بالمرادف القريب لها “سوليداريتيت” أي التضامن، والتي تحمل دلالات لدى الطبقة العاملة أو المعتقدات اليسارية.

وتقول: “كانت كلمة سامفاندسيند نادرة الاستخدام إلى درجة أنها لا تحمل حتى الآن أي معان ضمنية أو دلالات ما عدا فيروس كورونا”.

وبمجرد أن أعيد استخدام الكلمة على وسائل التواصل الاجتماعي، نبعت رغبة لدى باحثين مثل كريستيان كونغشوج، من معهد العلوم السياسية في جامعة ألبورغ، لمعرفة نطاق استخدامها، وهل حقا تحلت الأجيال الشابة بسامفاندسيند مثلما تحلى بها آباؤهم وأجدادهم؟

العمل الشبابي

يتضح حتى الآن أن الأجيال الشابة تحلت بالفعل بروح سامفاندسيند. ففي مسح أجري في مارس/آذار الماضي، شمل 1020 مواطنا توصل كونغشوج إلى عدم وجود فروق واضحة في السلوك بين الأجيال.

كان الرجال أقل حرصا في تباعدهم الاجتماعي والنظافة الشخصية من النساء، بيد أن المسح أبرز أن الدنماركيين جميعهم وقفوا جنبا إلى جنب عموما لجعل سامفاندسيند شكلا من أشكال حب الوطن.

كما أظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسم سامفاندسيند أعمال خير صغيرة وكبيرة بما فيها عمل متطوعين في الأعمال المجتمعية، والدعوة إلى مساعدة ودعم الأعمال التجارية المحلية، كما أشارت أيضا إلى أولئك الذين لم يتحلوا بروح سامفاندسيند.

مصدر الصورة
Claes Bech Poulsen

Image caption

تحول الطهاة في مطعم “الخيميائي” من تقديم الوجبات الراقية إلى تقديم أطعمة خيرية

ويقول كونغشوج: “تستطيع بالفعل أن ترصد على منصات وسائل التواصل الاجتماعي التشهير الجماعي بالذين قاموا بتخزين البضائع أو لم يتحلوا بروح سامفاندسيند”، ويعتقد أن هذه الكلمة لعبت دورا حاسما في استواء المنحنى في الدنمارك.

ويفسر ذلك قائلا: “فجأة تريد من الجميع أن يتصرفوا بنفس الطريقة، فكيف تفعل ذلك؟ حسنا، تحتاج إلى أن تضع معايير جديدة بسرعة فائقة بحيث أن من يشذ عن هذه المعايير يلحقه العار. وقد ساعد في الدنمارك وجود ثقة كبيرة بالسياسيين.

ويضيف أن سامفاندسيند كانت فعالة وناجحة، لأن رئيسة الوزراء طرحتها كمعيار جديد، والمجتمع يثق بها، واحتضن الفكرة بإرادته. إنه نموذج ربما تتبناه وتسير عليه بقية دول العالم، وقد يمثل تحذيرا بسيطا لدول تعيش حالة استقطاب سياسي مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع ثقة المواطنين بتعامل قيادة البلاد مع جائحة كورونا.

وتقول راثجي إنها لا ترى عودة قريبة لتجاهل كلمة سامفاندسيند لغويا، بل على النقيض ترى أن فكرة تنحية الفرد مصلحته من أجل صالح المجتمع أصبحت عمادا قويا للهوية الدنماركية.

وسجل باحثون في جامعة كوبنهاغن ما يزيد على 250 مجموعة تطوعية جديدة على فيسبوك لمشاريع إغاثة مجتمعية بين شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان، بينما تحولت معالم كوبنهاغن مثل حديقة “تيفولي” وحديقة حيوان كوبنهاغن إلى رياض أطفال مؤقتة ومراكز رعاية صباحا أثناء أسوأ تفشي لكورونا، وذلك لمساعدة الموظفين الذين يعملون من المنزل على التكيف.

أما بالنسبة للطاهي مونك فإن مشروعه الخاص بإعداد الوجبات السريعة سوف يستمر إلى أجل غير مسمى، وإن كان مطعم “الخيميائي” قد أعاد فتح أبوابه الآن للجمهور، وربما يعود للعمل في صناعة مصاصات مثلجة على شكل خيول البحر، بيد أن التزامه بسامفاندسيند مازال قويا شأنه شأن بقية أبناء وطنه من الدنماركيين.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على صفحة BBC Worklife

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى