لقاح كورونا :ما بين ألاعيب قذرة وتجسس ومجازفات غير أخلاقية
[ad_1]
حين أعلنت موسكو في 11 أغسطس/ آب عن إقرارها أول لقاح ضد كوفيد-19 سمته سبوتنيك في Sputnik V، كانت رسالة يصعب تجاهلها. ففي عام 1956 أطلق الاتحاد السوفيتي القمر الصناعي سبوتنيك محققاً النصر في السباق نحو الفضاء. والآن ها هي روسيا تقول إنها حققت قفزة في مجال الطب.
لكن منتقدين يرون إنها تتمادى أكثر من اللازم. كما يبقى التشكيك الذي قوبل به إعلانها تذكيراً بضراوة المنافسة الدولية.
وفي هذا السباق تبرز الاتهامات بسلوك الطرق الملتوية، والتجسس، والمجازفة غير الأخلاقية، والغيرة، وسط حديث عن “القومية في توزيع اللقاحات”.
اتهام ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية بالتجسس لصالح الصين
الصين تتوقع إنتاج لقاح ضد فيروس كورونا بنهاية العام
يعد الوصول إلى لقاح ضد كوفيد-19 أحد أكبر الإنجازات الطبية من حيث الأهمية والمرغوب فيه في العصور الحديثة. لا يرجع هذا فقط إلى مزاياه المنقذة للحياة، بل أيضاً لما يحمله من أمل في إنهاء حالة الاضطراب، والفخر والتقدير لمن ينجح في التوصل إليه.
يقول لورنس غوستين أستاذ قانون الصحة العالمية في جامعة جورج تاون الامريكية ” لم أر قط رهانات سياسية بهذه الحدة على منتج طبي. السبب وراء الرمزية السياسية التي أعطيت للقاح كوفيد -19 هو أن القوى العظمى تعتبره انعكاساً لبطولتها العلمية واعترافاً بتفوق نظامها السياسي”.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك حالياً نحو ستة لقاحات أساسية دخلت مراحل تجارب متقدمة، من بينها 3 في الصين، وواحد في المملكة المتحدة، وواحد في الولايات المتحدة، وآخر نتاج شراكة ألمانية- أمريكية.
عادة ما يحتاج تطوير لقاح إلى سنوات. وبينما يسعى جميع المطورين إلى تسريع وتيرة نشاطهم، أثار إقرار روسيا لسبوتنيك المخاوف بشأن اختصار الإجراءات المعتادة.
في يوليو/ حزيران اتهمت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وكالات الاستخبارات الروسية بقرصنة أبحاث اللقاحات، وهو الأمر الذي نفاه الكرملين.
ورجحت مصادر استخباراتية أن أنشطة القرصنة تلك كانت بغرض سرقة بيانات، لا لتعطيل التطور.
وخلال الأسبوع التالي، اتهمت وزارة العدل الأمريكية مواطنين صينيين بقرصنة أبحاث اللقاحات نيابة عن وكالات استخبارات صينية. وقد نفت الصين ذلك بشدة وقالت إنها تتبادل المعلومات بشأن الفيروس وتتعاون مع الشركاء الأجانب.
يكمن مصدر القلق الأكبر في التسرع في إجراء التجارب الطبية التي عادة ما تتم بصورة بطيئة ومعمقة.
يقول توماس بوليكي مدير برنامج الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية “بالتأكيد تم سلوك الكثير من الطرق المختصرة، خاصة في الحالة الروسية.” ويضيف “ليس من الصعب تطوير لقاح. ما يصعب هو إثبات أن اللقاح آمن وفعال. وإذا كانت الدول مهتمة فقط بتطوير لقاح يمكنها حينئذ أن تسلك طرقاً مختصرة”.
قرار روسيا إقرار لقاح سبوتنيك قبل الدخول في المراحل المتقدمة من التجارب الموسعة، ودون نشر نتائج بحثيه، أدى إلى بروز انتقادات من جانب الغرب.
قال الدكتور أنتوني فاوتشي أحد الأعضاء البارزين في فريق البيت الأبيض المعني بمواجهة فيروس كورونا إنه ” يشك بشدة” في قدرة الروس إثبات أن لقاحهم آمن وفعال. ورفضت موسكو هذه المخاوف باعتبارها “نابعة من الغيرة”. وقال المسؤولون عن تطوير اللقاح إنهم سينشرون بياناتهم قريباً في مجلة علمية دولية بارزة.
في الوقت نفسه، قامت الصين كذلك باختصار بعض المراحل في عملية تطوير لقاح.
وقالت شركات أدوية صينية إنه تم إعطاء اللقاح لكبار مسؤوليها التنفيذيين ضمن “اختبار أولي”، وذلك في خطوة لإظهار استعدادهم للمخاطرة وتقديم التضحيات.
وفي روسيا، قال فلاديمير بوتين إن ابنته أُعطيت جرعة من لقاح سبوتنيك.
كما أثارت تقارير بشأن خطط البلدين تجربة اللقاح في صفوف القوات المسلحة مخاوف أخلاقية، إذ أن أفراد الجيش قد لا يتمتعون بالحرية في رفض أو قبول اخذ اللقاح.
وكان عقار تطوره شركة كان سينو CanSino بالتعاون مع الجيش الصيني قد تم إقرار استخدامه من قبل أفراد الجيش في يونيو/ حزيران الماضي قبل بدء المرحلة الثالثة من التجارب.
يقول البروفيسور غوستين ” لدينا مجموعة من المعايير الأخلاقية للبحث العلمي حول مشاركة العنصر البشري في التجارب تهدف لضمان عدم تعرض البشر لإنتهاكات”.
“تحفيز الحركات المناهضة للقاحات”
نظراً إلى الطلب العالمي غير المسبوق على اللقاح، ألا يعد قدر من سلك الطرق المختصرة أمراً متوقعاً؟
قد يؤدي عدم إخضاع اللقاح لتجارب كاملة، والتسرع في إقراره إلى ثقة زائدة لدى الناس، وبالتالي إلى مزيد من الانتشار لكوفيد-19.
وقد يؤدي لقاح يثبت لاحقاً أن له آثار جانبية خطيرة إلى تحفيز الحركات المناهضة للقاحات. تعد غالبية برامج تطوير اللقاحات مشروعات تجارية وغالباً ما تعتمد على التعاون الدولي. غير أن ذلك لم يمنع الحكومات من أن تنظر إليها كدليل على مكانتها والبراعة العلمية ووسيلة لمواجهة النقد بشأن طريقة تعاملها مع الأزمة.
” المخاوف المحلية بشأن طريقة التعامل مع الوباء إلى حد كبير هي ما دفع بعض الدول إلى المنافسة بشأن تطوير لقاح” كما يقول توماس بوليكي.
فقد تعرضت إدارة ترامب لضغوط شديدة في عام انتخابي. وعلى غرار موسكو، لم تخجل من المقارنات التي تحمل إشارة إلى الفضاء، وأطلقت على مشروعها لتطوير اللقاح Operation Warp Speed (عملية سرعة الالتفاف) في إشارة إلى حلقات التلفزيوني ستار تك.
وفي المملكة المتحدة، من شأن التوصل إلى لقاح مطور محلياً تعزيز موقف حكومة بوريس جونسون التي تعرضت أيضاً لانتقادات.
وقال وزير الصحة مات هانكوك إن “بريطانيا تواصل ريادة العالم” في جهود تطوير لقاح. وعملت المملكة المتحدة كغيرها من الدول على تأمين نفسها من خلال عقد اتفاقات لشراء لقاحات أخرى في حال ثبت نجاحها. لكن ذلك أثار شكوكاً بشان جانب آخر للسباق.
قومية اللقاحات
يقول توماس بوليكي ” بالتأكيد توجد بين الدول الغربية نزعة قومية في توفير اللقاحات. يتعلق الأمر- مثلما نرى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة- بالعمل على حجز جرعات أولية كبيرة من إمدادات اللقاحات”.
كانت النزعات القومية بلاشك تشهد صعوداً قبل ظهور فيروس كورونا، لكن الفيروس عززها.
فقد أدى التسابق على أجهزة التنفس الاصطناعي ومعدات الحماية الشخصية إلى المضاربة المالية مستوى الدول لتأمين إمداداتها، وسلط الضوء على سلبيات الاعتماد على الإمدادات الخارجية، وحفز الرغبة في تعزيز القدرات المحلية.
وفيما يخص الحديث عن توزيع اللقاح المتوقع عالميا، ربما تضمن الدول التي تنجح في تطوير لقاح أولاً أن تكون لها الأولوية في انقاذ أرواح مواطنيها وتحريك اقتصادها. وبالمثل، قد يؤدي عدم تأمين الإمدادات إلى تنامي غضب شعبي وتساؤلات بشان القدرة على القيادة.
وقد جدد مدير منظمة الصحة العالمية في 18 أغسطس/ آب دعوته للدول الغنية إلى الإنضمام لبرنامج عالمي لمشاركة اللقاحات مع الدول الأكثر فقرا، قائلاً ” نحتاج إلى منع وقوع اللقاحات ضحية النزعات القومية”.
وقد تجد بعض الدول ميلاً لتوفير اللقاحات لدول اخرى كأداة دبلوماسية لكسب التأييد والدعم.
ويعتقد بوليكي أن “كل حكومة تتمتع بإمدادات أولية ستعمل على تخصيص جزء منها للدبلوماسية”.
لا يعني أول لقاح يطرح في الأسواق أنه بالضرورة الأكثر فعالية. ويحذر الخبراء من أن الأمر ليس سباقاً فيه فائز وحيد أو نهاية للسباق. يعني هذا أن المنافسات بشأن تطوير وتوزيع اللقاحات ليست سوى البداية.
[ad_2]
Source link